صوت المتكلِّم في القرآن الكريم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-25-2024, 00:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-23-2008, 12:05 PM

محمد حسبو
<aمحمد حسبو
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 365

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل أُنزِل القُرآن جُملةً؟ (Re: محمد حسبو)

    سلمى صبحي
    ألف شكر.

    الصديق عجب الفيّا

    ما دام أبيت تتصل ح أضرب ليك أنا، أهو منّها نتناصح في ما أنتم فيه مختلفون.
    في حدود ما أذكر فإنّ علم الكلام لم ينشأ حول ظاهرة تعدّد أصوات المتكلّم، بهذا المعنى قيد الدراسة، بل نشأ في أصله من عديد من المسائل التي لم يكن من ضمنها مراتب صوت المتكلِّم، مثل خلق القرآن، أزليّته أم حدوثه و علاقة ذلك بصفة العلم، ثم مسألة الصفات الإلهيّة، هل الله متكلِّم، و المواضعة الخ، لكن أنا حقيقة لم أجد ضمن منشأ علوم الكلام و الجدل ما ركّز على هذه الخاصّية من خواص النص، و الله أعلم.
    و ربما تعرّض نصر أبو زيد، هذا الرجل الجليل، لشيء من هذا ضمن مضمار آخر، أي لا أذكر أنّ في كتابه "مفهوم النص" مبحث حول ظاهرة التعدّد بشكلها المُحدّد. (كويس ذكرتني استرجع الكتاب من مُستلِفه)
    و مقدّر اهتمامك و الله.

    العزيز بكري ود علوم

    مشتاقين يا راجل، و سامعين عنّك كل خير، و متابعك برضو.
    و شكراً يا بكري على ثناءك، و أمر التراث بتاع الأديان دا أمر النضم فيهو كتير، و مسلكنا تجاهو كعب و غبيان، الثقافة تطير إن بقت تأطير و تنظير و تقعير و طبولوجي ابستمولوجي لا غير، دي عقدة نقص ماها ثقافة براها. فهل من مُدّكر؟
    ميرسي للإشارة لموضوع سودانفورأوول، أضيفه هنا لتوسعة المشهد.

    Quote:
    هل أُنزِل القُرآن جُملةً؟

    كان القرآن الكريم، المجموع بين دفتي المصحف، بوصفه النصّ المركزي بل و المؤسِّس للحضارة الإسلامية، مادّة لصراعات دموية و محن [1] في تاريخ الجدل الفكري الإسلامي، و قد صاغت الافتراضات المختلفة حول ماهيّة النص مدارس تباينت في نظرتها من ثم إلى المبادئ الأساسية التي تقوم عليها النظرية الدينية الإسلامية.

    و لئن كنّا نعلم ما انتهى إليه هذا الجدل حول ماهية القرآن و تطوّر علوم الكلام، بالانتصار السياسي للفكر الجبري الأشعري، فإن علينا ملاحظة المحمول الحرفي لمفردة " انتهى" هذه، فقد زهد هذا الرأي المنتصر في مواصلة التفكير في قضايا كثيرة عمر فيها الاصطراع، بل عمل على خصمها من قائمة ميادين تطوّر الفكر الإسلامي، و يبدو جليّا اليوم أنه كان خاض فيها بالأساس مرغما، تحت وطأة الضغط الذي أنتجه تعاظم المنحى النقدي في الفكر الإسلامي منذ فجره الأول، و انبثاق حواضن للفكر العقلاني في مركزه و تخومه المستوردة، تحت صليل مبارزة الفتنة السياسية و الفساد و الاحتكار في المركز، و الورثة التي تسعى حيّة لمعارف أديان و مذاهب متنوعة في أهداب المملكة الإسلامية المهملة، لقد لجأ التيار الجبري الأشعري، إلى الحفاظ على ما غنمه من نصر، مستخدما بفعالية كل أدوات هيمنته على الشعوب في قبضته، معتمدا على تثبيت موقفه منها –باعتباره ذوقا عاما- في الوعي المتوارث من خلال شعاب سرّية تعيد تصوير البحث فيها كضرب من المحرّمات.

