|
Re: قضايا سودانية ساخنة ...غياب الدولة ... (Re: الكيك)
|
السودانى العدد رقم: 388 2006-12-06 قضايا ساخنة:هل تسمعنا سيدي الوالي؟
اتصل بي أحد الأخوة الأطباء وقال لي: لماذا لا تكتبون عن الخضروات والفواكه التي تباع على الأرض؟ فقلت له: أنا شخصياً لا يمر عام إلا وأكتب عن هذا الموضوع ومثلي العديد من الصحفيين والكتاب... فرد علي قائلاً: هذا موضوع يحتاج للكتابة يومياً وليس سنوياً لأنه يتصل بصحة الإنسان.
أذكر أنه قد طُرِح سؤال على السيد والي ولاية الخرطوم أثناء لقائه الصحفيين بمنتدى صحيفة الصحافة قبل عدة أشهر عن حالة الأسواق بالولاية واعترف السيد الوالي بأن الأسواق هي نقطة ضعف الولاية... وكنت أتوقع أن يتحول هذا الاعتراف إلى عمل جاد وسريع لتغيير واقع الأسواق بحكم أن السيد الوالي طبيب قبل أن يكون والياً ومن المفترض أنه يدرك أكثر منا أهمية تطوير أسواق الخضر والفواكه والأسماك... ولكن مرت شهور وشهور ولم نرَ أية خطوة إيجابية في اتجاه تشييد أسواق حديثة بولاية الخرطوم... بل على العكس تدهورت أوضاع الأسواق أكثر وأكثر... ففي السوق المركزي للخضروات جنوب الخرطوم كان الباعة اجتهاداً منهم يضعون تربيزات حديدية تباع عليها الخضروات ويحمون رؤوسهم وخضرواتهم من الشمس المحرقة ببعض المشمعات والجوالات، وصدر قرار منتصف العام بمنع استخدام التربيزات وأزيلت المظلات، والآن أصبح جميع الباعة يفرشون خضرواتهم على الأرض مباشرة... أما سوق السمك، المجاور لسوق الخضروات، فحالته في تدهور مستمر ومذهلة، فالأسماك تفرش على الأرض بجوار الشاحنات التي تسيل منها المياه الناتجة من ذوبان الثلج الذي توضع داخله الأسماك أثناء النقل من مواقع الإنتاج إلى السوق... فتتحول أرض السوق إلى وحل، تختلط فيع الأوساخ وأقدام المشترين والبائعين بالأسماك المفروشة على الأرض... وتنظف الأسماك على الأرض أيضاً على جوالات متسخة تستخدم يومياً دون أن تنظف بقطرة ماء.
يبدو أن الأخوة بولاية الخرطوم، وهم العلماء في مجال العلوم الحديثة كالطب وغيرها وفي مقدمتهم السيد الوالي، قد توصلوا إلى اكتشاف علمي خطير، نجهله نحن الرعاع من عامة المواطنين، يؤكد أن تلوث الخضروات والأسماك فيه صحة وعافية للإنسان، ويرغبون في أن يكون الإنسان السوداني هو الرائد والسباق في الاستفادة من هذا الاكتشاف العلمي الخطير في إطار المشروع الحضاري الإعجازي العظيم.
كيف لنا أن نفسر سيدي الوالي تجاهلكم المستمر، ومن قبلكم الولاة السابقون، لموضوع إنشاء أسواق حديثة للخضروات والفواكه والأسماك بولاية الخرطوم... فأنتم تنفذون يومياً عدة مشاريع في مجالات مختلفة من طرق وجسور وحدائق وبناء مدارس وغير ذلك... وهذا يعني أن لديكم المال ولستم في حالة إفلاس... فلماذا تتجاهلون إنشاء أسواق مركزية حديثة؟ وأنا هنا لا أقول إن الطرق والجسور والحدائق والمدارس وغير ذلك غير مهمة، ولكن أقول إن إنشاء الأسواق المركزية للخضروات والفواكه والأسماك هي الأهم، لأنها ترتبط بضمان صحة وعافية إنسان الولاية الذي لن يستطيع أن ينتج ويبدع ويساهم في تطوير ولايته وهو عليل الصحة، يسير وهو يحمل في جسده كشكولاً من أمراض وأوبئة التخلف، التي تنتقل إليه عبر هذه الخضروات والأسماك الملوثة تلوثاً مركزاً وعميقاً.
أليس مخجلاً سيدي الوالي أن نتذكر نحن سكان ولاية الخرطوم، أننا في عهد الاستعمار البريطاني كانت لدينا أسواق حديثة حتى بمعايير اليوم، حيث كانت الخضروات والفواكه تباع على مساطب عالية في زنك الخضار بالخرطوم... والآن أنتم تملأون سماءنا بالحديث عن الوطنية والإسلام ورفض القوات الأجنبية والتأصيل وغير ذلك من تلك العبارات الموسيقية الجميلة، وتطعموننا خضروات وفواكه وأسماكاً مخلوطة بكل ما هو ضار بالصحة في بلد تسرح وتمرح فيه الأمراض والأوبئة بحرية تامة؟.
هل هناك أمل سيدي الوالي أن تسمعوا صوتنا مرة واحدة فقط وتبدأوا في إنشاء أسواق مركزية حديثة للخضروات والفواكه والأسماك... أم أن ذلك كثير علينا كأمة متخلفة تحكمها صفوة متقدمة ومتحضرة ومرفهة؟.
ياسين حسن بشير
|
|
|
|
|
|
|
|
|