مظاهرات عارمة في السوق العربي (الاستاد)

Quote: خالد فضل * الاستاذة سناء حمد العوض، مسؤولة قطاع الطلاب بحزب المؤتمر الوطني، اعترفت بجرأة غير معهودة بمسؤولية طلاب حزبها بجامعة الجزيرة عن مقتل الطالب (أبو العاص) بكلية التربية- الحصاحيصا- ولم تنس أن تسند الحادثة الى تصرف فردي ومعزول. نعم هكذا نشرت صحف الخرطوم بيان الاستاذة المحترمة سناء، وتقول رواية طلبة كلية الحصاحيصا، أو على الأقل طلبة الجبهة الديمقراطية، إن الاعتداء كان منظماً، وقامت به جماعة من طلاب المؤتمر الوطني مع إشارة الى تواطؤ، إن لم تكن مشاركة ميدانية من جانب جهة (نظامية)، وأياً كانت صدقية رواية طلبة الجبهة الديمقراطية من عدمها، فصاحب العقل يميز، فقد ثار لغط كثير بشواهد متعددة في معظم إن لم يكن كل أحداث العنف التي شهدتها ساحات الجامعات السودانية بطول البلاد وعرضها، والتي كان قاسمها المشترك الأعظم (طلبة المؤتمر الوطني) مسنودين بذات الجهات التي راج اشتراكها أخيراً في أحداث الحصاحيصا، كما أن طلبة الجامعة الأهلية على وجه التحديد يروون رواية متماسكة عن واقعة حرق بعض مكاتب الجامعة، وضرب وتعذيب استاذ جامعي، اضافة لاختفاء الملف الاكاديمي لأحد منسوبي المؤتمر الوطني من طلاب الجامعة، من على منضدة نائب مدير الجامعة، اضافة لاتلاف وحرق كل التسجيلات الاكاديمية للجامعة، ويومذاك لم تقل الاستاذة سناء، إن طلبتها هم من قاموا بتلك الغزوة المباركة في الجامعة الأهلية، ولم تصف تصرفهم ذاك بأنه تصرف فردي ومعزول، ورغم أن ما من حادثة فردية قام بها (شخص معزول) من عضوية المؤتمر الوطني، اللهم إلا حادثة اغتيال الطالب بشير الطيب - يرحمه الله- بوساطة أحد منتسبي حزب الحركة الاسلامية، غدراً وغيلة في ردهات جامعة الخرطوم، حيث كمن ذلك القاتل في أحد الازقة في مجمع الوسط بالجامعة، وقام بطعن المرحوم بشير الطيب الطالب بكلية الآداب وقتذاك، وقد سرت احاديث في تلك الايام من أعوام التسعينيات الباكرة من القرن الماضي، بأن القاتل قد صرَّح لبعض المقربين منه، بأنه ينفذ توجيها من (أمير المؤمنين) كما شاع عن (توجه مجلس قيادة الثورة، ووصفه بمجلس الصحابة)، فقد أعلن (أمير المؤمنين ذاك) وفي حشد طلابي مؤيد لانقلابه أن: نقوا صفوفوكم من المندسين والخونة وطهروها من الشيوعيين والطابور الخامس، وذلك على خلفية ان اول مبادرة للعصيان المدني والالتزام بميثاق الدفاع عن الديمقراطية كانت من جانب نقابة أطباء السودان التي كان يرأسها د. مأمون حسين، أحد أشجع المناضلين ضد الديكتاتورية والاستبداد، وقد صدر في حقه حكم بالإعدام تم إلغاؤه لاحقاً. * قلنا إن وقائع معارك عضوية المؤتمر الوطني ضد حقوق الشعب في مختلف قطاعاته، مما لا يمكن حصرها في مقال قصير وواحد كهذا، فهى (أحداث فردية معزولة) الحزب المبرأ من كل شين منها بُراء.. وما الحزب ذو القطاعات؟ إنه نسبياً من أحدث الاحزاب السودانية نشأةً، ذلك أنه ولد من بين فرث متحركات المقاتلين، ومعسكرات المجندين ودم، تعطيل الدستور والغاء الحياة الديمقراطية التعددية السلمية كلها، إنه حزب صنع في معامل الذخيرة، ومصانع الراجمات، وعلى وقع أهازيج الحروبات، لذلك فإنه حزب برئ تماماً من سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، وتبديد الموارد، وإهدار أعظم الامكانيات والطاقات البشرية قبل المادية، وكل ما تم من ممارسات إنما كانت ممارسات (فردية معزولة)؟! * نعم، إن أفواج المحاربين صيفاً وشتاءً كانت تتدافع بفضل دوافع فردية ومعزولة، كانت تقتل وتحرق وتدمر في جنوب البلاد وفي جبال النوبة وجنوب النيل الازرق وشرق البلاد، بتصرفات فردية.. فردية أم (قردية)، كانت دارفور تشتعل وارقام القتلى والمشردين بالملايين جراء ممارسات أو غزوات فردية، والقناصة في شوارع وأزقة بورتسودان يصطادون في (أدروبات) هكذا بمزاج فردي ومعزول ولا يمت للحزب بصلة، وفي كجبار، حيث الاغتيال المروع لشباب وصبية في عز الحياة تم بوساطة ممارسة (فردية) ومعزولة. * لقد صدقنا تصريح الأستاذة سناء، وهأنذا أسجل اعترافي بذلك، الأستاذة تصف تدبير وتنفيذ قتل الطالب المعتصم بالحصاحيصا انه تصرف فردي ومعزول. لماذا لم تقل انه تصرف جماعي، فقائمة المشتبه فيهم بارتكاب الجريمة أكثر من اثنين، وفي اللغة العربية كل ثلاثة يعتبرون جماعة، فكيف يكون التصرف فردياً والمشتبه في ارتكابهم له «جماعة»؟ ثم وبمناسبة التصرفات الفردية المعزولة هذه، هل يمكن اعتبار التهم المنسوبة الى السيدين أحمد هارون وعلي كوشيب بأنها تصرفات فردية ومعزولة من جانب هذين السيدين الكريمين، «52» شبهة ارتكاب جريمة بدارفور، هذا هو ملف وزير الدولة للشؤون الإنسانية لدى أعلى محكمة عالمية «المحكمة الجنائية الدولية» بعد سلسلة طويلة ودقيقة من التحقيقات، فلماذا لا يعتبر حزب المؤتمر الوطني أن هذه التصرفات كانت تصرفات فردية، ومعزولة من جانب عضويه هذين، والسماح بتقديمهما لمحكمة تتوفر فيها كل مواصفات المحاكمة العادلة؟ ثم ها هو السيد موسى هلال المستشار بديوان الحكم الاتحادي، يرافق او يشاور او يشير على السيد الأستاذ عبد الباسط سبدرات المحامي وزير الديوان، وسيرة هلال نفسها ما شاء الله تبارك الله.. لكن الغريب أن المستشار المذكور لم يقل في تصريحاته التي ملأت الصحف أوان ظهوره قبل عامين تقريباً، انه كان يقوم بتأدية مهام دحر التمرد وحماية البلاد وتأمين السلام بدوافع فردية، إنما صرح بأنه استجاب لنداء الدولة.. وعمل بالتنسيق معها.. وما ادراك ما الدولة منذ «30» يونيو 1989م. * إن اعتذار حزب المؤتمر الوطني عن كل الممارسات الظالمة التي وقعت في عهد استيلائه واحتلاله للبلاد وتحكمه في مصائر العباد، لا يتم عبر «عزلة وفردية» الممارسات التي وقعت، التي كان ضحاياها ملايين السودانيين ممن شردوا وعذبوا وقتلوا وهجروا وفقدوا الأمن والأمل، انما التأكيد على انعزال وفردانية هذه الممارسات، يتم عبر فتح التحقيقات النزيهة والتحريات اللازمة، واتاحة المعلومات الحقيقية عن فظائع ووقائع تلك الممارسات، ومن ثم تقديم الجناة الفعليين للمحاكمة العادلة والعلنية. وساعتها يمكن تصديق أن «حزب المؤتمر الوطني» حزب سلمي ديمقراطي رسالي مدني..الخ الخ.. برئ من ممارسات أعضائه في كل مرفق... أي بمعنى آخر أن الأبرياء من الحزب لا يؤخذون بجريرة المجرمين منهم.. فهل يستطيع المؤتمر الوطني فعل ذلك؟ واذا حدث.. هل سيبقى برئ في الحزب؟ الله أعلم..!!