دكتور " أحمد شامي " وعشرون عاماً منذ غيبته الكُبرى .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 01:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-11-2008, 08:56 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دكتور " أحمد شامي " وعشرون عاماً منذ غيبته الكُبرى .







    دكتور " أحمد شامي " وعشرون عاماً منذ غيبته الكُبرى.



    يا تُرى من يُخاطب روحَكَ مثلي ؟

    أتذكر هذه الصورة الضوئية التي جمعتنا في فناء مستشفى" إشبانداو "على أطراف برلين الغربية عام 1982 م وكيف طلبت أنتَ من أحد المارة أن يرسم صورة لكلينا بالكاميرا ، وأرسلتها لي من بعد سفرك ؟
    كنتَ قبل أن تودعني الوداع الأول تقول أنك ربما تزورني ، حين ينعقد مؤتمراً في "باريس" أو "لندن " لشركة( مي آند بيكر ) ، وكنت تقول"برلين "ليست بعيدة وسنلتقي .
    ساعتها تيقنت أنك ستزورني ، وتكسر كل عثرات الجفاء التي أبعدتنا وعدت لزيارتي وكنت كعهدي بك دائماً وفياً بوعدكَ . طرقت باب غرفتي الخاصة كعادتك ، وعدوت أنا لحُضنك الدافئ : صداقة وُلدت مع العُمر ، بل ومن قبل العُمر الذي كان جميلاً بوجودك ومُغبراً رمادياً بدونك .

    لن تستطع كل الدُنيا بزُخرفها أن تلهيني يوماً عن تذكر طلتك البهية . كلما ورد خاطر... فإني أراك لا محالة . تتوهج صورتك كرسول من القلة التي تمشي بيننا في دروب زمان و يُحبون الناس وينفثون الخير فيهم . لم نكُن نظن أننا معك كُنا بين البساتين الخُضر التي تصنعها السماء لنا عندما تنعقد على أتربة مُعلقة في الهواء الطلق والأنفس تتنفس بمشقةٍ . نجدك تُجمل أيامنا وأنت معنا .

    كل صفحات الجفاء الصحراوي تنعقد على الأهلة أعلى عينيكَ وتذوب بُستاناً نقُشه من زهور " القسموس " الحُمر على طرفٍ ، وعلى الآخر " الجنطيانا" البنفسجية ، و " دوار الشمس " بصفرته الفاقعة أو" زهرة الرمان" البرتقالية أو " البوغنفيلية " تُغطي سياجاً هنا وجُدُر هناك . صباح أنتَ مُشرقٌ .
    قالت شقيقتك الكُبرى عند رحيلك :

    ـ منذ نعومة أظفاري لم أسمعه يطلُب شيئاً لنفسه ، بل يسألنا تفاصيل حيواتنا الملتبسة ويُفرِّج عنا الكروب .

    كنت أفْسحُنا جميعاً نفساً مُتألقة . يغتسل من إبريق يديك كبار السن وتُفسح لمآكلهم ومشاربهم بالكرم وبالتواضُع .الربيع يهبط من أحلام النعيم عندما نجلس بين يديك للسمر ، نتعطر من حديثك بحلو المذاق وطعم الثمر .منذ عرفناك ، عرفنا أن موعد الحفاوة بوجودك بيننا ، هي برهة نزعناها من الكون ، نعيشها ونتمرغ في خصوبتها ، إذ هي موعودة بفراق ثقيل على النفس لا شكَّ أتٍ . يحفَّ قشرتها ويُرققها عذوبة وهي عُرضةً للنوائب . الأشقياء وحدهم يتحالفون مع المنية ولا يرحلون بيُسر ، كأنهم يرشونها لتمُد لهم في العُمر ، ونفتقدك نحن يا " أحمد "! .إنها لخسارة فادحة الدم المسفوح الذي لم يجِفّ .

