|
Re: لا أستطيع أن أجلس فأرتق جراحي مثلما يرتق الناس قمصانهم...رسائل غسان كنفاني لغادة السمان (Re: مدثر محمد عمر)
|
عزيزتي غادة
صباح الخير..
ماذا تريدين أن أقول لك ؟ الآن وصلت إلى المكتب ، الساعة الثانية ظهراً ، لم أنم أبداً حتى مثل هذه الساعة إلا أمس ودخلت مثلما أدخل كل صباح : أسترق النظر إلى أكوام الرسائل والجرائد والطرود على الطاولة كأنني لا أريد أن تلحظ الأشياء لهفتي وخيبتي. اليوم فقط كنت متيقناً أنني لن أجد رسالة منك ، طوال الأيام ال17 الماضية كنت أنقب في كوم البريد مرة في الصباح ومرة في المساء . اليوم فقط نفضت يدي من الأمر كله، ولكن الأقدار تعرف كيف تواصل مزاحها . لقد كانت رسالتك فوق الكوم كله، وقالت لي: صباح الخير ! أقول لك دمعتُ
منذ سافرتِ سافرت آني ، وإلى الآن ما تزال في دمشق وأنا وحدي سعيد أحياناً ، غريب ٌ أحياناً وأكتب دائماً كل شيء إلا ما له قيمة ...حين كنتِ على المطار كنت أعرف أن شيئاً رهيباً سيحدث بعد ساعات: غيابك وتركي للمحرر، ولكنني لم أقل لك. كنتِ سعيدة ومستثارة بصورة لا مثيل لها وحين تركتك ذهبتُ إلى البيت وقلت للمحرر أن كل شيء قد انتهى.
إنني أقول لك كل شيء لأنني أفتقدك. لأنني أكثر من ذلك ( تعبت من الوقوف) بدونك.. ورغم ذلك فقد كان يخيل إلي ذات يوم إنك ستكونين بعيدة حقاً حين تسافرين.
ولقد آلمتني رسالتك. ضننت عليّ بكلمة حارة واحدة واستطعت أن تظلي أسبوعاً أو أكثر دون أن أخطر على بالك، يا للخيبة! ورغم ذلك فها أنا أكتب لك: مع عاطف شربنا نخبك تلك الليلة في الماي فير وتحدثنا عنك وأكلنا التسقية بصمت فيما كان صاحب المطعم ينظر إلينا نظرته إلى شخصين أضاعا شيئاً.
متى سترجعين؟ متى ستكتبين لي حقاً؟ متى ستشعرين أنني أستحقك؟ إنني انتظرت ، وأنتظر ، وأظل أقول لك : خذيني تحت عينيك.. غسان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
المحرر جريدة المحرر البيروتية ، حيث كان غسان يعمل.
عاطف صديق حميم من أصدقائي وغسان.
الماي فير مقهى في الروشة
التسقية فتة الحمص وكنا نذهب آخر الليل للعشاء في مطعم شعبي يعدها في ( الطريق الجديدة) قرب المقاصد ، حتى صار صاحب المطعم يتوقع حضورنا كل ليلة مع الأصدقاء ، ويعاتبنا إذا غبنا!
|
|
|
|
|
|
|
|
|