|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
Quote: هاجرت هذه الأسرة وبها أربعة من المهندسين الأكفاء و اثنين من الأطباء وخسرهم السودان وخسر جهودهم و إنسانيتهم التي لم تكن تشبها شائبة بل كانت معلما بارزا بهل الضوء في طريق حياتي فلهم التحية أينما كانوا. |
لى عمى ابن خالة والدى مزارع بسيط تقطر الحكمة من فمه فى سهولة ممتنعة كان كثيرا ما يردد البلد دى عرفتها ما بتمشى لى قدام من طلعوا منها الاغاريق والاقباط! فاداعبه غامزا فيرد ضاحكا بقيلك اخير الوسكى ولا العرقى! جنى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
انا حزين مثل هشام واكاد ابكى ذلك الزمن الجميل.. زمن شاشاتى وجنبرت وباباكوستا وكونت ميخالوس وجلاتلى هانكى وسانت جيمس والجى بى وزمن رفاقى .. الدبلوماسي الجميل الراحل ماريو اوتو انطون الذى رحل سرا دون ان يودعنا.. ومازلت اذكر زملاء الدراسة.. المناضل منصور اسحاق اسرائيل ودكتور كميل فوزى سوريال وصديقنا الجميل (السودانى العجوز) الشاب ارنست جبران ارجانوس ورأفت ميلاد اخ الشهيد وكل اقباط السودان الذين احببناهم لصدقهم وامانتهم واسلوبهم الحضارى فى ابراز وجه السودان فى زمن كان كثيرون من اوباش السودان يتبولون فى الشوارع وعلى شاطئ النيل الخالد... هل يعود ذلك الزمن بعد ان بال الانقاذيون على رأس السودان!! هذا السودان الذى صار شبيها بذلك الصنم الذى بالت عليه الثعالب فقال فيه الشاعر: ورب تبول الثعلبان برأسه *** لقد ذل من بالت عليه الثعالب..
شكرا انور كنج.. وشكرا تراجى.. لنعمل سويا على عودة اقباط السودان الى السودان وطنهم الاصلى..
نورالدين منان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
King Anwar I was one of those fortunate Southerners who attended regular schools in Khartoum im the'80s but I had a little problem at Khartoum el Gadima High School when the time for national exams for Sudanese Certificate was fast approaching. From '84 to '86, the school administration used to sent me to Comboni College to recieve Bible classes as well as my term and final exams but in the final year of '87, I was asked to look for a teacher who was willing to be accredited by the school and who would also be holding the sessions at the school headquarters, or else, and else meant I should be sent to the failing schools for displaced persons which were opening for Southerners in Khartoum. I approached ustaz Martin Mo who, in turn, reached a friend of his at the Comboni college and bingo, a famous Cuptic dentist, and damn, I forgot his name,volunteered his time and resources to teach me Bible as well as additional English classes for one full year, pro bono. Cuptics my friend are real and authentic Sudanese, but as you can see, they are in endangered species list as soon Southerners will be in what once was Sudan. Thanks for these genuine feelings.
(عدل بواسطة Zakaria Joseph on 01-19-2008, 01:40 AM) (عدل بواسطة Zakaria Joseph on 01-19-2008, 01:48 AM) (عدل بواسطة Zakaria Joseph on 01-19-2008, 01:48 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
الاخ العزيز هشام.
لقد أتاحت لي الظروف أن التقي الاخ الباشمهندس هاني روجيه في منتصف التسعينيات عندما سجل زيارة للاخ الصديق ناصف لوف جيليني بمنطقة واشنطن، وهو فعلا شاب محترم جدا، وعندي معه بعض الصور التزكارية سوف أحاول أن أبحث عنها من بين أنقاضي المبعثرة بين ثلاثة ولايات. شكرا لك كتير يا هشام على هذا القصة الرائعة التي أعتبرها أنا مجرد نموذج لقصص وحكاوي كثيرة تجمع السودانين بمختلف دياناتهم وأعراقهم، وبدون تدخل من السلطات الجائرة.
دينق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
الاخ انور كنج
سلام كتير
وشكرا لك
اولا على الاهتمام و قراءة قصة اعتقالى
و ثانية على استخراج هذا الجزء المميز منها
رغم انك قلبت علينا المواجع فالصديق الحق بفتقد يا انور
كم افتقد رفقة صديقى هانئ روجيه ودفء وجودى وسط اسرته الجميلة
تصدق يا انور كلما يحل الكريسماس
اذكر جلستنا السنوية فى النادى القبطى بالعمارات
للاحتفال فى جو حميم
النادى ممتلئ للآخر
نصف الحضور من السودانيين المسلمين مدعوين مثلى
هذا الاندماج و الحب
استهدفه الترابى و سلطته الغادرة
من بعده استمر الاستهداف فالحية لا تلد الا حيات مثلها
استهدف السودان فى صميم لحمته الاجتماعية
الهدف هو السيطرة على البشر ومن قبلهم المال
التحية مجددا لكل اقباط السودان الشرفاء
وشكرا لكل المتداخلين
تراجى
دينق
ابو بكر صالح
صالح عبدالله
زكريا جوزيف
جنى
و الشكر قبلكم لأنور كنج الشاب اللماح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: هشام المجمر)
|
Quote: Avatar
عودة الاقباط الى وطنهم
طلحة جبريل
[email protected]
هاجر الاقباط السودانيون الى شتى الاصقاع يبحثون عن أوطان بديلة. عدد كبير من هؤلاء استقروا في برايتون في انجلترا ، وآخرون طوحت بهم الايام الى استراليا وكندا. في برايتون التقيت بعض الذين هاجروا الى هناك . اختاروا هذه المدينة الساحلية صدفة ، ذلك انهم اقتفوا أثر المجموعات الاولى التي ربما اختارت الاستقرار هناك. حمل المهاجرون الى برايتون كل عاداتهم وتقاليدهم السودانية وحتى موسيقاهم.
ساد انطباع خاطئ مؤداه ان اقباط السودان هم امتداد لاقباط مصر. لكن هذا الانطباع ليس صحيحاً على الاطلاق . ربما يشترك الجانبان في الانتماء الى الكنيسة الارثوذكسية ، لكن عدا ذلك لا يجمع بينهما سوى ما يجمع السوداني والمصري بكيفية عامة سواء كان مسلماً أو قبطياً .
الشواهد والدلائل كثيرة على ان أقباط السودان هم سودانيون أولاً وأخيراَ . ساكتفي بواقعة واحدة . في نوفمبر عام 2005 انعقد مؤتمر في واشنطن نظمه الاقباط المصريون تحت شعار " الديمقراطية في مصر للإسلاميين والمسيحيين " ، وخلال أربعة ايام ناقش المجتمعون قضايا بلا حصر تتعلق باوضاع الاقباط في مصر، وحقوق الانسان وتطبيق الشريعة الاسلامية على غير المسلمين تحدث مشاركون عن " اضطهاد الاقلية القبطية في مصر " وعن " إجبار فتيات صغيرات على الزواج من مسلمين" و "تهديم كنائس " وما الى ذلك من أمور لا يمكن الجزم بصحتها او خطأها.
ما لفت انتباهي في ذلك المؤتمر أن قبطياً سودانياً واحداً لم يشارك فيه .كما لم يتطرق أحد أصلاً الى مشكلة الاقباط السودانيين. شاركت في المؤتمر منظمات تدافع عن حقوق الإنسان ، وشارك فيه ممثلون عن الأقلية النوبية في مصر ، وحتى يهود ليبيا، وأقباط من استراليا وكندا ومصر، بل وشارك فيه باحثون مسلمون معنيون بقضايا الديمقراطية وحقوق الأقليات .
لم يجد أقباط مصر قبطاً سودانياً واحداً يشارك في مؤتمر واشنطن.ولعلهم حسناً فعلوا.
أقباط السودان جزء أصيل من النسيج الاجتماعي في بلادنا . سودانيتهم لا يجوز ولا يمكن ان تبقى محل تساؤل . بل من المعيب أصلاً طرح هذا الامر سراً أو علناً . لا يجوز لاي سوداني سواء كان في السلطة او خارجها، ان يقرر من هو المواطن ومن هو ليس مواطناً . نحن جميعاً مواطنون على قدم المساواة . نحن جميعاً رضعنا الوطنية من ثدي امهاتنا .
مساهمة الاقباط في الحياة السياسية في السودان واضحة وجلية . ساكتفي بالرموز . وإذ أحس أحد من خلال ما أكتب أن إعجابي ظاهر بحيوية هذه الشريحة من السودانيين، فهذا الإحساس صحيح ولست أداريه ولا أحاول وإنما أقر به منذ اللحظة الأولى لكي أريح نفسي وغيري .
