ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-01-2024, 00:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-18-2008, 05:16 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره


    سيرة قرشي محمد حسن

    إعداد : أسامة قرشي محمد حسن

    النسب :-

    هو قرشي بن حسن احمد بن عثمان بن احمد يلتقي نسبه من جهة أبيه وأمه بالإمام المهدي عليه السلام.
    جده لأبيه الحاج شريف جد الأشراف الذي عاش ومات بدنقلا بجزيرة لبب والذي يشهد له أهل تلك المنطقة بالورع والتقوى والصلاح وله قباب تزار الآن بدنقلا.
    النشأة والميلاد :-
    ولد في مدينة أم درمان بحي ود نوباوي سنة 1915 دفع به والده إلى خلوة القرآن على يد الشيخ محمد ود احمد حيث كانت الخلاوي في تلك الحقبة من الزمان هي أساس التعليم الديني لا غرو في ذلك خاصة أهلنا والأنصار الأجداد هم الذين بايعوا الإمام المهدي عليه السلام على الجهاد في سبيل الله وتقويم الدين وكانوا قد قاطعوا المؤسسات التعليمية التي جاء بها الانجليز للسودان .حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب برواية ورش على يد الشيخ محمد ود احمد بود نوباوي وكان عمره لا يتجاوز الثانية عشر عاما
    قام بكتابة نسخة من المصحف الشريف بخط يده ومشكل وجعل هذه النسخة وقفا لأبنائه وذريا تهم .
    أسرته :-
    تزوج ألسيده / سعاد زين العابدين السيد حامد وهي بنت خاله . أبنائه : أسامه ,حسن ,عبد الولي ,فيصل ,عماد الدين وزين العابدين . بناته : فتحيه , نعمات ,أميرة ,سوسن ,سلوى وسارة
    في المعهد العلمي :-
    التحق طالبا بمعهد أم درمان العلمي القديم وتلقى العلوم على مشايخه من السلف الصالح من تلامذة شيخ الإسلام المغفور له بإذن الله محمد البدوي , وكان مكان مقر الدراسة آنذاك في جامع سوق أم درمان الكبير والجلوس على الحصائر والدراسة على منهج الأزهر الشريف والمدة اثنا عشر سنة لنيل الشهادة الجامعية .
    تخرج من المعهد سنة 1945 ولم يجد وظيفة في حكومة الانجليز كغيره من خريجي العهد فقد حصرت الحكومة الوظائف على خريجي مدارسها وحرمت خريجي المعهد , وزادت من حرمانهم إنهم لم يدرسوا اللغة الانجليزية لأنها لم تكن مقررة في المعهد يومذاك.
    اهتم شاعرنا منذ عهد الدراسة وعكف على المطالعة في الأدب القديم والحديث وقرأ ما شاء الله من الأدب المترجم من الانجليزي والفرنسية والألمانية والروسية فازدحمت ثقافته ومن ثم هوى الكتابة في الصحف والمجلات فكتب عشرات البحوث في التاريخ والسياسة والأدب والفن والاجتماع .

    احتراف مهنة الصحافة :-
    كتاباته في الصحف مهدت له الالتحاق بجريدة النيل اليومية في وظيفة سكرتير التحرير وذلك في سنة 1945 وفي العام أوشكت الحرب العالمية أن تضع أوزارها وكانت جريدة النيل اليومية هي المنبر العام الذي حمل هموم الشعب السوداني وقضاياه ومطالبه في الحرية والاستقلال .
    وكان هذا العام وما تلاه من أعوام وعلى وجهة التحديد حتى عام 1955 قد شهد في بدايته عهد الرقابة الصارمة من حومة الانجليز على جريدة النيل , وكانت الافتتاحية التي يكتبها رئيس التحرير ترسل إلى مكتب الاتصال العام لمراجعتها فيشطب فلم الرقابة الأحمر ما شاء الله شطبه وأحيانا يشطب الافتتاحية كلها .
    * تولى منصب سكرتير تحرير جريدة النيل .
    * تولي منصب رئيس تحرير مجلة العامل .
    * تولي منصب رئيس تحرير مجلة الإذاعة .
    * من مؤسسي مجلة الخرطوم .
    * من مؤسسي مجلة الثقافة
    * تولى منصب مدير النشر في مصلحة الثقافة
    * أول من ادخل المدائح في جهازي الإذاعة والتلفزيون
    * سجل برنامج أدب المدائح من سنة 1958 – 1989م (( ثلاثمائة شريط
    كست يحتوي كل شريط على ثلاث حلقات – جملة الحلقات 900 حلقة تم
    تسجيلها لعمي 1990 – 1991م زائدا 100 حلقة لتكون جملة الحلقات التي تم تسجلها لإذاعة أم درمان 1000 حلقة ( إلف حلقة ) ولإذاعة وادي النيل ثلاثون (30) حلقة ))
    • أول من ادخل المدائح في التلفزيون.
    أثرى الصحف اليومية بالكثير من المقالات في شتى المناحي الأدبية والثقافية والفنية .
    نشاط سياسي :-
    شهدا عام 1945م وحتى عام 1965م ميلاد الأحزاب السياسية السودانية فقد انشق نادي الخريجين وكانت نتيجة الانشقاق هي ميلاد الحزبين الكبيرين , حزب وادي النيل وكان شعارهم وحدة وادي النيل تحت التاج المصري وراعي حزب الوحدة هو السيد / علي الميرغني ,والحزب الثاني هو الأمة الداعي إلى استقلال السودان وشعاره السودان للسودانيين , وراعي حزب الأمة هو السيد / عبد الرحمن المهدي .
    وكان الأستاذ قرشي محمد حسن من الاستقلاليين ومن أقطاب حزب الأمة وجاهد بفكره وقلمه لحزبه تحت شعار السودان للسودانيين , أهله نشاطه لمرافقة الإمام /عبد الرحمن المهدي طيب الله ثراه ضمن وفد الجبهة الاستقلالية لزيارة مصر سنة 1952م بدعوة من الرئيس المصري محمد نجيب آنذاك ((مرفق صورة فوتوغرافية ) .

    الأعمال الكاملة
    مهرجانات أدب المدائح :-
    المهرجان الأول سنة 1988م في المسرح القومي بأم درمان .
    المهرجان الثاني 1988م في قاعة الصداقة بالخرطوم .
    المهرجان الثالث 1989م في قاعة الصداقة بالخرطوم .
    محاضرات في أدب المدائح :-
    1- إتحاد طلاب جامعة الخرطوم .
    2- إتحاد طلاب الجامعة الإسلامية بأم درمان .
    3- نادي الخوجلابي الثقافي .
    4- نادي نمارق بأم درمان .
    5- نادي توتي الثقافي
    6- نادي الرميلة الثقافي .
    7- إتحاد طلاب كلية الصيدلة بالخرطوم
    8- نادي نمارق عقب المهرجان .

    ندوات ولقاءات في الإذاعة :-
    برامج :
    أدب المدائح –أدب التصوف ( 30 حلقة )
    اللحن والإيقاع في مدائحنا برنامج من 15 حلقة .

