سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-01-2024, 12:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-06-2008, 07:59 PM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... (Re: محمد سنى دفع الله)


    محمد عبد الله الهادي *كتب
    " تشبثت يدي بالمسدس ، وهاهو الزناد يلين تحت أصابعي ، وهاهي ذي الضوضاء الجافة المرتفعة التي من خلالها بدا كل شئ ، نفضت العرق والشمس ، وعندها أدركت أنني كنت بالفعل قد حطمت هدوء ذلك اليوم ، وكسرت صمت ذلك الشاطئ الذي كنت سعيداً فوقه " ..
    لا ريب أن قارئ رواية " الغريب " لـ " آلبير كامو " ( 1913 ـ 1960 ) ، والتي تعد واحدةً من أعظم روايات القرن العشرين ، والرواية الأكثر انتشاراً في الأدب الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية ، سوف يتوقف عند ذروة الحدث في الفقرة السابقة ، الذروة التي أطلق عندها " مارسو " ـ البطل / الراوي ـ رصاصته علي المواطن " العربي " فيرديه قتيلاً ، ثم يعقب هذا ـ بعد لحظات ـ برصاصات أربع أخرى تخترق الجسد الهامد ، وتنشطر الرواية بجوار النبع لشطرين ، قبل القتل ثم بعده . من قبل كان " مارسو " يودِّع أمَّه التي ماتت في دار المسنين بـ " مارينجو " ، التي تبعد ثمانين كيلو متراً من الجزائر العاصمة ، لمثواها الأخير بمشاعر باردة لفتت أنظار موظفي الدار ، وحيث يعود سراعاً لحياته ولهوه مع صديقته " ماري " في حمام السباحة أو السينما أوفي شقته ، وتتشابك علاقاته مع جاره " ريمون " في تصاعد درامي حتى تبلغ اللحظة الدموية القاتلة ، أمَّا ما بعـد القتل فيتمثل في براعة " كامو " في تصوير مشاعر " مارسو " في الزنزانة أو في المحاكمة ، انتظاراً لحكم الإعدام الذي يلوح في الأفق ، كي يطيح برأسه في ميدان عام باسم الشعب الفرنسي .
    أمَّا القارئ العربي ـ بصفة خاصة ـ لابد وأن يتوقف أمام شخصية " العربي " الروائية في ثنايا وحواشي الرواية التي تدور أحداثها علي أرض الجزائر ، خاصة أن " كامو " الفرنسي قد وُلد في " موندوفي " علي أرض " قسنطينة " الجزائرية لأب يعمل بالزراعة ما لبث أن قتل في إحدى معارك فرنسا ، وانتقل بعد ذلك مع أمه للعيش مع جدِّته ، حيث تعلم وعمل في مهن عدَّة كالتدريس والصحافة ، وحيث تجلَّت موهبته الأدبية علي أرضها ، وكتب عنها جل أعماله التي منحته شهرةً عالمية واسعةً ، ومنها تكونت فلسفته التي آمن بها وضمَّنها إبداعاته ، حتى أن الكثيرين من مبدعي المغرب العربي يعتبرونه مبدعاً جزائرياً قلباً وروحاً كما يقول " حسونة المصباحي " في مقال له بعنوان " آلبير كامو مبدعاً جزائرياً " : " حتى وإن كره الذين استشفوا رائحة عنصرية ضد العرب في رائعته الغريب " .
    والحقيقة أنه لا تخفى علي قارئ " الغريب " ملامح الشخصية العربية التي تتجلَّى معالمها بوضوح ، فهي منفية داخل ذاتها ، غائمة الملامح ، مجهولة الاسم والرسم ، حتى لتبدو في أدوارها المكبَّلة المرسومة لها ككائنات وهمية في وطنها وعقر دارها ، وفي حركتها المحدودة كالأشتات الصامتة المستعبدة ، وإطار الصورة لا يتسع إلاَّ للمليون مستوطن فرنسي ، ولا يمنح التسعة ملايين جزائري أية مساحة . كما تتجلى نظرة هذا الراوي / الغريب بغربته ـ التي صورها " كامو " ببراعة عن نفسه وعن الكون كله وعن الخالق الأعظم ـ إليهم كغرباء آخرين ومختلفين : العلاقات غير مكتملة ، ومبتورة بالحجم الذي يجعلها ثانوية التأثير ، كما أنها متوازية بالقدر الذي يبعـد الآخر ، فلا لقاء طبيعي أو مثمر بين الأطراف في الصراع ، والنظرة حيادية لكائنات مهمشة ودائماً غير واضحة .