كان القانوني هنري رياض من أبرز القانونيين في تاريخ السودان المعاصر، رفد المكتبة بكتب مرجعية ، وترجمات ساهمت في تكوين وعي عدد لا يحصى من المتعلمين. كان شخصية وطنية من تلك الشخصيات التي يستظل الناس بظلالها الوارفة في لحظات الشدة.
ضمت الاحزاب السودانية شخصيات قبطية وازنة . كان هناك عبدالله النجيب في قيادة الاتحاديين ، ولطيف صباغ في حزب الامة ، وسمير جرجس في الحزب الشيوعي . ثم كان هناك المحامي نبيل أديب في قيادة التجمع الوطني الديمقراطي .
ثقة الناس في الاقباط جعلتهم يتولون عادة وظائف الصرافة والحسابات. عدد بلا حصر عملوا داخل الخدمة المدنية قبل أن يخربها جعفر نميري تخريباً متعمداً . كثيرون عملوا في هيئة السكك الحديدية ، وكانوا وراء الانضباط الاداري الصارم لهذا المرفق. قبل أن يحطمه نظام مايو البائس .عمل الاقباط في التجارة ، وكانوا أيضاً يحظون بثقة الناس في تعاملاتهم . انتشر الاقباط في جميع الارجاء والانحاء. في العاصمة والاقاليم ، وفي معظم المدن والقرى .
مع بداية حقبة التسعينات راحت الامور تغيير ، ليس فقط بالنسبة للاقباط لكن مع جميع أهل السودان . نزلت على البلاد أجندة سياسية لتيار ظن ان بمقدوره بل من حقها " إعادة صياغة المجتمع السوداني " صياغة جديدة طبقاً " لتوجهات حضارية". لم يدرك اصحاب هذا التوجه أن هناك فرقاً كبيراً بين حق البشر في توجيه مقاديرهم وبين تجاسر بعض الناس على توهم صنع الكون .
في آواخر ديسمبر عام 1989 تلقى الاقباط اول إشارة من إشارات التوجه الحضاري . كانت تلك الاشارة تقول لهم كلمة واحدة قاسية ومريرة : أرحلوا . كان بداية لليل طويل حالك. كان هناك من يريد أن يثبت فعالية البطش، وفي كل الاتجاهات.
صدرت الاشارة من محكمة في الخرطوم . تلك المحكمة أطلق عليها " المحكمة الخاصة".
مثل مساعد طيار سوداني يعمل في الخطوط السودانية يدعى جرجس القس بسطس امام تلك المحكمة . كانت التهمة هي تخريب الاقتصاد الوطني وخرق قانون التعامل بالنقد الاجنبي . قال الادعاء في المحكمة إن مساعد الطيار جرجس ضبط متلبساً بمحاولة تهريب حوالي 95 الف دولار مع شيكات بمبلغ 800 دولار ، وشيك آخر بمبلغ دولاراً 150 و175 ريالاً سعودياً و 840 جنيهاً مصرياً . لم تستغرق محاكمة جرجس طويلاً ، وصدر ضده حكم بالاعدام شنقاً حتى الموت . نفذ فيه حكم الاعدام فجراً في سجن كوبر في فبراير عام 1990 . تعرض جرجس الى إهانات بالغة وتعذيب قاسي خلال فترة اعتقاله ، كما تعرض لضغوط نفسية رهيبة ، حيث كان يستدعي عدة مرات على اساس ان ينفذ فيه حكم الاعدام لكنه يعاد الى زنزانته .
ومرة اخرى كانت الرسالة واضحة وصريحة لجميع الاقباط : أرحلوا .
شنت حملة نفسية تضغط على كثيرين ليس فقط بأن يبتعدوا عن الطريق وينزون في جحور ، بل يرحلون . كانت هناك مشاعر قلق آخذة في التزايد وسط الاقباط من ان البلاد في طريقها للانزلاق نحو حكم سيكون أقل تسامحاً . ولسوء الحظ كانت هذه المشاعر لها ما يبررها على ارض الواقع. بدأت مضايقات علنية واخرى تتم في الخفاء . لا أحد كان يدري لماذا استهدفت حملة التهجير القسري الاقباط على وجه التحديد . لكن ذلك قد حدث . حدث بكيفية واضحة لا لبس فيها . أجبر كثيرون على ترك وظائفهم وتجارتهم . واضطر كثيرون على بيع ممتلكاتهم باسعار بخسة . وخرج الاقباط موجة تلو موجة. وتشتتوا في جميع اصقاع الارض . لكن حنينهم الى وطنهم انتقل معهم الى حيث رحلوا . وشكلوا في كثير من الاحيان مجمتعات الشتات مع باقي ابناء وطنهم .
