|
الاسلام في الاسر ( الصادق النيهوم ) كتاب يستحق القراءة
|
أقصر طريق يسلكه الحزب السياسي لكسب المعركة على السلطة، هي أن يلبس جبة الدين، ويطالب الدولة بتطبيق قوانين الشريعة. لكن مشكلة هذا الطريق القصير، أن قوانين الشريعة بالذات، لا تطبقها الدولة بل يطبقها المواطن. فإذا مرّت المغالطة، ونجحت الأحزاب الدينية في مسعاها، وتمّ تطبيق قوانين الشريعة في دول الوطن العربي، حتى صار لكل حكومة بوابة رسمية على الجنة، فإن المواطن العربي شخصياً، سوف لن يشارك في هذا العرس، ولن يؤدي فيه دوراً نافعاً، سوى أن يحمل الطبل والحطب. إنه لا يستطيع أن يطبق الشريعة حتى بمعونة من فقهاء الحزب. فالمشكلة من أساسها، ان المجتمع العربي نفسه، مجتمع غير شرعي، خلقته مؤسسات اقطاعية معادية لمعظم مبادىء الإسلام، من مبدأ المساواة والشورى، إلى مبدأ تحريم الحكم الفردي، وضمان حرية الحوار والقضاء. وقد تأسس على نظرية تحكيم القوة، والتعصب الطائفي، وتقديس الخرافة، وتحول منذ عصر الحجاج إلى مجتمع من الصيادين، قائم برمته على شريعة (اصطياد الفرص). وإذا شاءت الأحزاب الدينية أن تطبق قوانين الشريعة في مثل هذا المجتمع المعقد، فإن المواطن العربي نفسه، سوف يكون آخر من يسمع. فهذا مواطن لا يعيش في كتب الفقه، بل يمارس تجربة الحياة في مجتمعه عملياً، ويعرف أنه مجتمع شريعته تحكيم القوة، وليس تحكيم الله، وأن ما يقوله رجال الدين بالذات، مجرد كلام في غياب الكلام. وهي رؤية يائسة _وغير دينية_ لكنها أيضاً رؤية مشروعة، لأنها مستمدة من قراءة الواقع، وقادرة على التعامل معه بنجاح. إن النص الشرعي يستطيع أن يقول ما يشاء على الورق، لكن المواطن الذي يعيش في مجتمع اقطاعي، يملك تحت تصرفه شريعة عملية أخرى.
|
|
|
|
|
|