    نستهل بعض المراجعات لهذه القضايا الخلافية حول القرآن من العرض النقديّ لتأويلات الآية {إنّا أنزلناه في ليلة القدر} على أمل أن يتلإبّ طريق البحث لتتيسّر تغطية حزمة من القضايا ذات الصلة و أهمها القول في أزلية النص القرآني و قِدمه

    {إنّا أنزلناه في ليلة القدر} التأويل و المشكلات

    نلتمس أوّلا ما اتُّفِق عليه حول معنى الآية (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) و تآويلها.

    قول المفسّرين و حجّتهم:

    يبدو معنى الآية مشكلا، و لكن قبل ذلك، ننبه إلى اتفاق التفاسير حول أن المعنيّ هو القرآن، أي أن المُنزَل المقصود هو القرآن، رغم أن الآية نزلت في مستهل السورة و ليس هناك ما قبلها مما يُرجع إليه الضمير، إلا أن إحدى الحجج المعتبرة و التي ترجح أن القرآن هو المعني بالضمير، ما ذهب إليه القرطبي في ربطه بين الآية و اثنتين من آي القرآن في قوله: " يعني القرآن و إن لم يجر له ذكر في أول السورة، لأن المعنى معلوم، و القرآن كله كالسورة الواحدة. و قد قال: {شهر رمضان الذي أُنزِل فيه القرآن} البقرة 185، قال: {حم. و الكتاب المبين. إنّا أنزلناه في ليلة مباركة} الدخان 1 – 3" [2].

    يبدو معنى الآية مشكلا كما أسلفنا، و الحال كذلك، لأن المعلوم قطعيا أن القرآن كان ينزل على النبي محمد "ص" منجّما، أي متفرِّقا في الزمن، و لم ينزل عليه جملة، بل إن هناك آية قرآنية صريحة تفسِّر عدم إنزاله عليه ص جملة ردا على سؤال وجهه المشركون في مكة إلى رسول الله، فقد طلبوا من النبي أن ينزل عليهم كتاباً من السماء أسوة بالكتب السابقة التي نزلت على اليهود كالألواح التي تلقاها موسى من الرب في جانب الطور من سيناء، فجاء الرد القرآني ليوضح عِـلّة التنجيم –أي نزول القرآن متفرقا، و هي تثبيت فؤاد المتلقي (ص) كما نصّت الآية {وقال الذين كفروا لولا نُزِّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبِّت به فؤادك} – سورة الفرقان، آية 32-، فكان البحث عن معنى لكونه أُنزِل في ليلة القدر -بما توحي إليه من الإنزال كلّاً واحداً- في مستوى آخر من مستويات التنزيل أو في معنى الإنزال نفسه. و تحليل هذا المفهوم المزدوج –جملة و منجّما- لكيفية نزول النص هي الخطوة الأولى إلى باطن المشكلة.

    نقتطع بعضا مما جاء في مؤلّف الإمام جلال الدين السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، في باب كيفية إنزاله، حيث أوضح أنّه قد اختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال:

    "أحدها وهو الأصح الأشهر: أنه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك منجماً في عشرين سنة أو ثلاث و عشرين أو خمس و عشرين على حسب الخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة." [3]
    و الأحاديث التي يستند إليها هذا الرأي تنتهي بسندها إلى ابن عباس في الغالب، أي تمثّل فتوى ابن عباس نفسه، نُورِد منها ما أخرجه الحاكم وابن أبي شيبة من طريق حسان بن حريث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (فُصِل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، فجعل جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم) و تتعدد الروايات و الأحاديث و يبقى الاستخلاص المتعلق بالرأي الأول هو أن القرآن أُنزِل جملة من اللوح المحفوظ ليلة القدر إلى بيت العزة بالسماء الدنيا ثم توالى إنزاله بعدها من جبريل إلى محمد حسبما اقتضت الأحوال و الإرادة

    "القول الثاني: أنه نُزِّل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة قدر و ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين في كل ليلة ما يقدِّر الله إنزاله في كل السنة، ثم نُزِّل بعد ذلك منجماً في جميع السنة. وهذا القول ذكره الإمام فخر الدين الرازي بحثاً" [4] -يقصد احتمالا-

    هذا القول ليست له غلبة أو ترجيح حسبما نلمس من عرض الإمام السيوطي. قال ابن كثير: وهذا الذي جعله احتمالاً نقله القرطبي عن مقاتل ابن حيان. إضافة لكونه في المحصِّلة، تنويعا للرأي الأول نفسه

    (القول الثالث: أنّه ابتدئ إنزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجماً في أوقات مختلفة من سائر الأوقات وبه قال الشعبي).