    مدائح نبوية ( إنشاد ) – (نظم كلماتها الشاعر محمد حسن ) :-
    1- قصيدة المدينة – الحان وغناء إسماعيل حسب الدائم .
    2- قصيدة نسمات الحجاز – غناء وإنشاد الأمين علي سليمان .
    3- قصيدة الله جل جلاله – غناء و إنشاد الأمين سلميان وغناها الفنان خضر بشير .
    4- مدينة الرسول – إنشاد عثمان محمد علي .
    المدائح كلمة مسموعة ومرئية :-
    في سنة 1957م جاء إلى استوديوهات الإذاعة ببرنامج أدب المدائح كلمة مسموعة على أمواج الأثير وكان هذا الإبداع في الكلمة المدروسة لم تشهده استوديوهات الإذاعة من قبل فهو أول من ادخل المدائح كلمة مدروسة في جهازي الإذاعة والتلفزيون .
    منهجه في أدب المدائح :-
    أود أن أتناول هنا منهجه العلمي في أدب المدائح كلمة مسموعة من حفظ الحقوق الأدبية سيما وقد أصبح أدب المدائح مفتوحا بقدرة قادر على أجهزة الدولة التي غاب عن المسئولين فيها حفظ حقوق المبدعين بنص ما أصدرته وزارة الثقافة من قانون جديد يحمي حقوق المودعين .
    يتألف برنامج أدب المدائح م أربع فقرات , الفقرة الأولى يتناول فيها ترجمة حياة الشاعر , والفقرة الثانية يتناول فيها القيمة العلمية للمدائح ودراسة تحليلية للمدحة , والفقرة الثالثة يتناول فيها القيمة الفنية للمدائح لحنا وإيقاعا , أما الفقرة الرابعة تقدم في أدب السماع وإنشاد المدحة .
    إن لكل مبدع خلاق عدو من شياطين الإنس يحاولون إجهاضه في مهده حسدا من عند انفسهم وكل صاحب نعمة محسود فلقد وجد في مسيرته الطويلة في أدب المدائح كلمة مكتوبة ومسموعة ومرئية كثيرا من صنوف الأذى على صفحات الصحف ومن موظفي الإذاعة والتلفزيون وحالوا بشتى الوسائل قتل هذا لمشروع في قمته وكانوا في كل دورة إذاعية أو تلفزيونية إيقاف البرنامج بدون مسوغ شرعي إلا أن الأصالة في البرنامج تحدت مؤامراتهم وطغى السند الشعبي على كل وسائلهم وشق أدب المدائح طريقه من سنة1957م إلى سنة 1958م وسجل برنامج أدب المدائح ألف حلقة دراسية محفوظة في مكتبة الإذاعة الفنية.
    أما تسجيلات أدب المدائح على شاشة التلفزيون فقد كانت على الهواء في حدود عشرين حلقة ومازال التلفزيون يقدم أدب المدائح بعناوين مختلفة.
    تجربته في المدائح كلمة مكتوبة :-
    في سنة 1948م اعتنى بجمع نصوص المدائح وقراءة تاريخ نشأتها وتطورها ولما كانت المداح غير مطبوعة ولا مخطوطة وإنما محفوظة في صدور المادحين تموت بموتهم وتحيا بحياتهم عكف على جمع النصوص ورصدها من أفواههم , وإفادته مرحلة الجمع والتاريخ لأنه عاصر جماعة المادحين الذين عاصروا دولة المدية فعقد أواصر الصداقة معهم وكان يكتب المدحة من فم المنشد ثم يستمع لإنشادها وألحانها وإيقاعاتها وكتب كل نبويان الشاعر احمد ود سعد وقصائده الوطنية المدوية كما كتب عن مجموعة شعراء آخرين .

    أول كتاب له في المدائح :-
    لما اكتمل ليه ديوان ود سعد لتفق مع راويه على إصدار المجموعة الأولى من الديوان وكان حسن الحظ أن شخصية كريمة تعهدت بطبع من المجموعة الأولى ومن ثم كلف نفسه بالإشراف على تصحيحا وكتابة ترجمة لحياة الشاعر ود سعد وصدرت المجموعة سنة 1949م
    مؤلفاته المطبوعة :-
    1- أربعة أجزاء في المدائح .
    2- قصائد من شعراء المهدية .
    3- ديوان احمد ود سعد.
    4- مهدي الله قصيدة ملحمية .
    5- الصلاة للإمام المهدي .
    6- الصيام للإمام المهدي
    7- مجالس الإمام المهدي
    8- دلائل المهدية
    9- مع الإمام في مصر
    10- شاعرات مقاتلات .
    11- المدخل إلى شعراء المدائح
    12- مجموعة القرشي في المدائح النبوية والشعبية في السودان أربعة أجزاء .

    تحت الطبع :-
    1-القرشيات
    2- ديوان ود أبشريعة .

    الأغاني ( التي نظمها الشاعر قرشي محمد حسن ) :-
    1- اللقاء الأول – لحن وغناء عثمان حسين .
    2- الفراش الحائر – لحن وغناء عثمان حسين
    3- خمرة العشاق – لحن وغناء عثمان حسين .
    4- عتاب - غناء حسن عطية .
    5- شاطئ النيل - غناء خضر بشير
    6- نجوى – غناء حسن سليمان "الهاوي" .

                  

06-18-2008, 05:39 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره (Re: عبد القادر الرفاعي)

    قرشي محمد حسن
    رائد حفظ تراث المدائح النبوية في السودان
    بقلم : البروفسير عون الشريف قاسم


    أفنى قرشي زهرة شبابه في جمع هذا التراث
    القرشيات تسجيل أمين لحياة إنسانية وغناء شجي للوطن

    قرشي محمد حسن .. قطعة من تراب هذا الوطن , وصفحة من تاريخه , وومضة من تراثه , عاش في معقل الوطنية أم درمان , وحفظ القرآن صبيا , وتلقى العلم في معهد أم درمان العلمي , وخرج إلى الحياة , وهو مثل غيره من شباب الأمة , يحلم بمستقبل واعد تؤهله له قدراته وعلمه , ولكن الحلم سرعان ما تبدد امام مخططات المستعمرين التي أوصدت الأبواب أمام خريجي المعهد وفتحها على مصراعيها امام خريجي مدارسها حتى يكون مصير أبناء الخلاوي والمعاهد وحفظة تراث الأمة عبرة لمن يعتبر . ولكن هؤلاء ومنهم شاعرنا , لم يستكينوا لتآمر المستعمرين بل كانوا وقودا لثورة عارمة قلعت في نهاية المطاف جذورهم من ارض الوطن . كان قرشي قطعة من تراب هذا الوطن لأنه ابن بار من أبنائه عاش همومه وتجرع أحزانه وهو يرى شعبه يرسف في الأغلال ويعاني من أحابيل المستعمرين ما يعاني فتلهبت مشاعره وتفجرت كلماته قصائد في حب الوطن وتعبيرا صادقا عن أفراحه وأتراحه , وهو صفحة من تاريخه لأنه تجسيد لقوم لعبوا اخطر الأدوار في تاريخ هذا الوطن على رأسهم الإمام محمد احمد المهدي , وقد ظل قرشي وفيا لفكر المهدية وتاريخها ومواقفها في حياة أهل السودان . وهو ومضة من تراث هذا الوطن لأنه تشرب روح هذا التراث وعاش فيه تنقيبا وتسجيلا وتدوينا , وهو بحق رائد حفظ تراث المدائح النبوية في السودان , وقد أفنى زهرة شبابه في جميع هذا التراث من شتى أنحاء السودان وبذل الغالي والنفيس في إخراجه للناس في كتب عديدة كان يصدرها تباعا، وهي تحمل إلى جانب المدائح نبذا قيمة عن حياة قائلها والمناسبات التي قيلت فيها وتوج هذا الجهد بجمع شتات المدائح في موسوعة من أربعة أجزاء حوت خمسمائة مدحة سماها " مجموعة القرشي " وقدم لها ولكنها لم تر النور إلا بعد وفاته إذ أخرجتها درا الجيل ببيروت عام 1996م . ولا ينسى الناس برامجه الإذاعية وتقديمه للمدائح ومنهجه في الشرح والتوضيح والتنوير مما اثرى حياة الناس وملأ قلوبهم حبا لهذا الأدب وولعا بألحانه وتوقيعاته التي افتتن مداح الرسول (ص) في تقديمها بأصواتهم الشجية حتى زاحمت في المطاف فنون الغناء قديمها وحديثها . ومن ثم فأن اسم القرشي سيظل مقترناً بمديح المصطفى في ذاكرة الأدب الشعبي عامة , إذ كان هو احد فرسانه المغاوير .
    والقرشيات التي بين يديك أيها القارئ الكريم هي تسجيل أمين لحياة إنسانية تقلب بها الدهر بين صروفه وذاق فيها الشاعر حلاوة الانتصار حينا وتجرع فيها مرارة الابتلاء في معظم الأحيان، فجاء الشعر يرسم ملامح هذه الحياة غناء شجيا للوطن في معظم قصائده وتمجيدا لشموخ أهله وهو يشدو بانتصارات المهدي وهو لا ينسى وطنه الأكبر فيتحدث عن مأساة لبنان ونضال أهل فلسطين وغير ذلك من قضايا أمته , وتخلل الديوان بعض القصائد ومعظمها يرجع الى عهد الصبا . ولابد هنا من إشارة إلى أن الزمن قد أعجل الشاعر عن ملاحظات أبيات قلائل في بعض القصائد مختلفة الوزن وهذه لا يلحظها إلا خبير بالعروض , ولو أتيح للشاعر الزمن لأقام وزنها ولكنها على أي حال قليله ولا تقدح في قيمة شعر هذا الشاعر الذي بين يديك أيها القارئ الكريم .
    رحم الله قرشي محمد حسن وأثابه الجنة بما قدم لوطنه ولامته ولرسوله الكريم وجعل البركة في ذريته ونفع البلاد والعباد بجهده الكبير مصنفا ومؤلفا وشاعرا , انه نعم المولى ونعم النصير .

