حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-22-2024, 05:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-09-2008, 10:53 PM

زهير الزناتي
<aزهير الزناتي
تاريخ التسجيل: 03-28-2008
مجموع المشاركات: 12241

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان (Re: زهير الزناتي)

    Quote: المفاوضات السورية- الإسرائيلية التي استؤنفت في واشنطن في 16 كانون الأول/ديسمبر‏1999‏ بعد انقطاع دام حوالي أربع سنوات- طرحت في الأوساط السياسية والاستراتيجية مستقبل علاقات دول المنطقة فيما بينها، ومستقبل الحركات والأحزاب فيها، خصوصًا أن طرفي التفاوض أعلنا عن جدية متبادلة لم تتوفر في المرات السابقة من محاولات تسوية الصراع العربي- الإسرائيلي.
    ونظرًا لأن جوهر المفاوضات السورية- الإسرائيلية الجارية الآن يدور بالدرجة الأولى حول الانسحاب المتزامن من الجولان ومن جنوب لبنان فإن الأسئلة التي تثار اليوم تدور حول مستقبل حزب الله، باعتباره القوة الأساسية التي قادت باسم "المقاومة الإسلامية" حركة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان وبقاعه الغربي طيلة سبعة عشر عامًا (1982-1999). كما تعود مشروعية هذا التساؤل أيضا إلى مبدئية حزب الله العقائدية فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل نفسها، وليس فقط باحتلالها لأراضٍ في جنوب لبنان، فالحزب يؤكد دائمًا عدم اعترافه بشرعية الكيان الإسرائيلي، ولا يعتبر نفسه معنيًا بأية تسوية قد تحصل معها مهما كانت الظروف الإقليمية أو الدولية التي نجمت عنها هذه التسوية.
    هذا بالإضافة إلى اعتبار حزب الله تنظيمًا إرهابيًا في المنظورين الإسرائيلي والأميركي، وهذا يشجع الكثيرين على القول إن حزب الله سيكون أكبر الخاسرين من إتمام صفقة التسوية.
    ولا يمكن في حقيقة الأمر الإجابة عن أسئلة أو احتمالات مماثلة من دون العودة إلى ثلاثة متغيرات في مسيرة هذا الحزب وهي: نشأته، ومجتمعه الأهلي، وسياسات التكيف التي انخرط فيها منذ مطلع التسعينيات.
    نشأة حزب الله
    تأسس حزب الله كتنظيم سياسي عام 1985، أي بعد ثلاث سنوات على انطلاق المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي للبنان، الذي وصل إلى قلب العاصمة بيروت عام 1982، وخلافًا لمعظم الأحزاب الإسلامية بدأ حزب الله كمقاومة سرية ضد الاحتلال قبل أن يعلن لاحقًا عن وجوده السياسي، بينما نشأت معظم الأحزاب الإسلامية الأخرى كمنظمات علنية أصبح لها لاحًقا ذ راع عسكري -كما هو الحال على سبيل المثال مع كتائب عز الدين القسام في فلسطين المحتلة (الجناح العسكري لحركة حماس)، أو كالتنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين في المرحلة الأولى من تأسيس الجماعة في مصر.
    وقد سمحت هذه البداية السرية لحزب الله من خلال المقاومة الإسلامية بتحديد أهدافه الرئيسية في طرد قوات الاحتلال، بينما تحولت القضايا الأخرى ومنها الأوضاع الداخلية في لبنان، إلى قضايا ثانوية نجح الحزب في تجنب الانزلاق التام إلى صراعاتها وتعقيداتها. وهذا التركيز الدائم على مواجهة قوات الاحتلال، ونجاح المقاومة في توجيه ضربات قاسية ومتتالية إلى جنود العدو وعملائه، إلى جانب عدم مشاركة حزب الله في الحرب الأهلية اللبنانية أكسبه والمقاومة احترامًا واسعًا تم التعبير عنه في أكثر من مناسبة في الأوساط اللبنانية كافة.