    (وقد حكى الماوردي قولاً رابعاً أنّه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة، وأنّ الحفَظَة نجّمته على جبريل في عشرين ليلة، وأنّ جبريل نجمه على النبي صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة، وهذا أيضاً غريب، و المعتمد أنّ جبريل كان يعارضه في رمضان بما ينزل به طول السنة) [5]

    يتفق ما ذكره السيوطي مع ما جاء في تفسير القرطبي أيضا إلا أن القرطبي يستهل من رأي الشعبي قائلا: "يُريد في ليلة القدر. و قال الشعبي/ المعنى إنا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر." ثم يعرض القرطبي ما سواه من آراء: "و قيل: بل نزل به جبريل عليه السلام جملة واحدة في ليلة القدر، من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، إلى بيت العزة، و أملاه جبريل على السفرة، ثم كان جبريل ينزله على النبي ص نجوما نجوما" و أيضا "حكى الماوردي عن ابن عباس قال: نزل القرآن في شهر رمضان، و في ليلة القدر، في ليلة مباركة، جملة واحدة من عند الله، من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة الكرام الكاتبون على جبريل عشرين سنة، و نجمه جبريل على النبي ص عشرين سنة. قال بن العربي: "وهذا باطل، ليس بين جبريل و بين الله واسطة، لا بين جبريل و محمد عليهما السلام واسطة" [6] (نتأمّل هنا إبطالاً من ابن العربي و آخرين أيضا لرواية تنتهي إلى ابن عبّاس)

    قد نكتفي حاليا بما لخّصه السيوطي و القرطبي، و سنلتمس الآراء الأخرى خلال مناقشاتنا التالية

    اعتراضات:

    لعلنا في مقام آخر نتطرق إلى ما أورثه مفهوم "الإنزال" من صراعات، محورها أن الإنزال الوارد في هذه الآية، و مترادفاته في آيات أخريات، عندما يتم تفسيره بمقتضى ظاهر اللفظ، إنما يعني (بالضرورة اللغوية) تحديد جهة لـ"مكان" المُنزِل – الله، و هي الأعلى أو فوق لكون الإنزال يقتضي العلو و التحتية، لذلك حرص القطب الرازي في حواشي الكشّاف على منع معنى التحريك من أعلى إلى أسفل عن الكلام (!) و التوكيد على أنّ الإنزال هنا مستعمل على المجاز. نؤجّل هذا لأن المشكلات لا تبدأ بسؤال الـ "أين"، بل تتعلق بـ "متى"، أو تنطلق من السؤال حول زمان إنزال القرآن نفسه، خاصة عند التعامل مع التفسيرين الأول و الثاني أعلاه.

    رغم أن الفقه الإسلامي المؤسّس على الرأي الأول فيما أورده السيوطي قد ختم على هذه المسألة، من خلال الإجماع على ثبوت هذا الرأي القائل بجاهزية النص القرآني مسبقا أو حتّى منذ الأزل و المستند إلى اجتهاد ابن عباس رضي الله عنه، و من خلال تجاهل ما سواه خصوصا الرأي الثالث الذي قال به الشعبي، بل و تجاهل الشعبي نفسه فيما بعد، و الشعبي أحد أكثر التابعين معرفة و علما بالقرآن نفسه [7] و مؤهل لمصاف المرجع المقبول مثلما هو الحال مع ابن عباس نفسه، إلّا أنّ رأي ابن عباس لا يضع نهاية لمشروعية البحث في حجة الشعبي، فاجتهاد ابن عبّاس لو سلمت روايته من الأذى لا تجب له العصمة.

    اقتفاءً على هذا السبيل، لدينا محاولة معاصرة مهمة -لا يلتّها قيمتها قلة التفصيلات فيها لكونها جاءت في سياق معالجة فرضية أشمل- للباحث الدكتور نصر حامد أبو زيد في مقاربة هذه الآية و تآويلها من منطلق منهج نقد الروايات.

