جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين في السوداني)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2024, 11:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-27-2008, 03:39 PM

zuhair zenaty

تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف (Re: zuhair zenaty)

    الجزء الثالث :

    الإسلام في جبال النوبا :
    دخل الإسلام جبال النوبا، في أوقات متفاوتة، وبواسطة أفراد، وكان للعرب البقارة دوراً بارزاً ، وكذلك العابرين من غرب أفريقيا، في طريقهم إلي الحج ، وقد عرفت الجبال الشرقية الإسلام قبل الجبال الغربية ، إذ عرفت الإسلام في القرن الحادي عشر، ولكنه لم يتوسع إلا بعد دخول مؤسسي مملكة تقلي الإسلامية للمنطقة دعاة للإسلام.
    مؤسس مملكة تقلي الإسلامية، هو محمد أبو جريدة 1560م، إبن الفقيه/ محمد الجعلي الرباطابي، الذي نزح إلي تقلى حوالي 1530م ، كذلك من معالم الدعاة الصادقين، نجد الفكي / علي الميراوي، القادم من دارفور داعياً للإسلام، والذي طاب له المقام في (ميري) غرب كادقلي ، اضافة إلي بطولاته الوطنية المعلومة. إرتبط اسم الفكي/ على الميراوي بالقبيلة ميري، رغم أنه لا ينتمي لهذه القبيلة حسب النسب ، والعكس صحيح ،إرتبطت قبيلة ميري أيضاً بالفكي علي ، فكلما ذكر الفرد أنه من ميري ، تبادل للذهن، الفكي على الميراوي ، وهو جد السيدة / عواطف زوجة محمد هارون كافي (وزيرة الرعاية الاجتماعية) بحكومة ولاية جنوب كردفان الحالية. وكذلك نذكر على رأس قائمة الخيرين من الدعاة الشيخ / محمد الأمين القرشي ، والشيخ / محمد عبد الله البرناوي ، والمك كنده كربوس والسلطان / فرج الله كميرة بلقاوة. ومن الدعاة أيضاً، الفقهاء: الفكي/ شريف في البرداب وأبنائه ، والشيخ/ عبد النبي أبو رأس في كادقلي ، والشيخ/ ناصر في منطقة الكواليب، والفكي/ إدريس ، وفتح الجليل وغيرهم من أبناء النوبا الذين تعلموا على ايديهم وحملوا هم الدعوة الإسلامية بين أهلهم.
    تعرضت المنطقة لاحقاً إلى جهود تبشيرية إسلامية مكثفة على أيدي الإداريين الحكوميين، والطرق الصوفية ،وبتأثير فئات الجلابة، قادت إلى انتشاره بشكل غير متناسق، ليشمل حوالي 75% من سكان المنطقة. وهنالك اليوم مجموعات إسلامية تتركز خاصة في المنطقة الشرقية حول محور العباسية – تقلي، وأجزاء واسعة من المنطقة الشمالية والغربية (الدلنج ولقاوة)، وفي الجزء الشرقي من المنطقة الجنوبية (تلودي، كالوقي، الليري) وفي الأجزاء الغربية من المنطقة الجنوبية (الميري).
    كما توجد أقلية مسيحية (12%) نتيجة للحملات التبشيرية التي كان القس الإيطالي الكاثوليكي/ دانيال كمبوني، أحد روادها منذ العام 1864م، ويتركز أتباع الكنيسة اليوم في المنطقة الوسطى، حول محور جبال الأطورو – الليري، ومحور يترا – المورو. بينما توجد عشائر أخرى في كل أنحاء المنطقة، مازالت تتمسك بموروثاتها وعقائدها الروحية، تلك العقائد التي توصف خطأً في بعض الكتابات بالوثنية، فلا توجد أوثان في جبال النوبا، ولم نسمع عن ود ولا سواع ولا يغوث ويعوق ونسر. هذا التنوع الديني يحول دون فرض الشريعة الإسلامية حتى مع وجود اغلبية مسلمة، لأن القضية في الأساس، قضية حقوق مدنية ومواطنة، لذلك يكون النظام العلماني هو الأنسب لهذا الإقليم.
