|
Re: الحيوان (Re: نصر الدين عثمان)
|
وفي إلتفاتة جديرة بالتأمل .. يشهر الجاحظ (مبضعه) على جسد الكتابة ليستأصل أدوائها فيقول:
Quote: وليس الكتابُ إلى شيءٍ أحوجَ منه إلى إفهام معانيه، حَتَّى لا يحتاجُ السامع لما فيه من الرويَّة، ويحتاجُ مِنَ اللفظ إلى مقدارٍ يرتفع به عَنْ ألفاظ السِّفْلَةِ والحَشْو، ويحطُّه من غريب الأعراب ووَحْشِيِّ الكلام، وليس له أَنْ يهذِّبَه جدّاً، وينقِّحَه ويصفِّيه ويروّقه، حتى لا ينطِقَ إلاّ بِلُبِّ اللُّبِّ، وباللفظ الذي قد حذف فُضُولَه، وأسقطَ زوائِده، حتِّى عاد خالصاً لا شَوْب فيه؛ فإنَّه إنّْ فعل ذلك، لم يُفْهَمْ عنه إلا بأن يجدِّد لهم إفهاماً مِرَاراً وتَكراراً، لأنَّ النَّاسَ كلَّهم قد تعوَّدوا المبسوطَ من الكلام، وصارت أفهامُهم لا تزيد على عاداتهم إلا بأن يعكس عليها ويؤخذ بها، ألا تَرَى أنَّ كتاب المنطق الذي قد وُسم بهذا الاسم، لو قرأتَه على جميعِ خطباء الأمصار وبلغاءِ الأعراب، لما فهموا أكثرَه، وفي كتاب إقليدِسَ كلامٌ يدور، وهو عربيٌّ وقد صُفِّي، ولو سمِعه بعضُ الخطباء لما فهمه، ولا يمكن أن يفهِّمه من يريد تعليمه، لأنَّه يحتاج إلى أن يكون قد عرَف جهةَ الأمر، وتعوَّد اللفظ المنطقيَّ الذي استُخرِج من جميع الكلام. |
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|