    يقول الدكتور أبو زيد بشأن نزول القرآن ضمن تأكيده على موقفه القائل بجدلية النص/ تفاعله مع الواقع و نفيه صفة القدم عنه ما يلي:
    (و يمكن أن نتلمس الانحراف الذي أصاب هذا الفهم لعلاقة النص بالواقع –على مستوى الفكر الديني في مناقشة علماء القرآن لقضية كلامية محورها آيتان من القرآن ذاته

    شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
    إنا أنزلناه في ليلة القدر

    و كان السؤال هو: هل كان الإنزال المذكور في الآيتين إنزالا لجملة القرآن كما يفهم من ظاهر النص، أم أن المقصود بالإنزال في الآيتين الابتداء بإنزاله؟

    و رغم أن فهم الإنزال المذكور في الآيتين بأنه ابتداء الإنزال هو الفهم الذي يستقيم مع الواقع، و أنّ ما سوى ذلك يقوم على مجرّد الافتراض الذهني، فإن علماء القرآن يضعون الفهم الحقيقي بوصفه مجرد افتراض و يحوِّلون الافتراض إلى حقيقة تساندها الروايات) [8]

    و يواصل أبو زيد بعد عرض رواية الزركشي الشبيهة برواية السيوطي بعاليه: (ليست هذه الافتراضات و التحمّلات كلّها إلّا لتجنب اتخاذ أي موقف نقدي من الروايات القديمة كما سبقت الإشارة. و الحقيقة أنّه لم يكن ثمة نزول مجمل للنص من مكان إلى آخر وراء عالم الأرض، عالم الوقائع و الجزئيات، ذلك أنّ مثل هذا التصور لا تعارضه الآية محور النقاش فقط، -يقصد استعمال صيغة الماضي "أنزلناه" ضمن نص قديم لمّا ينزل بعد- بل يعارضه النسخ و إزالة حكم النص و منطوقه. و صيغة الماضي الواردة في الآية محور النقاش صيغة دالة بحقيقتها من حيث ابتداء النزول أولا و من حيث الموقف ألاتصالي –حال الاتصال كما ورد في الفصل السابق- ثانيا.) [9]

    و استطرادا نقول إنّ التأويل الذي يقول بالطبيعة المزدوجة لنزول النص، جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم منجّما من السماء إلى الرسول (ص)، فوق أنّه مجرّد تأويل لا يرقى إلى منزلة المقدّس، فإنّه يضعنا أمام مشكلات نلخصّها فيما يلي:

    الأول: أنّه ينسف -مثله مثل القول بأزليّة النص- الأساس المنطقي لأسباب النزول و التي هي عماد هام في مهمة تفسير و تأويل القرآن و استخلاص مراده.

    الثاني: يناقض المفهوم الأشعري الذي يتمسّك به أصحاب فرضية الإنزال جملة أنفسهم، و القائل بأن كلام الله نوعان: نفسي قديم و فعلي حادث، فالأولى بمن يقول بهذا التقسيم إلّا يعود للحديث عن نص جاهز جملة و منزل جملة، فلا معنى لأن يكون بعضه حادثا ما دام قد سبق الحوادث! و الأولى أن يكون كلّه قديم

    الثالث: مفهوم النسخ في القرآن يعبّر عن استجابة النص القرآني للتطوّر في مجتمع المُخاطَبين الأُول، إزالة لنصوص، أو تعديلا لحكم منصوص عليه بنص حكم آخر، هذين الإجراءين يستبعد عقلا أن يكونا جزءا من النص المسبق الوجود، و إلا قضى ذلك بجبرية مطلقة لمجمل أفعال البشر صغيرها و الكبير