الآن ، يقال للناس إن البلاد مقبلة على تجربة ديمقراطية ، وعلى الرغم من الشكوك التي تساورني من انه لم يحدث ان تطوع نظام شمولي تفكيك نفسه عبر صناديق الاقتراع ، فإن مسألة عودة الاقباط الى وطنهم أمر مرغوب ومطلوب بل هو حق لا يقبل اي نقاش . ولكن حتى تعود هذه الشريحة من المواطنين لابد من إزالة الغبن ، وحصر المظالم التي وقعت وتصحيح ما يمكن أن يصحح منها .
الوطن الذي يضيق بابنائه على الرغم من اتساعه وترامي اطرافه ، ليس قطعاً هو الوطن الذي نحلم به ونعمل من أجله. سمعة اهلنا خارج بلادهم انهم اطيب الناس وأكثرهم تسامحاً .
بربكم ، نريد فقط هذه الصفة .
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
فى دفعتى بكلية الهندسة و المعمار كان هنك اكثر من قبطى
كان هنك هانى روجيه صاحب القصة
و كان هناك جرجس او لدفعتنا من دخلنا لغاية ما خرجنا
جرجس هذا كان آلة حاسبة بشرية
و كان شديد الذكاء لدرجة اعيت منافسيه
كما كان شديد التواضع ويساعد كلمن يطلب منه ذلك
يحمل الآن درجة الدكتوراة فى الهندسة المدنية نالها فى الولايات المتحدة الامريكية حبث يسكن ويعيش الآن
نبيل فائز القبطى اللذيذ صاحب العيون الزرق
كنا نقةل له انك شركسى و ليس بقبطى
و كنا نتجمع بعض الاحبان فى منزلهم بالعمارات شارع واح للاستذكار
نبيل فريد
القبطى الهادى دمث الاخلاق
كنت اقول لهم ان نبيل هذا لا يشبهكم
فقد كان البقية قمة فى المشاكسة
نبيل ميخائيل القصير الماكر
حفيف الدم
اقنع زميلة تدرس الهندسة الكهربائية ان تضع ساعتها بعد ان اشتكت انها اصبحت تؤخر
اقنعها ان تضعها فى الماء : تجيبى كباية كبيرة و تمليها لغاية نصها بالموية و تختى الساعة لمدة 24 ساعة
بعدين بترجع زى الفل
هكذا فعلت
و لما جائت تبحث عنه فى الكلية شاكية ان ساعتها باظت
قال لنا ضاحكا معقول زول فى سنة 3 هندسة يخت ساعتو فى الموية؟
تحياتى لهم اينما كانو
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
Quote: وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ (1ـ2)
كمال الجزولى
«إلى روح سمير جرجس.. فقد جاهد الجهاد الحسن، أكمل السعى، حفظ الإيمان، وأخيرا.. وضع له أكليل البر»! هزتنى كلمة شفيفة للكاتب الصحفى تاج السر مكى (الأيام ، 19/2/04) ، ينوِّه فيها بالنشاط الوطنىِّ والاجتماعىِّ البديع الذى ظلَّ يمارسه ، منذ حين ، المهاجرون السودانيون الأقباط بمدينة سدنى الاستراليَّة ، وعددهم ستة آلاف ، حيث شيَّدوا منتدى مفتوحاً لكل الجالية السودانيَّة هناك ، بكلِّ مِللها ونِحَلها وانتماءاتها الاثنيَّة والدينيَّة ، وأصدروا صحيفة أسبوعيَّة تعنى بأخبار السودان ، وتعرِّف بثقافاته المتنوِّعة ، وتطرح المشكل السودانى لحوار ديموقراطى واسع ، وتنشر ذكريات الكثيرين منهم فى الوطن عموماً ، وفى بعض مدنه كأم درمان وعطبرة بوجه مخصوص ، كما أسَّسوا إذاعة تبث برامجها السودانيَّة لمدة ساعة كل يوم. ذكرتنى هذه الكلمة المنتبهة بما كان قال لى جوزيف لطيف صباغ ، عضو المكتب السياسى لحزب الأمَّة القومى ، عندما لقيته ، بالمصادفة ، واقفاً يضاحك ثلة من قدامى أصدقائه فى بهو الفندق الكبير بالخرطوم ، وقد عاد ، لتوِّه ، من مهجر بعيد كان لاذ به منذ خواتيم ثمانينات القرن المنصرم ، ضمن ظاهرة الأمواج