جئتها لأستريح ..فأرهقتني بالحب !!
يقول مثل إنجليزيالأفضل أن تطلق صافرة الرضا من فمك في عشاء أقيم لك بدلا من الصمت)! خرجت مهرولا صوب صالة المسافرين وقلبي ينفر من لحظة الوداع. كانوا بنفس البشاشة التي استقبلوني بها في مطار الدوحة الأنيق قبل ستة أيام ممثلين لمكتب الجالية: كمال سالم، ود الزين، آسيا سكينجة، المهندس عبدالكريم الأمين، خليل حسين عبدالكريم (تمساح)، طارق المكي ، نادر..وآخرين (عفوا لمن سقطت أسماؤهم سهوا من ذاكرتي الهشة)! كانت لحظات الوداع قاسية..حاولت من جانبي رسم ابتسامة في الوجوه السودانية الطيبة كلما قال أحدهم: يا استاذ أدينا يوم واحد ونسمح ليك تسافر! كانت لحظات الوداع القاسية بالنسبة لي قد بدأت منذ يوم قبل السفر..بحكم أني أول من وصل وأول من أستأذن في العودة نسبة لارتباطي بمواعيد عمل صارمة في سلطنة عمان. كنا يوم أمس ضيوفا على حفل غداء أقامه لنا الثنائي : آسيا وود الزين. سمعت نفس الكلمات الطيبات: ياخي أدينا يوم واحد بس..الدنيا ملحوقة! هذه المرة كنت أكتم دفقة من العاطفة طوقتني على حين غفلة. هل جرب أحدكم أن يعيش ستة أيام بلياليها متسربلا بحب ليس له أول ولا آخر؟ والآن يحاصرونني بضوء بسماتهم الأصيلة راجين أن أكون على اتصال وأن أفي بوعدي إذ أكدت لهم أنني سأعود إلى الدوحة متى تيسر لي ذلك. صعبة هي لحظات الوداع. ظهر ذات اليوم كنت أعيش ذات الأسئلة ولحظات الوداع القاسيةفي منزل غمرني أفراده بالحب طيلة ساعات إقامتي حتى قلت لزوجتي عبر الهاتف: تعرفي..أنا هنا سيد البيت والأخوين عادل وكمال سالم والأسرة ضيوفي! كنت أيضا في وداع من نوع أخر في قلب المدينة! حب ليس له أخر. غريبة أنهار الحب في الدوحة!! الجالية السودانية بالدوحة .. رمز حقيقي لكينونة الوطن المهاجر في زمن الدياسبورا السودانية. كنت وأنا أتنقل بين الوجوه السودانية البشوش طيلة أيامي الستة هناك تعتريني حالة من الفوضى والحلم الجميل فأحسبني تارة في المجلد (وطني الأصغر) أو أنني في عزومة في حي القبة يجالسني فيها رهط من أصدقائي الجميلين من أبناء الأبيض: الشاعر والتشكيلي محمود عمر والضاحك المتمرد محمد عثمان الحلاج والبشوش ابوبكر بشير التجاني وعوض جولط و...و..ثم أفيق من حلمي على ضحكة أبو ساندرا التي تهز جدران المنزل لكنها تجلب عبر النافذة كل شقشقة العصافير وخرير المياه. ديامي من الزمن الجميل وجعلي تقدمي على طريقته الخاصة. وعلى ذكر أبوساندرا والرائعة رشيدة كنا في ضيافتهم فتحول المجلس العامر إلى ندوة ثقافية وكلام عن الأسرة سعدنا فيه بتغطية علمية راقية من الطبيبة الأديبة الدكتورة ناهد محمد الحسن (مستشفى التجاني الماحي) والتي كانت إضافة حية للتظاهرة الثقافية في الدوحة احتفالا بالذكرى 52 للاستقلال. قلت بأني كنت أمارس الحلم بالتمدد عبر وطني هناك كلما تشرفت بتلبية دعوة أو الجلوس في معية نفر من السودانيين هناك. تجولت في أركان السودان كلها..من كايا في أقصى الجنوب إلى وادي حلفا في الشمال الأقصى ومن جنينة تاج الدين في أقصى الغرب إلى سواكن عثمان دقنة في شرقنا الحبيب. كانت الدوحة استراحة جميلة لكنها من النوع المرهق..فقد جئتها لأستريح فأرهقتني بالحب! أن يقف الناس مصفقين لأكثر من دقيقتين لشاعر يعتلي المنصة فذلك الدليل على عافية وصحو ذاكرة شعبنا. كنت أغالب دموعي وأنا أعيش هذا الدفق من المشاعر. وأن تطالب الجماهير بصوت عال الشاعر الثائر أزهري محمد على بقصائد بعينها(قصائد أزهري التي تغرف من عذابات الشارع ونضال الغلابا)..ذلك دون شك هو ما جلس الشاعر يعصر أوردته ليقوله للناس. وأن يهب الناس وقوفا وهم يرددون خلف مكبر الصوت ساعة أن اعتلى هاشم صديق المنصة: وفي ليلة وكنا حشود بتصارع عهد الظلم الشب حواجز.. شب موانع جانا هتاف من عند الشارع: قسما..قسما لن ننهار طريق الثورة طريق احرار والشارع ثار وغضب الأمة اتمدد نار أن يستقبل مؤلف (الملحمة) و(نبتة حبيبتي) بهذه الكيفية فذلك ما ظللنا نراهن عليه طيلة سنوات غربتنا ومنفانا القسري، من أن ذاكرة شعبنا بخير وأن رهان صغار الآلهة على ضعف ذاكرة شعبنا رهان خاسر لا محالة. شكرا لجاليتنا في الدوحة، رئيسا ومكتبا تنفيديا وعضوية. كنتم فوق صغائر الأمور وكنتم وستظلون دائما رمزا لشعب حي قال شاعره قديما: أيها الناس نحن من قوم عمروا الأرض حيثما سكنوا ملحوظة : يصعب على الذاكرة أن تستدعي كل الجميلين والجميلات الذين ملأوا حياتنا حبا وتقديرا. لهم دون فرز أفانين محبتي. وملحوظة ليست بذات أهمية:شكرا للذين اتصلوا هاتفيا مطمئنين على صحتي..كانت وعكة خفيفة سببها شحنات الحب الزائدة عن اللزوم من لدنكم (والأخيرة دي كسير تلج زي ما بقولوا في السودان!!!!!)

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]