المــــهدية مابين الثورة والمتاهة (في ذكري فتح الخرطوم 26/يناير 1885 م ...) ________________________________________________________________________
الدولة المهدية
حكم الخليفة لم يستطع حتى سقوطه أن يؤسس لمنهج دولة بالمعني المفهوم للدولة ولو حتى على مقاييس تلك الأيام حيث انصرف لتأسيس دولة محاربة ( دار حرب ) في واقع كان عليهم فيه أن يعطوا الدولة الوليدة راحة وهدنه بعد الحروب التي خاضتها المهدية لطرد المحتل فستند في تقسيماته الإدارية والمالية لما توافر عن دولة الإسلام في عهدها الأول في تقسم الجيوش والبلاد لإمارات وتقسيم السلطات الإدارية لاقتصادية ( بيت المال ) ... الخ , لكن غلب الرجل الولاء للعرق والقبيلة أكثر من الولاء للثورة ثم عدم وجود نظره استراتيجية سليمة تستوعب الأوضاع وتجعل السياسة محكومة بمعطيات الواقع وهما أهم عاملين لسقوط الدولة المهدية .
( أ ) عدم بعث الروح القومية والصراعات الجهوية :
وصول الخليفة للحكم لم يكن مصدر ارتياح للكثيرون ( أل البيت ) بيت المهدي بقيادة الخليفة على ود حلو وظنهم بالأحقية في تولى السلطة , وزعماء العشائر الكبيرة بالسودان وخصوصا أهل غرب السودان وهم من ساند المهدية منذ أن كانت ثورة صغيرة تتحصن بجبال ( تقلي ) فكان موقف زعماء عشائر كبيرة مثل( مادبو ) ومن منطلقات عشائرية لا تختلف عن موقف الخليفة نفسه باعتبار التعايشة ليست بالقبيلة الكبيرة التي ستحكم قبائل أكبر واعرق تاريخا لم يجتهد الخليفة في توحيد تلك التباينات لوصول لرويا قومية بل عمق لها من حيث لا يدري بأن جعل أدارته من عشيرته المقربين فجعل أبنه شيخ الدين قائد لحرسه ومن أخوه يعقوب ( جراب الرأي ) مستشار لدولته وسجن أغلب خصومه وأقواهم الخليفة على ود حلو وسلطان الفاشر وكثيرون من زعماء العشائر وعمق التفرقة أكثر حينما أعتمد جيش مقسم لرايات على أسس قبلية وجهوية وهو ما كان معتمد من قبل الإدارة التركية ولكن من أسقط حكمهم السودانيون بكل قبائلهم حينما عملو معا يد واحدة ( بثورة شارك فيها أهل الغرب والشمال والوسط والشرق جميعا يد بيد )
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة