|
حول حمل السلاح في مواجهة الظلم: حركة داؤود بولاد (Re: AnwarKing)
|
Quote: يذخر التاريخ الإنساني بالكثير من الأمثلة حيث للسلاح دور كبير في إحداث التغيير وخير دليل لذلك يمكن ملاحظته إبان الهجمة الاستعمارية الأوربية في مسعاها لقهر الشعوب. وتحت هذا يمكن درج حركات التحرير المسلحة ضد المستعمر كما في أنقولا، إثيوبيا، زمبابوي؛ حيث استطاعت هذه الحركات من هزيمة مستعمريها ونيلها استقلالها. وفي ذات الوقت هنالك حركات تحرير مسلحة لها صنوها السياسي فلحت في تحقيق التغيير المنشود ليس فقط عسكريًا بل وسياسيًا كما حدث في يوغندا، جنوب أفريقيا، إريتريا وجنوب السودان. والقاسم الأعظم بين كل هذه الحركات المسلحة هو وضوح الرؤيا السياسية وهي جديرة بالتفاف أو انفضاض الناس من حولها. ففي تاريخ دارفور هنالك أمثلة مشابهة تم فيها استخدام السلاح لدرء الظلم كما في حركتي أبو جميزة والسحيني وهما في تقديري ثورتان حقيقيتان ناجحتان ليس فقط في انتصاراتهما العسكرية المتواضعة، ولكن في كونهما حركات جامعة، التف حولها الجميع، فهي ليست ثورات بالوكالة. وفي هذا لا يمكن مطالبتهما بوضوح أجندتهما السياسية سوى المناداة برفع الظلم، وهما في تقديري لشيء كاف ومستوف لشرط الثورة. وإزاء هذا، يمكن ملاحظة ضعف تأثير حركة داؤود بولاد في دارفور، رغم حماسه في إحداث التغيير المنشود. وهي تعكس أيضًا خطورة منطق الأمر الواقع، بأن لا طريق لخلاصه إلا الانقياد القسري لكل حركة مسلحة. إن تداعيات حركة بولاد على الإقليم، وعلى منطقة جبل مرة في ذات الخصوص، لهي أكبر بكثير من أي "حسنات" تذكر، فهي قد أعطت الحكومة "حليفة بولاد بالأمس" اليد الطولى في جر المنطقة إلى الكثير من الويلات ولعبت على حبل الصراع القبلي بين جماعات كانت هي حتى بالأمس القريب المثال الحي للتمازج والتعايش، ليس تنظيرًا ولكن فع ً لا وعم ً لا، إلى جماعات متناطحة الآن. كان رد فعل الحكومة تجاه حركة بولاد، ليس فقط عسكريًا، بل ودراميًا أيضًا حيث لجأت في الاستعانة بجيش من "الفرسان العرب" على صهب مسرجة في محاولة لإعادة واجترار الماضي الإسلامي العروبي حيث الجيوش المسلمة سائرة في دك معاقل الشرك، وهي الآن في نظر الحكومة سائرة في دك معاقل "الوثنية/التمرد/الشيوعية" ممثلة في شخص بولاد "الكافر" الذي باع نفسه "للشيطان" قرنق. ولعل السرعة التي حسمت بها حكومة الإنقاذ حركة بولاد، نقيض لما هو دائر الآن، مرده أيضًا البعد الشخصي داخل تنظيم الأخوان بانسلاخ بولاد عنها وتبعات ذلك على آخرين من أبناء المنطقة. فهي أيضًا إشارة لكل من تسول له نفسه بالانسلاخ من التنظيم والمجاهرة بعصيانها. لذا فلم يكن من دافع للحكومة في تطويل المواجهة مع خصم يعرف عنها الكثير، ولهذا لم تتطلع الحكومة في استغلال هذه المناسبة لبلبلة كل الإقليم بل في سريع استئصالها وعزلها. هنالك الكثير من العبر يمكن أخذها من حركة بولاد: أهمية خلق أرضية جماهيرية واعية تعي بقضاياها وفتح حوار مع أبناء الإقليم، وتنويع مصادر العمل المعارض وليس اختزاله في العمل العسكري، كأهم وأقصر الطرق؛ الافتطان إلى مرامي الحكومة المركزية في شن حرب عنها بالوكالة بتأليبها لجماعة ضد أخرى، والاحتراز لإبطال هذا المخطط والتبصير به كأحد الوسائل التي يمكن للحكومة اللجوء إليها؛ في واقع دارفور، أي عمل يرجى له النجاح كمشروع سياسي لا بد من شموله لجميع الإثنيات المتعددة، قو ً لا وعم ً لا. فأي تجربة أحادية الجانب، وأن كانت حسنة الغاية، يمكن بسهولة محاصرتها ورميها بكل النعوت من الأطراف الأخرى.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|