    حلفاية الملوك في 10/12/ 2001م
                  

06-18-2008, 05:51 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره (Re: عبد القادر الرفاعي)

    ديوان ألقرشيات:
    للشاعر قرشي محمد حسن
    بقلم : الدكتور موسى عبد الله حامد
    أستاذ كرسي الجراحة


    * قرشي شاعر اتصلت روحه الشفيفة
    بلطائف الإلهام.

    * هو سوداني أصيل ووطني غيور قومي النظرة محب للحرية.

    سعدت بالاطلاع على ديوان " ألقرشيات " للشاعر السوداني الراحل المقيم الأستاذ قرشي محمد حسن عليه الرحمة . فالديوان حافل بقصائد مرتبة ومبوبة على هيئة مجموعات تتناول كل مجموعة منها غرضا من إغراض الشعر وهدفا من أهدافه . لقد بدا الشاعر نظم الشعر منذ أربعينيات القرن الماضي , فأجتمع له مع تعاقب الأعوام رصيد وافر من الشعر المقفى وقدر غير قليل من الشعر الحديث, والشاعر لا يتقيد كما يقول في مقدمة ديوانه بمذهب معين في كتابة الشعر المقفى غير إن شعره المثبت بين دفتي هذا الديوان يوشك إن يمس جميع القضايا التي ظل الشعراء منذ أزمان قديمة يستلهمونها ويعبرون عن انفعالهم بها, ولقد ضاع مما نظمه الشاعر شيء كثير كما يقول . وتلك واحده من مظالم الدهر التي كثيرا ما يمنى بها أهل صناعة الشعر والأدب والثقافة في بلادنا . وذلك أنهم يواجهون عقبات النشر الكأداء وتعوذهم مؤونة الإنفاق على الطباعة فتظل روائعهم حبائس الطروس لا تعرف طريقا إلى القراء . ومن عجب الإعسار وقلة النصير رفيقان ملازمان لهذه الطائفة من الناس في أكثر الأحيان ! فإذا تقادمت العهود على هذه المكنونات وأذهلت أصحابها عنها شواغل العيش الملحة وسرعة إيقاع الإحداث صار مآلها إلي الضياع , يلتمسونها إذا انتبهوا فلا يقفون لها على اثر .
    ولكن شاعرنا الراحل – ولله الحمد والمنة – تمكن بعون من ربه من إبداع قدر كبير من إشعاره في مخطوطة ديوانه قبل رحيله . فأهتم بهذه الثروة الشعرية من بعده ابنه الشاب النابه التقي الورع اسأمة قرشي محمد حسن حتى اشرف على جمعها على الآلة الكاتبة بهذه الصورة التي بين يدي . وهاأنذا اكتب لها هذا التقديم المتواضع نزولا على رغبته وتلبية لطلبه , ووفاء لوالده الراحل المقيم الذي تربطني به وشائج القربى وأواصر العقيدة .
    لقد طرق شاعرنا في ديوانه هذا شتى الأبواب وولج أكثر المداخل التي عادة ما يلجها الشعراء المقتدرون . فأثمر ذلك عنده تنوعا خصيبا في مادة الشعر وأنساقه وبحوره وقوافيه , وتبيانا زاهي الألوان في المعاني والأهداف التي ألحت عليه , فسلطت أحاسيسه بنارها و أعانه علي التعبير عنها بهذا الشعر الرصين اتصال روحه روحه الشفيفه بلطائف إلا لهام وعيون رقائق الإبداع . أن الذي يطلع على هذا الديوان على مهل وتؤده يقف لا محالة على ملامح شخصية الشاعر ودخيلة نفسه . فهو سوداني أصيل ووطني غيور ملئت جميع أقطار نفسه بحب هذا الوطن وحب الحرية . ومع خصوصية انتمائه لمدرسة فكرية معينة فهو قومي النظرة واسع الآفاق , شديد الوفاء لبلاده على امتداده ولأهلها على تباين سحناتهم ومشاربهم . يقول في مطلع قصيدة " بلادي " (1945م)

    يا بلادي فدتك روحي ونفسي
    في رباك النهر المقدس يجري
    يا بلادي لقد وهبتك عمري
    أنت مهد الصبا ومسقط راسي
    والرؤى والجمال تملا نفسي
    ودفعت الشرور عنك بترسي

    وهي قصيدة لا تخلو من رنة حزن وآسى وإحساس غائر بمرارة الجحود . وفي قصيدة " المجد للوطن والسيادة للشعب " يحي الشاعرة ثورة رجب (ابريل 1985م)
    فيقول في آخرها :

    حريتي عادت وعادت فرحتي
    سأعود للتغريد سباق الخطى
    لا وزن للإنسان وهو مقيد
    إني هدمت السجن والسجانا
    طلقنا أصوغ الشعروالالحان
    إن الطيور تغازل الأغصان

    والشاعر منحاز بكليته لقضايا بسطاء الناس في جميع إرجاء الوطن , تشهد على ذلك في ما يشهد من شعره قصيدة " الأرض والناس والجوع " التي جاء في بعض قوله :
    في الغرب يا للغرب في وقت المصيف
    تحيا جموع الناس من ماء الخـريف
    في الشرق وقف الجائعون على الرصيف
    هي محنة , بل هي قصة الجوع المخيف

    والشاعر عاشق للحرية مدنف بها مستهام . فها هو يحي ثورة أكتوبر بقصيدة " يوم الحرية " التي يستهلها بقوله :

    يا أيها الشعب الأبي تحية
    عجبا تزلزل بالحجارة مدفعا
    أو كلما شهر الطغاة سلاحهم
    فتحت جموع الشعب عرض صدورها
    من شاعر نظم القريض عقودا
    ويفل عزمك في القتال حديدا
    أو سددوا طعناتهم تسديدا
    شوقا تريد من الرصاص مزيدا !؟!

