|
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية (Re: emad altaib)
|
هنالك نظرتان ثقافيتان: نظرة أصولية علمانية تسقط الانتماء الديني والثقافي وتتعامل مع الإنسان كأنه محكوم بالزمان والمكان.
ونظرة أصولية دينية تقف عند حد الانتماء الديني وحسب.
هاتان النظرتان تنطلقان من فهم مبتسر للحالة الإنسانية والحالة الاجتماعية، وهما تغذيان بعضهما بعضا. لقد كان التمدد الشيوعي في القطاعات الحديثة السودانية في أواخر الأربعينيات في السودان أحد أهم أسباب تكوين الحركة الإخوانية الحديثة.
النظرة الشيوعية ركزت على التحديث وأسقطت التأصيل، والنظرة الإخوانية ركزت على التأصيل وأسقطت التحديث، وفي الحالين كان لهما خطاب ثقافي أيديولوجي كان له صداه الواضح في التأثير على الفنون التشكيلية.
المدارس التشكيلية السودانية
أهمها ثلاث مدارس هي:
مدرسة الخرطوم: ظهرت هذه المدرسة في رسومات الصلحي في أواخر الخمسينيات. وهي مدرسة تنطلق من مفردات الخلوة من الخط العربي والشرافة بإضافة رموز نوبية وإفريقية. هذه المدرسة لم تصدر إعلانا عن تكونها أو بيانا يصف توجهاتها. ومع قوة حركة النقد التشكيلي السودانية فقد نالت هذه المدرسة نصيبها من تبيان الجماليات ومصادر الاستلهام، كما تعرضت لنقد بعض التشكيليين أمثال الأستاذ حسن موسى بأنها اكتشفت المفردات التراثية بعيون غربية. ولا شك أن رواد هذه المدرسة كالصلحي وشبرين وغيرهما قد أنتجوا فنا جميلا مهما طعن الآخرون في أصالته. ويهتم أصحاب هذه المدرسة بالجذور المتعددة (إفريقية عربية) للإنسان السوداني، وهي تشبه محاولات مدرسة الغابة والصحراء الأدبية في الستينيات. صحيح أن القراءة الثقافية المنصفة يجب أن تعطي انتباها لجانب التعدد الثقافي السوداني حين إشارتها للثقافة المركزية – ثقافة الانصهار العربي الإفريقي- فلا تعتبرها ثقافة جامعة مانعة لكل أهل السودان. ولكن هاتين المدرستين الفنيتين –الخرطوم والغابة والصحراء- كانتا محطتان هامتان في تطور الوعي بالثقافة الوطنية السودانية. تلتهما مراجعات عديدة أثمرت ما يشبه الإجماع الآن بين المثقفين السودانيين –بل والساسة- في الاعتراف بواقع التعدد الديني والإثني والثقافي السوداني.
المدرسة البلورية أو الكريستالية التي نشطت في السبعينيات من القرن العشرين، ودعا لها محمد حامد شداد وكمالا إبراهيم إسحق وغيرهما. وعلاوة على أعمالها الفنية التي عرضت في المعارض –مثلا مشاركتها في معرض الفنان والأفكار عام 1980- فقد أثمرت البلورية فكرا غزيرا ودعت دعوات فنية أثارت لغطا كبيرا بين التشكيليين. دعت البلورية للنظر للكون باعتباره مشروع بلورة شفافة، ولأسلوب توفير الجهد في العمل الفني. ولفظت كل دعاوى استلهام التراث: "إن دعوى التراث تقود بالضرورة إلى أحضان العرقية"، وتعددت دعواتها الفنية حول التجريب والألوان وغير ذلك. وقد تلقت الكريستالية نقدا لأعمالها ولأفكارها على السواء. وقد شكلت مرحلة هامة في التشكيل السوداني لإثارتها التساؤلات ونقض المسلمات وعلى حد تعبير إحدى ناشطاتها – نائلة الطيب- "إننا نسبح ضد التيار". ولكن أفكار وأعمال الكريستالية اليوم غير موجودة على الساحة.
مدرسة الواحد: التي وقعت بيانها عام 1988م وانتمى إليها أحمد عبد العال وإبراهيم العوام وغيرهما. وهي تتطلع لصهر الثقافات السودانية المتعددة، وتوحدها حول التوحيد وكلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله". تنطلق هذه المدرسة من قراءة صحيحة أن الفن نابع عن ثقافة وفكر، وأن نقل الجمالية الغربية كما هي نهج استلابي –يوازيه على المستوى السياسي النهج الكمالي. وبالطبع فإن تجميع السودانيين حول التوحيد ممكن حسب قراءة "قوتة" فيلسوف وشاعر ألمانيا الشهير حيث قال": إذا كان الإسلام يعني الامتثال لإرادة الله فكلنا مسلمون، البشر يسلمون طوعا والطبيعة تسلم كرها.. هذا الفهم يعني أن الربوبية لله ـ وهو فهم متعلق بطبيعة الأشياءـ الربوبية لله مفهوم انطولوجي. هذا الفهم ممكن سحبه على أهل الأديان الإفريقية، فقد وصلت الدراسات حولها أنها كلها قائمة على التسليم بإله واحد هو خالق الكون، وتختلف في درجة اعتبارها لكائنات أخرى وسيطة ولكن بعضها –مثلا دين النوير- فيه توحيد مطلق. إن جمع السودانيين حول التوحيد بهذا المفهوم ممكن. أما بأطروحة أن يحمل الجميع عقيدة التوحيد الإسلامية بالذات فإنها أطروحة أحادية تنفي وجود العقائد الأخرى في السودان. ولعل ذلك ما جعل البعض يظن هذه الأطروحة "إنقاذية" بالرغم من أنها نشأت قبلها. المدارس التشكيلية السودانية تعيد إنتاج أزمة الثقافة السودانية بين التأصيل المنكفئ والتحديث المستلب. إن الحل على مستوى الثقافة كلها هو في نهج التأصيل الصحوي الذي يستصحب التعددية الثقافية، والانفتاح نحو العصر الحديث أو التحديث المؤصل الذي يتطلع للعولمة ويستصحب الخصوصيات الثقافية. وفي إطار هذه الرؤية العامة تتاح الحرية ويمكن الإبداع من العطاء دون وصاية.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 09:48 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 09:55 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 09:59 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:04 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:08 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:12 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:17 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:23 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:25 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:29 AM |
Re: الصادق المهدي :نحو مشروع قومي للفن التشكيلي ضمن الإستراتيجية القومية للثقافة الوطنية | emad altaib | 05-03-08, 10:51 AM |
|
|
|