    لم يزل خيرك فينا يا " أحمد " وقد رحلت عنا وغبتَ غيبتُك الكُبرى. لم يمر يوم السادس والعشرين من ديسمبر كل عام ، إلا والعُسرة تلاحقنا في كل شيء .يتكور الطعام زاد البقاء عصياً على الهضم ، فنعرف أنا في حضرة غيابك يُبلل المحاجر ندى أكبر من كل الفواجع التي نمشي عليها كل يوم ، وتبقى صورتك نجم نهتدي بحضوره البهي عندما تقسو علينا الدُنيا ، فتلتئم الجراح . لقد درَّبنا رحيلك لنتعود أن كل رحيل يهون . لم يكن تتالي الأعياد يمُر علينا إلا كخبزٍ جاف ونبيذ يسوع وهو يودع حوارييه .
    ربما يسأل من يرغب السؤال:

    ـ وما شأن القراء هنا بصاحب عُمركَ وصفيك لنقرأ عنه، أهو أدب المفارقة وصفحات البُكاء تندلق علينا ونحن نلهث لا نلوي على شيء ؟.

    مثلك يعيش كثيرون بيننا ، ولم نعرفهم حق عرفانهم إلا بعد فقدهم . يمضي الكون برفقة من توهجوا ، حفروا في النفوس نحتاً لن يزول برحيل منيةٍ فاجعة . مثلك من الرفقة من هم في مصاف الرُسل بمسلكهم : محبة وإيثار نفس ورحابة فوق السحاب ومطر غيث يأتي لأرض باسطة أذرعتها تنتظر التكاثُر. نجد أمثالك وقت الحاجة ، هاشين باشين ، يذيبون الأسى بماء الشهد ويسقوننا عبق الربيع في اليوم الأغبر. هم قلة نلمحهم بيننا كلمح البصر في زحام الحياة ، إن صبرنا على دهرنا قطفنا ورد نعيمهم وتزودنا بزاد لا ينضب . يمرون على دُنيانا مرور البروق .

    كنتُ أفتح عيني من خدر الاستشفاء ذات زمان ، وأجد يديك مُمسكة يدي ، تُصافِح ببسمة مشرقة لم تقدر كل السنوات العشرون أن تمحو حنان نظرتك وأنتَ تحكي النوادر على سرير مرقدي، فأُقبل على الدُنيا بسراجكَ الذي يُضيء ما يختبئ من ظلمة ومن أسى .

    كنت أسأل نفسي في كل مرة :
    ـ أدعوة النسيان تُريح أم أن الذكرى الطيبة باقية تمنحنا القوة أن نكون كما كنتَ تَود لنا أن نكون ؟
    على مائدة دعوتنا أنت ذات زمان : أنا و مخطوبتي لتُحدد موعد الزفاف . لاحقتنا ُتذلل التفاصيل ، وتفُكَ تعقيد ضفائر مواسم الأعياد الخاصة وتبقى الفرحة حق مُستباح، يستريح عنده الأهل والأصدقاء والأحباب والجيران ومن جاءت بهم الصُدف . كنت دوماً تقول :
    " سأكون وزيرك عند الزفاف . "
    وقد كان.

    كنت رفيقنا من البيت وإلى الحفل الساهر ، ومن بعده انتظرت أنتَ الطقوس الموروثة وأربطة الحرير ونفث الحليب وأنتَ تضحك من أماني الأمهات العذبة :
    ( تَغلِبا بالمال وتَغلِبَكْ بالعيال ).

    إلى المطار نحن برفقتك كُنا أضيافاً في سيارتك " الهوندا " وإلى صالة الوداع في مطار الخرطوم عندما كان الخروج سهلاً والدخول لكل دول العالم أيسر ،و نتذوق الشهد من بطون النحل . بُهار المحبة بسمة منك وتعليقٌ وطُرفة . مِسك الدُنيا صحبتك ونعيمها مُجالستك ، وأنت الآن بيننا روحٌ تُحلق في عليائها تُبصِر ولا تتحدث .