    ولقد برع الشاعر بوجه خاص في إبداع الأناشيد الوطنية نذكر منها " نشيد العلم " الذي كتبه في مطلع عام 1956م وبدأه بقوله :

    اليوم نرفع العلم
    إنا نسجنا خيطه
    شعارنا بين الأمم
    الخفاق من عرق ودم

    ولعل من أروع أناشيده " نشيد كرري " الذي جاء في بعض قوله :

    أهل المرقعة السـراة العـــــابده
    جباهـم لله خـرت ســــــاجدة
    عقدوا " الظروف " مع الأيادي العـاقدة
    بجهادهــــم أيام احمــد عنده

    ومما يميز شخصية الشاعر وأغوار نفسه قوة وجدانه الأنصاري ووفائه لتعاليم الثورة المهدية وفكرها التوحيدي السني القويم وتراثها الجهادي الزهاوي الفريد . وهو استقلالي النزعة صوفي المشرب والرؤى , ولكن في اعتدال لا يزيغ ولا يغالي ووسطية لا تحيف على احد ولا ترضى لاستقلال البلاد ووحدة أرضها وحرية أهلها بديلا . ولذلك فهو كثير التغني بأمجاد المهدية , وليس أدل على ذلك من قصيدته المسماة " الدعوة المهدية في قصيدة " "فهذه القصيدة " إلياذة " روائية كاملة , تشمل وحدها على أكثر من مائتين وثلاثين بيتا من الشعر السلس الجزل , وتوشك بمفردها إن تكون سفرا حاويا لتاريخ الدعوة المهدية الفكري والجهادي منذ ميلاد صاحب الدعوة وحتى اقتحامه لحصون الخرطوم وتأسيسه لمدينة أم درمان حاضرة لدولته الإسلامية المستقلة . فالرجل ليس شاعرا فحسب وإنما هو شاعر مؤرخ . فلا جرم لم يتعاظمه الجهد والضنى حتى جمع وحقق طائفة نفيسة من إشعار المدائح لتسعة من إعلام الشعر الشعبي المهدوي وهم : الأمير محمد ود التويم , احمد أبو شريعة و احمد ود سعد و محمد ود تميم , احمد القلع , احمد ود سليمان , الزين أبو كساوي , المنبور محمد ومحمود ود سوركتي . وذلك في كتابه " قصائد من شعراء المهدية " الذي صدر لأول مرة عام 1974م عن المجلس القومي لرعاية الآداب والفنون – وزارة الثقافة والإعلام . وقد خصني الشاعر – عليه رحمة الله – بنسخة من هذا الكتاب تحمل إهداء رقيقا بتوقيع في عام 1987م , وهي اليوم عندي من مكنوناتي الأثيرة التي تزدان بها مكتبتي . واصدر الشاعر خمس كتيبات بالغة الأهمية تشمل بعض تراث المهدية الروحي وهي : كتاب " الصلاة للإمام المهدي " وكتاب المختصر من كلام الإمام المهدي المنتظر " ,وكتاب "الصيام للإمام المهدي ",وكتاب " دلائل المهدية " وكتاب " من مجالس الإمام المهدي " . وكتاب المجالس الأخير هذا ( وهو مجلس الطاهر محمد التاتاي ) ذو أهمية كبرى وقد سبق به الشاعر غيره في هذا المجال الهام .
    قال الشاعر في معرض اعتزازه بجمعه لشعر المدائح في قصيدته " عندما ضاقت بي الأرض ":

    لقد طفت في الآثار شرقا وغربا
    أنقب في المدائح حقبة
    إلى إن كشفت الكنز عقدا منضدا
    هلموا إلى "أدب المدائح" واشهدوا
    أنقب في ذهب عزيز على الشاري
    وامشي مع التاريخ طورا بأطوار
    فصاح به الشادي وغنى به الساري
    منابع ألهامي ومطالع أقماري

    نحن إذآ أمام شاعر متعدد الملكات متنوع أنماط العطاء الثقافي اخذ من كل فن بطرف . فهو صحفي عمل دهرا بجريدة النيل اليومية وجريدة الأمة , وفنان خصب المشاعر رفيع الذوق تغني برقائق إشعاره العاطفية رواد الطرب وفن الغناء في البلاد. وهو فوق ذلك ينطوي على إحساس عميق بانتمائه العربي والأفريقي على السواء . فقد كتب في عام 1950م قصيدة " فلسطين" التي استهلها بقوله :

    وطن العروبة منذ طوال الحقب
    والقبلة الأولى التي ما برحت
    تنقلني الأشواق في إرجائها
    طوي النبي أرضها في ليلة
    وكبر المسيح في مسجدها
    ومهبط الوحي ومحراب النبي
    تهزني أرجوحة من طرب
    في مهرجان من حقول الأدب
    وشق بالأنوار جوف الحجب
    وصلى في محرابها المقصب

    وقال في قصيدته " أغنية لفلسطين" ( 1950م)

    فلسطين لا تحـرر بالأغاني والخطب
    لن يعود الحق والمجد المضاع المغتصب
    إلا إذا ثرنا وفجـرنا الدمـاء بكـل درب

    وفي قصيدة " الحرب الأهلية في لبنان " يبلغ الشاعر ذروة في قوة العبارة وصدق الشعور. وتعبر عن قوة إحساسه بانتمائه الأفريقي قصائد منها " أغنية لإفريقي " ( 1946م) , وفجر البعث الإفريقي " ( 1946م) , "وأغنية لروديسيا " يقول في بعضها:
    ياليل السود متى تشرق في وطني شمس الحرية ؟
    الشمس تدور على بـلدي بأشعة نور ذهبية
    وانأ معصـوب ويدي فــي وطني مغلولة
    وكل بـــــــلادي مقتــــــولة

    هكذا يطير شاعرنا بأجنحة الشعر الخضر يحلق في الافاق فهو يحي ثورة إيران ويناجي سفينة الفضاء ابولو , ويعتز بنجيب محفوظ في قصيدة " المفرد العلم " ويحي" "فتاة الغد " في بلاده بنشيد وطني تنويها بدور المرأة النضالي الرائد.
    لن يخفي على متصفح لهذا الديوان ان الشاعر شديد الاعتزاز بنفسه وتراث أسرته الجهادي , ولكن من غير اشر وبطر أو غرور . فاعتزازه بنفسه وعطائه الوطني المتجرد في مجالات العمل الصحفي والثقافي وإحياء التراث وتأصيله ألهمة شعرا يقارع به جحود الجاحدين , ويأسى به على بلاد تضع أهل الرفعة وتعلي شأن أهل الملق والرياء , فهو لا يمدح الملوك والزعماء كما يقول , وقد نزه لسانه عن الهجاء . أما المراثي فهي عنده شواهد منبئات عن حقيقة إحزانه وعن صدق مشاعره ولطافة روحه . تنبجس في وجدانه المعاني فتواتيه للتعبير عنها الكلمات الصحائح المبتغاة طائعة منقادة , لتستقر مطمئنة بلا قلق ولا اضطراب في المواضع التي هي مواضعها من البيت الشعري . ولذلك جاء رثاؤه للإمام عبد الرحمن مثالا حيا لاجتماع قوة العاطفة والقافية والمعاني والكلمات في قصيدة . ورثى أباه بكلمات قطعا من نياط الفؤاد , مستلهما في حزنه الهادي والوقور بركات إسلافه الصالحين الميامين في جزيرة لبب وارض القباب , وشائما في سيرة والده العطرة كبرياء النفس المكنون في جوهرة التواضع , وبكى أم أولاده بأبيات حرى ألفاظها وحروفها الدموع. ولقد أبت الدنيا إلا ان تفجعه في بعض خلانه وخلصاء روحه الحميمين, فرقرق الحزن في وجدانه الوفي سلسالا من الكلمات الصوادق الرقاق في حق كل من الشاعر الخالد إدريس محمد جماع والأستاذ حسن الطاهر والأستاذ يوسف محمد إبراهيم ( زميله في جريدة الأمة ) , عليهم جميعا رحمه الله . ورثى جده الخليفة محمد شريف بقصيدة تؤرخ لبعض إحزان الوطن بأسره .
    ان للآسي في نفس الشاعر لموضعا , وهو موضع شبيه بالذي وطأه الشاعر الخالد التجاني يوسف بشير في نفسه لمثل هذا الآسي . كلاهما يشتاق ألي أيام الخلوة وأزمان المعهد العلمي فيسكب ادمعا دما حري من شعر الحنين . كلاهما يكابد مرارة الظلم _ وامضة ظلم ذوى القربى _ فيدفع عن نفسه الأذى بشعر ذرب اللسان يناجي كبرياء الجرح و يستنصر بعزة الصمود . تنبئك في ديوان" القرشيات" عن شي من هذا قصيدة " رسالة إلي الإمام الهادي ". ويلوح لك وجه من أوجه الحزن النبيل في قصيدة "القلم الضائع " التي جاء في بعضها قوله:
    أحسست في وطني بالضياع وكيف تحتقر القيم
    فبكيت عمرا قد مضي وقرعت قارعة الندم
    فماذا هو قائل لو عاش إلى يومنا هذا , أو رأى الإحياء الموتى وسمع ما يسمعون ؟ ولقد بلغ التقارب الوجداني بين الشاعرين ومن تأثر شاعرنا بصنوه التجاني ان عارض قصيدة " أنشودة الجن " بقصيده اسماها "أنشودة الحب" تسير على وتيرتها وتتداعى على نمطها وتماثل إيقاعها . غير أنها فيما نرى لا ترقى لجودتها , والله اعلم .
    أما على صعيد الوجدان الديني فقد أبان الشاعر عن نقاء روحي أصيل ومحبة للمصطفى – عليه أفضل الصلاة والسلام – بعيدة الأغوار. فهو يقول في قصيدة " الله جل جلال " :

    هفت نفسي إلى محرابك القدسي
    سما اسمك القدسي عن كل محدث
    وتعلم ما في الأرض من متحرك
    إلى ملكوت لا يصور بالحس
    وذاتك جلت ان تصور باللمس
    ومن رطب غض ومن ساكن يبس

    وللشاعر طائفة من إشعار المحبة في الذات المحمدية منها : " في مهبط الوحي " والمدينة المنورة " , و "صلوا عليه وسلموا تسليما " , و " وصلاة في المسجد النبوي الشريف " , و " والكعبة المشرفة " , وغير ذلك من شواهد ولطائف الوجدان الروحي الشفيق .
    وتشكل الرباعيات في هذا الديوان لونا من ألوان الشعر هو طارف وتليد في ذات الوقت . تحتشد في الرباعية الواحدة فيه بطاقة من المعاني والإشارات التي تومض وتتلألأ من بضع كلمات قلائل متوافقات يؤدين الغرض من روائهن بلا مشقة على القاري المتفكر . ففي هذه الرباعيات اشراقات من أضواء الحكمة , وأنوار من وهج الصفاء الروحي , ولواذ إلى حظيرة القدسي من باب الذل المحض والافتقار . تشهد على ذلك رباعيات " مع الله جل جلال " , " رسالة الغفران " , و " باب التوبة مفتوح " وفي . الرباعيات أيضا مقاطع من السخرية الهادية العذبة مما تصوره رباعية " الغلاء " , " ورباعية " أبو الدرداق " بوجه خاص , ورباعية " لو كان هما واحدا " ,ورباعية هل تعرفه " , ورباعية مرئية ابريل " وفيها معاني الصبابة والتشبيب طائفة من ألوان . أما رباعية " الذكريات " فهي نزف من جرح الشاعر الذي ظل غائرا في نفسه لا يندمل حتى فارق الدنيا مغفورا له بإذن الله.وتقف رباعية "قطرات الندي " شاهدا علي تنوع ملكات الشاعر واتصال روحه ووجدانه برقائق التجاني يوسف بشير شاعر الحب والجمال .
    ان ديوان " القرشيات مرآة صادقه لمسيرة الشاعر قرشي محمد حسن الفكرية والنضالية والابدعية في الحياة ؟ وهي مسيرة كابد الشاعر على امتدادها ألوان من الأتراح . وذلك انه نهض منذ أزمان باكرة يحمل في فلبه هموم بلاده ارثآ متصلا من إسلاف صبر شروا مجدها وعافيتها بالدم الغالي والمهج الأثيرة والنفوس الكبار . وكان قدره ان يقاتل على صعيد الجبهة الثقافية بجند الإيمان و كنانة الرأي وسهام الشعر يرمى بها حدق المكارة يزود بها عن بلاده الغبن ويقرع عنها البأس والهوان هذا هو " نسب " قصائده الذي أشار إليه الإهداء في صدر الديوان . إذا رثى ابكي وانتحب جهرة وغص بالدموع . وإذا شدا أشجى واجلي عن الأفق سحائب الغموم , وإذا هفا تذكر فانثنى وعاد حثيث الخطى إلي حظيرة تقواه . فما كان لحياة فنان رقيق العواطف مثله ان تخلوا من ومضات غبطة ولحظات سرور تتقصى سراعا وتزول ... " إلا ان أيام السرور قصار " لذلك احتفل بأمرها على قصر مكثها , فسالت من خاطره أناشيد الفرح وأغاريد الصبابة يقاتل بها اليأس ويطرد بها الشقاء وصقلت الأيام الرواكض مرآة القلب فجاءت أهازيج الإخبات والصفاء الروحي مثل نقوش "الشرافة " وحروف " اللوح " لتجعل من الديوان بأكمله روضه شعر يانعة متباينة الأغصان والإزهار والقطوف . ولذلك كان إهداء الديوان " لكل إنسان له ذوق وتفكير وقلب " فدونك أيها ألقارئي صاحب هذه النعوت بستان من القصائد " القرشية " فاتخذ لنفسك فيها مسرحا ومقيلا .

                  

06-18-2008, 06:01 AM

Hamid Elsawi
<aHamid Elsawi
تاريخ التسجيل: 09-22-2005
مجموع المشاركات: 3450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره (Re: عبد القادر الرفاعي)

    الف شكر د. عبد القادر علي هذه السياحة في ملف
    الشاعر الراحل قرشي محمد الحسن . فنحن نجهل ضروب
    الفن و الثقافة و الابداع في تلك الحقبة الهامة من حياتنا
    و في انتظار المذيد من قلمك. أهم ما يختص به ذاك الجيل هو
    عفة النفس و اليد و اللسان كانوا يتحاشون الثراء خوف الملامة
    و يعيشون الكفاف عيش الكرامة. أرجو أن يتناول قلمك السياحة
    في تلك الملفات و لا أحب أن افرض الاستاذ عبد الكريم ميرغني
    كبداية و لكني أحبذ ذلك و في انتظار المذيد
                  

06-18-2008, 06:12 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره (Re: Hamid Elsawi)

