|
الي سيف برعي وروح والدي - للوطن رائحة تشبه الجوع يا سيف!!
|
الي صديقي وصديق والدي الشهيد محمد عمر حسن الصديق سيف برعي.... الذي قضي جزءا من حياته يدفن ثقافته وادبه الجم وراء طاولة لمحل اتصالات صغير سرعان ما صار الاشهر في الكلاكلة القبه حيث يمكنك ان تقضي وقت انتظارك في قراءة احد قصاصات الجرائد الملصقة علي الحائط او احد الدفاتر الشعرية التي تجعل انتظارك امرا حميما.... سيف كان له مع والدي علاقة خاصه وكانا يتبادلان القصائد والهموم والوجع السري وقصاصات الجرائد والمقالات التي لا يعرف اهميتها غيرهم!!! سيف ووالدي كانا يسخران من ال"جوع والحال الأسوأ" واكن سيف يرفض بادب مبالغ ثمن مكالمات ابي التي يسألني فيها وين انت يا ولدي!!) بعد ان يعييه ان يقولها لي في السر!!!
مات والدي مطعونا وهو بالمسجد بعد دقائق قليلة وكانه كان يتعجل الرحيل بعد ان مات مطعونا بالوطن مرات كثيرة يعجزه فيها ان يحصي جراحه... وفتح جار سيف دكانه ليلة الفقد وكأن الامر لا يعنيه او ربما نحن السودانيين نبالغ في احزاننا حين نتوقع ان يحترمها جيراننا او يتظاهروا بذلك !!! فشل سيف إذا ايضا رغم جلساته الطويلة مع جاره... فشل في ان يبذر فيه ما لا يبذر.... تذكرت سيف ومقولة والدي لنا حين اعيته الحيله ليقول لنا ان الوطن لم يعد لنا او لاحد مثلنا!!!
*******************
سيف .... تذكرني ايام الدفء الحقيقي التي ننتحلها من الدفء الزائف .... أبي بعراقيه الرهيف وهو يثرثر معك حول الشعر والوطن والحمي ..... حبه لك واحترامه العميق لثقافتك المندثرة خلف الطاولة ... حين يمر بك الاخرون وكأنك لست موجوداً ... أشياء لا تشتري يا صديق ...مكالمته التي تابي ان تاخذ ثمنها عندما يسال لم قد تاخرت او اين ذهبت .... هل تعرف الغاشية؟؟ بالامس غشيتني وانا اتسول وطناً .... واتذكر مقولته:
"Just Quit"
الاحلام الصغيرة والاماني التي تشبه ريش طائر ميت .... وهو يقو لها لك أيضاً ... بلكنته الانجليزية المميزه
"Just Quit"
اااااااااااااااااااااااااااااااه يا رجل من الفقد والوطن ....والقلب المكسور....
عندما فتح محمد اسماعيل دكانه ليلة الفقد لم يكن يدري بانك فشلت في ان تعلمه كيف يكون الوطن مجروحاً,كيف يكون لون الجرح عندما ننزف بصدق وليس مثلما يقول برنامج " وجه النهار" ... أتري؟ انت ايضاً فشلت يا صديق!! ....فشلت كما فشل هو وكما نفشل يومياً ....!! كان ينبغي لك ان تتعلم الانزواء الذي تعلمته متاخراً أبكر مما فعلت ... مثل الكلام الذي استعضم عنه انت وصديقك بالصمت واستبدال الكتب والاشارات المكتومة للصدق المكتوم ...
للوطن رائحة تشبه الجوع يا سيف .... للوطن رائحة تشبه الدم المتخثر من جرح ظل ينزف واحد وستون عاماً في السر... و سبع دقائق في العلن .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الي سيف برعي وروح والدي - للوطن رائحة تشبه الجوع يا سيف!! (Re: مدثر محمد عمر)
|
أخي الأصغر مدثر رغم ان الكتوف إتلاحقت:
كلماتك العميقة دوما تترك أثارا في نفسي..
صديقي الشهيد(محمد عمر حسن الشيخ),هو الجرح الغائر في خاصرتي والذي جعلني أتمني لو لم أكن في وطن
يدعي السودان ,مساحته مليون ميل وبه عشرون مليون أمي...
كنا أنا ووالدك صديقي (طيب الذكر),نحس بغربة الذات التي إكتوي بنارها الرائعون من أبناء وطني...
تبادلنا الجرائد والكتب والقصائد والقصاصات,فما انتهت غربتنا داخل الوطن..
صدقني يا مدثر إن والدك رجل صالح,لقد تنبأ وأحس بدنو أجله ويشهد الله قالها لي مرة,وهو يحمل جريدة الايام عائدا من (سوق اللفة),فقلت له مداعبا:
-يا حاج (محمد),إنتو لسه شباب
فرد علي قائلا:
-نحن يا ولدي ما حنعيش أكتر من العشناه.
بررت ذلك بإحباطنا العام,وما إنقضت أشهر ,حتي صعدت روحه الطاهرة إلي بارئها,له الرحمة فقد كان أبي وصديقي في نفس الوقت.
كنا مشتركين في احساس الاحباط العام من الحال والمال,في بلادنا (المخروبة),بفعل فاعل,وكنا نحس فعلا بأن الوطن لم يعد لنا ,بل صار للاخرين.
لم يعادل احساسي بفقده,إلا إحساسكم بفقده وأزيد ,والحمد لله علي كل شئ.
أذكره في غربتي دوما,ولم أعش في السودان بعد إرتحاله كثيرا ,وذلك أهون لي ,لان كل كل شئ هناك يذكرني به,وهل استطيع تحاشي كل الاشياء المسكونة به.
سنجعل من ذكراه وذكري كل من ناضل من أجل الوطن,دافعا لنا لان نناضل ونستمر لا نابه بشئ سوي القضية,ولا نامت أعين الجبناء.
سنظل نناضل بأضعف الايمان(هذا الكيبورد),الذي تخرج منه الاحرف الصادقة لفؤاد متشوق للعدالة المفقودة
لكن صدق الكلمة
يجرح السيف بوردة
فتظن الهمس رعدة
واصل يا مدثر صدقك وكفاحك بالكلمة,فهذا أبر البر بوالدنا الراحل,وشكرا لك لمواصلة البر في مواصلتك أهل ود أبيك.
مودتي
سيف اليزل برعي البدوي
من المهجر -في بلاد تموت من البرد حيتانها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الي سيف برعي وروح والدي - للوطن رائحة تشبه الجوع يا سيف!! (Re: مدثر محمد عمر)
|
أخي مدثر
سلام على روحك الطيبة
شدتني الحروف وجزالتها .. نعم يا أخي العزيز ، فالإنسان ، المكان الزمان هم الثالوث مكون عنصر صناعة الذكريات .. والذكري هي سنام نجتره حينما تتغير أحوال الناس ، فتحسر على الحاضر بمراراته التي ما تعودناها لأننا عشنا الزمن الجميل.. كثيراً ما تخنقنا عبرة، طوبى لمن تبقوا من الأزمنة الجميلة الجميلة!!!
| |
|
|
|
|
|
|
|