    مجتمع حزب الله
    وجد حزب الله نفسه بعد سنوات من المواجهة مع قوات الاحتلال أمام أعباء تتجاوز تقنيات التدريب والحصول على التجهيزات العسكرية والفنية الضرورية للقتال. ذلك أن هذا النوع من المواجهة المتواصلة منذ سبعة عشر عامًا فرض على المقاومة الاهتمام برعاية أسر الشهداء وعلاج الجرحى والمعوقين، وبناء ما يدمره الاحتلال من بيوت ومؤسسات ودور عبادة، وقد أصبحت الاستجابة لهذه الأعباء جزءًا من عمل المقاومة اليومي ومن الخدمات التي يقدمها حزب الله للمجتمع الذي يحيط به وينتمي إليه.
    هكذا بدأت تظهر تباعًا المؤسسات الصحية والاجتماعية والتربوية، فمؤسسة "جهاد البناء" تضم مهندسين وفنيين وعمالاً، مهمتها منذ 1988 مسح الأضرار الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية، وترميم وإعادة بناء ما تهدم من منازل، إلى حفر الآبار والملاجئ والمساهمة في بناء المستوصفات والمدارس، وإعداد الدورات التدريبية الزراعية. كما قدمت خدمات بيطرية في الجنوب والبقاع عبر مركز الطب البيطري التابع للمؤسسة، وتوزيع حوالي 120 ألف نصبة مثمرة .
    وكذلك فعلت "الهيئة الصحية الإسلامية" في مجال الخدمات الطبية في حالتي الحرب والسلم منذ إنشائها في 1984، فعملت على نشر مراكزها ومستوصفاتها ومستشفياتها في المناطق الفقيرة؛ بحيث بلغ عدد فروعها في بيروت والبقاع والجنوب حوالي47 فرعًا. أما جمعية "مؤسسة القرض الحسن" فتأسست في 1982 وهدفها إحياء القروض غير الربوية وتقديمها للمحتاجين". وتعمل "جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية" التي تأسست في 1987 من أجل "الوصول إلى اكتفاء العوائل ذاتيًا، ورفع مستواها التربوي والعلمي ورعاية العجزة وكفالة الأيتام". وتهدف "مؤسسة الشهيد" إلى الاهتمام التربوي والتعليمي والاجتماعي بأسر الشهداء من خلال متابعة أوضاعهم وهم في داخل أسرهم عبر العلاقة المتواصلة مع المؤسسة والعاملين فيها.
    أما المؤسسة "الإسلامية للتربية والتعليم" فحديثة العهد نسبيًا إذ يعود تأسيسها إلى عام 1993، وقد عملت أيضا على تأسيس المدارس في معظم المناطق اللبنانية لرعاية أبناء الشهداء وتعليمهم، وإعدادهم إعدادًا عقائديًا إسلاميًا.
    كما شجعت المقاومة ودعمت هيئات أهلية مؤيدة لها كهيئة "دعم المقاومة الإسلامية" التي قامت بحملات لجمع التبرعات، والتبرع بالدم، وعقد الندوات، وإقامة المعارض في المناطق المختلفة في لبنان للتعريف بأهداف المقاومة، وجمع التبرعات لها، وتبليغ رسالتها وحشد التأييد لها، وخصوصًا في أوقات العدوان، أو في أثناء العمليات النوعية الكبيرة التي تقوم بها ضد قوات الاحتلال.
    هكذا باتت المقاومة جزءًا من المعادلة الاجتماعية- السياسية في لبنان، وتجنبت بذلك أن تبقى حالة عسكرية خاصة أو معزولة. وسوف يساعد هذا الخيار الاجتماعي السياسي لحزب الله وللمقاومة على بلورة سياسات "التكيف" التي اعتمدها في مواجهة التحولات السياسية الداخلية من دون أن تبدل أولويات الحزب في المواجهة الدائمة لجيش الاحتلال.
    سياسات التكيف: من الجمهورية الإسلامية إلى المصالحة مع الأنظمة
    على الرغم من تأسيس "حزب الله" في عام 1985 كحزب سياسي له برنامج محدد وأهداف محلية ورؤية إقليمية ودولية، بقي الهاجس الأمني والعسكري مسيطرًا على عمل الحزب بما هو"حزب المقاومة". لكن التطورات اللاحقة التي حصلت في لبنان مع توقيع "اتفاق الطائف" عام 1989 الذي انتهت بموجبه الحرب الأهلية، واستعاد لبنان مؤسساته الدستورية، شجعت "حزب الله" -وبعد نقاشات واسعة في صفوفه- على الدخول إلى معترك الحياة السياسية العلنية والشرعية في لبنان. وكان هذا الخيار إيذانًا ببداية انتقال "حزب المقاومة" إلى التقليد الذي عرفته الأحزاب الإسلامية الأخرى، أي أن المقاومة الإسلامية أصبحت بمثابة ذراعه العسكري وهو حزبها السياسي.
    لقد بدأت المقاومة عملها العسكري في 1982، ثم أعلن رسميًا عن ولادة حزب الله في ذروة الاحتلال، وبعد توقيع اتفاق سلام (17 أيار/مايو 1985) بين لبنان وإسرائيل. أي أن انطلاقة المقاومة وتأسيس حزب الله حصلا في ظروف تقلصت فيها سلطة الدولة اللبنانية إلى حدودها الدنيا، وبات مصير الكيان اللبناني نفسه مهددًا بسبب الاحتلال الذي وصل إلى العاصمة بيروت، ناهيك عن وجود القوات متعددة الجنسية على الأرض اللبنانية، بالإضافة إلى التطورات التي غيرت المعادلة الإقليمية برمتها مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
    هكذا تأثر حزب الله، بالظروف التي أحاطت بنشأته، فنادى بالجمهورية الإسلامية، وبتحرير القدس، والتواصل مع جميع مسلمي ومستضعفي العالم، كما جاء في رسالته المفتوحة التي أعلن فيها ولادته وبرامجه في عام 1985. وقد وجد "حزب الله" نفسه - بعد اتفاق "الطائف" الذي أيده وتحفظ على بعض ما جاء فيه، وبعد عودة الشرعية الدستورية إلى المؤسسات في لبنان- أمام معادلة جديدة لم تكن جزءًا من الصورة التي ارتسمت أمامه حين ولادته، وحين انطلاق مقاومته ضد الاحتلال عام 1982.
    وقد اختار "حزب الله" أن يتكيف مع هذه التحولات لمصلحة ما كان يراه "أولوية الحفاظ على المقاومة". هكذا بدأت ترتسم شيئًا فشيئًا سياسته الداخلية، بدءًا من قرار المشاركة في أول انتخابات نيابية بعد الحرب الأهلية عام 1992 والتي حصل فيها على أكبر كتلة حزبية (12 مقعدًا)، ثم المشاركة في الدورة النيابية التالية (1996) وفي انتخابات النقابات والاتحادات العمالية والطلابية والمهنية، ونقابتي المهندسين والأطباء.
    كما فتح الحزب أبواب الحوار مع الهيئات والشخصيات الروحية المسيحية، وساهم في اللقاء والتنسيق مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى اليسارية والقومية والوطنية في تشكيل جبهة لدعم المقاومة ومواقفه مع الحكومات اللبنانية التي تراوحت بين النقد الشديد لسياسات بعضها، والمهادنة مع بعضها الآخر، دون أن يمنعه ذلك من القبول المبدئي للمشاركة في أي حكومة إذا وجد ذلك مناسبًا.
    أي أن "حزب الله" كتنظيم سياسي يعبر عن المقاومة الإسلامية ضد إسرائيل اختار التكيف مع بُنى النظام القائم، والانخراط في مؤسساته من أجل "تعديل النظام الطائفي والعمل لإلغاء الطائفية السياسية، وبناء دولة القانون والمؤسسات"، ومن أجل "حماية المقاومة" وتشكيل أكبر حشد ممكن من التأييد لها.
    لقد استقرت الرؤية الاستراتيجية لحزب الله بما هو "حزب المقاومة" على المعادلة التالية:
    أولاً: تصعيد وتشدد في القتال على الجبهات الحدودية لتحرير الأراضي المحتلة.
    ثانيًا: مرونة واعتدال في الداخل في التعاطي مع السلطة، والتعاون مع باقي القوى والأحزاب والطوائف.