    أول مرة رأيتك كنتَ لي صديقاً ، قافزاً فوق كل درجات العلائق : اثنان وعشرون عاماً منذ التقينا وإلى فراقك الأبدي . بدأنا نشأة الصبا وفوران الجسد وجوع العقول إلى الزاد. أحببتََ أنتَ لُعبة كرة السلة والقراءة ، وفتنتك الفلسفات التي تتخفى من وراء خطاب السياسة . كنتَ منفرداً برؤاك ومُشاركاً بالإيجاب في أزمات وطنك ونأيت بنفسك عن المثالب وقصور الرؤى. لا تغريك بساطة طرح الأفكار بقدر عمقها واستنادها على فكرٍ ورؤية مستقبل وعمل يسلك المنهاج الواضح ويدعو لتغيير الواقع إلى الأفضل . الحداثة بهلاميتها أصدق وصفٍ لما كنتَ تَحلُم بتحقيقه على مستوى حياتك كفرد وتحت دوحة أوطانك المتعددة التي عاشرتها... هُنا وفي المهجر . خُلُقُكَ من صناعة الأرياف بصفائها الذي تذوقتها طفولتك في " تنقاسي " . بين فارع النخيلِ بقشر سيقانه الغليظ التي يحاول " العفاريت " الصغار صعودها في طفولتهم ، نَمَتْ فيك "شقاوة " الطفولة ونقاء سريرتها و دفء العشيرة وقسمة الخُبز معهم . قبل المهاجر وغناء الحنين في حضرة " إيقاع الدليب " وموسيقى الطنبور كنتَ مرقداً للتُراث ، نبتَّ معك أفضله إنسانية .
    سيدي ، يا صاحب الغيبة الكُبرى ورحيل الأبد ،
    أنقدر نحن على السلوان من بعد كل تلك السنوات ، وروحك تحل علينا عند كل ساعة صفاءٍ تمنحها لنا الدُنيا ،أو نركض في أثر العيش وفتنة الرغائب ؟

    خير تميمة : نبتةٌ في مزرعة أرضها مملوكة بحُرِّ مالٍ ، بعيدٌ مكانها تختبئ من عيون أهل السياسة . أرضٌ لا يتغير أهلها بسبب ضيق ذات اليد ، نزرع في بطنها فسيلة نخلٍ باسمك كي تحيا ناهضة ، باسقة بيننا . نحوطها بأعيننا ونُخيط لها سياجاً ونغرز في ساقها ما يحميها من السوس وأمراض الشَجر ، وتبقى ذكراك حية نأكل من تمرها إن أفسح لنا العُمر . هي تجمع أصدقاءك من أطراف الأرض وفسيح الدُنيا ، فالأرض التي غطك ثراها لقادرة أن تُعيد لنا بسمك و وسمك لنُجالسه من جديد ، بطعمٍ جديد .

    ألف سلام عليك يا كرازة الخير ، ترحل في السهول والوديان روحك مرفرفة في النعيم بإذن أحد . رحلت سيدي و انغرزت سكين محبتكَ في الفؤاد عصيةً على الزمان وعجائبه . نعُمت مُغرداً في بساتينٍ خيرها ممدود وصرحها منضود لإخوة الصفا .
    سلام عليك وأنتَ تطلّ في أحلام الصحو وأحلام العافية ، تًذكِّرنا أن المحبة تهب النعيم ولو بعد حين .

    عبد الله الشقليني
    19/01/2008 م

    ****

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 02-11-2008, 09:56 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 02-12-2008, 04:44 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
دكتور " أحمد شامي " وعشرون عاماً منذ غيبته الكُبرى . عبدالله الشقليني02-11-08, 08:56 PM
  Re: دكتور " أحمد شامي " وعشرون عاماً منذ غيبته الكُبرى . عبدالله الشقليني02-12-08, 06:36 AM
  Re: دكتور " أحمد شامي " وعشرون عاماً منذ غيبته الكُبرى . صديق الموج02-12-08, 11:00 AM
  Re: دكتور " أحمد شامي " وعشرون عاماً منذ غيبته الكُبرى . عبدالله الشقليني02-12-08, 04:08 PM
  Re: دكتور " أحمد شامي " وعشرون عاماً منذ غيبته الكُبرى . عبدالله الشقليني02-20-08, 06:44 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de