الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 07:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-02-2008, 02:14 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37159

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار (Re: adil amin)

    الحكاية الثامنة
    الوباء
    أصبحت كارثة عائلة محمد علي الخياط إنذاراً مفزعاً قرع جرس الرعب في كل بيت. واندلع الذعر بين أبناء بلدتنا خشية أن يقتلوا فتياتهم قبل أن يقتادهن البرابرة إلى البيت فوق التلّ. ولم يكن احد يدري ماذا تدبر الفتيات الشجاعات . وسرى الفزع فينا كما تسري النار في الهشيم. لم يكن بوسع أحد أن يوقفه. وتجنب كل واحد منا النظر في وجه الآخر لئلا ينكشف ما تضمره الصدور. كان كل منّا يقرأ اتهاما صريحاً في عينيّ صاحبه. ومع أن أحداً لم يصرّح للآخر بمخاوفه فإن عيوننا كانت تفصح عن كل شيء.
    وعشعش رعب فريد في كل بيت، وكلكل عليها صمت كالموت. ولاذت الفتيات في الزوايا يختلسن نظرات مروّعة من وجوه آبائهن وإخوتهن. وعجز الرجال عن التطلع في وجوه النساء.
    وذات ليلة رُوعت البلدة بصوت ينبعث من دار احمد القندرجي . تساءل الجميع في فزع: "ماذا حدث في بيت احمد القندرجي ؟"
    وسرعان ما تناقلت الألسن الجواب: "قتل محمود ابن احمد القندرجي الحاج أخته سليمة حينما حضر البرابرة لاعتقالها بعد أن صرع عدداً منهم. " إذن فقد ضرب الوباء ضربته الثانية فقضى على شابة في ريعان العمر.
    كان لا بدّ لأبناء بلدتنا أن يتكاتفوا لصدّ هذا الوباء. وكان لابد لهم أن يجدوا له علاجاً. لم يعد ثمة جدوى من أن ندفن رؤوسنا في الرمال. لكننا لم ندرِ كيف يمكن أن ندرأ خطره عنّا . وارتأى البعض من حكماء بلدتنا أن الحلّ الوحيد لصيانة شرف البلدة هو إبادة نسائها. ورووا حكايات عن غزوات تاريخية اغتصبت فيها البلدة فقتل أبناؤها النساء الناضجات لئلا يفترسهن الغزاة. وكان كل واحد منّا يدرك في أعماقه أن هذا الوباء لا يعالج بقتل النساء البريئات بل بسحق البرابرة الطغاة، لكننا كتمنا أفكارنا لأن الخوف أحالنا إلى دمى عاجزة.
    وكان صديقي عبد الكريم الحاج خلف قد فاتحني في هذا الموضوع قبل الكارثة بيوم واحد. كنّا ننتبذ ركناً منعزلاً من أركان قهوة الشمس فقال فجأة بعد صمت طويل: لا أُخفي عليك يا عزيز أنني بتّ أخشى العدوى. ماذا نفعل لنقهر هذا الوباء؟
    فقلت: للأسف أصبحنا في حالة مزرية يا عبدالكريم وصرنا مكتوفي الأيدي تجاه هذا الوباء .
    فعبس وجهه المرهق وقال في غضب: لعن الله البرابرة الطغاة، كيف استطاعوا أن يذلونا إلى هذا الحد ؟ من كان يتصور أن تحدث مثل هذه الفظائع في بلدتنا فنواجهها بالسكوت والخذلان؟ لماذا لم نستمت في الدفاع عن بلدتنا؟ ألم نكن ندرك ماذا سيفعلون بنا لو اغتصبوا بلدتنا؟ كيف لم نتأهب لمثل هذا اليوم؟
    فقلت: أنهم يمتلكون البنادق ونحن عزّل يا عبد الكريم.كان ينبغي لنا أن نستعد لهم .
    هزّ عبد الكريم رأسه وقال: ما أشدّ خيبتنا! كنا مشغولين بالنقاش الفارغ مع أن خطرهم لم يغبْ عنّا يوماً.
    فقلت: لا فائدة من الندم يا عبد الكريم. ضاعت منّا الفرصة وسيطر البرابرة الطغاة.
    تساءل عبد الكريم في غيظ: وهل نبقى مكتوفي الأيدي تجاه طغيانهم؟ هل نظلّ خائفين وجلين ننتظر اليوم الذي يعتقلون فيه فتياتنا أو يقتادونا إلى البيت فوق التلّ؟
    فقلت: للأسف أصبحنا ضعفاء يا عبد الكريم وقد زاد من ضعفنا تفرق شملنا ورغبة كل واحد منّا في النجاة بنفسه.
    هتف مغضباً: ولماذا لا نجمع شملنا من جديد؟ لماذا لا تحاول بلدتنا استعادة كرامتها المسلوبة؟ لماذا لا نقتدي جميعا بشبان البلدة الشجعان ؟
    فقلت: فلنتصارح يا عبد الكريم. لن ننجح في ذلك إلا إذا تسلّحنا بالتضحية. وما دمنا غير مستعدين لذلك سيظل البرابرة الطغاة يسحقوننا بأحذيتهم، وسيظل طاغيتهم الأكبر يتحكم في حياتنا.