    يقول الراوي : " بالقرب من التابوت كانت هناك ممرضة عربية في جلباب أبيض وتغطِّي نفسها بمنديل ملوَّث " ، ويضيف " مارسو " : " عندما توجهت نحو باب الخروج قال لي الحارس إنها مصابة بتقرح ، وكانت الممرضة تغطي وجهها بقناع أبيض اللون لا يرى منها سوى عينيها ، وعند مستوى الأنف كان القنـاع مسطحاً ولا يرى تحته سوى الضمادات البيضاء علي الوجه " ، هذه الممرضة لم تنبث ببنت شفة ولم تشارك برد فعل في المساحة المخصصة لها . وأثناء تشييع جنازة أمّه يشير للكنيسة وللفلاَّحين فوق الأرصفة . وفي الجزائر العاصمة يلتقي بجاره في المسكن " ريمون " ، ويخبره الأخير عن العربي الذي تحرش به بسبب أخته ـ عشيقة " ريمون " ـ التي يصورها كامرأة مخادعة ومبتزَّة له . كما إنها تعود إليه مرَّة أخرى بخدعة يشاركه فيها " مارسو " بكتابة خطاب لها ، وعندما تكتشف الخدعة تصفعه ويضربها " ريمون " ضرباً مبرحاً . والغريب في كل هذه الأحداث أن " الغريب " لم يقدم أية تفسيرات تنير الجوانب المظلمة في هذه العلاقة بأطرافها الثلاث : العاشق / العاشقة / الأخ ، وليس الثالوث الخالد والشائع : العاشق / العاشقة / الزوج . الشخصية العربية هنا مبتزَّة للمال ، مهينة وخائفة ، والمنطق السائد المفسر للحدث منطق " ريمون " ، الذي تشير إليه الرواية أنه يتكسَّب من وراء النساء ، حيث يشير السرد علي لسان الراوي الذي يقول عندما يتأهب " ريمون " و " مارسو " و " ماري " للذهاب للشاطئ : " نظرت ورأيت مجموعة من العرب أمام حانوت التبغ " . وبعد تناول الغداء مع صاحب العشة وتنزههم علي الشاطئ : " لاحظت أن هناك علي الشاطئ ـ بعيداً عنا ـ اثنين من العرب يرتديان ثياباً زرقاء ويأتيان في اتجاهنا ، فنظرت إلي ريمون الذي قال لي : إنه هو " ، ناهيك عن المواجهة التي حدثت مع العربيين واللذين لقيا بالطبع هزيمة منكرة ، لم ينطق فيها أحدهما ولو بآهة توجع ، لولا سكين الأخ العربي التي جرحت " ريمون " جرحاً سطحياً يعقبه انسحاب العربيان . عند النبع يقول : " وجدنا العربيين يرقدان في هدوء ويبدو عليهما السعادة " ، وكان أحدهما ينفخ في قصبة قصيرة وتتردد نغمات ثلاث في الفراغ ، ويهدد " ريمون " بقتل غريمه ، ويأخذ " مارسو " المسدس منه حتى لا يتهور ، وينسحب العربيان مرَّة أخرى . وعندما يعودون للعشة لا يصعد معهم " مارسو " بل يستدير للشاطئ مرة أخرى ، ويمضي عليه بطريقة عبثية تحت لهيب الشمس الأحمر والوهج الحارق ، تقوده قدماه للنبع فيجد العربي وحيداً راقداً بظهره علي الأرض ، والذي ينهض واقفاً واضعاً يده في جيبه لإخراج سكينه ، وامتدت يد " مارسو " في التو لمسدس " ريمون " الذي كان مازال يحتفظ به ، ومع التعب والشمس والعرق واللهب وضربات الشمس ووميض السكين الممدود في مواجهته ، والبريق الخاطف المنبعث منه الذي يحرق رموشه ويخترق عينيه ، تنطلق الرصاصات في مشهد الذروة الذي أشرنا إليه في صدر المقال ..
