قضية ابيى وفرص الحل السياسي/ اتيم سايمون مبيور
http://www.sudaneseonline.com/ اتيم سايمون مبيور قضية ابيى وفرص الحل السياسي اتيم سايمون مبيور [email protected] 1-2 منذ التوقيع على بروتوكول تسوية النزاع حول ابيى فى السادس و العشرين من مايو 2004 بين حكومة السودان و الحركة الشعبية لتحرير السودان . تكون قضية ابيى قد دخلت حيزا جديدا . بعد ان مثل التفاوض حولها ضمن البرتوكولين الاخرين المتعلقين بمنطقتى جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق عقبة حقيقية . اذ ان المواقف التفاوضية للطرفين كانت متباعدة بصورة كبيرة . او على طرفى نقيض بعد ان تشبث كل منهما بموقفه القاضى بتبعية المنطقة له . وهو ما خلق ازمة حادة فى المفاوضات ادت الى تعطيل الاتفاق حول المنطقتين الاخريين بعد ان رفضت الحركة الشعبية توقيع الاتفاق الخاص بهما الى حين الوصول الى اتفاق حول وضعية منطقة ( ابيى) و التى ترى الحركة انها منطقة كانت تتبع لمديرية بحر الغزال ثم تم ضمها الى مديرية كردفان مع منطقتين اخريتين هما ( التويج) و ( روينق) اللتين كانتا تتبعان الى مديرية اعالى النيل وانه حين تم ارجاع هاتين المنطقتين الى مديرية اعلى النيل مرة اخرى قبل عام 1930 الا ان منطقة ابيى بقيت تابعة لكردفان , وترى الحركة ان الانجليز حين بداوا سياسة تعيين الحدود الادارية استشاروا سلاطين الدينكا نقوك وهى احد افرع قبيلة الدينكا الكبرى, التى تنتشر فى مديرية بحر الغزال و اجزاء من مديرية اعالى النيل . فى مسالة عودة تبعيتهم الى بحر الغزال فى عام 1930.و لكن السلطان كوال اروب – سلطان الدينكا نقوك- رفض , ثم عاد الانجليز لطرح الامر مرة اخرى عام 1952 حين ظهر فى الافق ان سنوات الانجليز فى السودان اصبحت محدودة, الا ان السلطان دينق مجوك رفض ذلك مرة اخرى و فضل ان تظل تبعية المنطقة لكردفان لاسباب راى انها فى صالح قبيلته . وقد تقدمت الحركة الشعبية بمقترحها فى المفاوضات حول ابيى بضرورة إعادة المنطقة الى إدارة بحر الغزال على ان يتم تحقيق ذلك بأمر ادارى نافذ بشكل فوري, محددا للمنطقة التى كان يشار إليها بنفس الاسم فى اتفاق أديس أبابا 1972 و التى كانت تتبع إداريا لمكتب رئيس الجمهورية خلال فترة سريان تلك الاتفاقية. ضمن هذا المقترح التفاوضي كانت الحركة الشعبية ترى فى موقفها أهمية ضمان حقوق الرعاة وإفراد القبائل الذين يعبرون المنطقة تقليديا للوصول الى مصادر المياه. وبالذات المسيرية لتفادى اى نوع من النزاع و الصراع , ففى حال حدوثه يجب تفعيل اليات فض النزاع التقليدية المستخدمة فى المنطقة. بجانب تلك الضمانات رأت الحركة انه ولأغراض خصخصة عائدات النفط بالنسبة للولايات المنتجة فان ابيى يجب ان تعامل كولاية منتجة للنفط على ان تخصص تلك العائدات لتقديم الخدمات و البني التحتية لمنطقة ابيى . هذا وقد وقفت الحكومة- بطبيعة الحال – موقفا مغايرا لموقف الحركة الشعبية فى خصوص التبعية التاريخية للمنطقة اذ تقول ان ابيى ظلت تابعة اداريا للشمال من عام 1905 , اى على مدى مائة عام وانه طبقا للوثائق فان السودان بحدوده الحديثة قد ضم مديرية بحر الغزال اليه مؤخرا . كما تؤكد الوثائق البريطانية ان منطقة ابيى – حسب راى الحكومة- كانت تتبع للشمال من عام 1905 اى من قبل ان يتم ضم مديرية بحر الغزال . من الناحية الفعلية و السكانية فان قبائل المسيرية العربية التى تقطن فى ابيى كانت ترتاد المنطقة قبل وصول الدينكا نقوك اليها , وانه رغم ان مركز المسيرية هو بابنوسة و المجلد الى الشمال من ابيى الا ان المسيرية كانوا يرتحلون جنوبا فى موسم الجفاف