الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2024, 01:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-24-2008, 09:46 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37159

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار (Re: adil amin)

    الحكاية الرابعة
    عائلة محسن الطيب
    قالت أمي تخاطب أبي بنبرة متوجعة: هل علمت يا أبو عزوز أن صحة جارنا محسن الطيب تردّت أمس؟
    أجاب أبي وهو يهز رأسه : نعم، علمت بذلك، أهل السوق جميعاً يدرون بذلك.
    تساءلت أمي بعد صمت قصير: وماذا أعددتم لعائلته؟
    قال أبي: لم نعدّ شيئاً. إننا ندعو الله أن يرأف به وبعائلته.
    وشملهما ضمت حزين. ثم أخرج أبي حافظة نقوده وا نتزع منها ورقة بخمسة دنانير ناولها إليها قائلاً: حاولي أن تقنعي أمّ أحمد بقبول هذا المبلغ يا أم عزيز فلا شك أنهم محتاجون للمال.
    أخفت أمي الورقة في صدرها وهي تقول: سأحاول، ولكنهم أباة ولا يقبلون مساعدة من أحد.
    وترقرقت الدموع فجأة في عينيها فمسحت دموعها بفوطتها وهي تتمتم: كيف يعيش ذلك الجيش من الأطفال إذا مات أبو أحمد لا قدر الله؟ الله ينتقم من الظلمة.
    فقال أبي: لا أدري كيف يعيشون الآن. انقضى على أبو أحمد شهر وهو طريح الفراش، فكيف يوفر الطعام لهذه العائلة الكبيرة ودكانه مغلق منذ شهر؟‍.
    قالت أمي: جربت مراراً أن أقنع أم احمد بقبول مبلغ من المال ففشلت. ومرة أخفيت ورقة بخمسة دنانير تحت الوسادة فأعادتها إلىّ في اليوم التالي قائلة: "سقطت منك هذه الورقة يا أم عزيز".
    فقال أبي وهو يهز رأسه: كان الله في عونهم.
    في فجر اليوم التالي ضجّ منزل محسن الطيب باالعويل، فضرب أبي كفاً بكف وهتف: رحمة الله على روحك يا محسن الطيب ولعنة الله على أرواح البرابرة الطغاة. . ما أعظم نكبتك على أيديهم.
    وكان البرابرة قد اعتقلوا ابن محسن الطيب الوحيد . ومنذ ذلك اليوم تدهورت صحته وتعاقبت عليه العلل. ثم انهارت مقاومته أخيراً فلزم الفراش. وتوالت عليه النكبات فطُرد أزواج بناته الثلاث من أعمالهم واقتيدوا إلى البيت فوق التل . ووجد محسن الطيب نفسه مسؤولاً عن أُسر ثلاث بالإضافة إلى أسرته. وحزن أهل السوق لأعبائه الجديدة. كانت حالته المالية سيئة ولم يكن مقتدراً على إعالة أسرته المتضخمة. وكان الكساد قد شمل الأسواق منذ اغتصب البرابرة الطغاة البلدة. وتعذر على العوام أن يكسبوا قوتهم اليومي. وبينما كان أهل السوق يفكرون بطريقة لإعانته إذا به يُتوفى ويترك أربع أسر بلا معيل.
    اجتمع أهل السوق في الجامع المجاور بعد صلاة الظهر وتدارسوا المشكلة. واقترح محمد علي الخياط أن يُخصّص راتب شهري لعائلة محسن الطيب يسهم فيه أهل السوق جميعاً. فلقي الاقتراح موافقة اجماعية. وتحمس له عبد الحسين العبايجي وهتف بصوته الأجش: أحسنت يا أبو سلمى .. جزاك الله خيراً.
    وقال الملاّ فرهود صبّاغ المطيّة: سنوكل إلى الحاج عبد الله الصباغ أمر تسليم المبلغ إلى أسرة المرحوم فهو خير من يقوم بهذه المهمة.
    وأيّد أهل السوق الاقتراح. في عصر اليوم نفسه حملت أمي المال إلى عائلة محسن الطيب.وترقبنا عودتها بقلق. وما أن أطلّت علينا بوجه متجهّم حتى تبادلنا نظرات يائسة. لم تكن بنا حاجة إلى سؤالها عن نتيجة مسعاها. تهالكت أمي على الحصيرة وألقت بجوارها صرة المال وغمغمت: هذه هي الفلوس.. عدت بها بكاملها.
    ثم نادت أختي الصغيرة لتحضر لها قدحا من الماء وهي تغمغم: "ريقي نشف". وجرعت الكأس دفعة واحدة وقالت وهي تزفر: ابحثوا عن طريقة أخرى لإغاثة هذه العائلة المنكوبة.
    وصمتت لحظة وقد غام وجهها بالحزن وترقرقت الدموع في عينيها. ثم همست بنبرة متوجعة: الله ينتقم من الظلمة.. حالة الأطفال تفتت الصخر.
    تساءل أبي: وماذا بوسعنا أن نفعل يا أم عزيز ما داموا يرفضون كل مساعدة؟
    قالت أمي: يمكنكم أن تسعوا لإطلاق سراح أحد أزواج البنات فيحل محل المرحوم في إعالة العائلة. هذا رأي أم أحمد.
    قال أبي في تهكم مر: ما أسهل تحقيق هذا الطلب .
    ثم أضاف : متى استجاب الطاغية الأكبر لالتماسات أبناء بلدتنا ؟
    وكنا ندرك انه أشد البرابرة الطغاة حقدا وأكثرهم لؤما . لذلك ظل أهل السوق يتجادلون طويلا في أمر مقابلته . ثم استقر رأيهم أخيرا على القيام بالمحاولة جبرا لخاطر أم أحمد . واختاروا وفدا من حكماء بلدتنا يضم الصيدلي لطفي العبد والشيخ جواد الحسن والحاج محمد الدّهان ليتولوا المهمة. ومضى الوفد لمقابلة الطاعة الأكبر. وعند العصر عاد الوفد وهو يجرّ أذيال الخيبة. قال الحاج محمد الدّهان في مرارة: ما كان أغنانا عن هذه المحاولة‍.
