فى ذكرى الشريف زين العابدين الهندى .... الكابلى .. يدفع البشير بالتعهد بعدم العودة للحرب ...

Quote: كان زين العابدين شاعراً يستنطق الصخر، و يزين قلائد القصيد بحسان من جواهر الكلم النضيد المموسق، فياتي شعره غرداً من غير لحن فتستريح في دوحته الأنفس المكابدة لما فيه من لفتات صوفية عميقة المعاني تفك طلاسمها إشارات عجلى من هنا و هناك.. وفي ليلة الوفاء هذه أردنا أن ننأى بكم، إلا نذراً يسيراً، عن وعثاء السياسة وعنتها و رهقها، و ندعوكم إلى واحة وارفة الظلال تجري من تحتها و فوقها الأنهار و تمرح في وديانها و سفوحها الأرام و الغزلان، و تجنى من أشجارها ثمرات النخيل و الأعناب، و يشمخ فوقها الإنسان السوداني قامة منصوبة وهامة مرفوعة.. و لو لم تكن للشريف إلا هذه الانشودة الوطنية الرائعة لكفته.. و في سنوات الدرس الأولى في زماننا سافرنا من القولد إلى ريرة إلى الجفيل.. و من بابنوسة إلى يامبيو إلى عطبرة و محمد قول في وثبات سريعة تعرفنا فيها على سبل كسب العيش في السودان.. و لكن الشريف الملهم تغنى للسودان شبراً شبراً.. غنى للنيلين الأزرق و الأبيض .. غنى لرهد المفازة و للدندر.. غنى لباسلان الشرق و لتمد العظيم.. غنى لمريدي والسوباط ولبحر العرب و للزراف.. غنى لجبل مره و لجبال تقلي .. غنى لصمغ الهشاب و الكركدي و الفول .. غنى للمهوقني و الطلح و الأبنوس.. غنى للتمساح العشاري و الجاموس .. غنى للدالي و المزموم و غنى لبارا و دار الريح.. غنى لعلي دينار أبو زكريا أداب العصاة زول، زول.. غنى لود زايد صاحب القدح الشهير.. غنى لأدروب و هبباي بركة.. غنى لدامر المجذوب و نار القرآن المتقدة لأربعة قرون.. غنى لبطولات مهيرة و أولاد شايق.. غنى لحريق المك في قلب الدخيل.. غنى لبطانة أب سن.. غنى للمهدي و خليفته.. غنى للنجومي و لأبي عنجة و النور عنقرة.. غنى لشهداء الوطنية في ربـك و في الجزيرة أبا.. غنى لشهداء الحرية لعباس برشـم و شامـبي و جلجـال و رفاقهم.. غنى لأم درمان و لخليل عزه و للعبادي و لسيد و ابو صلاح، غنى لسرور و كرومه.. غنى للقصر الجمهوري الذي ذبح غردون من الاضنين.. غنى للأزهري نكّس ذرى العلمين.. الشريف غنى للجزيرة موئل الوطنية غنى لحاضرتها مدني حاضنة المؤتمر.. غنى لمشروعها و لمزارعها الرائع.. غنى لكل هذه القيم و المعاني التي تشد النفس إلى رحاب الوطن و تسبح بها في تاريخ من البطولات الرائعة في حلقات متداخلة تبعث في النفوس الأمل و الرجاء بأن هذا السودان سيشرق فجراً وضيئاً و إن طالت عتمة الليل، و إن هذا السودان محفوظ بقوة الله ثم بهذه المنظومة الصلبة من المروءات و من شيم الأحرار أباة الضيم على مر الدهور و توالي الحقب و الأحداث.. و مثلما شدى الصيداح الذرب و غنى طبل العز ضرب.. و مثلما شدى لعمارة و غنى لبنونة .. مثلما غنى لباندونق و للصين البعيدة لسوكارنو وللملايو.. مثلما غنى لناصر و لجومو كنياتا و لأبطال الجزائر في وهران وللجيوش المغربية في مراكش.. مثلما غنى عبد الكريم الكابلي لجميلة ولأم صابر.. يتفوق الليلة على نفسه ويلتقي مع الشريف في هذه الملحمة الرائعة و التي ستكون بكلماتها وبإخراجها الموسيقي الفنان عملاً غير مسبوق فقد بذل الأستاذ الكابلي جهداً سكب فيه عصارة إحساسه و ذوقه الفني و خبرته وعلمه.. و قطعاً سيكون لكم و لأهل الإختصاص و الدراية الموسيقية القول الفصل.. فله و لفرقته الموسيقية و كل الطاقم الفني الذي أعانه على هذا الإنجاز التاريخي كل الشكر و كل التقدير..