    وبلا مرية ، ما لم يصل السودانيون ، مرحلة الاستمتاع والتلذذ بالتعدد العرقي والثقافي والديني، فسوف تظل الطريق إلى إنهاء الحروب، والجهل، والمرض، والمجاعات، والتعذيب الجسدي والنفسي، وعرة وطويلة. فالمشكل الرئيسي في السودان، يكمن في تصنيف الناس على أساس العرق، والثقافة الأحادية لغةً (العربية)، وعقيدة (الإسلام)، مع العلم أن السودان، من موقعي قانون الاتحاد الأفريقي في 11/7/2000م ،في مدينة لومي حاضرة دولة توجو، الذي تنص المادة 25 منه (working language) على أن: لغات العمل في الاتحاد وكل مؤسساته هي اللغات الأفريقية السواحلية في شرق أفريقيا وكينيا، رواندا في رواندا، ولبنقالا في جمهورية الكنغو الديمقراطية، ولغات البانتو في أرض زولو، وتكوسا في إقليم تكوسا في جنوب أفريقيا، والأمازيغية لدى البربر في الجزائر، وكذلك جميع اللغات السودانية الأفريقية.
    عليه كان لزاماً علينا، أن نلج بطون المعرفة، ونحتكم الي الفطرة والوجدان السليم، ونغوص في أمهات الكتب بحثاً عن الحقيقة، لكي نجليها، لمن أراد أن يعتبر، أو يقدر. لذلك نقول: إن الأدب الاستعلائي، الذي انتشر بدخول العرب، عندما هبطوا السودان على ظهور الخيل، أو على كل ضامرٍ، وتفاقم الوضع الاجتماعي، في عهد السلطنة الزرقاء، بعد أن اتخذوا الإسلام لهم ديناً، والعربية لغة وثقافة، ثم هوية لهم، لتفادي غزو الأتراك – المصريين، الذين أفلحوا فقط في استبطاء الغزو، وساهم الخريجون الأوائل بأدبهم وتعليمهم ومنتدياتهم الفكرية، في تكريس ذلكم المفهوم الأحادي (الإسلامو عروبي) في مؤتمر الخريجين، مما أنتج غلاة وأصحاب عواطف ومحاباة ،وجدت سبيلها إلى أدمغة السودانيين- باستثناء فئة قليلة في بعض الحالات النادرة- والنادر لا حكم له – في شمال السودان، حتى بات جزءاً رائساً ،في تكوين عقلية "أهل الحل والعقد"، في هذا القطر المتعدد الأعراق والمترامي الأطراف. وعليه، بدأ هذا السلوك الاقصائي للآخر، يأخذ طابعاً سياسياً واجتماعياً ودينياً في المجتمع السوداني، بعدما وفرت له الدولة، كل السبل عن طريق الممارسة، والتسلط والقهر، والمحاكاة في الأسرة، التي هي نواة المجتمع، والمدرسة التي تصوغ الشخصية حسبما ترتضيها الدولة. بيد أن عروبة السودان الشمالي خاصة، ليست مما يصح نقصانه ببينة المادة التاريخية نفسها. وقد أفاض العلامة/ ويليام ي. آدمز في كتابه (النوبة رواق أفريقيا)، في مراجع تمحيصها من عرب وفرنجة على حد سواء. وهي عروبة تغلغلت عروقها وأعراقها، في أعماق السودان الجهوية بقبائلها الأصلية المتفردة، لا بدماء يوزن سائلها، ولا بملامح ترسم تقاسيمها، إنما بنسب وثقافة ممتزجة ، مهما كان حكم الماضي بقسمتها، فذلك مما يقف عزم الأصحاء على عدله في الحاضر، وفي ذلك كله، وفرة لأهل السودان. فمن ظهور أجدادهم عرباً وأفارقة، وتمازج الخؤولة والعمومة. ٍبزغت أجيال، وأنظمة من السياسة والاجتماع، وكان لها مع جيرانها في كافة الاتجاهات مدار، وكانت قبائل العرب التي أحاطت بالنوبيين هي "السندان الذي صٌهر عليه، مجتمع ما بعد النصرانية" – انصهاراً ما انفك يسيل على جنبات الوطن السوداني، لجيرة الشمال صدارة وجدارة، ولو ترك على رحي ثقافته المنسابة ،لأخرج مزيداً من بدائع الحضارة، فليس ثمة حرج على السودانيين إن ولعوا بأنسابهم، وتعلق المسلمون منهم، بما يقربهم منها بشرف بيت النبوة، وقد جعل الخالق ،خاتمتها في بيت عربي ،إلا أنه لن يبقى لأحدٍ ،من زهو النسب بحق شيء من ذلك: "فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، كما قال نبينا محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم)، تصديقاً للقرآن المجيد "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" (الحجرات13).