    وقد برزت هذه المرونة و"العقلانية" في سياسات حزب الله في تجنب "إغراء" مقولات "أسلمة المجتمع"، على الرغم من نفوذ الحزب الواسع في مناطق كثيرة من لبنان. فوفر بذلك الحزب على نفسه وعلى الآخرين، ما وقعت فيه بعض الحركات الإسلامية من عزلة أو من عنف مدمر كما حصل في مصر أو في الجزائر على سبيل المثال. وقد توج حزب الله هذا التمييز بين أولوية المقاومة وبين مواجهة السياسات الحكومية الداخلية، بالدعوة إلى تصالح الأنظمة والحركات الإسلامية على قاعدة مواجهة المشاريع الإسرائيلية، منتقدًا الإسلاميين الذين لا يقيمون مثل هذا التمييز، كما جاء على لسان أمينه العام "السيد حسن نصر الله" في الذكرى الأولى لاستشهاد نجله هادي الذي سقط في عملية مواجهة ضد دورية إسرائيلية في جنوب لبنان.
    مستقبل حزب الله
    ليست المرة الأولى التي يطرح فيها مستقبل حزب الله على بساط البحث، ففي كل مرة تشن فيها إسرائيل عدوانا واسعًا على لبنان كا في تموز / يوليو 1992 ونيسان/ أبريل 1996، كان مصير حزب الله ومصير المقاومة الإسلامية يصبح موضع تساؤل، وفي كل مرة تتقدم مفاوضات التسوية، خصوصا على المسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل، تتكرر الأسئلة حول مستقبل هذا الحزب إذا توقفت عمليات المقاومة بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان. كما تشير الى ذلك المفاوضات " الجدية " التي استؤنفت بين الطرفين السوري والإسرائيلي في 16/12/1999 في واشنطن. ولا شك أن مثل هذا التساؤل يعود الى التطابق الذي حصل بين حزب الله وبين المقاومة في جنوب لبنان خصوصا في السنوات الأولى لانطلاق المقاومة، بحيث يتبادر إلى الأذهان أن توقف عمل المقاومة إذا انسحب جيش الاحتلال سيؤدي تلقائيًّا إلى غياب حزب الله أو ذوبانه، أو أن التسوية ستحصل على حساب هذا الحزب بحيث يكون تفكيكه جزءاً من الصفقة المطلوبة لإتمام التسوية، ولكن هذا الافتراض يبدو غير واقعي للأسباب التالية: 1 - إن المؤسسات الاجتماعية والتربوية والصحية التي أنشأها حزب الله باتت جزءاً من النسيج الاجتماعي الأهلي في لبنان، وتقدم خدماتها إلى عشرات الألوف من المواطنين، ولا يمكن شطب هذه المؤسسات مهما حصل من تحولات على المستويات السياسية أو العسكرية.
    2 - إن سياسة التكيف التي اعتمدها حزب الله منذ بداية التسعينيات ومشاركته في الانتخابات النيابية والبلدية، وفي النقابات المهنية المختلفة، جعلته هو الآخر جزءاً من الحياة السياسية اللبنانية " الشرعية "، وليس مجرد حركة مقاومة عسكرية سرية، وبهذا المعنى لا يمكن مقارنة حزب الله بالمقاومة الفلسطينية التي كانت تقاتل خارج أرضها، واضطرت إلى الخروج منه إثر الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.
    3 - إن تحقق التسوية وانتهاء حالة المواجهة المسلحة في جنوب لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي، يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد تبدلاً في أولويات المواجهة ، انطلاقًا من مقاومة التطبيع -كما هو مفترض- ومثل هذه المقاومة للتطبيع ستكون مرغوبة ومطلوبة ليس فقط من حزب عقائدي ذي خلفية إسلامية مثل حزب الله، بل ومن الأطراف الإقليمية أيضًا حتى تلك التي وقعت التسوية أو اضطرت إليها.
    إن ما تقدم يسمح بالقول بأن حزب الله سيستمر جزءاً من المشهد السياسي اللبناني والإقليمي، لكنه سيواجه بكل تأكيد مرحلة جديدة إذا تحققت التسوية، وهذا يحتاج من جانبه إلى تبديل في أولوياته وقدرة عالية على التماسك والمرونة في وقت واحد المفاوضات السورية- الإسرائيلية التي استؤنفت في واشنطن في 16 كانون الأول/ديسمبر‏1999‏ بعد انقطاع دام حوالي أربع سنوات- طرحت في الأوساط السياسية والاستراتيجية مستقبل علاقات دول المنطقة فيما بينها، ومستقبل الحركات والأحزاب فيها، خصوصًا أن طرفي التفاوض أعلنا عن جدية متبادلة لم تتوفر في المرات السابقة من محاولات تسوية الصراع العربي- الإسرائيلي.
