|
مقال جيد حول احداث امدرمان!!!!!
|
Quote: رسالة المنافى
لكل ابناء الوطن الشرفاء
أعوام النظام الورقية الى زوال
هذا بالضبط مانادى به نظام الجبهة الذى يشجع على الحرب المفتوحة حتى وإن كانت فى شوارع أُمدرمان , فما العاصمة بمدنها الثلاث إلا ميدان للتناحر والتقاتل فى مقبل الأيام فلن تكون حركة العدل هى الأولى ولا الأخيرة فى هذا الميدان.
لقد ضربت حكومة الجبهة وفى أولى أيامها بيد من حديد على كل من سولت له نفسه بالتطاول على نظام البطش ففتحت بيوت الأشباح ومارست فى الشعب الطيب قتلا وتنكيلا وتشريدا وداومت على منجزاتها تلك فى كل سنواتها الجدباء القاحلة المريرة. هذا مابذرتموه وهذا حصادكم , هاهى إحدى فصائلكم تزور عاصمتكم الخربة الخاوية من أى نظام أمنى تتهاوى أمام فصيل واحد من فصائلكم , فمهما كانت قوة البطش التى أعملتموها فى العاشر من مايو لن تغير فى أنظار الكثيرين من أعداء أو محبى نظامكم سىء السمعة. فأنتم منذ هذا اليوم نظام ورقى يمكن أن يتلاشى مع أول محاولة أخرى داخلية كتلك التى بادر بها ابناء الهامش.
اذا كان النظام الخرطومى يعتمد وحتى هذه اللحظة على بطش سنواته الأولى وأثرها النفسى على قوى المعارضة , فإن هذه النظرية لا محالة غير صالحة لللإستعمال , فالعاشر من مايو أكد تماماً أن أسوار مدينة الخرطوم مشرعة لكل من تبقت فى جيبه بضع رصاصات (وخرطوش) قديم فلا (غوش) ينفع ولا (نافع) يغوش فى بلاد سوف يحررها أهلها من المهمشين والمتروكين فى اصقاع ذلك البلد الجميل.
حملت لنا الأنباء كل أو معظم مادار فى تلك الساعات , لقد إستطاع نظام الجبهة أن يعزز نظرية الهامش التى يفرضها على السودان من خلال هذه التجربة التى تحتاج الى المزيد من الدراسة والتقصى , فالأمر لن يخرج من إحتمالين أولهما الإتهام القائل بأن كل الأمر (فبركة) ولعبة سياسية من أجل المزيد من الكسب فى الإنتخابات القادمة , أما الإحتمال الآخر فهو أن النظام يعى تماما ان الإنتخابات القادمة ستطيح به لامحالة وبالتالى بدأ فى التودد أكثر للشماليين على أن يصبغ صبغة العنصرية على كل العملية وهذا ماجعل ألكثير من التعليقات منذ بدء القتال تتجه الى تلك الناحية. فى كل الأحوال , لقد فرّط نظام الجبهة فى أمر اكثر أهمية وحساسية وهو الجانب النفسى الذى تركته أعوام التعذيب والتنكيل والتصفيات على المعارضين والذى أرغم الكثيرين على مغادرة الوطن خوفاً على هدر أراوحهم وسط هذه الغوغاء. لقد إنكشف الأمر الآن واصبحت الخرطوم العاصمة على أعتاب مرحلة جديدة من النضال حتى وإن عهدتها من قبل بأشكال مختلفة , ففى هذه المرة حتماً سيكون للأشياء طعمها الآخر الذى لن يزول بتلك السهولة.
لقد تهمش السودان واصبحت الخرطوم هى الملاذ فإنتشرت الخرطوم بحجم السودان وماقيل عن السبعة مليونا الذين يقطنونها لايتعدى أمتداد واحد من إمتدادات (الحاج يوسف) التى باتت على تخوم مدينة شندى التى تبعد مسافة ساعتين من الخرطوم , أو ثورات أم درمان التى تعدت المائة وزادت فى سنوات البؤس والشقاء. فإذا كان هذا هو حال السودان فى هذا المحك التأريخى وحال الخرطوم كعاصمة للمهمشين الذين أتو أصلاً ليس للمأوى وحده والدواء وإنما لمعاينة مايحدث فى تلك العاصمة من تجاوزات وسرقات ونهب تمارسه السلطة فى وضح النهار. لم تكن كل تلك الجموع التى تسكن العاصمة بهذا السخف وهم يهملون أراضيهم البكر وديارهم للعيش فى أطراف الخرطوم , فهم صناع الثورة فإن عز عليهم إشعال شرارتها من مراتعهم لما حاق بها فإنهم يأتون حيث تقوم الثورات وتطلق الشرارات , يأتون حيث الإذاعة والتلفزيون ومكامن القوة الأخرى حتى وإن انطلقت الشرارة الأولى فتجدهم فى كل تلك المرافق يعلنون للملأ ماحاق بهم من ظلم طيلة سنوات الإنقاذ. إن صح ما قامت به تلك المجموعة دون أى حسابات سياسية معقدة فهذا بلا شك محمدة ومكسب لكل القوى التى تناضل من أجل تغيير هذا النظام , ايضاً , بلا شك فهو نقطة فارقة فى تأريخ النضال السودانى فى ظل نظام إعتمد البطش منذ ايامه الأولى لإسكات أصوات الهامش التى تعالت وهى تجأر بالشكوى وهاهى اليوم فى العاشر من مايو تصل شكواها ممهورة بدماء وأرواح ابناء أولائك المهمشين الذين تقاذفتهم آلة النظام القمعية التى لاترى فيهم أكثر من مهووسيين (غرابه) يجتاحون الخرطوم لسبى نساءها وإرهاب أهلها الآمنين كما ادعت آلة النظام الإعلامية اليوم. هذا مانادى به رئيس النظام القمعى فى إحتفالات الثورة الأخيرة عندما أعلن أمام الملأ " ان من أراد السلطة فى السودان فليحاربنا من أجلها" أو كما صرح فى إحدى خطبه " فمن أراد السلطة فى السودان , فليلحس كوعه" فهاهو الآن بينهما معاً , يناضل من أجل فك طلاسم لغز هذا الغزو المعلن النهارى ويحاول فى ذات الوقت تجريباً أن يلحس كوعه خشية أن يفقد السلطة فى الليالى المحيرة القادمة.
هذه هى عاصمة السودان كما تبدو للآخر , بيت من زجاج منذ إستقلال السودان فى عام 1956 فمنذ ذلك التأريخ والخرطوم هى المقصد والملجأ لكل من يبحث عن السلطة والمال والشهرة ولكنها ومنذ العام المشئوم الذى أرّخ لسلطة الإنقاذ القمعية بدات الخرطوم وكأنها (جيفة) تتزاحم عليها الصقور من كل الجهات , تتناهشها نهشاً فلا هى بعاصمة وطنية تضم بين زواياها أنظمة ودواوين الدولة ولا هى ملجأ لإولائك الذين قذف بهم سوء الحال فلقد إختلط الحابل بالنابل وذبلت الخرطوم كما انها تحس بهم وهم يقطعون منها فى كل ليلة قطعة بتسلطهم ونهجهم البائد فى إدارتها وشئون البلاد منها و انه الحق فمهما غاب فهو أواب ولا مفر من العقاب .
www.manfa.org |
|
|
|
|
|
|
|
|
|