    بعد القبض علي " مارسو " ، كان جل الموقوفين أيضاً من العرب الذين دهشوا لوجوده بينهم ، ورغم أنهم صمتوا عندما علموا قتله عربي ، إلاَّ أنهم في المساء عرفُّـوه كيف يطوي الحصيرة ليصنع وسادة ينام عليها . وعندما كانت تزوره " ماري " فيما بعد نرى مكان اللقاء والشبكة المعدنية الفاصلة والمساجين العرب في مواجهة ذويهم .
    والسؤال : هل تعمد " كامو " رسم هذه الصورة للعربي ، أم أنها كانت نظرة المحتل السائدة لأصحاب الأرض ؟ ، عندما احتل الفرنسيون الجزائر قيل أن الجنرال " بوجو " قد انتصر علي السكان المحليين ، وقيل عنهم أيضاً المتوحشين . وربما كانت هذه النظرة لا تختلف كثيراً عن النظرة الاستعمارية للقبائل الأصلية من سكان أستراليا أو الهنود الحمر في أمريكا أو العرب في فلسطين . ورغم فلسفة " كامو" الوجودية الإنسانية ، وأفكاره عن الحرية والمبادئ العليا للإنسان ، فإنه انشطر كانشطار روايته " الغريب " عندما تناول القضية الجزائرية ، كما اختلت مثله العليا ، كان متناقضاً وهو يساعد بموهبته المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية ولا يفعل نفس الشيء مع المقاومة الجزائرية التي اسماها " الأحداث الجزائرية " ، ورغم انتقاده للمستوطنين الفرنسيين من بني جلدته إزاء معاملتهم للعرب الذين اسماهم أيضاً " غير الأوروبيين " ، فإنه لم ير فيهم صورة المغتصب المحتل لأرض الغير ، وكذلك عندما دعا لـ " جزائر مسلمة " في إطار فرنسا الأوروبية ، وعندما عقد صداقاته مع من يتفقون مع أفكاره كالحركة الوطنية الجزائرية وزعيمها " عباس فرحات " الذي نادى بالاندماج مع فرنسا ، ولم ينجح مع " بن باديس " صاحب القصيدة المشهورة :
    شعب الجزائر مسلم .. وإلي العرب ينتسب
    من قال حاد عن أصله .. أو قال مات فقد كذب
    لقد كان " كامو " ممزقاً بين وطنه الأم فرنسا ، والوطن الذي ولد وعاش علي أرضه وأحبه الجزائر ، يقول : " مازلت أؤمن بالعدل ، لكنني أخشى علي سلامة والدتي التي لا زالت تعيش في الجزائر " . وفي أعماله الكاملة حذف المقالات التي تنتقد سلوك مستوطنيه الفرنسيين ، حتى أن كاتباً فرنسياً شهيراً هو " جان جاك بروشيه " قال عنه في كتابه " آلبير كامو ، فيلسوف الأقسام النهائية " أن " كامو " اتخذ موقفين متمايزين ومتناقضين في آن ، حيث أنه قبل الثورة كان يشجب في مقالاته تصرفات المستعمرين الفرنسيين ، وتعرض للطرد من عمله بسبب موقفه هذا ، لكن هذا الموقف تغير بعد اندلاع الثورة ، حيث أوضح " بروشيه " أن " آلبير كامو " قد تعاطف مع العرب الجزائريين فقط ضمن المقياس الذي ظهروا فيه أغبياء ويمكن استغلالهم . ورغم أنه هو الذي جعل " مارسو " يطلق رصاصاته علي العربي عند النبع ، فإنه كان منزعجاً فيما بعد من الرصاصات التي انطلقت بين الجانبين ، وأسالت حمامات الدم ، وقدمت مليون شهيداً جزائرياً قرباناً للاستقلال . وعندما أبدع قصته " الضيف " ، أجمع النقاد أنها كانت تجسيداً حقيقياً لمأساته أمام المسألة الجزائرية : "عندما يعود المعلم " دارو " لمدرسته بعد أن طلب من ضيفه العربي ـ الذي سلَّمه إليه جندي فرنسي بالليل بغرض تسليمه للسلطات في الغد ـ أن يختار بين الطريقين الذي يؤدي أحدهما للسلطات والاعتقال والآخر للحرية ، فيختار الضيف طريق السلطات ، وعلي السبورة يجد " دارو " العبارة التي تخاطبه وتلخص مأساته :
    " لقد سلمت أخانا للبوليس .. وسوف تدفع الثمن " .