    مقدمة ديوان القرشيات
    بقلم : قرشي محمد حسن


    تقليد قديم :-
    هناك تقليد قديم استنه بعض الشعراء و وهو ان يكلف الشاعر صديقا من اصدقائه بتقديم ديوانه للقراء مشفوعا بترجمة عن حياة الشاعر , ومشفوعا بتقريظ لشاعريته ,,,
    وصاحب هذا الديوان له كثير من الأصدقاء ومن بينهم (( أولاد دفعته )) ولكنه عدل عن الجميع , وخالف هذا التقليد القديم لأنه تكلف لا يقدم ولا يؤخر شيئا في تقييم الشعر , وذلك ان رأى الفرد مهما كانت – مكانته الأدبية ومهما كان صائبا ليس مقياسا كليا مقنعا في نقد الشاعر أو إطرائه , وإنما العمل الفكري الأدبي ميراث ميراث مشترك بين الشاعر وجمهرة القراء , ولكل قارئ ناقد لرأيه , ولذا فقد آثرت ان أقدم شعري وترجمة حياتي بنفسي لأعرف الناس بحقيقة نفسي , وما انطوى عليه شعري , ولئن اطرح شعري امام الرأي العام ليقول فيه كلمته , خير لي من اطرحه امام فرد ليكون حكما فيه ,,,
    لمحة من حياتي :-
    ولدت في مدينة أمدرمان – حي ود نوباوي عام 1915م . وفي السابعة من عمري دفع بي أبي إلى معلم القرآن وهي " خلوة قرآن "المشهورة بخلوة " الفكي محمد احمد " بحي ود نوباوي ,,
    وفي الخلوة تعلمت مبادئ القراءة والكتابة , ثم حفظت القرآن الكريم ولا زلت اذكر كيف تعلمت مبادئ فك الخط العربي , فقد اسند أمر تعليمي إلى حوار متمرس بالقراءة والكتابة وتحت ظل شجرة " الهجليج " الظليلة في بيت " شيخ الحيران " جلست كغيري على ارض مفروشة " بالرمل الأحمر " وقد امسك شيخي بأصبعي وحطه على " الرمل ليعلمني كتابة الحروف الهجائية " " أ ,ب ,ت , ث , الخ " ثم با جاب ألف " الخ وبعد ان حفظت الحروف الهجائية كتابة ونظماً وفقهت تركيب الجمل العربية المفيدة , حملت لوحا من الحطب البلدي , وطلب مني شيخي ان امحوه بالماء ثم اجلوه بالحبر الأبيض , ثم امسك شيخي باللوح وأجرى عليه سطوراً على عرض اللوح بنواة التمر , لأكتب على التسطير آيات من القرآن الكريم وهي المرحلة التي تسمى بمرحلة "الرمية " أي إملاء الرمية على التلميذ , وكنا نكتب ما يملي علينا يسمونه " العرضة " نسمعه ما حفظناه , ثم نمحو ما حفظناه من سورة "البقرة " إلى سورة الناس ".
    وفي كل ربع من أرباع القرآن , وفي كل ختمه , كانت أمي رحمها الله وأكرمها في آخرتها بكرامة القرآن تصنع لي " الكرامة " ابتهاجا بختمي للقرآن والكرامة هي عبارة عن "عصيدة " من الذرة السوداني أدامها من اللبن " الرائب " والمسلى تقدم كوجبة إلى " حيران " الخلوة ,,,
    أما الشيخ " الفكي " فإن هديته كميات من التمر والسكر والشاي , ولما ختمت القرآن ثلاثة ختمات وجدت نفسي من حفظة كتاب الله , ومن ثم تطلعت إلى علم القراءات أي تجويد القرآن فقرأت منظومة الشاطبية ومتن " الخراز " على يد شيخنا عثمان المصري الضرير رحمه الله الذي كان في زيارة للسودان لم تدم طويلا , ثم علم القراءات مع الأستاذ إبراهيم الحاج ,,,,,,,
    في المعهد بأمدرمان :
    وكان لابد لي من ان أتناول قسطا من العلم الديني وفقه اللغة العربية وقواعدها . فالتحقت طالبا بمعهد أمدرمان العلمي عام 1939م , وكان من أهم شروط الالتحاق بالمعهد العلمي ان يكون الطالب حافظا للقرآن أو شبه حافظ , ذلك ان منهج الدراسات في المعهد القديم كان على منهج الأزهر الشريف .
    وكانت أنظمة الدراسة في معهد أمدرمان القديم تبدأ من السنة الأولى إلى الرابعة مما يعادل المدارس الوسطى , ومن الرابعة إلى الثامنة مما يعادل الثانوي , ومن الثامنة إلى الثانية عشر مما يعادل الدراسات العليا وتسمى الشهادة العليا هذه بالشهادة العالمية .
    وفي عام 1949م تخرجت في المعهد العلمي كواحد من المعهديين لم اجد وظيفة في سلك الحكومة لأن حكومة الإنجليز في السودان سدت الطريق امام خريجي المعهد , وفتحت الطريق امام خريجي مدارسها وهي خطة انجليزية مرسومة لمحاربة التعليم الديني في السودان .
    وظللت بضع سنوات في كشف العطالة وأوحت لي العطالة ان اكتب سلسلة من المقالات على صفحات " جريدة " النيل اليومية " أدافع فيها عن قضايا خريجي المعهد , ويبدو ان مقالاتي سببت بعض الإزعاج للسلطة الإنجليزية وسرعان ما أوقف قلم الرقابة الانجليزية " مكتب السكرتير الإداري " مقالتي . ومن ثم اتجهت إلى الصحف المصرية فنشرت لي جريدة " المصري " سلسلة من المقالات كنت أطالب فيها بضم المعهد إلى الأزهر الشريف , وكان على راس جريدة المصري المرحوم الدكتور محمد منور الذي شدَ على يدي , وفتح لي صفحات المصري ثم نشرت سلسله أخرى عن سياسة الانجليز في السودان عن التعليم الديني على – صفحات جريدة منبر الشرق لصاحبها المرحوم علي الغاياتي .
    هذا ولم يفتح طريق الوظائف الحكومية امام المعهديين إلا بعد جلاء الإنجليز من السودان وصوفية نظمتها في مراحل مختلفة مراحل حياتي منها مرحلة الشباب ومنها مرحلة الكهولة .
    ولم امدح الملوك والزعماء ولست من المادحين الذين قال الرسول (ص) فيهم " حثوا على المادحين التراب " ولكني مدحت رسول الله (ص) لأنه سيد الملوك. ومدحت الإمام المهدي لأنه خليفته المشار إليه في أحاديثه وصاحب الصحوة الدينية التي لم يسبق لها مثيل في السودان وبكيت أبي وأمي وهما اعز الناس إلى نفسي ثم بكيت بعض شخصيات تستحق البكاء , أما الهجاء فقد نزهت لساني عنه .
    في هذا الديوان قصائد انتقدت فيها الصحف أيام حكومات الأحزاب وما دار حولها من اتهامات .
    وفي هذا الديوان قصائد رباعية , وخماسية , وتناولت فيها شتى القضايا والموضوعات والخواطر اليومية .
    لقد كتبت جل قصائد هذا الديوان بأسلوب الشعر المقفى وهي المدرسة الأولى التي علمتني كتابة الشعر الأصيل .
    أما كتابة الشعر بأسلوب المدرسة الحديثة فقد دخلت في هذه التجربة ونجحت تجربتي فقد كتبته بأسلوب يختلف اختلافا كليا عن ما يكتبه الآخرون من رواد المدرسة وأمامكم تجربتي لتحكموا لها أو عليها .
    والله الموفق ,,,

    تم الفراغ من كتابة الديوان في أمدرمان (المهدية) في يوليو 1984م
                  

06-18-2008, 10:33 AM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره (Re: عبد القادر الرفاعي)

    قصيدة المهدي بطلا
    إضاءة أولى
    للشاعر قرشي محمد حسن


    بقلم : الأستاذ إبراهيم علي بلال
    من رواد التربية و التعليم


    تتبع قرشي حياة الإمام المهدي منذ النشأة الأولى وحتى انتصار الثورة المهدية

    معركة أبا ملحمة أزعجت العدو وأدهشته

    عبقريً من أعالي يثرب
    بشَر الهادي به أمته
    دوحة معدنها من هاشم
    نوره قد شق من قلب النبي
    وهو سَر من وراء الحجب
    أورقت أغصانها في لبب

    كان هذا مطلع قصيدة الشاعر قرشي محمد حسن – عن المهدي متشبها حياته منذ النشأة وحتى انتصار المهدية التي أحدثت نقله هائلة في تاريخ السودان – المهدي الذي ينتسب إلى هاشم جد " الرسول (ص) ولبب التي ذكرها الشاعر هي جزيرة الإشراف في دنقلا والتي ولد فيها الامام المهدي عليه السلام

    هل لفحل مدخل في هاشم
    قف هنا استلهم النور الذي
    أم لوهب مدخل في زينب
    من شريف جده حب النبي

    فحل هو جد الامام المهدي إذ هو محمد احمد عبد الله الفحل – إما زينب بنت نصر فهي والدة الامام محمد احمد المهدي - وحاج شريف سآتي هو جد الإشراف الذين ينتسب إليهم المهدي وجدهم الكبير الولي الصالح نجم الدين بن عثمان فرفاته مدفونة في ارض مصر . إذن انصهار عضوي لهذه الأسرة بين شمال الوادي وجنوبه .