الطويل الذى يستمر ثمانية اشهر و كان ترحالهم الى ابيى بل انهم كانوا يصلون الى جنوب بحر العرب . وطبقا للوثائق البريطانية التى تستند اليها الحكومة السودانية فان الادارة البريطانية فى ذلك الوقت كانت قد راعت فى خطتها لادارة تلك المناطق قبل قرن من الزمان التواصل السكانى والادارى و المنافع المشتركة و بوجه خاص المياه و المراعى والاهم من ذلك القبول و الرضى التام من السكان و موافقة زعماء الادارة الاهلية . وبناء على ذلك ترى الحكومة ان منطقة ابيى شمالية وانه لا يمكن تغييرو ضعها و ضمها الى الجنوب بل يجب ان تدار كمنطقة خاصة تابعة لرئاسة الجمهورية لتوفير الرعاية اللازمة لها بعد ان لحقت بها الكثير من الاضرار من جراء الحرب, كما يؤكد الموقف الحكومى على ان اتفاق مشاكوس قد اعتمد الحدود الجغرافية للسودان وفقا لترسيم المناطق او المديريات التسع لدى اعلان استقلال السودان فى اول يناير 1956 وهو ترسيم احتفظ لابيي بمكانها ووضعها ضمن حدود الشمال وليس الجنوب , كما اعتبر الاتفاق ان الحدود الخاصة بالمناطق الجنوبية التى سوف يمارس فى اطارها حق تقرير المصير هى خريطة السودان المعترف بها فى 1956 وليس من ضمنها ابيى . عليه فان المواقف التفاوضية لطرفى الاتفاق قد استقرت عند نقاط خلاف رئيسية فى طريق التوصل الى صيغة تفاهم نهائى حول وضعية المنطقة و اذ يعود موقف الحركة الشعبية فى التمسك بمنطقة ابى لاسباب معقولة ,من اهمها ان الدينكا نقوك كانوا يقيمون بشكل مستقر فى المنطقة وتبعا للاوضاع الاجتماعية و الثقافية الموروثة فى السيودان فان الاراضى التى تقطنها قبيلة تعود اليها ويطلق عليها مسمى ( دار) و كان يقال دار المسيرية او دارفور على سبيل المثال , وتعتبر مسالة تحديد المنطقة الجغرافية المقصودة باسم ابيى .فهى حسب تعريف الحكومة تعبر عن محلية ابيى التى تحدد شمالا بخط العرض 11,5 شمالا و تبلغ مساحتها 25 الف كيلومر مربع. بينما ترى الحركة الشعبية لتحرير السودان ان تجعل الحد الشمالى لابي خط العرض 10 شمالا , ومن ثم فان بحر العرب يقسم المنطقة الى جزءين . وهنا برزت اهمية تحديد المساحة الكلية بترسيم حدود المنطقة. وتبدو مخاوف الحكومة مبررة ومرتبطة بمصالحها المستقبلية فى المنطقة, خصوصا وان اى حل لقضية ابيى يجىء فى اطار ادراج حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان كتطور سياسى جديد , لذلك فان احتمال انفصال الجنوب فى حالة اختياره ذلك فى الاستفتاء المقرر بنهاية الفترة الانتقالية , لان ذلك يعنى ان هناك مناطقا باكملها يمكنها ان تحذو حذو ابيى فى نظر المراقبين مثل اقليم دارفورالذى ضم الى سلطة الحاكم الانجليزى فى الخرطوم عام 1916 , وهو امر يتعدى فى هذه الحالة مسالة التبيعية الادارية للسكان الى مسالة تتعلق بالحدود القائمة بين دولتين . وانه حتى لو كانت المسالة قاصرة على الحدود الادارية فقط فان ذلك لايترك للسكان وحدهم لان هناك مصالح كثيرة تتداخل فى تحديد الحدود الادارية. بجانب مواقف الطرفين التفاوضية حول مسالة ابيى بتعقيداتها المتباينة فى المواقف و المبررات , كذلك الرؤية المثلى تجاه الحل السياسي , طرا موقف جديد عبر عنه عدد من ابناء وقيادات ابيى من الدينكا و المسيرية فى مذكرة تم رفعها اثناء مفاوضات نيفاشا. وهى مذكرة وقع عليها 15 من قيادات الطرفين من بينهم الحريكة عز الدين رئيس مجلس شورى المسيرية ومهدى بابو نمر نائب رئيس مجلس شورى المسيرية وكذلك عدد من قيادات دينكا نقوك كما ورد بالمذكرة على راسهم ادم دينق مجوك ابن الزعيم دينق مجوك . وقد تضمنت المذكرة مجموعة من النقاط التى تركز على ان هناك تاريخا من التعايش و التاخى و التمازج بين مجموعتى الدينكا و المسيرية باعتبار ان المشكلة الاساسية لهذه المنطقة هى السلبيات التى افرزتها الحرب , والتى عمقت من التخلف فى مجال البنيات الاساسية و الخدمات و التنمية البشرية .