|
مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث
|
الراصد والمتتبع لمشهدنا الثقافى يلحظ دون عناء أنه قد إعتراه الإلتوث وسيطرت على مناخاته الفوضى والتردى ,ونخرت فى أعمدته سوس الصخب والضوضاء التى هى بإستمرار تسمع ضجيج ولا ترى طحين,وعليه يحق لنا أن نقول أن مشهدنا الثقافى فى نسخته الأنية ،يمر بمرحلة من إنعدام الوزن كملخص وتعبير حاسم عن مدى عمق تلك الأزمة و مساحة تجذرها فى محيطنا الثقافى والإجتماعى .ولو كانت الأزمات الثقافية فى مجتمعات أخرى يتم التعاطى معها بالتمحيص والنقد الموضوعى والتوسل إلى المناهج العلمية التى تدرس الظاهرة الثقافية وتدفع برؤى لتجاوز الأزمة وظلالها,ولو كانت الأزمات الثقافية فى المجتمعات الإنسانية من حولنا يتم التعاطى معها من خلال وضع الأيادى على مكامن الداء بغية البحث عن مفاتيح للخروج من الازمات الثقافية كمعطى أولى وعتبة من عتبات ترميم الأعطاب الثقافية ,ومايلى ذلك البحث عن تأسيس خارطة طريق تكون بمثابة الشرط الضامن لعدم الإرتداد لأجواء الإلتواث الثقافى .تجدنا هنا وبإستمرار فى حالة زهد متواصل فى مايخص الإستفادة من تجارب الأخريين ,لا لشئ سوى أن تضخم الأنا عندياتنا يحول دون الإستفادة من المنجز الإنسانى من حولنا ,والمحصلة النهائية حتما فى هكذا حالات أن نكتفى بشرف الفرجةعلى أعطابنا وهى تراوح مكانها ,أو فى أحسن الأحوال أن نكتفى بإجتراح حلول إنشائية لاتخاطب من المشكل الثقافى إلا تمظهراته وقشوره الخارجية ولاتمتلك مقدرة القوص عميقا فى جذور الأزمة ,أو فى سيناريو أخر تقدم رؤى وتصورات هى فى خواتيمها ومحصلاتها النهائية تكرس لإعادة إنتاج ذات الأزمة وبزخم أشد. وعليه وكمحاولة متواضعة فى هذه المقالة أحاول أن أتلمس ملمح من ملامح أزمتنا الثقافية بحسب تقديراتى وإمكانياتى كمتأمل فى المشهد الثقافى خاصتنا ,وفى هذا أقول إن أحد ملامح أو هو فى الأحرى عندى حجر الزاوية فى الازمة,قلت أن أحد ملامح أزمتنا الثقافية هو عجزنا المتواصل فى أدارة التنوع الذى يزخر به مجتمعنا,أو لنكون أكثر تشخيصا ودقة هو عجز صناع الفعل(السياسثقافى) فى الدولة السودانية بمختلف نسخها وتشكيلاتها فى إبتداع صيغ وتصورات لإدارة هذا التنوع ,ولو كانت بعض الدول التى تقاسمنا هذا الفضاء الكونى قد إستفادة من ميزة التنوع الثقافى فى مناخاتها الإجتماعية ومن بعد ذلك إستخدمته كرافعة وجسر صلد للنهضة والتقدم .تجدنا قد أبدينا عجزنا فى مانجح فيه الأخريين وهذا يلامس بصورة أو بإخرة حجم الفجوة مابيننا والأخر وهذا موضوع مع أنه يمثل أزمة أخرى تضاف لدفاتر أزماتنا المتواسعة إلا أن المقام هنا لايسع للإبحار فيه. قلت أن تعمد صناع الفعل الثقافى القفز فوق حقيقة التنوع عندنا,وتاليا لذلك تحوير التنوع ذاته من نعمة لنغمة إستنادا على سياسات أقل ماتوصف أنها سياسيات ضيغة الأفق أحالت هذا التنوع لقاعدة أزمة ثقافية شاملة ضربت تماسكنا الثقافى فى مقتل وأحالت واقعنا إلى واقع يعانى من ضهب ودوار مزمنين فى مايخص هويته الثقافية .تمخض عن ذلك الإعتراف بنموذج ثقافى واحد من جملة النماذج الثقافية الموجودة فى فضاءنا الإجتماعى ,بل ووصل الأمر إلى نفى وجود ثقافات أخرى داخل الإطار الجغرافى للدولة السودانية ,وعلى هذه القاعدة المغلوطة (قاعدة نفى الاخر الثقافى) شرعت السياسات الثقافية لدولة بحيث قامت تلك السياسات إجمالا على فرضية أن ثقافة الأخر (الغير إسلامعروبى بالضرورة) هى محض أراضى جرباء تعوزها إعادةالإستصلاح والقولبة الثقافية ,وهذه خفة ما بعدها خفة لجهة التعاطى مع الأخر الثقافى الذى يقاسمك الماضى والحاضر ويبحث عن أسس أخلاقية لحياكة المستقبل معك.