|
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف (Re: نزار باشري ابراهيم)
|
(2) في الصالون لم يتبدل المنظر كثيراً ... فهذا يغني وهو يحتضن الطاولة الصغيرة كإيقاع , وآخر يحاول ان يحكي نكتة بغير جدوى , وإثنان يتناقشان في موضوع قد تناقشا فيه الف مرة , واخر طغت كل عقده على سطح تفكيره فنفرت عروقه وصار متأهباً تماماً للشجار والعراك فراح يتربص بعيونه وبكل ما تبقى له من حواس محاولا إقتناص أي كلمة او حركة ليجعلها مدخلا لمعركة لا تبقى ولا تذر . وفي هذه الاثناء قرع الباب والجرس معاً .. قرعاً متواصلاً ينبئ بأن خلف الباب مباشرة تكمن مشكلة .. أوجس الزوج خيفةً وصمت الجميع وطار الخمر والحشيش من رؤوسهم . الزوجة من الداخل خمنت ما سيحدث فلبست عباءتها بسرعة وهرولت نحو الباب فوجدت زوجها قد سبقها اليه فأمسكت به قبل ان يفتح ورجته ان يدخل الصالون ويغلقه عليهم ويدعها تتصرف فقد يكون جارهم قد استدعى الشرطة ونفذ تهديده – هكذا قالت الزوجة – كاد الزوج ان يفعل ولكنه تذكر ان اصدقائه سوف يوصمونه بعدم الرجولة ويشيعون عنه انه تستر خلف زوجته وتركها تتصدى للشرطة فنهرها بعنف وامرها بالدخول لتتركه يتصرف فهو الرجل وليست هي , وامام القرع المتواصل انسحبت الزوجة وهي تتمنى ان لا يأخذوه لتشمت فيه الشماتة الكبرى غدا حينما تسقط له إبنه وترى الانكسار في عينيه . فتح الزوج الباب ليجد جاره الذي يسكن تحته مباشرةً ومعه إبنه البكر يرتجفان من الغضب , حاول الزوج ان يهدئ من غضب جاره ولكن لم يهدأ واخذ يعنف الزوج قائلا : -انت لست رجلاً ولا تقيم وزناً لشرفك وعرضك .. الا تخاف على زوجتك من هؤلاء الصعاليك الذين تأتي بهم , حتى نحن الغرباء عنكم خفنا عليها من التشرد والضياع لو سجنت لذلك صبرنا عليك ولم نبلغ عنك . غلت الدماء في عروق الزوج وكاد ان يطبق على رقبة جاره ولكنه صمت ولم ينبس ببنت شفه , كما ان شلة الانس في الصالون تكدست خلف الباب تتسمع وقد كتموا الانفاس , وحده ذو العروق النافرة وجد ضالته فاندفع خارجاً وواجه صاحب المنزل قائلا : -كيف يشتمك ويشتم ضيوفك وتصبر عليه ؟! ثم اضاف بغضب شديد وهو يلوح بقبضته في الهواء : -نحن احرار , وطالما ان حريتنا لم تتعد هذه الجدران فليس لاحد الحق بالتدخل في شئوننا . الجار خمن من هيئة الرجل وعيونه المحمرة وعروقه النافره انه خرج ينوي العراك فلم يدع الفرصة للزوج ليرد بل سارع يقول وهو يهم بالإنسحاب : -هذه اخر ليلة لك في هذه العمارة , وغدا يجب ان ترحل الي سكن اخر . ثم اضاف بحزم : -من الافضل ان تفعل ذلك بنفسك . وسحب ابنه نازلاً الي شقته وشتائم ذو العروق النافرة تلاحقه . نظر صاحب المنزل الي صديقه شذرا ولم يتكلم معه لانه يعلم ان صديقه هذا ما ان يسكر وتتفر عروقه هكذا حتى يتحول الي شخص اخر تماما لذلك آثر السلامة وسحبه بهدوء الي الصالون وقال وقد بدا أنه استعاد وعيه : -اسمعوا هذا الرجل لن يفوتها وخيراً لكم ولي ان تذهبوا . صرخ ذو العروق النافره : -هل تطردنا من بيتك ؟! قال صاحب البيت وقد نفذ صبره : -انا لا اطردكم ولكني اؤمنكم واؤمن نفسي , فالرجل سيستدعي الشرطة لامحاله. قال ذو العروق : -ومنذ متي كنت تخاف الشركة ياصاحب السوابق !! احد الذين طاردت سكرتهم من الشلة توقع ان الامر سيتطور الي عراك فوقف بين الاثنين وقال لذو العروق النافره الرجل له الان زوجة وإبن في بطنها يخاف عليهما فهيا بنا ودعه يتخلص من آثار القعدة هذه . ولكن ذو العروق النافره إنفلت خارجا وهو يصيح : -الرجل معه حق , انتم نساء وليس بينكم رجلا , انا سأنتقم لنفسي وهرول باتجاه الباب , وقبل أن ينزل الدرجة الاولى من السلم امسك به ابراهيم صاحب الشقة وهو يقول : -تعقل يارجل , ماذا ستفعل ؟ صاح ذو العروق النافره : -ساذهب اليه هذا الذي يظن ان حواء لم تنجب مثله . وتملص منه نازلا السلم وابراهيم وباقي الشلة المخمورين يهرولون خلفه نزولا وهم يتوسلون اليه ان يهدأ ويصعد معهم فحدثت جلبة عظيمة ضاعفت الجدران الملساء من صداها , ولم يستطع احد الامساك به الا بعد ان وصل الي باب شقة الرجل وكان قد ضغط على الجرس فعلاً فحاول اصدقائه اخذه سريعا قبل ان يفتح الرجل ولكن ذو العروق النافرة كان قوي البنية وهياجه زاده قوة مما ضاعف من الضجة والجلبة ففتح باب الشقة المقابل يستطلع صاحبها الامر فزكمت انفه رائحة الخمر المنبعثة مع الانفاس اللاهثة وذهل للمنظر الذي رأه فاغلق بابه عليه واتصل بالشرطة فورا. اما في الشقة المقابلة – شقة الرجل المقصود – فكان المنظر مختلفا : الرجل وزوجته وابنائه الثلاثة خلف الباب لا يصدقون ما يسمعون فلم يجد الرجل بداً من الاتصال بالشرطة هو الاخر . وصلت الشرطة بأسرع مما كان متصورا وكأنها كانت تنتظر اسفل العمارة ووضعت القيود في ايدي شلة الانس التي أبدت بعض المقاومة فانهال عليهم رجال الشرطة ضرباً ولكماً امام الجيران والزوجة تراقب ما يحدث من اعلى السلم وكأنها تطل على عالم اخر . صعدت الشرطة الي الشقة واخذوا الخمر واعقاب السجائر المحشوة بالحشيش . وقبل ان يغادروا غادرت الزوجة الحامل الوعي فتهاوت على الارض وسط ذهول الجيران المشفقين على حالها .
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 04-22-08, 10:22 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 04-22-08, 10:37 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 04-22-08, 10:41 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 04-22-08, 10:47 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 04-26-08, 09:19 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 04-26-08, 09:24 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 04-26-08, 09:31 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 08:46 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 09:04 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 09:17 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 09:26 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 09:33 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 09:44 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 09:51 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 10:04 PM |
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف | نزار باشري ابراهيم | 05-01-08, 10:06 PM |
|
|
|