ومعالجة هذه المشكلة من منظور هذه القيادات يتم بالتنمية و ليست بتغيير التبعية الادارية . عليه فان استصحاب مصالح المجموعتين البشريتين الاساسيتين بالمنطقة بهدف الارتقاء بحياة الانسان غض النظر عن انتمائه القبلى , ورفضت المذكرة اى اتجاه لانتزاع ابيى من محيطها الجغرافى وضمها تحت اى من المسميات مثل الاستفتاء الذى يرمى لفتح امر حسمته حكمة الاباء و الاجداد باعتبار التجربة المريرة التى عاشتها المنطقة عقب اتفاقية اديس ابابا وما فيها من دروس يمكن الاستفادة منها . عليه وفى راى اصحاب هذه المذكرة فان الحكمة تقتضى عدم القطع بحل يناقض الواقع المعاش ومنطق التاريخ , فالمرتجى ان يكون الحل موافقا للوضع الطبيعى و التعايش التاريخى السلمى بين مواطنى المنطقة لقرون خلت وهى تتبع لولاية كردفان. قبل ظهور الاجندة السياسية التى اثارت الفتنة حديثا. شكلت تلك المواقف المتنازعة على الحل السياسي التفاوضى لقضية ابيى معضلة كبيرة بالنسبة للطرفين . وكذلك بالنسبة للوسطاء الذين كانت احدى خياراتهم الرئيسية فى الحل تتمثل فى الرجوع الى اهالى المنطقة و استفتاؤهم حول تبعيتها المستقبلية . لذا غان تباعد المواقف الحاد , خلق ازمة سياسية واضحة المعالم و السمات , وهو ما نلحظه فى صيغة الاتفاق الذى صعب على الطرفان تنزيل تدابيره الادارية و الفنية الى ارض الواقع , خصوصا بعد ان وضح الموقف الحكومى للمؤتمر الوطنى و الذى جاء رافضا لنتائج تقرير الخبراء حول ابيى و الذى وقعه دونالد بيترسون رئيس مفوضية ترسيم حدود ابيى , وقد اكد التقرير على ان للدينكا نقوك مطالبة مشروعة بالسيطرة على المنفعة من حدود كردفان وبحر الغزال . على ان يشترك دينكا نقوك و المسيرية فى المنطقة الواقعة شمالا حتى تبلدية و يتم تعيين الحدود الشمالية و الشرقية و ترسيمها بواسطة فريق مساحين. بتبنى المؤتمر الوطنى الاعلان عن رفض نتائج تقرير الخبراء حول ابيى , دونما دفوعات تتجاوز المنفعة السياسية , الاقتصادية له بالمنطقة . من خلال استهلاك الخطاب المردد و المقصزد باعتبار المنطقة نموذجا فى التعايش التاريخى فقط .بهكذا تصور احادى يتجاهل الحاجات التنموية و الخدمية للمنطقة , تضاءلت فرص الحل السياسي امام برتكول ابيى , ومن خلال متابعة مجريات ما يدور فى هذا الملف الصعب التكهن بايلولته مستقبلا . فى الخطوات و الاجراءات – الميتة – و البطيئة . التى سار عليها منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية . اصبح من الواضح ان القضية برمتها لم تبرح طور التفاوض الذى بدا يسير تدريجيا نحو اعادة فتح التفاوض حول المنطقة و مستقبلها فى ظل اوضاع الشراكة الضعيفة و المغيبة فى ارادتها السياسية . ومن دون استطراق لاى من الحلول و التدخلات التنموية و الاجتماعية مما دفع اهالى المنطقة – الدينكا- للمسارعة بالحل الخدمى الطوعى المباشر , من تحريك جهود المجتمع المدنى و الكوادر و الكفاءات لاجل خدمة انسان المنطقة . عليه سنحاول فى الحلقة القادمة من هذه الكتابة النظر فى حقيقة الجهد السياسي التفاوضى المبزول ومقترحات الحل من قبل الطرفين و رموز المنطقة او نخبها لان ملف ابيى جزء من ازمته مطامح النخب السياسية بالمنطقة . اذ يظل الموقف المجتمعى و طبيعته فى الواقع هو الراجح

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]