    فرد عليه حميد العلوان: قمتم بفعل خير على كل حال يا حاج محمد، وسيقنع فشلكم عائلة محسن الطيب بقبول التبرع.
    قال محمد علي الخياط وهو يهز رأسه: نحن لا نتعظ بالدروس فكيف رجونا خيراً من طاغيتهم الأكبر؟!
    قال الحاج محمد الدّهان: فعلاً. إنه ألقى فينا خطبة مليئة بشتمنا اهانتنا ثم ختمها بقوله: "من قال لكم إن مصير عائلة الطبيب يهمنا؟ من الخير أن يموت أطفال هذه العائلة اليوم قبل أن يكبروا ويحاولوا أن يلدغونا كما فعل آباؤهم فلا تلد الحية إلا الحية".
    هيمن على الجميع صمت حزين. ثم قال الملاّ فرهود صبّاغ المطية: أدينا واجبنا تجاه المرحوم محسن الطيب وبقي علينا أن نكرر محاولتنا الأولى.
    وكُلّف أبي ثانية بالاتصال بعائلة محسن الطيب وتكرار العرض عليها. وبذلت أمي محاولات يائسة لإقناع أم أحمد بقبول المال. لكن محاولتها منيت بالفشل.
    وسمع صراخ الأطفال في منزل محسن الطيب أثناء الليل فأثار ذلك قلق أهل السوق. ولم تكن دار محسن الطيب هي الوحيدة التي تضج بصراخ الأطفال من الجوع. كان ثمة آلاف من البيوت في بلدتنا تضج بهذا الصراخ. فقد طرد البرابرة الطغاة الألوف من أبناء بلدتنا من أعمالهم فانقطعت أرزاقهم وافترس الجوع أسرهم. وغدت آلاف أخرى من الأسر بدون مورد بعد أن اقتيد معيلوها إلى البيت فوق التل. وكان حكماء بلدتنا يصمّون آذانهم عن ذلك الصراخ. لم يحاول أحد منهم أن يمد يد المعونة إلى الجائعين. وقد بدا أمراً غريباً اهتمام أهل السوق بمصير عائلة محسن الطيب!
    اجتمع أهل السوق في الجامع المجاور بعد صلاة الظهر ليتدارسوا المشكلة من جديد. وقال محمد علي الخياط بلهجة خطيرة: يجب أن نتذكر أن خمسة عشر طفلاً مهددون بالموت جوعاً.
    فأطرق الجميع واجمين. وفجأة رفع الشاب عبد الرضا ابن سيد هاشم العطار رأسه وقال: أتعلمون أن للمرحوم بنتاً في سن الزواج؟!
    فخزره الجميع في استنكار. وعجبت كيف يطرق عبد الرضا الشاب الخجول هذا الموضوع في مثل هذا المقام. قال أبوه سيد هاشم معاتباً: ماذا دهاك يا عبد الرضا؟ أترانا في ظرف مناسب لهذا الكلام؟
    أجاب عبد الرضا بلهجة ثابتة: نعم، فإنني نويت أن أطلب يدها.
    ارتسمت الدهشة على وجوه الجميع. ورفع البعض حاجبيه استنكارا. لكن عبد الحسين العبايجي هتف بصوته الأجش: بارك الله فيك يا بني.
    وفارقت الدهشة وجوه الآخرين فجعلوا يهزّون رؤوسهم استحسانا. قال عبد الرضا وهو يتجنب النظر في الوجوه: سأكون معيلهم الشرعي وسيكون من واجبي رعايتهم جميعاً.
    تساءل أبوه في تردد: ولكن هل نسيت أنها عرجاء يا ولدي عبد الرضا؟
    أجاب عبد الرضا بثبات: كلا، لم أنسَ لكنني راض بها.
    فقال الحاج رخيّص الهبش بحماسة: إذا كان القاضي راضياً فما دخل المفتي؟
    هلل الجميع لاقتراح عبد الرضا وأقبلوا عليه يهنئونه ويشدّون على يديه. واحتضنه أبوه وقبّله في جبينه وهو يقول: بورك فيك يا ولدي.
    شيء واحد أثار إعجابي الشديد في اقتراح عبد الرضا. فقد كنت أعلم أنه يحس بحرج شديد من عرج في قدمه اليسرى، وأنه كان يكره كل ما يذكره بذلك العرج.

                  

العنوان الكاتب Date
الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:16 PM
  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:18 PM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:20 PM
      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:22 PM
        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:57 PM
          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-23-08, 10:59 AM
  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-24-08, 09:46 AM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-27-08, 12:15 PM
      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-28-08, 11:51 AM
        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-30-08, 12:29 PM
          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin05-02-08, 02:14 PM
            Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin05-05-08, 11:41 AM
              Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin05-12-08, 12:16 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de