مع أنه كان من المفترض السعى لناحية توفير مناخات ديمقراطية ملائمة لإحداث جدل ثقافى يعبر عن الثراء والتنوع الموجود ينتج عنه نموزج ثقافى معافى ومنتخب ديمقراطيا يلتف حوله كل أبناء الوطن,لا لشئ سوى انه كان نتاج مخاض ديمقراطى غير متبوع بوصاية من أحد ولامفروض وفق تصورات هزيلة ومخطولة الأسس. ولكن عوضا عن ذلك طفق صناع الفعل الثقافى وبإستمرار فى مغالطة كيمياء الواقع والتلاعب على الحقائق فى الأرض وفرض النموزج الإسلامعروبى ,وجعله حالة مركزية بحيث أضحت معايره ومحدداته هى البداية والنهاية فى مجمل الحراك الثقافى خاصتنا.(فالبياض هو نصف الجمال بالضرورة/ والمؤخرة المكتنزة هى محددات المرأة المثالية /والنخيل له قيمة جمالية تحتم زراعته فى كل شوارع الخرطوم ونواصيها/والطيب صالح هو سقف للرواية السودانية /وأغانى الطمبور هى حالة مركزية فى الأغنية السودانية.....وعلى ذلك قس) وفى ظل تواطؤ الدولة مع الثقافة الإسلامعروبية وإتكاء الثقافة الإسلامعروبية على جهاز الدولة ومفاصله الثقافية لم يكن متاح للنماذج الثقافية الأخرى سوى وجود رمزى وهامشى للغاية يتمثل فى إختزالها حيز الفلكلور والرقص الشعبى .ولك أن تتخيل أن تختزل ثقافة كاملة تعبر عن مجاميع إجتماعية معتبرة فى أطار أنها فلكلور ورقص وتقدم فوق كل ذلك من موسم لاخر ومن حدث لحدث وكل ذلك إستنادا على أرضية من النفاق والترميز التضليلى لا من باب الإعتراف بها ,ولهذا لن نندهش عندما تعرض أغانى الفنان عمر إحساس فى التلفزيون القومى عند كل مرة يتواسع فيها سقف الأزمة فى دارفور,ولذات السبب لن نندهش عندما يتم عرض أغانى ورقصات من جنوب السودان عند كل فعالية إقليمية ,وحتما مادون ذلك مكانها الطبيعى أضابير النسيان المتعمد,وهكذا نجد ان تنوعنا الثقافى وإن جاز الإعتراف به قبل الدولة فهو لا محال يستخدم كمطية وجسر لتمرير الخطوط السياسية ليس إلا.فى سلوك غير أخلاقى البتة ويفضح العقلية المسيطرة على الفعل الثقافى فى السودان . وعليه نقول أن المدخل لترميم جدار الثقافة السودانية من حمى الصخب والإلتواث يحتاج لبداية صحيحة تتمثل فى الإعتراف الصريح بالتنوع الثقافى الموجود فى الدولة السودانية متبوع ذلك بالسعئ الجاد لكى يسهم هذا التنوع والتباين فى تشكيل الحقل الثقافى السودانى,وعلى الدولة أن تنهض لتقوم بدورها فى تقزيم مساحات الازمة بإعتبارها فاعل لايمكن تجاوزه يجب عليها ان تلتزم بتوفير المناخ الثقافى الديمقراطى لإحداث جدل ثقافى يقوم على قاعدة من الإحترام المتبادل بمشروطية حيدة الدولة وبعدها عن التواطؤ إلا فى مايخص توفير المناخ المعافى للحوار الثقافى. وكمدخل لذلك على الدولةأن تتخز خطوات عملية لإحياء الثقافات الأخرى من خلال الإهتمام بتنمية اللغات لانها الحامل والمعبر الأساسى عن هذه الثقافات ويمكن للدولة ان تدعم إنشاء مركز بحوث متخصصة فى دراسة وتطوير الثقافات الأخرى ويمكن كذلك الإستفادة من الميديا بحيث يتم إنشاء قنوات فضائية متخصصة أو حتى إذاعات ..إف ..أم..تبث باللغات المحلية لهذه الثقافات أو تدشين إصدارات ثقافية تعنى بهم التعريف بالثقافات السودانية وتستكتب المهتمين والناشطين فى علم الأجتماع الثقافى والحفريات الثقافية وتكون هذه الإصدارات قد قامت بدور التعريف والتوثيق فى الأن نفسه للأجيال القادمة وخلدت إرث ثقافى يمكن للأجيال القادمة الإفتخار به والبناء عليه وتطويره,إن الدوله هذا تكون قد قامت بواجب التنبيه بان ثمة ثقافات اخري موجودة في مناخنا الاجتماعي وهي جديره بالالتفاف حولها ومعرفتها بعمق.ومن بعد ذلك اقول انه من الخطل ان تختزل ازمتنا الثقافية في البعد المحلي وعدم الطرق للبعد الاخر من الازمه المتمثله في القطيعة ما بينه الثقافات السودانيه و الثقافات الإنسانيه من حولنا وعدم التعاطي والاستفادة من منجزها الانساني . نعم عدم التعاطي مع الاخر الثقافي الموجود خارج فضاءنا الجغرافي يمكن ان يكون ملمح اخرمن ملامح ازمنتا الثقافيه وفي ظني ان هذه القطيعه الحاده تقوم علي هواجس وإسقاطات تعوزها الحجة والمنطق السليم وهي لعمري تعتبر احدي تجليات وتمظهرات تمدد النموزج الثقافي الذي يرفع باستمرار شعار ان التقوقع يحمي الخصوصية وهي شعارت فككها الواقع ومضي عنها بعيدأ .بعيد بروز تيارت عولمة القيم الانسانيه والثقافية وتجاوز مفردة الخوصيه ذاتها ناهيك عن التوقع لان الشاهده انه لا الخصوصيه ولا التقوقع يجديان في ظل هذا العالم الذي استحال الي قرية صغيره وهذه الهواجس تشئ في الان نفسه بأن سدنت النموزج الثقافي المسيطر علي مشهدنا الثقافي يعرفون سلفا ان فرص هكذا نموزج في التمدد والانتشار في الاجواء المكشوفه التي تقوم علي المقارعات الثقافيه التي لاتراهن علي اجهزة الدوله ستكون صفر كبير لذا نقول للخروج من هذا الالتواث الثقافي نحتاج بالضروة التعاطي مع المنجزات الثقافه الانسانيه بدون هواجس ونحتاج للتواصل مع تيارات الفكر الثقافي المتمدن ولن يكون ذلك الا من خلال تشجيع التبادل الثقافي وفتح البلد للمبدعيين ومد جسور التواصل مع المثقفيين السودانيين في المهاجرو المنافي وإعفاء مدخلات الإنتاج الثقافي من الضرائب والجمارك وتشجيع حركة النشر والترجمه وفتح ابواب الاجهزة الثقافيه والإعلاميه لكافة المثقفيين بدون محددات ايديلوجية .وعليه نقول ان ماذكر قد يسهمم في تكبيل الازمه والخروج من مربع الالتواث الثقافي لمربع الثقافيه النهضويه ولأن ثقافة النهضة تنتج أجيال النهضه نتمنى أن يجد ماذكر شئ من النقاش والتقوييم .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | خالد خليل محمد بحر | 04-10-08, 02:22 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | خالد خليل محمد بحر | 04-10-08, 02:27 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | محمد عثمان ابراهيم | 04-11-08, 00:57 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | محمد عثمان ابراهيم | 04-11-08, 01:05 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | خالد خليل محمد بحر | 06-05-08, 02:29 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | منزول محمد توفيق | 04-10-08, 05:31 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | محمد عثمان ابراهيم | 04-11-08, 06:53 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | محمد عثمان ابراهيم | 04-12-08, 10:06 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | osman righeem | 04-14-08, 08:23 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | محمد عثمان ابراهيم | 04-15-08, 00:30 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | osman righeem | 05-30-08, 12:00 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | Abdelmuhsin Said | 04-15-08, 00:38 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | محمد عثمان ابراهيم | 04-15-08, 01:12 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | Abdelmuhsin Said | 04-15-08, 08:18 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | محمد عثمان ابراهيم | 04-16-08, 01:31 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | Abdelmuhsin Said | 05-08-08, 07:57 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | احمد ضحية | 05-09-08, 02:12 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | amin siddig | 05-09-08, 09:18 AM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | Abdelmuhsin Said | 05-13-08, 08:17 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | Abdelmuhsin Said | 05-25-08, 11:06 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | خالد خليل محمد بحر | 06-05-08, 01:51 PM |
Re: مشهدنا الثقافى حالة كونه يعانى من الإلتواث | نادية عثمان | 06-06-08, 12:00 PM |
|
|
|