    إن بعض القول من طمس الهوية، واستهوان الطوية، والدوس على خصائص الاستقلال، لا يٌناقض إلا حكمة التعارف – الفطرة والحرية والحق الموهوب -حركة حقوق الإنسان، بأكملها كما تناقلتها ألسنةُ ،وتفرضها مواثيق ودساتير في عالم اليوم، وهي واضحة جلية في محكم التنزيل من لدن العليم الخبير، ليت الأدعياء ممن يتشدقون يتثبتون بالعمل كتسابقهم بالقول.
    إن السيرة الذاتية (للنوبة) و( للنوبا)، تعكس إصراراً في مسيرتهمتٍ الحياتية، على ممارسة حقوق الشعب الأساسية: التمتع بالحياة في الإقليم ،والمساهمة الوافرة في تنميته وتطويره، والانتفاع من موقعهما على العالم من حولهما. لقد خاض أهل النوبا، ما قدر لهم في ذلك تاريخاً حافلاً، بالصراع وبكافة أشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتخيروا من طرائقه الثقافية، ما اتسق مع إرثهم ومكونه الحضاري الفريد ،عبر رواق من الاتصال، والهجر، والهجرة، فالانقطاع، ثم الوصل تارة أخرى، يشكلون بتجربتهم الخاصة مدونهم الزمني وسجله التاريخي الطويل. تلاحمت معالم تلك الصورة الغنية ،بالأحداث والمواقف، مع أبناء الدنيا الكبرى ،التي تفاعلت معها النوبا أيما تفاعل: الإسلام، ومن قبله المسيحية، ومن قبلها عوالم الوثنية ، وحضارات الرومان وفارس، ومن قبلها الإغريق، وترويها في عمر الزمان، الآشورية والفرعونية، وما فقدت النوبة فكرتها! هؤلاء قوم غزوا مصر وأعادوا من جديد سلطان عبادتها، ثم عادوا إلى مسقط رأسهم، وما ذابوا.... . النوبة كذلك، ما أذابت نفسها إلا باختيارها .. عندما استدامت بعد غزو مصر، حكم فرعونها وآمونها.. وعندما اعتنقت المسيحية قروناً وأنشأت ممالكها.. وعندما دخلت الإسلام ،وأدخلت العروبة، وأصبحت أصولها العرقية، ترفد منها الفروع والأنساق الحضارية والثقافية، عادات وأعرافاً لشمال السودان بأكمله، وتلامس جنوبه عمقاً وأطرافاً.. ذلك كان درساً عن السيرة الذاتية لمائة ألف عام أو تزيد. وهل يقف الزمان عن دوران دولابه، أم أن مزيداً من التفاعل يقبل ويدبر، أو يسيل ويجمد؟!.
    إن إرسال البصر، يرتد تصوراً جريئاً حاسماً، حين تضحي النوبة كياناً آخر وأصولاً أخرى، هي السودان بأغلب شماله وأوسطه، وستمضي مسيرتها في التاريخ كياناً أكبر وأصولاً وأعراقاً عندما تعانق في السودان جنوبه، اختياراً وثقافة، مستقلة نواميس الرواق التي أملت تاريخه ربما تنبسط فسيحة أمامها نواميس رواقٍ من أعماق قارتها(د.محجوب التجاني محمود- ترجمة وتقديم -النوبة رواق افريقيا-الطبعة الثانية-القاهرة 2005).