    بنت نصر حسبها قد انجبت
    وضعية مثل صبح
    ثورة قد ولدت في أسرة
    إنما الثورات تولد تارة
    درة فاقت مدار الشهب
    ونمى المولود في ظل الأب
    لم تعتد في زخرف من ذهب
    تحت سقف من بيوت القصب

    في براعة فنية خلابة صور الشاعر قرشي ميلاد المهدي رابطا ميلاد الطفل بميلاد الثورة التي غيرت وجه التاريخ :

    ليلة قد يحررك الطفل بها
    وهي نور من بقايا رجب

    وبقايا رجب هذا يرمز به لميلاد الامام الذي كان في 27 رجب 1260ه الموافق 12 / 8/ 1844م
    يتنقل بنا الشاعر في شهر آخر مصورا الطفل المعجزة :-

    والوليد الطفل أورى زنده
    وارتقى نحو المعالي سلما
    من فيوض الله أضحى نفحة
    واستوي ليثاً قوي المنكب
    سالكا في الدرب منهاج النبي
    تبصر الأنوار خلف الحجب

    إلى إن يقول :-

    فاض حتى شعشعت أنواره
    واستبان الشيخ في تلميذه
    وازدهت أم مرحً في عجب
    بأرقات أشرقت كالكوكب

    عندما يكون الشاعر صادقا في إحساسه تأتي كلماته معبرة جذابة عاكسة قيمة الفن الشعري الراقي الذي امتاز به شاعرنا قرشي . وهو إذ يوضح عبقرية الفني اهتمام شيخه به والمعني به هو الشيخ احمد الطيب شيخ الطريقة السمانية في ام مرحي شمال أم درمان .
    في أبا والليل أرخى ستره
    والإمام الفذ ناجى ربه
    في ليالي الصيف يغدو صائما
    من حطام الدنيا لم يملك سوى
    فوق غار شق من غار جراء
    يستمد العون من فيض السماء
    زاد المدخور من تمر وماء
    "ركوة " الجلد و مصلاه الفراء

    في الجزيرة أبا بدأت شخصية الفتى تصغل بالتعبد والبعد عن الناس في غار شقه في الأرض زرته مرارا حيث إني عملت بالجزيرة أبا مديرا لمدرستها الثانوية أربع سنوات منذ سبتمبر 1983م إلى سبتمبر 1987م كان الغار مدهشا تحس بعظمة الرجل الذي كان يتعبد فيه، يعتريك رهبا وصفاء روحي زاره كثير من أهله وأصدقائي زاروني هناك كنت أول شيء افعله اذهب بهم إلى غار الإمام المهدي يبقون مشدوهين امام ركوة الجلد وفروه الصلاة وقبة الامام الخضراء ومن المعالم هنالك جامع الكون وجناين طيبه واهم شي طيبة أهل أبا . التي زرعها الامام المهدي في أجدادهم .
    والسودان في ظل الحكم التركي يعبثوا المستعمر بمقدراته ناشراً الفساد جاعلا الخرطوم لعيه بين يديه فكان لابد لهذا الزاهد ان يتحول إلى ثائر.

    وقد حاء من قلب أبا
    دعوة قد كبر الشوق لها
    كان يوم البعث فجرا يرتجى
    يا لها من ثورة قد مزقت
    لينشر الإسلام في بعث جديد
    وتغني الشعب بالقمر الوليد
    كان يوم البعث عيدا أي عيد
    دولة الطغيان والبطش الشديد

    يختار الشاعر قوافيه ثائرة ثورة الامام الذي يحرض أنصاره على القتال :-

    صاح في الانصار ليثاً غاضبا
    لا تبالوا الموت من نيرانه
    بددوا جيش الغزاة المعتدي
    أيها الأنصار أوفوا بالعهود
    قد تبدى النصر خفاق البنود
    إنني بشرت بالنصر الأكيد

    لم تكن معركة "أبا" بالمعركة ألسهله لقد كانت ملحمة أزعجت العدو وأدهشته في إن واحد:-

    يا أبا أنت في الزمان كتاب
    انزل الله في رباك جنودا
    صور النصر في رباك تجلت
    امة تلهم الشعوب دروسا
    مثل بدر في القدر والمقدار
    من جنود الملائك الإبطال
    عروة الوادي صورت في الغار
    وتخط الطريق للثوار

    لقد استلهم الشاعر من التاريخ عبره ورءاه وربط بين معركة بدر ومعركة الجزيرة أبا. لقد كان جنود بدر 314 وجنود المهدي في أبا 314 وكلا المعركتين في 17 رمضان ونزلت الملائكة الرسول الكريم في بدر مناصرة ونزلت الملائكة في معركة أبا مناصرة الإمام المهدي ولا مانع ان تنزل الملائكة لنصرة عبد صالح على رأي جمهرة العلماء ان قصيدة " قرشي" المهدي بطلا – تقع في 104 أبيات وهي عبارة عن معلقة أو قل ملحمة تاريخية . أبدع الشاعر فيها و أجاد وصور حياة الامام بكل إبعادها التاريخية والدينينة والنضالية وجسد الشخصية بصدق ورسم خطوطها ببراعة واقتدار.
    ولم نقدم سوى أضاءه بسيطة لملحمة عملاقة عكست حياة وتاريخ هذا الثائر العظيم .
                  

06-19-2008, 04:12 PM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره (Re: عبد القادر الرفاعي)

    الأستاذ قرشي محمد حسن:
    لمحات من حياته

    بقلم : صديق بابكر احمد دفع الله
    باحث اجتماعي
    /أستاذ التاريخ بالمدارس الثانوية


    • كان حي ود نوباوى مركز للانطلاق ضد الاستعمار
    • تطورت مجلة الإذاعة و التلفزيون إبان رئاسته لتحريرها