    الرابع: لا مسوِّغ عقلي أو شرعي للقول بالنزول على صورتين جملة و تنجيما، بل يبدو أن هذا الرأي القائل بالإنزال جملة إلى بيت العزّة قد أُثير منافسةً لبني إسرائيل الذين افتخروا بنزول الألواح جملة على موسى و تكليم الله إياه كدليلين على رفعة شأن "نبيّهم و ألواحهم" منزِلةً على شأن "نبي العرب و قرآنهم"، فاستولد المؤول هذا الرأي ليهَب القرآن خاصة النزول جملة عبر تحليل غيبي لا منطق وراءه سوى المكايدة.
    و لعل فرضية المنافسة مع اليهود تجد تفسيرا عندما نلمح إلى ما ورد حول سبب نزول السورة نفسها، حيث تلتقي الروايات على أنّه: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فتعجب المسلمون من ذلك، فأنزل الله تعالى {إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ، وَما أَدراكَ ما لَيلَةِ القَدرِ، لَيلَةِ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرِ} قال: خير من التي لبس فيها السلاح ذلك الرجل.

    الخامس: أنّ القول بالوجود السابق للنص القرآني يحتمي أيضا وراء فرضيات غير مسنودة عن ماهيّة اللوح المحفوظ الذي ذكر في سورة البروج ضمن {بل هو قرآن مجيد. في لوح محفوظ} و قد كثرت الروايات في صفة اللوح المحفوظ، المهم، أنّ التصوّر بوجود النص القرآني منذ الأزل في اللوح المحفوظ هو مما ساعد على ارتكاب فرضية إنزاله جملة من هذا اللوح إلى السماء الدنيا، و واقع الأمر أن هذا يدخل في باب بناء افتراض بمُعطى افتراض أوهن منه، فاللوح المحفوظ (و سنأتي على تفصيل القول فيه عند مقاربة مشكلات تدوين النص القرآني في المصحف) تحيط به جملة من الروايات التي لا يُعتد بمنطقها، ليس هناك ما يدعم صفة أزليته، و ليس هناك ما يدعم تطابقه مع القرآن الموجود في المصحف –إن قبلنا أنّه سجل للقرآن كما أوحى به الله -، القصد في شأن موضوعنا أن لا حجة في فرضية وجود القرآن في اللوح مسبقا فلا يجوز إذن البناء عليها تقوّلا بإنزاله منه "جملة" إلى السماء الدنيا ليلة القدر.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    هامش:

    [1] كان الخلاف حول القرآن سببا في أكثر من محنة في التاريخ الإسلامي، مباشرة أو ترتبا، و أبرزها محنة الصحابي ابن مسعود إبان جمع القرآن على عهد الخليفة عثمان (رفض أول الأمر تسليم نسخته ما عرّضة للضرب و وفاته جرّاء ذلك)، ثم محنة الجعد بن درهم (قال بخلق القرآن ثم ذبحه خالد بن عبد الله القسري تحت المنبر صبيحة عيد الأضحى)، ثم محنة جهم بن صفوان (رغم أنّه مؤسس مذهب في الجبرية إلّا أنّه كان يقول بخلق القرآن، قُتل بناء على أمر الخليفة هشام بن عبد الملك متهما بالدهرية و لخروجه مع الحارث بن سريج لمعارضتهم بني أميّة)، ثم محنة الإمام أحمد بن حنبل (اعتقل على أيام المأمون لقوله أنّ القرآن غير مخلوق معارضا المعتزلة) ثم محنة المعتزلة أنفسهم لاحقا و التي طالت إبادة آثارهم نفسها.
    [2] الجامع لأحكام القرآن - القرطبي، ط دار الكتب العالمية، المجلّد العاشر، الجزء العشرون ص 88
    [3] الإتقان في علوم القرآن، للإمام جلال الدين السيوطي، ط دار الفكر 2005، الجزء الأول، ص 57
    [4] نفسه ص 58
    [5] نفسه
    [6] نفسه
    [7] الشعبي صاحب الرأي بابتداء نزول القرآن ليلة القدر، ورد التعريف به في بعض التراجم، لم يُؤثر عنه تركه مؤلفات ما، سوى ما جاء في تاريخ بغداد من أنه ترك مؤلفا اسمه الفرائض و الجراحات (و تاريخ بغداد للخطيب الجوزي و وفيّات الأعيان لابن خلِّكان هما أبرز التراجم التي نعثر فيها على تصنيف للشعبيّ – موقع الورّاق على الانترنت)، ما نجده في الترجمات هو نذر يسير لو قورن بمكانته في زمنه و كثرة الاستشهاد بعلمه في مختلف أمهات المراجع الإسلامية، في القرآن و الحديث خصوصا، بوصفه من أجلّ التابعين و قد سمع و تعلّم على أيدي الصحابة و يقال أنه جالس خمسمائة منهم، كذلك قيل عنه:
    -(العلماء أربعة: سعيد بن المسيّب بالمدينة و عامر الشعبي بالكوفة و الحسن بن أبي الحسن البصري بالبصرة و مكحول بالشام) (الزهريّ)
    - (كان عمر بن الخطاب في زمانه رأس الناس، و كان بعده ابن عباس في زمانه و كان بعد بن عباس في زمانه الشعبي و كان بعد الشعبي في زمانه سفيان الثوري) (مُثبت بروايتين بطريق محمود بن غيلان عن أبي أسامة و بطريق عبد الرزّاق عن ابن عيينة)
    - (ما رأيت أحدا أعلم بسنة ماضية من الشعبي) (مكحول عن طريق عبد الرحمن بن يزيد و كذلك بصيغ أخرى عن مكحول و أبي مخلد و سفيان بن داود)
    [8] نصر حامد أبو زيد، مفهوم النص – دراسة في علوم القرآن. المركز الثقافي العربي، ط الخامسة. ص 100 – 101
    [9] نفسه ص 102


