|
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة (Re: الكيك)
|
من التكفير إلى «الإسلام الأوروبي» [email protected]
عبد العزبز الصاوى
الفقرة التالية مفتتح مقال من جزءين كانا قيد الاعداد عندما طغت على سطح الاحداث عاصفة المدرسة الانجليزية: «في نطاق اهتمام بالاستنارة العقلية يعتبرها المحرك الرئيسي لعجلة التقدم، قد يتذكر القارئ ان صاحب هذا المقال طرح للنقاش فكرة مؤداها وجود مكامن لها في اوساط الاسلاميين مستخدما التعبير المجازي «بحيرة الاستنارة الجوفية تحت صحراء الاسلاميين». الفكرة الاساسية التي تقوم عليها الاطروحة ان تتبع مصادر تنمية الركائز الموضوعية للاستنارة وهي التعليم الجيد والمهن الحديثة والاحتكاك بالتجربة الحضارية الاوروبية، يقود الى اوساط الاسلاميين كمجال رئيسي لتوفرها». كان ممكنا الاستمرار بخطة المقالين كما هي، لولا جانب بالذات من هذا الحدث- العاصفة يتصل بمظاهرة الجمعة 30 نوفمبر، لان الحديث عن استنارة في اوساط الاسلاميين، حتى لو كانت مجرد احتمال، دون توضيح لكيفية اتساقه مع مشهد سواعد وحناجر شباب «الاسلاميين» المتصلبة بأدوات القتل والذبح والشعارات التي تقطر دما، لا شك نوع من الحرث في البحر ان لم يكن مدعاة للهزء بالمقولة. اي احتمال لاخذ الفكرة بالجدية اللازمة لاعطائها فرصة التفكير والنظر الجدي بما يخرجها من مجال التأمل النظري بالتفاعل مع آخرين، بدده هذا المشهد. الآن بعد مضي ما يقارب الاسبوعين على الحادث وانخفاض قوة انطباعات المشهد في ذاكرة القراء، يمكن القيام بمحاولة لتوضيح الاتساق. الحقيقة الاساسية التي تقوم عليها الاطروحة، تتعلق بخريطة توزيع السلطة والثروة في السودان، وليست موضع اختلاف. يذكر كاتب المقال ان مبتدع التعليق السياسي الجاد- الهازل عبد اللطيف البوني، لخص الحقيقة المعنية قبل عدة سنوات في تحليل لنتائج امتحان الشهادة الثانوية، خلص منه الى ان الثروة والذكاء وحتى الجمال/ الوسامة قد تراكمت تدريجيا لدى اقلية معينة. هذه قبعة لا تستقر الا على رأس الاسلاميين ومن والاهم، إذا علمنا أن حزب الاسلاميين بمسمياته المختلفة هو اطول الاحزاب السودانية عمرا في السلطة.. سلطة مطلقة لفترة 18 عاما منذ الانقلاب، وقبل ذلك مشاركة 7 سنوات مع المايوية، ثم مشاركة في حكومات ما بين الانتفاضة والانقلاب. فإذا حسبنا كل عامين من اعوام المشاركة عاما واحدا لكونها اعوام سيطرة جزئية، يمكن أن نحسب كل عام من اعوام ما بعد انقلاب 89 بعام ونصف على الاقل، باعتبارها اعوام سيطرة اكثر من كاملة، ومقرونة بتدفق الثروة البترولية خلال السنوات الاربع الاخيرة. وفق هذه التقديرات سنجد ان حزب الاسلاميين ظل مستوليا على السلطة ومقدراتها ما يتجاوز نصف اعوام حياة البلاد منذ استقلالها عام 56م، على أن درجة تركيز الثروة لدى الفئة المعنية لا تتوقف عند هذا الحد، لانه في حكم القانون الثابت عمليا، ان الرأسمالية المطلقة السراح من الرقابة الديمقراطية وحس العدل الاجتماعي، وهو ما بدأ لدينا بعد الربع الاول للحقبة النميرية، تؤدي حتما الى تضييق الدائرة المستفيدة من الثروة القومية بمرور الوقت وزيادة نصيبها منها، وان الضوابط الاخلاقية سواء أكانت دينية المصدر او علمانيته، لا تفلح في الحد من ذلك. والمصادر الأكثر تحديدا لتراكم الثروة لدى فئة البرجوازية «الاسلامية» حزبا وافرادا على هذا النحو، جاءت من خلال ادارة الاقتصاد رسميا كوزراء وموظفين كبار، او خلال فترة اختراقهم له بواسطة الاسلمة، بداية ببنك فيصل مع المايوية، متحيزين في الحالتين بالضرورة لجهة سياسية معينة، او من خلال ممارسات السوق السوداء في السلع والعملة الصعبة، ثم اخيرا لا آخراً ممارسات الفساد في كل الفترات، لاسيما فترة شمولية الحكم التي اثبتت التجارب في كل مكان وزمان تلازم الفساد معه ملازمة الظل، بما لا يقارن مع الانظمة السياسية المفتوحة ديموقراطيا. ومن السهل بعد ذلك تصور حجم الامكانية المتوفرة لدى الفئات صاحبة الثروة المدعومة بسلطة الدولة، للارتقاء النوعي بالحياة الفردية والاسرية، وبالتالي امكانية توفر الركائز الموضوعية الثلاث لمكامن الاستنارة التي تستند اليها المقولة وهي التعليم الجيد، المهن الحديثة والاحتكاك بالغرب، في اوساط الاسلاميين بالذات. التعليم الجيد: مدارس وجامعات خاصة واهلية اقل خضوعا لمناهج التجهيل واساليب التلقين الببغائي المتبعة في التعليم الحكومي، او متحررة منهما تماما في المؤسسات الاجنبية. المهن الحديثة: قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية. الاحتكاك بالغرب: الدراسة في اميركا واوروبا، فرص الاحتكاك الاخرى بسبب العمل او الاغتراب او حتى الترفيه. ان المصب الطبيعي لمفعول هذه العوامل الثلاثة هو عادة مجرى توسيع مدارك الانسان وتمكينه من شحذ ملكة العقل والتفكير المستقل، او بعبارة اخرى مقدرة الابداع. وهي في الحقيقة جوهر ومحرك عجلة التقدم الذي حققته