    أطرق عبد الكريم وقال في يأس: فعلاً يا عزيز، هذه هي الحقيقة المخجلة. والحمد لله أن البعض منّا شجعان وهم يضحون بحياتهم من أجل بلدتنا .
    فقلت بأسى: ولكنهم القلّة بيننا مع الأسف يا عبداكريم .
    وصمتنا. وبدا كأن جعبتنا فرغت من الأحاديث. وقد انقطعت أحاديث أبناء بلدتنا منذ اغتصب البرابرة الطغاة بلدتنا، لم نكن ندري عمّ نتحدث. فمصائب البلدة أعظم من أن يحيط بها حديث. وكانت فظائع البرابرة مكررة متماثلة. وإذا روي المرء أحدها كان في غنى عن رواية الأخرى. لذلك صدف أبناء بلدتنا عن الكلام، وكانوا إذا اجتمع بعضهم إلى بعض يمضون الوقت صامتين تتبادل عيونهم الكرب والأسى.
    وطال صمتنا. وانكفأ عبد الكريم على نفسه ساهماً مشغول البال، وبدا وجهه الحزين ذابلاً مرهقاً. وأخيراً رفع رأسه ورماني بنظرة نفاذة وقال بلهجة حاسمة: إنني لن أقتل أختي فوزية يا عزيز.. لن أقتلها مهما تسؤ الأحوال. وليذهب إلى الجحيم هذا الشرف. ولماذا يجب أن يكون شرفنا كلّه منحصراً في عفّة النساء؟ وهل بقي للبلدة شرف بعد أن عاث البرابرة الطغاة فيها فساداً؟
    وتراءت لي صورة فوزية. وكنت قد رأيتها مراراً عند زيارتي لعبد الكريم في منزله. كانت رائعة الجمال فيّاضة السحر. ولا شكّ أن عينيها الخضراوين هما أجمل عينين في بلدتنا. هتفت بلا وعي وصورتها لا تبرح ذهني: كيف يمكن أن يخطر على بال شخص مثلك الإقدام على مثل هذه الفعلة يا عبد الكريم؟
    هتف عبد الكريم باهتياج: أفلا ترى أن مرض محمد علي الخياط بات حقيقة واقعة في كل بيت يا عزيز؟ إن كل واحد من أبناء بلدتنا يخشى الإصابة بهذا الوباء. وإن البرابرة يمعنون يوماً بعد يوم في اعتقال فتياتنا. ماذا سأفعل لو جاؤوا لاعتقال فوزية؟ أأسمح باقتيادها إلى البيت فوق التلّ وتعليقها عارية في الهواء، والاعتداء عليها كما أعتُدي على سلمى ابنة المرحوم محمد علي الخياط؟
    طفرت إلى ذهني صورة فوزية وتمشت في جسدي رعشة حادة وأنا أتخيلها فريسة للبرابرة. وسمعت عبد الكريم يهمس لنفسه في صوت ملتاع: إنني أعاني من عذاب مبرّح يا عزيز، وإن والدي المقعد يتمتم لنفسه طوال الوقت وهو قابع في سريره:"لا نريد في هذه الحياة سوى الستر. الستر هو كل مرامنا في هذه الحياة.". وأنا أدري ماذا يعني بهذا الكلام يا عزيز. إنه يدعوني لقتل فوزية لو حضر البرابرة لاعتقالها. ولو لم يكن مقعداً لتولى هذا العمل بنفسه. ولكن كيف أقدم على قتلها؟! كيف أرتكب هذه الجريمة الفظيعة؟
    قلت مرتاعاً: لا شكّ أنك لن تفعل ذلك يا عبد الكريم. إنك لن تقتل نفساً بريئة.إن البرابرة الطغاة هم الذين يستحون القتل .
    صمت عبد الكريم برهة وعيناه تتوقدان، ثم قال بلهجة قاطعة: فعلاً. علينا أن نقتل البرابرة الطغاة لا أن نقتل أخواتنا البريئات. ولو أننا قتلنا عدداً منهم لملأنا قلوبهم رعباً ولكفوا عن تعسفهم. ولكن تخاذلنا وجبننا هو الذي أطمعهم فينا.
    فقلت: صدقت.
    أطرق عبد الكريم واجماً وغرق في صمت طويل. ثم همس أخيراً بأسى عميق: كيف تطاوعني يدي على قتل فوزية؟ كيف يمكن أن تمتد يدي إلى صدر فوزية فتستل منه الحياة؟ وكيف سأواصل العيش وعاتقي ينوء بمثل هذه الجريمة؟ ليست فوزية أختي فحسب ولكنها صديقتي أيضاً، إنها صديقة الطفولة الغالية. لقد أمضينا سني طفولتنا ونحن أقرب ما نكون أحدنا من الآخر. فكيف أمحو ذكريات الطفولة من ذهني؟‍ وكيف أنسى صور الماضي البهيجة؟ كلا يا عزيز.. كلا. لن أقتلها إذا حضر البرابرة لاعتقالها.