    http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=1520&...54a542dc787cbd2e91e0

    .
                  

العنوان الكاتب Date
صوت المتكلِّم في القرآن الكريم محمد حسبو01-21-08, 06:14 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Omar Bob01-21-08, 07:03 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Emad Abdulla01-21-08, 07:04 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم محمد الأمين موسى01-21-08, 07:38 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم محمد الأمين موسى01-21-08, 07:47 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Zoal Wahid01-21-08, 07:41 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم تيسير عووضة01-21-08, 07:44 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Mohamed E. Seliaman01-21-08, 07:49 AM
  صوت المتكلِّم في القرآن الكريم محمد حسبو01-21-08, 07:51 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم salma subhi01-21-08, 07:59 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Mohamed E. Seliaman01-21-08, 08:14 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Agab Alfaya01-21-08, 08:08 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم abubakr salih01-21-08, 08:36 AM
  صوت المتكلِّم في القرآن الكريم محمد حسبو01-21-08, 09:03 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم معتز تروتسكى01-21-08, 09:40 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم عبد الله عقيد01-21-08, 09:44 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Mohamed E. Seliaman01-21-08, 09:57 AM
  تعدّد محمد حسبو01-21-08, 01:10 PM
    Re: التقوى تاج المكرمة Safa Fagiri01-21-08, 02:05 PM
  الناس الناس محمد حسبو01-22-08, 06:25 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم أبو ساندرا01-22-08, 07:12 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Mohamed E. Seliaman01-22-08, 09:27 AM
  تقريع محمد حسبو01-22-08, 09:23 AM
    Re: تقريع Mohamed E. Seliaman01-22-08, 12:19 PM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم شبشة01-22-08, 10:54 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم abubakr salih01-22-08, 12:32 PM
      Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Mohamed E. Seliaman01-23-08, 08:24 AM
  السلف الناقد الصالح. محمد حسبو01-23-08, 06:15 AM
  هل أُنزِل القُرآن جُملةً؟ محمد حسبو01-23-08, 12:05 PM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم REEL01-25-08, 06:35 PM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم نهال كرار01-28-08, 05:19 AM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Mohamed E. Seliaman01-28-08, 06:41 AM
  جنّة البُلُه محمد حسبو01-28-08, 09:48 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم أبو ساندرا01-28-08, 09:58 AM
  Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم نهال كرار02-08-08, 01:21 PM
    Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم bent-elassied02-08-08, 02:25 PM
      Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Mohamed E. Seliaman02-09-08, 07:37 AM
      Re: صوت المتكلِّم في القرآن الكريم Mohamed E. Seliaman02-09-08, 08:11 AM
  Why haven't we been told this before؟ محمد حسبو02-10-08, 02:05 PM
  Christians Wrong About Heaven, Says Bishop محمد حسبو02-10-08, 02:29 PM
    Re: Christians Wrong About Heaven, Says Bishop Mohamed E. Seliaman03-16-08, 07:28 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de