|
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. (Re: salma subhi)
|
بدأ خريف عام 1957، الجو بولاية أركنساس لا يزال دافئا وإن كان به ميل إلى البرودة... أوراق الشجر قد بدأت تتحول من الأخضر إلى الأحمر والبعض الآخر أصفرا باهتا ويسقط على الأرض بعد قليل. تلك الأوراق الناشفة التي سقطت على الأرض تثير صوتا حينما تسير عليها وكأنها تئن من وطء خطى الإنسان. تسعة فتيان وفتيات أكبرهم في السابعة عشر يتحدثون في بداية العام الدراسي عن التجربة التي هم بصدد خوضها، فالمدارس حتى وقتها كانت مقسمة ما بين مدارس للسود ومدارس للبيض وكان هنالك قرار من المحكمة الأمريكية العليا بوضع نهاية لهذا الفصل التعسفي وأن تكون هنالك مدارس جامعة لا تفرق ما بين ذوي البشرات المختلفة ألوانها. وتم اختيار شبابنا التسعة السود بواسطة إحدى جمعيات حقوق الملونين بناءا على درجاتهم ومقدراتهم الأكاديمية العالية لكي يكونوا أول طلبة سود في أحد مدارس أركنساس الثانوية والتي كانت مقتصرة على البيض فقط. وتساءل الشباب عن التجربة وعما ستجره عليهم ولكن المصير غامض وغير معلوم..إلا أنهم عاهدوا بعضهم البعض على المضي في التجربة، حتى النهاية.
.وجاء صباح الرابع من سبتمبر 1957 وتوجه التسعة طلبة إلى المدرسة التي كانت تموج بالغضب. أولياء الأمور وكل من أغضبه قرار المحكمة و(توسيخها) للمدرسة ببقع سوداء تجلس مع التلاميذ البيض ووقفوا أمام بوابة المدرسة في محاولة لمنع التلاميذ من دخول المدرسة، ولو بالقوة واستعان العنصريون بحاكم مدينة أركنساس (أورفال فابس)، الذي وقف بجانبهم وأرسل جيش المدينة لمنع الطلبة السود وإيقاف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة العليا حتى وأن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (أيزنهاور) قد أستدعى أورفال وطالبه بسحب الجيش وعدم التدخل مع قرار المحكمة، إلا أن الحرب العشواء في المدينة كانت فعلا مشتعلة ولم يعد لها حديث سوى هؤلاء الطلبة ومحاولة منعهم للدرجة التي أجبرت منظمة حقوق السود الطلب من التسعة تلاميذ البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها حفاظا على حياتهم، وقد حدث.
.بقى الطلبة السود ثلاثة أسابيع كاملة حبيسي منازلهم حتى قرروا محاولة الولوج إلى المدرسة مرة أخرى. وفي الثالث والعشرين من سبتمبر نجحت قوات الشرطة في إدخال التسعة طلبة خلسة إلى المدرسة، وذاع الخبر وبسرعة البرق أنتشر وساد الهرج والمرج وأزداد الغضب حتى أن قوات الشرطة اضطرت إلى إخراج التسعة طلبة، مرة أخرى، بالباب الخلفي حتى لا يلتهمهم المتظاهرون. وتحير مدير المدرسة ماذا يفعل، فهاهي قوات الشرطة لم تستطيع أن تفعل شيئا، حاكم المدينة ليس في صفهم وصامتا فقط بسبب تحذير رئيس البلاد، فماذا إذن الحل؟ ولم يجد المدير بدا من الاتصال بالرئيس (أيزنهاور) ومطالبته بالتدخل لتنفيذ الحكم شخصيا. وقام الرئيس في الخامس والعشرين من سبتمبر 1957 بإرسال قوة من الجيش الفدرالي لولاية أركنساس التي عملت على حماية الطلبة وإدخالهم بالقوة إلى المدرسة، ولأول مرة لم يستطيع أحد سواء من المتظاهرين أو من قوة المدينة التدخل، فللجيش الفدرالي القوة العظمى في البلاد.
.ودخل الطلبة التسعة إلى المدرسة وكانوا أول سود يستقر بهم المقام على مقاعد المدرسة والتي كانت مقتصرة على البيض في طوال تاريخها. ولم تنتهي مضايقات الطلبة السود بدخولهم المدرسة وإنما تعرضوا لموجة جديدة من التحديات مثل المعاملة السيئة والشتائم المختلفة حتى أن المدرسة قررت إلغاء العام الدراسي الذي تلاه ولكن بعد ضغوط شديدة عادت المدرسة وفتحت أبوابها لجميع الطلبة، وصار يمشي على أرضها أكثر من تسعة طلبة سود.
.وأحتفل الأعلام الأمريكي في خلال الأسابيع الماضية بمرور خمسون عاما على قصة الشباب السود التسعة الذين تحدوا الولايات المتحدة بأكملها وقرروا المضي في طريق تحفة الأشواك من كل جنب. أشواك أدمت أنفسهم ومعنوياتهم وكرامتهم قبل أرجلهم ولكنهم لم يعبئوا وساروا بقوة وثبات ليمهدوا لكل من أتى خلفهم طريق التعليم وليعززوا قيمة الإنسانية والمصلحة العامة قبل الفردية. وكما أحتفل الإعلام الأمريكي بالذكرى الخمسون للحادثة، احتفلت المدرسة الثانوية نفسها بطلابها التسعة الذين تخرجوا وواصلوا تعليمهم الجامعي حتى أن واحدة منهم اليوم هي رئيسة ذات جمعية حقوق الملونين التي وقفت بجانبهم وهم لا يزالون صغارا، وألقوا جميعهم كلمة في الاحتفال بالإضافة إلى مدير المدرسة وغيرهم من المتحدثين. لقد دخل الطلبة التسعة لكي يتعلموا ولكنهم علموا العالم، في ذات الوقت درسا في الإصرار على الحق والعزيمة أبدا لن ينسى.
.
.
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-26-08, 06:25 PM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | HAYDER GASIM | 02-26-08, 08:06 PM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | salma subhi | 02-26-08, 08:19 PM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-27-08, 04:23 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-27-08, 04:40 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-27-08, 04:50 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-27-08, 04:56 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-27-08, 05:12 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-27-08, 05:33 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | عماد محمود علي | 03-09-08, 10:58 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-27-08, 05:41 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 02-27-08, 05:37 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | الطاهر عثمان | 02-27-08, 07:35 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | معتصم دفع الله | 02-27-08, 09:07 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | غادة عبدالعزيز خالد | 02-28-08, 05:19 PM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | أبو ساندرا | 03-09-08, 07:59 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | HAYDER GASIM | 03-09-08, 10:55 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | أبو ساندرا | 03-09-08, 11:34 AM |
Re: غادة عبد العزيز خالد..قلم أنيق بيننا.. | Seif Elyazal Burae | 03-09-08, 07:03 PM |
|
|
|