    لقد جسَّدت إبداعاته الصورة الجميلة للجزائر / المكان ، خاصة الشمس القوية المتوهجة والغابات الكثيفة وريف الفقراء والبحر الذي كان يعشقه .
    قدم " كامو " للمكتبة العديد من الأعمال الخالدة غير الغريب مثل : الطاعون التي تدور أحداثها في وهران والثائر وأسطورة سيزيف ، بالإضافة لأعماله المسرحية المؤلفة أو المقتبسة ، والتي أهلته للحصول علي جائزة نوبل 1957 م ، حتى لقي حتفه في حادث سيارة في عام 1960 م أثناء عودته لباريس مع صديقه وناشر كتبه " ميشيل جاليمار " .
    ورغم اختلاف الظروف بين البلاد العربية ، فإنه كان هناك دائماً ، أو لبعض الوقت ، كتَّاباً آخرين مثل " كامو " ، عاشوا بيننا وكتبوا عنا ، أو بالأحرى عن بلادنا بعيون أجنبية ، لم تر من شخوصنا إلاَّ الزوائد والحواشي التي تلزم لاستكمال الصورة القصصية ، نذكر منهم علي سبيل المثال " لورانس داريل " في " رباعية الإسكندرية " التي لا تقل شهرة عن
    " الغريب " ، فالشخوص فيها من الأجانب والمتمصِّرين ومن فئات الوافدين ، لم يقترب من سكان الإسكندرية الأصليين وأصحابها الذين يصنعون زخم حياتها اليومية ، وكأنها لم تكن مدينة مصرية أبداً ، بل مدينة إغريقية .
    وحصلت الجزائر علي استقلالها ، لكنها ظلَّت تعاني لفترات من عدم الاستقرار ، والسكين العربي في " الغريب " ، والذي خطف بوميضه وبريقه اللاَّمع عيني " مارسو " عند النبع ، انشطر لآلاف السكاكين المعمدة بالخرافة والجهل ، والتي راحت تجز رقاب أبناء الوطن الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ .
    ـــــــــــــــــــــــــــ
    * قاص وروائي وعضو اتحاد الكتَّاب بمصر .
                  

العنوان الكاتب Date
سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... مؤيد شريف04-30-08, 06:51 PM
  Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... محمد سنى دفع الله05-01-08, 05:44 AM
    Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... مؤيد شريف05-01-08, 06:32 AM
      Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... محمد سنى دفع الله05-01-08, 06:57 AM
        Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... محمد سنى دفع الله05-01-08, 07:04 AM
          Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... مؤيد شريف05-01-08, 07:13 AM
          Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... مؤيد شريف05-01-08, 07:13 AM
            Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... مؤيد شريف05-01-08, 07:17 AM
              Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... محمد سنى دفع الله05-01-08, 09:25 AM
                Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... محمد سنى دفع الله05-01-08, 11:19 AM
                  Re: سمبين عثمان ؛ أب السينما الافريقية... مؤيد شريف05-06-08, 07:59 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de