    ونظرًا لأن جوهر المفاوضات السورية- الإسرائيلية الجارية الآن يدور بالدرجة الأولى حول الانسحاب المتزامن من الجولان ومن جنوب لبنان فإن الأسئلة التي تثار اليوم تدور حول مستقبل حزب الله، باعتباره القوة الأساسية التي قادت باسم "المقاومة الإسلامية" حركة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان وبقاعه الغربي طيلة سبعة عشر عامًا (1982-1999). كما تعود مشروعية هذا التساؤل أيضا إلى مبدئية حزب الله العقائدية فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل نفسها، وليس فقط باحتلالها لأراضٍ في جنوب لبنان، فالحزب يؤكد دائمًا عدم اعترافه بشرعية الكيان الإسرائيلي، ولا يعتبر نفسه معنيًا بأية تسوية قد تحصل معها مهما كانت الظروف الإقليمية أو الدولية التي نجمت عنها هذه التسوية.
    هذا بالإضافة إلى اعتبار حزب الله تنظيمًا إرهابيًا في المنظورين الإسرائيلي والأميركي، وهذا يشجع الكثيرين على القول إن حزب الله سيكون أكبر الخاسرين من إتمام صفقة التسوية.
    ولا يمكن في حقيقة الأمر الإجابة عن أسئلة أو احتمالات مماثلة من دون العودة إلى ثلاثة متغيرات في مسيرة هذا الحزب وهي: نشأته، ومجتمعه الأهلي، وسياسات التكيف التي انخرط فيها منذ مطلع التسعينيات.
    نشأة حزب الله
    تأسس حزب الله كتنظيم سياسي عام 1985، أي بعد ثلاث سنوات على انطلاق المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي للبنان، الذي وصل إلى قلب العاصمة بيروت عام 1982، وخلافًا لمعظم الأحزاب الإسلامية بدأ حزب الله كمقاومة سرية ضد الاحتلال قبل أن يعلن لاحقًا عن وجوده السياسي، بينما نشأت معظم الأحزاب الإسلامية الأخرى كمنظمات علنية أصبح لها لاحًقا ذ راع عسكري -كما هو الحال على سبيل المثال مع كتائب عز الدين القسام في فلسطين المحتلة (الجناح العسكري لحركة حماس)، أو كالتنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين في المرحلة الأولى من تأسيس الجماعة في مصر.
    وقد سمحت هذه البداية السرية لحزب الله من خلال المقاومة الإسلامية بتحديد أهدافه الرئيسية في طرد قوات الاحتلال، بينما تحولت القضايا الأخرى ومنها الأوضاع الداخلية في لبنان، إلى قضايا ثانوية نجح الحزب في تجنب الانزلاق التام إلى صراعاتها وتعقيداتها. وهذا التركيز الدائم على مواجهة قوات الاحتلال، ونجاح المقاومة في توجيه ضربات قاسية ومتتالية إلى جنود العدو وعملائه، إلى جانب عدم مشاركة حزب الله في الحرب الأهلية اللبنانية أكسبه والمقاومة احترامًا واسعًا تم التعبير عنه في أكثر من مناسبة في الأوساط اللبنانية كافة.
    مجتمع حزب الله
    وجد حزب الله نفسه بعد سنوات من المواجهة مع قوات الاحتلال أمام أعباء تتجاوز تقنيات التدريب والحصول على التجهيزات العسكرية والفنية الضرورية للقتال. ذلك أن هذا النوع من المواجهة المتواصلة منذ سبعة عشر عامًا فرض على المقاومة الاهتمام برعاية أسر الشهداء وعلاج الجرحى والمعوقين، وبناء ما يدمره الاحتلال من بيوت ومؤسسات ودور عبادة، وقد أصبحت الاستجابة لهذه الأعباء جزءًا من عمل المقاومة اليومي ومن الخدمات التي يقدمها حزب الله للمجتمع الذي يحيط به وينتمي إليه.
