|
زلات اللسان ودلالاتها السياسية
|
مواقف طريفة ولحظات محرجة تتسبب بها كلمة واحدة او جملة بسيطة تخرج على لسان قائلها دون قصد فتكون اشبة بالضربة القاضية على سامعها وملقيها. شاع مصطلح ((زلة لسان)) في السياسة وفي العلاقات الدولية، نتيجة استخداماته المتعددة ، فقد كان من المعتاد استخدامه كبديل للاعتذار عن تصريح سياسي، فبات يستخدم للتراجع أو التهرب من المسؤولية، أو لتبرير جهل ، وفي كثير من الأحيان يكشف المصطلح عن مكونات صاحبه وطريقة تفكيره وربما خططه. كما باتت زلة اللسان سبباً في أزمات دولية ، ومصدراً لتهديد العلاقات الدولية، ولاستنفار دول وشعوب وحكومات، فهي من حيث المبدأ تصريح مسؤول بما لا ينبغي أن يصرح به، ويفترض فيه العفوية والتلقائية ، إلا أن عناصر كثيرة مثل توقيت التصريح ومحتواه والجهة المرسل إليها والجهة الصادر منها وتداعياته تكشف في أحيان كثيرة غياب هذه العفوية ووقوع صاحب التصريح تحت الغضب في التحرر. ومن ثم فإن زلة لسان قد توقع الناطق بها في أزمة، وقد يدفع الثمن خسارة منصبة أو هزيمة في انتخابات، وبعض المسؤولين يتمتعون بفضيلة الاعتراف بالخطأ، والبعض يتهم – عادة – الصحافة بالتحريف ، والرأي العام بسوء الفهم والمعارضين بنصب كمائن. وفي بعض الأحوال تدفع الشعوب ثمن زلات ألسنة من تضعهم الظروف في مواقع المسؤولية. حتما ليس هناك شيء اسمه زلة لسان. والعرب قديما قالت في ذلك: كلمة الحق هي الأولى. وهو افصاح عن مكنون عبر استخدام لفظ من المخزون الثقافي في رغبة من المتحدث لتوصيف حالة ما. اختيار ذاك اللفظ بذاته تعبير عن استعادة صورة ما من المخزون الدماغي ودليل على مقاربة في وعي المتحدث بينها وبين الموضوع الذي تتم معالجته. وهنالك من يقدم تفسيرا لما يقع من زلات لسان بانهم في النهاية بشر فهم جميعا ليسوا معصومين ، وفى مواجهة التفسير السابق ، هناك تفسير آخر وبحسب نظرية فرويد - ان ما يخرج من الإنسان بالتعبير بشكل عفوي هو ما يختزله باللاوعي، أي انه يعيش معه في لا وعيه وهو بذلك لم يخطئ بالقول، بل كل ما في الأمر انه أفرج عنه من دون إذن بعدما كان كامنا في النفس. بالإضافة إلى ما سبق ، فهناك تفسير ، يرى أن زلة اللسان تعبير عن ثقافة قائمة وإن كانت "مستترة"، فعندما يستخدم الرئيس الأمريكي عبارات "الحرب الصليبية" ، على سبيل المثال، فهو يكشف الخلفية العقائدية والثقافة التي تؤثر في السلوك السياسي للرئيس. وأخيرا ، هناك تفسير هو تفسير سياسي يرى أن زلات اللسان السياسية الهدف منها إلقاء بالون اختبار لمعرفة ردة الفعل فإذا كان الفعل بحدود المعقول ينطلق بشراعه في البحر طالما وجد الريح مواتية، أما إذا كانت الريح معاكسة فعليه الانكفاء والتراجع والاعتذار . ويمكن القول، إنه أيا كانت صحة التفسيرات السابقة فإن الأمر الذي لا جدال فيه هو أنه عندما يخطئ الكبار بالتعبير تظهر الحقيقة كما هي. وأن زلات اللسان الصادرة عنهم هي في النهاية أحاديث أحدثت رجه وصدق عدم صحتها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|