    ونحن صغار في مرحلة الطفولة والدراسة الأولية في منتصف خمسينيات القرن العشرين كانت الحركة الوطنية تتصاعد وتيرتها والكفاح ضد الاستعمار البغيض قد وصل مداه وكان حينا " ود نوباوي " هو مركز الانطلاق, ففي هذا الحي يوجد منزل الإمام عبد الرحمن المهدي طيب الله ثراه قائد الحركة الاستقلالية ومنزل الإمام بود نوباوي كان كخلية النحل انذاك لا ينفض منه اجتماع وإلا وانعقد به آخر . وهنا أيضا منازل كبار رجال وشيوخ الأنصار وزعماء حزب الأمة وملازميه السيد الإمام وقادة شباب الانصار من أمثال الأمير عبد الله نقد الله وقادة المائة الأولى لشباب الأنصار التي تتمركز في هذا الحي العريق حي الإشراف أهل الإمام المهدي عليه السلام .
    ذكرت ذلك كمقدمة لأنني اعتدت دائما ان أرى العم قرشي محمد حسن بهدوئه الرزين وابتسامته الرقيقة التي لا تفارقه أبدا , اعتدت ان أراه وسط هذا الخضم في مسجد ود نوباوي أو في منزل آل نقد الله أو آل ازرق مصطفى أو بمنزل آل الشريف احمد دفع الله كنت كثيرا ما التقية مع عمي عثمان احمد دفع الله وكنت أرى أوجه الشبه بينهما كثيرا من حيث الشكل والهدوء ولين العريكة فهما من صنف الرجال الذي يؤلف وترتاح لمرآة القلوب .
    وقد كنت لصيقا جدا بعمي عثمان احمد دفع الله وهو رئيس المائة الأولى لشباب الأنصار , وكنت كثيرا جدا ما ادخل عليه حتى في حجرته الخاصة فأجده يجمع أوراقا أو يرتب مطبوعات فقد كان يعمل في شركة الطبع والنشر بالخرطوم والتي كانت تتولى إصدار جريدة النيل وجريدة الأمة الخاصتين بحزب الأمة . وكنت دائما أبدا في قراءة ماتقع عليه عيني من أوراق أو مطبوعات عند عمي عثمان أو ادخل إلى صالونه الأنيق الذي اصطفت عليه الصور النادرة الرائعة لائمة الأنصار , وقادة الحركة الاستقلالية .
    وكنت أقف كثيرا متأملا صورة الإمام عبد الرحمن يصافح ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في لندن والى جواره السيد محمد الخليفة شريف والشنقيطي وعبد الرحمن علي طه وصوره أخرى تجمع ابني الإمام عبد الرحمن يحي واحمد وهما بلباس الانصار, المميز وفي رونق الصبا وهناك صورة الأستاذ محمد أحمد محجوب وهو يرفع علم السودان على سارية الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك وصورة أخرى للسيد الصديق المهدي وصحبه عيد الله خليل وشنقيطي ومحجوب في تلك يكتب للدفاع عن قضية استقلال السودان أمام مجلس الأمن ثم الصورة التي تجمع عثمان احمد دفع الله وقرشي محمد حسن وكنت أقف عندها متأملا وجه الشبه بين الرجلين , وفي تلك الأيام وإثناء بحثي في أوراق العم عثمان وجدت كتابا بعنوان : مع الامام في مصر للمؤلف قرشي محمد حسن وأخذت ذلك السفر العظيم وقراءته بإمعان لأنه كان عبارة عن تسجيل لإحداث فترة هي أدق فترة في تاريخ السودان الحديث , فترة ما قبل إعلان الاستقلال حيث سافر الإمام عبد الرحمن إلى مصر بدعوة من قادة الثورة المصرية في العام 1952م . ويعرض الأستاذ قرشي من خلال هذا الكتاب الإحداث واللقاءات والاتفاقيات التي وقعها وفد حزب الأمة مع الحكومة الثورية المصرية مما مهد لإعلان الحكم الذاتي وتقرير المصير .
    ومع مرور الزمن بدأت أتعرف على الأستاذ قرشي كثيرا , فكنت أجده دائما في دار الطبع والنشر بالخرطوم وكان محررا بجريدة النيل والأمة وقد تولى رئاسة تحرير النيل لفترة .
    وفي ستينات القرن العشرين اذكر انه قد تولى رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون بعد ان تخلت عن اسمها القديم " هنا أم درمان " ونسبة لما يمتلكه الأستاذ قرشي من ملكات فقد استطاع ان يطور هذه المجلة التي كانت تصدر أسبوعيا فأصبحت بحق مجلة السودان الأولى ذات الانتشار الواسع نسبة لما تحويه بين أوراقها من مواضيع في الفن والاجتماع والاقتصاد وغير ذلك .

    وللأستاذ قرشي محمد حسن بالتعاون مع العم عثمان احمد دفع الله يرجع الفضل في بداية التوثيق لحياة الإمام عبد الرحمن إذ ان أول كتاب صدر بعد وفاة الإمام عبد الرحمن بأيام قلائل كان لهما وهو باسم : حياة الإمام الراحل وهو مدعم بالصور, وان كان هذا الكتاب خاص بمراسم دفن الإمام والمرثيات التي قيلت بعد وفاته من شعر فصيح وشعر قومي والصور التي التقطت لموكب التشيع المهيب.

    وفي سبعينات القرن العشرين كنت التقي الأستاذ قرشي وكثيرآ ما زرته بمنزله بالحارة الرابعة بمدينة المهدية شارع الشنقيطي . وكنت قد بدأت أتعرف بعمق على جانب آخر من جوانب شخصيته وهو جانب الشعر، ورغم إنني كنت اعرف منذ فترة طويلة بأنه شاعر غنائي وله قصائد لكبار الفنانين بإذاعة أم درمان ألا إنني فيما بعد بدأت استمع لتلك القصائد بتمعن ووجدت فيها معاني وأوصاف تفوق حد الروعة مثل ما ورد في قصيدة اللقاء الأول والفراش الحائر وخمره العشاق وعتاب . واذكر انه قد ذكر لي في لقاء لي معه بأنه قد تأثر بالشعراء المهجريين أمثال الياس فرحات وجبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي وغيرهم . وهذا إلى جانب ما بشعره من موسيقى وتجديد حتى ان قصيدته الفراش الحائر عند ما ظهرت في خمسينيات القرن العشرين قد أحدثت طفرة هائلة في فن الغناء بالسودان ترقى على إثرها الفنان عثمان حسين الذي تغنى بها إلي درجة الأولى بدلا عن الثالثة . كما أنها قد صارت في ذلك الوقت ظاهرة اجتماعية فأخذت كثيرآ من المحلات أسماءها منها وسارت بذكرها الركبان.
                  

06-19-2008, 07:13 PM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره (Re: عبد القادر الرفاعي)

    [U]قرشي محمد حسن
    النجم الذي هوى

    بقلم : عميد (م) عبد الرحمن حسن عبد الحفيظ


    • اعتبر قرشي الحياة رسالة سامية
    • كان ممن حملوا راية التثقيف والتنوير

    عندما تأتي سيرة الراحل المقيم الأستاذ قرشي محمد حسن تتراءى إمامك سيرة أولئك الأدباء الذين جعلوا لحياتنا قيمة ومعنى و فقيدنا قرشي محمد الحسن احد أولئك العظماء .الذين اثروا حياتنا بكل رائع وجميل فهو قريب من قلوب الناس لطيب معشره وحلاوة حديثه وأدبه الجم جمع صفات نادرة قل أن تجدها في إنسان عشق الحياة حتى الثمالة وكتب قصائد للمبدع عثمان حسين ستظل ابد الدهر نرددها وننعم بكلماتها الرصينة والمعبرة .
    خمرة العشاق , الفراش الحائر اللقاء الأول . وهو بهذه القصائد الرائعة استطاع أن يثبت وجوده كشاعر متمكن ومبدع وفي الوقت نفسه انشغل بالروحانيات و الأدب الصوفي ونهل منه وأعطى الكثير والمفيد في برامجه الشيقة بالإذاعة والتلفزيون , وكانت كل كلمة وحرف تعبر عن دواخل هذا الإنسان النقي الطاهر والأديب الرائع والذي جذب محبيه ومعجبيه أدبه الراقي لسنوات طوال وبرحيله افتقدنا واحدا من الأدباء الكبار والذين كانوا يعتبرون الحياة رسالة سامية لابد إن نساهم في الارتقاء وتسليط الضوء على الجماليات لنضفي على النفوس البهجه والسعادة والامتنان والراحل قرشي محمد كان عن الذين حملوا راية التثقيف والتعبير والتجديد لآخر لحظة في عمره الحافل بالأعمال المجيدة فجاء إنتاجه كله روائع ودرر لقد رحل قرشي محمد حسن وترك لنا رصيدا ضخما من التراث الجميل والبديع وكانت حياته مليئة بالعطاء الذي لا ينضب معينه
    رحمه الله بقدر ما كان عملاقا وإنسانا نادرا وأديبا متمكنا.
                  

06-19-2008, 07:56 PM

عبد القادر الرفاعي

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف الشاعر الراحل قرشي محمد حسن (2) حياته وشعره (Re: عبد القادر الرفاعي)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de