    هكذا بدأت تظهر تباعًا المؤسسات الصحية والاجتماعية والتربوية، فمؤسسة "جهاد البناء" تضم مهندسين وفنيين وعمالاً، مهمتها منذ 1988 مسح الأضرار الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية، وترميم وإعادة بناء ما تهدم من منازل، إلى حفر الآبار والملاجئ والمساهمة في بناء المستوصفات والمدارس، وإعداد الدورات التدريبية الزراعية. كما قدمت خدمات بيطرية في الجنوب والبقاع عبر مركز الطب البيطري التابع للمؤسسة، وتوزيع حوالي 120 ألف نصبة مثمرة .
    وكذلك فعلت "الهيئة الصحية الإسلامية" في مجال الخدمات الطبية في حالتي الحرب والسلم منذ إنشائها في 1984، فعملت على نشر مراكزها ومستوصفاتها ومستشفياتها في المناطق الفقيرة؛ بحيث بلغ عدد فروعها في بيروت والبقاع والجنوب حوالي47 فرعًا. أما جمعية "مؤسسة القرض الحسن" فتأسست في 1982 وهدفها إحياء القروض غير الربوية وتقديمها للمحتاجين". وتعمل "جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية" التي تأسست في 1987 من أجل "الوصول إلى اكتفاء العوائل ذاتيًا، ورفع مستواها التربوي والعلمي ورعاية العجزة وكفالة الأيتام". وتهدف "مؤسسة الشهيد" إلى الاهتمام التربوي والتعليمي والاجتماعي بأسر الشهداء من خلال متابعة أوضاعهم وهم في داخل أسرهم عبر العلاقة المتواصلة مع المؤسسة والعاملين فيها.
    أما المؤسسة "الإسلامية للتربية والتعليم" فحديثة العهد نسبيًا إذ يعود تأسيسها إلى عام 1993، وقد عملت أيضا على تأسيس المدارس في معظم المناطق اللبنانية لرعاية أبناء الشهداء وتعليمهم، وإعدادهم إعدادًا عقائديًا إسلاميًا.
    كما شجعت المقاومة ودعمت هيئات أهلية مؤيدة لها كهيئة "دعم المقاومة الإسلامية" التي قامت بحملات لجمع التبرعات، والتبرع بالدم، وعقد الندوات، وإقامة المعارض في المناطق المختلفة في لبنان للتعريف بأهداف المقاومة، وجمع التبرعات لها، وتبليغ رسالتها وحشد التأييد لها، وخصوصًا في أوقات العدوان، أو في أثناء العمليات النوعية الكبيرة التي تقوم بها ضد قوات الاحتلال.
    هكذا باتت المقاومة جزءًا من المعادلة الاجتماعية- السياسية في لبنان، وتجنبت بذلك أن تبقى حالة عسكرية خاصة أو معزولة. وسوف يساعد هذا الخيار الاجتماعي السياسي لحزب الله وللمقاومة على بلورة سياسات "التكيف" التي اعتمدها في مواجهة التحولات السياسية الداخلية من دون أن تبدل أولويات الحزب في المواجهة الدائمة لجيش الاحتلال.
    سياسات التكيف: من الجمهورية الإسلامية إلى المصالحة مع الأنظمة
    على الرغم من تأسيس "حزب الله" في عام 1985 كحزب سياسي له برنامج محدد وأهداف محلية ورؤية إقليمية ودولية، بقي الهاجس الأمني والعسكري مسيطرًا على عمل الحزب بما هو"حزب المقاومة". لكن التطورات اللاحقة التي حصلت في لبنان مع توقيع "اتفاق الطائف" عام 1989 الذي انتهت بموجبه الحرب الأهلية، واستعاد لبنان مؤسساته الدستورية، شجعت "حزب الله" -وبعد نقاشات واسعة في صفوفه- على الدخول إلى معترك الحياة السياسية العلنية والشرعية في لبنان. وكان هذا الخيار إيذانًا ببداية انتقال "حزب المقاومة" إلى التقليد الذي عرفته الأحزاب الإسلامية الأخرى، أي أن المقاومة الإسلامية أصبحت بمثابة ذراعه العسكري وهو حزبها السياسي.