    اندفعت أقول في حماس: بالطبع لن تقتلها يا عبد الكريم. إن من يقدم على هذه الفعلة جبان ومنافق. وإذا كان لا بدّ من قتل أحد فلنقتل البرابرة الطغاة. صحيح أن بلدتنا محافظة وأن فتياتنا طاهرات، ولكن من قال إن اعتداء البرابرة عليهن يفقدهن طهارتهن؟! ما مسئوليتهن في هذه الجريمة؟!
    هز عبد الكريم رأسه خافض الطرف واعتصم بالصمت ثانية. وطال صمته وبدا كأنه في دنيا أخرى. ثم همس أخيراً من دون أن ينظر إليّ: إن كل شيء قد تبدل بيني وبين فوزية يا عزيز، ولن تستعيد عواطفنا صفاءها القديم. إننا لم نعد صديقين. لقد قام بيننا جدار منيع من الشك والرعب.
    وسكت لحظة ثم التفت إليّ وتطلّع في وجهي بنظرات حزينة، وعاد يقول بلهجته الهامسة: إنني أصرّح لك بكل ما يعذبني من خواطر يا عزيز لأنك الصديق الوحيد الذي اطمئن إليه. وإذا لم أصرّح لأحد بما يضطرب في نفسي فقد يقتلني الهمّ. إن العدوى تسللت إلى بيتنا يا عزيز، وإن عينيّ فوزية تبحثان في وجهي بفزع عن أعراض الوباء، وإن جسدي ليرتعد كلما تلاقت عيوننا وقرأت في عينيها سؤالاً مروّعاً: "هل ستقتلني يا عبد الكريم؟"
    هتفت باهتياج: ولكنك لن تقتلها يا عبد الكريم، فالبرابرة الطغاة هم الذين يستحقون القتل.
    واصل عبد الكريم همسه وعيناه تائهتان: وأين المفرّ من عينيها المروّعتين؟ لم نعد نتحدث بألسنتنا يا عزيز. صارت عيوننا تتحدث بما لا تقوى عليه ألسنتنا. لم نعد نسمع من صوت يتردد في أرجاء البيت سوى صوت أبي وهو يدمدم لنفسه:"لا نريد في هذه الحياة سوى الستر.. الستر هو كل مرامنا في الحياة". أما أمّي فعيناها شاخصتان إلى وجهي دوماً في تساؤل مبهم.. لا أدري أهو عتاب أم توسل أم محض قلق! ولست أدري كيف أتصرف.. لست أدري ماذا أفعل! ليت البرابرة الطغاة يعتقلونني ويخلصونني من هذا العذاب.
    قلت وقد هزّني عذابه: ومن سيقوم بأود عائلتك يا عبد الكريم؟ هل سيتولى ذلك أبوك المقعد؟
    هزّ رأسه في قنوط وقال: أعلم ذلك يا عزيز وإلا لكنت قتلت عدداً منهم وانتقمت لبلدتنا.
    وسكت لحظة ثم أضاف بأسى عميق: لكم أتمنى لو لم أولد وأشهد اليوم الذي اغتصب فيه البرابرة بلدتنا!
    غمغمت وأنا خافض الطرف: صدقت يا عبد الكريم. ليتنا لم نولد ونشهد هذا اليوم الأسود.
    كان كل فرد في بلدتنا يجهر بهذا التمني، فقد زرع البرابرة الطغاة في قلوبنا كراهية الحياة. لم تعد الحياة تطيب لنا في بلدتنا التي كنّا نفنى في حبّها بعد أن حوّلها البرابرة إلى سجن كبير . وقد هجرها عدد كبير منّا وتشردوا في أقطار الدنيا. لكن الفرار من البلدة كان أمراً موجعاً بقدر البقاء فيها تحت حكم البرابرة. وكان الاشتياق لبلدتنا ينغّص على المشردين حياتهم.
    سرحت بنا الأفكار، وطال بنا الصمت الحزين. وأخيراً نهض عبد الكريم مستأذناً في الانصراف. تعلقت عيناي به وهو يسير ببطء محنيّ الظهر وكأنه يرزح تحت وقر السنين.
    في منتصف ليلة ذلك اليوم ضجّ منزل عبد الكريم الحاج خلف بالعويل. وهرعنا إليه فرأينا عبد الكريم مجندلاً برصاص البرابرة. وكان قد قتل عدداً منهم حينما حضروا لاعتقال فوزية فصرعه البرابرة واقتادوا أخته إلى البيت فوق التل.
                  

العنوان الكاتب Date
الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:16 PM
  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:18 PM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:20 PM
      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:22 PM
        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-22-08, 02:57 PM
          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-23-08, 10:59 AM
  Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-24-08, 09:46 AM
    Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-27-08, 12:15 PM
      Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-28-08, 11:51 AM
        Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin04-30-08, 12:29 PM
          Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin05-02-08, 02:14 PM
            Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin05-05-08, 11:41 AM
              Re: الروائي العراقي د.شاكر خصباك..في حكايات من بلدتنا...وازمنة الغبار adil amin05-12-08, 12:16 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de