    لله وللحقيقة والتاريخ.. لابد أن نطرح السؤال التالي: هل الشخصية السودانية في شمال السودان مأزومة أم لا؟
    إن الشخصية السودانية، في شمال السودان السياسي، تعاني من ازدواجية الضمير "Double Consciousness". إذ أن هذه الازدواجية، تجعله ينظر إلى نفسه من خلال عيون عنصر آخر – وهو العربي- وتشتمل هذه الازدواجية ،على أنه شخصين متباينين، وروحين منقسمتين، وفكرتين متنازعتين، في جسد واحد ذي بشرة سوداء. وكما بينا –سلفاً- فقد ساعدت الدولة، في ابتناء هذه السياسة ،منذ عهد السلطنة الزرقاء في سنار 1405هـ، وكذلك تحت السيادة الأجنبية، حيث رجحت العروبة كأداة سياسية عسكرية ،لاستمرار الدولة وديمومتها. وبمطالعتنا لسفر الكاتب/ هادي العلوي (من تاريخ التعذيب في الإسلام – بيروت – 1987م). نجده يكتب: ومما لا ريب فيه أن "التركية رجحت كفة العروبة، عندما قررت البحث عن رقيق قادر على حمل السلاح ،دون مقابل، أو أجر، وفي تلك المرحلة بدت العروبة، كما لو أنها المقابل للعبودية اجتماعياًَ واقتصادياً وثقافياً، فأصبحت العروبة خطاً سياسياً انتقائياً، للتعبير عن الحرية، التي يتمتع بها أفراد، لم يخضعوا لضرورات عبودية الدولة". وقد عززت الإدارة البريطانية – المصرية هذه الفكرة (1898م – 1956م)، وسار على نهجهم دعاة الاستقلال، وقادة الحكم الوطني إلى يومنا هذا. لذلك سواء علينا ،أن شئنا أم أبينا، فالسودان اليوم سقيم، ومرضه يكمن في مخلفات تاريخ الرق، التي باتت تنتج نفسها بصورة مستبطنة، تظهر نتائجها النتنة في التهميش الاقتصادي والاقصاء الثقافي وحرمان التمثيل المتكافئ في السلطة المركزية، وغيرها. بهذه القسمة الضيزي، مكثت السلطة السياسية والاقتصادية والعسكرية في أيدي قلة محتكرة، واستحوذت هذه الفئة على كل شيء على حساب الأغلبية المهمشة. وتسمى هذه الظاهرة الاحتكارية للسلطة لدى علماء الاجتماع بمفهوم المحصلة الثابتة في السلطة (A constant Sum Concept of Power ،حيث تتركز المصالح الذاتية ،في أيدي نفر من قابضي السلطة ، الذين هم في صراع دؤوب مع رعاياهم، وهم على ما يفعلون، يؤثرون على أنفسهم ،دون أن تكون لهم شمائل خاصة أو صفات نفسية تميزهم عن عامة الناس.
    ويقتضي الحياد والاعتراف بالخطأ ،في الممارسة، تذكير الشعب السوداني بهذه الحقائق الدامغة –الغابرة والمعاصرة معاً- وخاصة تلك التي لا تعرف عنها الأجيال المعاصرة إلا لماماً.إن محصلة هذه القسمة الضيزي، هي سبب استعار الحرب الأهلية الأولى في السودان، والحرب الثانية، وما حرب دارفور(اقليم العذاب) التي تدور رحاها اليوم، إلا امتداداً للأوليتين. إذ إن لكل حرب في التاريخ، بقية معلقة من حرب سبقتها، فمعاهدة فرساي للسلام، التي انتهت بها الحرب العالمية الأولى، كانت هي بذاتها خميرة وبذرة الحرب العالمية الثانية ،والنتائج التي انتهت إليها معركة السويس لعام 1956م ،كانت هي بذاتها مقدمات الإعداد لمعركة سيناء 1967م.
    إذ أخذنا السودان، حسب النظرية الوظيفية "Functional Theory" ، في علم الاجتماع، يمكننا اعتباره صرحاً ،أو جهازاً اجتماعياً ،غير متجانس، ويحوي في أحشائه الشروط الوظيفية (الانتفاعية) الآتية: الثقافات المتنوعة، والقوميات المتعددة، واللغات المتباينة، والديانات السماوية وغير السماوية. فما المطلوب إذاً؟ ليس هناك، أدنى شك، أن المطلوب هو: توفير حد من الإجماع القيمي (Value Consensus)، لكيما يتم الاعتراف بهذه الفوارق الاجتماعية والروحية والثقافية، بل وتشجيعها وتنميتها. هذا إذا تصالحت الصفوة الحاكمة مع أنفسهم، وكفوا عن التهالك على السلطة والتنافس فيها، ورأوا أن يكون للسودان من عوامل النمو ودواعي البقاء، والرقي. أما إذا لم يرض الصفوة الحاكمة (أحزاباً منفردة – أو إئتلاف – أو حكومة وحدة وطنية)، أمر إيلاء هذه الشروط اعتبارات قصوى، فإن الخلل السياسي والاقتصادي والتعليمي والتنموي والخدمي، الذي بدأ منذ فترة غير قصيرة ،في طريقها إلى حسم الصراع ،عن طريق تغيير الأجهزة التشريعية والتنفيذية والعسكرية، التي انتفعت به فئة قليلة ردحاً من الزمان، فعلينا إذاً أن نذكر أولئك الصفوة المنتفعين أن المهمشين قادمين، وبعدئذٍ، سيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
    ندلي بهذه الإفادات، وهي إفادة نوبي مستعرب مسلم ووحدوي حتي حدود الاعياء، ولم يكن أمامي بالضرورة وبالواجب وبالحق جميعاً، غير دور الدفاع، لن ندعي، أننا سنعيد لتلك الإثنية النبيلة التليدة والعظيمة (النوبا)، واخواتها الأخر، حيويتها الحضارية كلها، لأننا ندرك أن الجرح غائر، والجريح مكلوم، لكننا سنسعى أن نفعل شيئاً ما، ونجلو الحقائق، ولا خير فينا إن لم نقلها.