    لقد بدأت المقاومة عملها العسكري في 1982، ثم أعلن رسميًا عن ولادة حزب الله في ذروة الاحتلال، وبعد توقيع اتفاق سلام (17 أيار/مايو 1985) بين لبنان وإسرائيل. أي أن انطلاقة المقاومة وتأسيس حزب الله حصلا في ظروف تقلصت فيها سلطة الدولة اللبنانية إلى حدودها الدنيا، وبات مصير الكيان اللبناني نفسه مهددًا بسبب الاحتلال الذي وصل إلى العاصمة بيروت، ناهيك عن وجود القوات متعددة الجنسية على الأرض اللبنانية، بالإضافة إلى التطورات التي غيرت المعادلة الإقليمية برمتها مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
    هكذا تأثر حزب الله، بالظروف التي أحاطت بنشأته، فنادى بالجمهورية الإسلامية، وبتحرير القدس، والتواصل مع جميع مسلمي ومستضعفي العالم، كما جاء في رسالته المفتوحة التي أعلن فيها ولادته وبرامجه في عام 1985. وقد وجد "حزب الله" نفسه - بعد اتفاق "الطائف" الذي أيده وتحفظ على بعض ما جاء فيه، وبعد عودة الشرعية الدستورية إلى المؤسسات في لبنان- أمام معادلة جديدة لم تكن جزءًا من الصورة التي ارتسمت أمامه حين ولادته، وحين انطلاق مقاومته ضد الاحتلال عام 1982.
    وقد اختار "حزب الله" أن يتكيف مع هذه التحولات لمصلحة ما كان يراه "أولوية الحفاظ على المقاومة". هكذا بدأت ترتسم شيئًا فشيئًا سياسته الداخلية، بدءًا من قرار المشاركة في أول انتخابات نيابية بعد الحرب الأهلية عام 1992 والتي حصل فيها على أكبر كتلة حزبية (12 مقعدًا)، ثم المشاركة في الدورة النيابية التالية (1996) وفي انتخابات النقابات والاتحادات العمالية والطلابية والمهنية، ونقابتي المهندسين والأطباء.
    كما فتح الحزب أبواب الحوار مع الهيئات والشخصيات الروحية المسيحية، وساهم في اللقاء والتنسيق مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى اليسارية والقومية والوطنية في تشكيل جبهة لدعم المقاومة ومواقفه مع الحكومات اللبنانية التي تراوحت بين النقد الشديد لسياسات بعضها، والمهادنة مع بعضها الآخر، دون أن يمنعه ذلك من القبول المبدئي للمشاركة في أي حكومة إذا وجد ذلك مناسبًا.
    أي أن "حزب الله" كتنظيم سياسي يعبر عن المقاومة الإسلامية ضد إسرائيل اختار التكيف مع بُنى النظام القائم، والانخراط في مؤسساته من أجل "تعديل النظام الطائفي والعمل لإلغاء الطائفية السياسية، وبناء دولة القانون والمؤسسات"، ومن أجل "حماية المقاومة" وتشكيل أكبر حشد ممكن من التأييد لها.
    لقد استقرت الرؤية الاستراتيجية لحزب الله بما هو "حزب المقاومة" على المعادلة التالية:
    أولاً: تصعيد وتشدد في القتال على الجبهات الحدودية لتحرير الأراضي المحتلة.
    ثانيًا: مرونة واعتدال في الداخل في التعاطي مع السلطة، والتعاون مع باقي القوى والأحزاب والطوائف.
    وقد برزت هذه المرونة و"العقلانية" في سياسات حزب الله في تجنب "إغراء" مقولات "أسلمة المجتمع"، على الرغم من نفوذ الحزب الواسع في مناطق كثيرة من لبنان. فوفر بذلك الحزب على نفسه وعلى الآخرين، ما وقعت فيه بعض الحركات الإسلامية من عزلة أو من عنف مدمر كما حصل في مصر أو في الجزائر على سبيل المثال. وقد توج حزب الله هذا التمييز بين أولوية المقاومة وبين مواجهة السياسات الحكومية الداخلية، بالدعوة إلى تصالح الأنظمة والحركات الإسلامية على قاعدة مواجهة المشاريع الإسرائيلية، منتقدًا الإسلاميين الذين لا يقيمون مثل هذا التمييز، كما جاء على لسان أمينه العام "السيد حسن نصر الله" في الذكرى الأولى لاستشهاد نجله هادي الذي سقط في عملية مواجهة ضد دورية إسرائيلية في جنوب لبنان.