البشرية في المناطق التي عاشت ما يسمى عصر التنوير خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر «فلسفة وفكر التنوير، الاصلاح الديني، الثورة الصناعية» الذي فاتنا لاسباب تاريخية، بحيث بقي السبيل الوحيد امامنا لتحقيق شرط القدرة الابداعية عبر تأسيس نظام ديمقراطي مستدام، كما يحدث في الهند على سبيل المثال، هو المداخل الثلاثة المشار اليها. على ان ما حدث فعليا لدينا هو ان هذه المداخل لم تتوفر الا لدى التيار السياسي الذي ثبت انه اقدر من غيره على تحييد مفعولها بنشر مناخ شمولي كثيف وخانق بحيث بقي امكانية غير متحققة. وهذا هو المقصود بمكامن الاستنارة في اوساط الاسلاميين، وتعود اهمية البحث الجدي في امكانية وجودها وكيفية استثمارها، الى ان تعديل مسار الانحدار التاريخي السوداني المزمن رهين في عمقه الجذري بتحرير عقل الانسان، والي ان القدر الموجود من مصادر هذا التحرير خارج الدائرة المشار اليها ضئيل للغاية، بسبب شح نصيبها من السلطة والثروة. كل من تتبع بدقة مظاهرة «30» نوفمبر وما صاحبها من تغطية اعلامية رسمية وتحركات جهات على صلة بالسلطة، لاحظ ان قسما مهماً من المشاركين فيها كانت تغلب عليه سمة الغضب المرسوم والمفتعل، اشارة الى انهم يلعبون دورا رسم لهم، او انهم منساقون دون ارادة حقيقية، وذلك بعكس ذوي العروق النافرة في اعناق القسم الآخر من المتظاهرين، واصواتهم المبحوحة، ورنة التشنج في اصواتهم التي كانت اشارة الى العكس. وليس من المبالغة، على ضوء الملامح العامة لخريطة توزيع الثروة والسلطة وما يترتب عليها، القول بأننا يمكن ان نجد في القسم الاول او من ينتمون اليه، ولكنهم لم يخرجوا في التظاهرة، شبابا مروا على مدرسة الاتحاد العليا نفسها في مرحلة او اكثر من مراحل حياتهم الدراسية او ما يشابهها من المؤسسات التعليمية ضمن مجالات تنمية «الاستنارة الكامنة» الثلاثة المذكورة. اما القسم الآخر من المتظاهرين فهم خليط من بؤر التكفيريين المتزايدة الوزن وسط الشباب واتباعهم من ضحايا الفقر والتجهيل المستشري، تستخدمهم سلطة «الاسلاميين» البراجماتيين، تركيبة برجوازية التحرير الاقتصادي المنفلت والريع النفطي، لخدمة غرضها المباشر حاليا، وهو ابعاد الامم المتحدة من تكوين القوة الهجين باستعراضهم كعينة للارهاب «العراقي» الذي ينتظر اي اطراف لا تريدها. ومن الصعب بطبيعة الحال التمييز بين النوعين من المتظاهرين ونظائرهم في المجتمع عموما، لأن عقلية وسلوك نفس الشخص يمكن أن تجمع خصائص تنتمي الى كليهما في نفس الوقت او في اوقات معينة عندما تتصاعد حدة التعبئة الحكومية مثلا، ولكن الامر المؤكد ان اي قدر من الصحة تنطوي عليه اطروحة مكامن الاستنارة، يستحق الجهد الذي يمكن أن يبذل لاستثمارها بما ينقذ آلاف الشباب من مصير محزن، ويقوي صفوف القوى الديمقراطية المستنيرة. ونوع العقليات والتيارات التي تتشكل منها هذه القوى، هي المؤهلة ايضا لانقاذ الاسلام نفسه من قبضة تيارات التعصب والانغلاق والاستثمار السياسي القصير النظر، بتوليد تفسيرات تلبي احتياجات مسلمي القرن الواحد والعشرين. غير أن الميل الحاد لميزان القوى الاقتصادي والسياسي ضد هذه القوى، يولد ما يمكن تسميته بـ «الاسلام الاوروبي»، اذ ينشأ بالتدريج تحالف للهاربين من ضغوط الانظمة والايديولوجيات الشمولية، ومعظم الاخيرة ديني التوجه، ومسلمي آسيا المستوطنين في الغرب، هو الذي يتولي مهمه توليد اسلام العصر. معني ذلك أنه اذا استمر الحال على ما هو عليه سنجد انفسنا لا نستورد التكنولوجيا فقط من الغرب.
الصحافة 9/12/2007
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-04-07, 07:48 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | حيدر حسن ميرغني | 12-04-07, 08:11 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | البحيراوي | 12-04-07, 08:15 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-04-07, 08:55 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-04-07, 10:59 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 05:10 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 06:55 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | Agab Alfaya | 12-05-07, 07:12 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 08:15 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 09:08 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 09:13 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-09-07, 05:06 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-09-07, 05:10 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-09-07, 05:21 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-09-07, 11:35 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-11-07, 09:10 AM |
|
|
|