    وفي الختام، لابد لنا، من وقفة تأمل وتقييم، والسؤال الذي يٌطرح بشكل ملحاح ،في هذا السياق هو: ما هو الجديد في هذا السرد والبوح المسموع، وما هو الجديد المشتهى والاحتمالي، الذي لم يتحقق بعد، مع إمكانية تحقيقه فيما بعد؟.
    قبل الإجابة على هذا السؤال، نجد أن من الإنصاف القول، بأننا قد بذلنا قصارى جهدنا، في إيفاء موضوع المقال حقه من البحث والاطلاع والتحليل، وإن لم نتعرض لوقائع أليمة ومفجعة بذاتها ،تفادياً لفتق الجراحات ،واثارة الذكريات المريرة لآلآم اثنية النوبا التي تجرعتها تحت سطوة وبطش الأنظمة المتعاقبة والمهيمنة باختلاف أيديلوجياتها ، قبل وبعد الاستعمار والاستقلال علي التوالي. خاصةً، والبلاد تعيش فترة ما بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل، وتحقن في شرايينها أكسجين التصالح ورد الاعتبار، متجاوزة عقد الماضي وقد بدأت مناطق الإثنيات المهمشة ،تشارك وتمارس سلطاتها داخل أقاليمها (النيل الأزرق – جبال النوبا) تحديداً، مشاركةً وممارسةً ، تبدو جيدة ومقبولة.
    الجديد الذي تطرق له هذا البحث، متعدد السمات، فقد عالجنا مشاكل الحرب والسلم في السودان عامة، وجبال النوبا خاصة، مع التركيز على العوامل السياسية والاجتماعية والدينية ،التي أدت إلى اشتعالها، ثم استفحالها –كما لم نغفل- في سبيل معالجتنا لهذه العوامل، عن التعدد الثقافي والإثني، وأهمية اللغات واللهجات والهوية، مستندين إلى تحاليل وبراهين، نحسبها جادة وبعضها جديدة. إذ تطرقنا إلى كل هذه المواضيع في مراحل تطور السودان السياسي بتجرد وأمانة. إذن، ما هي المراحل السياسية في تاريخ السودان عبر القرون؟.
    يمكن تقسيم التطور السياسي في السودان، إلى ثلاثة مراحل متداخلة ومتشابكة مع بعضها بعضاً: هي مرحلة ما قبل الاستقلال في غرة يناير 1956م، ومرحلة الحكومات الوطنية منذ الاستقلال ،حتى لحظة التوقيع على الاتفاق الإطاري في مشاكوس- كينيا في 20/7/2002م، بين حكومة السودان من جهة، والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، من جهة أخرى، والبروتوكولات التي تلت، كإتفاق الإجراءات الأمنية في 25/9/2003م، وقسمة الثروة في 7/1/2004م والبروتوكولات الثلاثة حول آبيي، وجبال النوبا، وجنوب النيل الأزرق، وتوزيع السلطة في 26/5/2004م، ثم المرحلة المستقبلية، التي سوف تكون عليها الحال، تتجلي التداعيات، بعد توقيع اتفاقية السلام بينهما.
                  

العنوان الكاتب Date
جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين في السوداني) zuhair zenaty03-27-08, 03:24 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف zuhair zenaty03-27-08, 03:27 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف zuhair zenaty03-27-08, 03:36 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف zuhair zenaty03-27-08, 03:39 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف zuhair zenaty03-27-08, 03:43 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف zuhair zenaty03-27-08, 03:46 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف zuhair zenaty03-27-08, 04:09 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف زهير الزناتي03-28-08, 10:02 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف زهير الزناتي03-28-08, 10:14 PM
    Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف amir jabir03-28-08, 10:34 PM
  Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف زهير الزناتي03-29-08, 04:25 PM
    Re: جبال النُّوبا "غِيابٌ آنِيٌ لِحُضُورٍ آجِلٍ" ( مقالات د. اسامة سيد احمدد الحسين ف Biraima M Adam03-30-08, 02:04 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de