    مستقبل حزب الله
    ليست المرة الأولى التي يطرح فيها مستقبل حزب الله على بساط البحث، ففي كل مرة تشن فيها إسرائيل عدوانا واسعًا على لبنان كا في تموز / يوليو 1992 ونيسان/ أبريل 1996، كان مصير حزب الله ومصير المقاومة الإسلامية يصبح موضع تساؤل، وفي كل مرة تتقدم مفاوضات التسوية، خصوصا على المسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل، تتكرر الأسئلة حول مستقبل هذا الحزب إذا توقفت عمليات المقاومة بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان. كما تشير الى ذلك المفاوضات " الجدية " التي استؤنفت بين الطرفين السوري والإسرائيلي في 16/12/1999 في واشنطن. ولا شك أن مثل هذا التساؤل يعود الى التطابق الذي حصل بين حزب الله وبين المقاومة في جنوب لبنان خصوصا في السنوات الأولى لانطلاق المقاومة، بحيث يتبادر إلى الأذهان أن توقف عمل المقاومة إذا انسحب جيش الاحتلال سيؤدي تلقائيًّا إلى غياب حزب الله أو ذوبانه، أو أن التسوية ستحصل على حساب هذا الحزب بحيث يكون تفكيكه جزءاً من الصفقة المطلوبة لإتمام التسوية، ولكن هذا الافتراض يبدو غير واقعي للأسباب التالية: 1 - إن المؤسسات الاجتماعية والتربوية والصحية التي أنشأها حزب الله باتت جزءاً من النسيج الاجتماعي الأهلي في لبنان، وتقدم خدماتها إلى عشرات الألوف من المواطنين، ولا يمكن شطب هذه المؤسسات مهما حصل من تحولات على المستويات السياسية أو العسكرية.
    2 - إن سياسة التكيف التي اعتمدها حزب الله منذ بداية التسعينيات ومشاركته في الانتخابات النيابية والبلدية، وفي النقابات المهنية المختلفة، جعلته هو الآخر جزءاً من الحياة السياسية اللبنانية " الشرعية "، وليس مجرد حركة مقاومة عسكرية سرية، وبهذا المعنى لا يمكن مقارنة حزب الله بالمقاومة الفلسطينية التي كانت تقاتل خارج أرضها، واضطرت إلى الخروج منه إثر الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.
    3 - إن تحقق التسوية وانتهاء حالة المواجهة المسلحة في جنوب لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي، يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد تبدلاً في أولويات المواجهة ، انطلاقًا من مقاومة التطبيع -كما هو مفترض- ومثل هذه المقاومة للتطبيع ستكون مرغوبة ومطلوبة ليس فقط من حزب عقائدي ذي خلفية إسلامية مثل حزب الله، بل ومن الأطراف الإقليمية أيضًا حتى تلك التي وقعت التسوية أو اضطرت إليها.
    إن ما تقدم يسمح بالقول بأن حزب الله سيستمر جزءاً من المشهد السياسي اللبناني والإقليمي، لكنه سيواجه بكل تأكيد مرحلة جديدة إذا تحققت التسوية، وهذا يحتاج من جانبه إلى تبديل في أولوياته وقدرة عالية على التماسك والمرونة في وقت واحد

    http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/qpolitic-27-12/qpolitic3.asp
                  

العنوان الكاتب Date
حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان زهير الزناتي05-09-08, 10:10 PM
  Re: حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان زهير الزناتي05-09-08, 10:18 PM
  Re: حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان زهير الزناتي05-09-08, 10:40 PM
  Re: حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان زهير الزناتي05-09-08, 10:41 PM
  Re: حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان زهير الزناتي05-09-08, 10:42 PM
  Re: حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان زهير الزناتي05-09-08, 10:50 PM
  Re: حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان زهير الزناتي05-09-08, 10:53 PM
  Re: حزب الله كارثة ستؤدي لدمار ما تبقي من لبنان زهير الزناتي05-09-08, 10:55 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de