المتلاطمة من هجرة السودانيين ، وقتها ، والأقباط منهم بالأخص ، فى عقابيل انقلاب الثلاثين من يونيو عام 1989م ، وسألته ، غير عامد بالطبع ، وإنما تحت وطأة حالة من الضجر السياسى تنتاب المرء أحياناً على غير إرادته: ما الذى أرجعك يا رجل؟! فإذا بعينيه تشعَّان ، وكل عضلة فى وجهه تختلج ، وهو يجيبنى بحماس ، وبحنجرة تغصُّ بحنين صادق: أقسم يا أخى أن يوماً واحداً فى السودان يعدل كلَّ تلك السنوات الضائعة! إن أكثر ما يفرِّقنا ، حقاً ، هو الذى لا نجرؤ على الحديث عنه صراحة ، على قول سديد لفرانسيس دينج! وأكثر هذا الذى لا نجرؤ على الحديث عنه صراحة هو واقع الاستعلاء الجهير فى حمولة الوعى الاجتماعى العام فى بلادنا. فصورة (القبطي) فى الذهنيَّة (السالبة) للمستعرب المسلم المتوسط reasonable person فى السودان هى صورة (اللامنتمى)! ولهذا فقد يستغرب هذا المستعرب المسلم كلمة مكى وقول صبَّاغ ، بل وقد لا يُصدِّقهما أصلاً! ذلك أن أكثر ما تحتقن به ذهنيَّته السائدة هذه ، برغم مقت الاسلام للاستعلاء العِرقى ، هى أوهامه الفادحة perceptions عن (ذاته) ، باعتبار أنه هو وحده (ود البلد) ، وعن (الآخر) ، باعتبار أنه إما (حلبى) وإما (عبد) ، وكلاهما ، فى النهاية ، محض مُساكن عرَضىٍّ لا يؤبَّه به فى شأن الوطن ، ولا يُعوَّل عليه فى الملمَّات! لا مرية ، بالطبع ، فى كون المسئوليَّة التاريخيَّة عن تغذية هذه النزعة العِرقيَّة والثقافيَّة المهمِّشة marginalizing ( للآخر) فى الأوساط الشعبيَّة ، والتى يُصطلح عليها فى علم الأنثروبولوجيا (بالمركزويَّة الاثنيَّة) ، إنما تقع ، بالأساس ، على عاتق التيار (السلطوى/ التفكيكى) وسط نخب الجماعة المستعربة المسلمة السائدة ، لما تمتاز به هذه النخب من زاد معرفىٍّ يكرِّسه هذا التيار فى خدمة الطبقات الاجتماعية التى أفرزت هذه النزعة ، وأرادت لها أن تتخذ طابعاً شعبياً ، فتولى هذا التيار أدلجتها. على أنه لا يمكن ، بالمقابل ، تبرئة التيار (العقلانى/التوحيدى) من مسئوليَّته التاريخيَّة فى عدم التصدِّى للظاهرة ، بما يكفى لنزع الأقنعة عن هذه الأيديولوجيَّة الزائفة ، وتعرية المسكوت عنه فى علاقاتنا الاثنيَّة ، من جهة ، ولتغليب ثقافة التسامح ، من الجهة الأخرى ، لا كمِنة يتفضل بها الأسمى على الأدنى toleration ، بل كقاعدة احترام تلقائىٍّ للآخر المختلف tolerance ، باعتبار أن ذلك هو الأساس الذى يجب أن تنبنى عليه الوحدة ، وطريق الخلاص الوحيد المتاح للأجيال القادمة من مأزقنا الوطنىِّ الراهن. ولعلَّ ألزم ما يلزمنا ، فى هذا السياق ، هو أن ندرك ، ابتداءً ، وبعمق ، أننا ما نزال أمَّة تحت التكوين in the making. وأن الاستخدامات المجازيَّة لبعض المصطلحات الشائعة فى توصيفنا ، (كالشعب السودانى) و(الثقافة السودانيَّة) وما إليهما ، إنما تصادم ، فى الواقع ، حقيقة كوننا شعوباً متعدِّدة ، وثقافات متنوِّعة. فبقدر ما يشكل كل شعب وثقافة (ذاتاً) منسجمة فى منظور وعيه الهويوىِّ بنفسه ، يشكل أيضاً (آخر) فى منظور (الغير) المختلف ، مِمَّا يضع (التعارف) على رأس الشروط الأوليَّة اللازمة لجعل (اختلاف) هذه (الذوات) المتعدِّدة المتنوِّعة نعمة ، لا نقمة! لكن عقدة (المركزويَّة الاثنيَّة) ، وغشاوة (الاستعلاء) التاريخى ، مع انعكاساتهما السالبة فى ذهنيَّة ووجدان (الآخر) ، أضرَّت كثيراً ، وما تزال ، بسلاسة هذا (التعارف) ، إلى درجة أن أحداً لا يستطيع ، إلا بالكثير من حُمرة العين ، أن يزعم ، اليوم ، وبعد كلِّ هذه القرون الطوال من التساكن المتوتر ، أننا (نعرف) بعضنا البعض ، بمستوى يجعل من اقرارنا بحقيقة (تعدُّدنا وتنوُّعنا) واقعاً حياتياً متعيِّناً ، دَعْ احترامنا لهما فى الممارسة التلقائيَّة ، لا مجرَّد الاكتفاء بوضعهما ، حلية زينة ، فى النصوص الدستوريَّة والقانونيَّة المُرائية ، على ضرورتها! مع ذلك ، وعلى أهمية استبصار السوالب لأغراض حسن الاعتبار ، فإن القدر من التراكم الايجابى الذى وقع لنا حتى الآن ، بشق الأنفس ، فى هذا الاتجاه ، على نقصه وقصوره البائنين ، هو الذى يستوجب الدَّعم والتأكيد ، حقاً ، عن طريق تعهُّده بمقاربة حثيثة تسلط حزماً كثيفة من الضوء عليه ، وترُدُّ الاعتبار لحقائقه فى الثقافة والاجتماع والتاريخ ، وتجلى، بدأب وحدب ، ما قد يكون انطمر أو انطمس من هذه الحقائق فى الذاكرة الجمعيَّة بفعل خراقة السياسات التربويَّة والتعليميَّة والاعلاميَّة. هذا الجانب الايجابىُّ ، ورغم ضجَّة الراهن المعلول بالسوالب ، هو الذى ينبغى أن نكِدَّ فى سبيل بقائه فى المدى القريب ، ورسوخه فى المدى المتوسِّط ، ثم الارتقاء به فى المدى البعيد، كى يصبح الأكثر وثوقاً فى تشكيل بنية الوعى الاجتماعى مستقبلاً ، والأكبر تأثيراً ، من ثمَّ ، على نسيج (السلام) المستدام و(الوحدة الوطنية) المأمولة. وليس ثمَّة شكٌّ ، بادئ ذى بدء ، فى وشائج القيم الروحيَّة والأخلاقيَّة التى تشدُّ الاسلام والمسيحيَّة إلى بعضهما البعض ، بما يجعلهما متقاربين إلى حدِّ التطابق أحياناً. ففى منظومة قيم (السلام) ، مثلاً ، نجد المعنى المشترك بين تسمية الحق عز وجل لنفسه ، فى القرآن الكريم، "بالسلام" (23 ؛ الحشر) ، وبين تأكيد الكتاب المقدس بأن "الله هو إله السلام .. منه السلام وإليه السلام وبه السلام". كما نجد ، ولا بُدَّ ، نسباً روحياً وثيقاً بين اقتران هذه الدلالة السامية (للسلام) بقيم (العدالة الاجتماعية) فى قوله تعالى: "ونريد أن نمُنَّ على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمَّة ونجعلهم الوارثين" (5 ؛ القصص) ، وبين بشارة الكتاب المقدس: "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض". وإلى ذلك أيضاً قول النبىِّ (ص) فى الحديث الشريف: "ليس منا من بات شبعاناً وجاره جائع" ، وقول عمر بن الخطاب (رض): "ولانا الله على الأمة لنسد لهم جوعتهم ، ونوفر لهم حرفتهم ، فإن أعجزنا ذلك اعتزلناهم" ، من جهة ، والمواعظ الكنسية التى تحضُّ حضاً ، من الجهة الأخرى ، على فضيلة "ألا يجوع واحد فينا بينما الآخر يتخم من الشبع .. ولا ينام أحدنا وهو جائع أو مظلوم". ولئن شدَّدت التعاليم الكنسيَّة عموماً على أن السلام يمنح (السعادة الكاملة) فى (العدالة) و(الرضا) ، فإن (العدالة الاجتماعيَّة) تشكل أيضاً أحد أهمِّ المقاصد الكليَّة للتعاليم القرآنيَّة ، حيث جعل الله (الانفاق) ، كوسيلة لإعادة توزيع الثروة ، من مطلوبات (التقوى) ، بل وساوى بين هذا (الانفاق) وبين (الإيمان) و(الصلاة): "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون" (2 ـ 3 ؛ البقرة) ، كما وجعل (الانفاق) من أهم وجوه فعل (الخير) التى يجزى عنها بقوله: "يسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلون من خير فإن الله به عليم" (215 ؛ البقرة). وطابق سبحانه وتعالى بين المفهومين القرآنيَّين (للخير) و(العمل الصالح): "والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً" (46 ؛ الكهف). وفى تفسير القرطبى عن ابن عباس أن (الباقيات الصالحات) هى كل (عمل صالح) من قول أو فعل. وفى مستوى آخر ، ومع التسليم بإعلاء الاسلام لفضيلة العفو والصفح ، وحضِّ المسيحيَّة على "إدارة الخد الأيسر" ، إلا أن هذه القيم ذات الصلة الوثيقة (بالسلام) لا تتحقق بغير استيفاء أشراطها واستحقاقاتها الموضوعية. (فالعفو) لا يكون فضيلة فى الاسلام إلا بعد توفر شرط (القدرة) على نقيضه ، وتلك هى دلالة "العفو عند المقدرة". ومن الجهة الأخرى اجترح القس الجنوب افريقى ديزموند توتو فهماً عصرياً (للصفح) المسيحى فى ما أسهم به من معالجة لآثار التعانف التاريخىِّ المتطاول فى ذلك البلد بأسلوب (الحقيقة والمصالحة) ، استلهاماً لروح الكتاب المقدس ، بحيث لا يكون المطلوب (نسيان) الجراح ، بل (مداواتها). فالشرط الأساسى لتطبيق هذا الأسلوب هو حصول الضحايا على اعتراف صريح ، مستقيم وكامل ، مقروناً باعتذار علنى من جلاديهم ، فى ما يشبه طقس (التطهُّر الكنسى) ، أو ما يستوفى ، فى الاسلام ، شرط تعديل المواقف ، بحيث يصبح الضحايا فى موقف (القدرة) على أخذ جلاديهم باعترافاتهم ، فتنفتح الابواب ، بعد ذلك وليس قبله ، لاحتمالات العفو ، حين تطيب النفوس المكدودة ، ويسكن الألم الشخصى ، ولا تتبقى سوى الموعظة التاريخيَّة كضمانة معنويَّة قويَّة لعدم تكرار مثل تلك الممارسات مستقبلاً. ومن نافلة القول أن من يرفض ذلك لا يعود أمامه سوى المثول أمام المحكمة ، فى دولة يفترض فيها احترام القضاء المستقل ، كى ينهض حكم القسط على ساقيه وتأخذ العدالة مجراها. وإذن فإن (السلام) لا يكون حقيقياً ولا مستداماً بغير توفر هذه الأشراط والاستحقاقات فى الاسلام والمسيحيَّة ، وهى أشراط واستحقاقات أبعد ما تكون عن مجرد (التسليم) المجانىِّ بالأمر الواقع. وهناك أيضاً القاسم المشترك فى بعض وجوه التطبيق النموذجى السودانى بين العقيدتين ، حيث شكل حسن المعاملة ، بأكثر من جفاء التلقين ، مداخل المسيحيَّة إلى المجتمعات المحليَّة فى تاريخ السودان الحديث ، مثلما كان قد عبَّد نهجاً مرموقاً أيضاً للمتصوِّفة الأوائل فى نشر الاسلام فى البلاد ، بل وما زال يعبِّد ، حتى الآن ، طرقاً سالكة للمعاصرين منهم إلى قلوب الناس. ونسأل الله أن يسبغ رحمته ورضوانه على الشيخين الصالحين عبد الرحيم البرعى وعبد العال الادريسى اللذين روِّعت بلادنا بفقدهما مؤخراً ، كما نسأله ، جلَّ وعلا ، أن يردَّ غربة الشيخ الجليل حسن الفاتح قريب الله ، ليعود يرفل فى ثياب العافية بين أبنائه ومريديه الكثر ، فلطالما جعل الله أفئدة من الناس تهوى إلى رقائقهم ، أجمعين ، وحسن معاملتهم. وفى الحديث الشريف: "الدين المعاملة"، كما وفى الكتاب المقدس: "إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة فأنا وسطهم" ، بمعنى عدم الاحتياج ، فى كل مرة ، لبناء كنيسة. والأمثلة كثيرة. لكن (السلام) ، بطبيعته ، ليس محض قيمة معلقة فى مطلق فضائها العقيدى ، بقدر ما هو ساحة علاقات اجتماعيَّة ملموسة. والنصوص الدينيَّة لا تشتغل ، عملياً ، إلا عبر التركيبة الذهنية والنفسية التى تفرز تصوُّرات المؤمنين عن (الذات) و(الآخر) ، من خلال معاملاتهم تحت الظرف الاقتصادى السياسى والاجتماعى الثقافى المحدَّد. فلا يكفى ، إذن ، لأجل أيَّة مقاربة جادة لموقف هذه المجموعة الإثنيَّة/الطائفية أو تلك من قضية (السلام) ، محض الاقتصار على استذكار حمولة النصوص المقدَّسة من منظومات القيم ، فلا مناص ، بالتالى ، من مداخل أوثق صلة بالتصوُّرات التى تتمظهر فى السلوك العملى للمجموعات المختلفة من خلال ممارستها لعلاقاتها الاجتماعيَّة. وهى ، بالضرورة ، مداخل سوسيو ـ ثقافيَّة. إن باب (التديُّن) السودانىِّ (بالمعاملة) يذخر ، قديماً وحديثاً ، بالكثير من النماذج المضيئة التى تستحق أن ترفع فى وجه (الاستعلاء) ، وأن يُهيأ لها الذيوع والانتشار ، لا فى بطون الكتب أو ذاكرة الحكائين ، فحسب ، بل وفى مناهج التربية والتعليم وأجهزة الاعلام ووسائط الاتصال الجماهيرى كافة. من ذلك ، مثلاً ، أن الشيخ ادريس ود الأرباب ، عندما اعتزم ملك سنار مصادرة أراضى المسيحيين بعد تدمير سوبا ، أفتى بحرمة ذلك كون تلك الأراضى قد غصبت من المسيحيين ، رغم أنه كان موعوداً بنصيب فيها ، مما اعتبره ود ضيف الله فى (كتاب الطبقات) دليلاً على ورعه ، فكتب يقول: ".. ومن ورع الشيخ أن الملك بادى بن رباط .. جمع كبار الفونج مثل شوال ولد أنفله ونقى شيخ حوش داره وقال لهم شيخ ادريس شيخى وأبوى دارى من العسل إلى البصل باقسمها له النص فامتنع الشيخ وقال لهم هذه الدار دار النوبة وأنتم غصبتوها منهم أنا ما بقبلها الرسول قال من سرق شبراً من الأرض طوقه الله يوم القيامة به من سبع أرضين". وما تزال الذاكرة الامدرمانية تختزن مأثرة (خلوة بولس) كملمح بليغ للتسامح الدينى ، وأثر شديد الافصاح عن عبقرية المكان. فقد نزح القبطىُّ الأرثوذكسىُّ بولس مع أسرته من صعيد مصر ليستقر على تخوم ود اب روف وبيت المال بأم درمان ، ولينشئ تلك (الخلوة) ذات المساقين: تعليم المسيحيَّة لأبناء المسيحيين ، وتعليم الاسلام لأبناء المسلمين ، علاوة على تقديم وجبة مجانية للجميع. وهكذا لم تحُل قبطيَّة بولس دون إلحاق الكثير من المسلمين أطفالهم بخلوته ، طوعاً ، وعن محبة وتقدير. وفى سلالتها نفر من مشاهير الشخصيات السودانية التى لعبت أدواراً مهمة فى شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى البلاد ، كالدكتور وديع حبشى ، الخبير الزراعى العالمى والوزير السابق ومدير مشروع الجزيرة الأسبق وأول رئيس للنادى القبطى عند تأسيسه فى 1978م ، والسيد نجيب يسا ، مدير مصنع سك العملة الأسبق وسكرتير نادى المريخ الأسبق. ويروى حسن نجيلة ، فى (ملامح من المجتمع السودانى) ، واقعة أخرى ، من الحقبة الاستعماريَّة ، عن الشاعر القبطى صالح بطرس الذى استفز وطنيَّته تطاول العهد بمسجد أم درمان الكبير وهو ناقص البناء ، منعدم المئذنة ، والتبرعات ما تنفكُّ تجبى له فى كثير من البطء ، فأنشأ قصيدته الشهيرة: "يامسجداً مطلت بنوه بعهده" ، والتى كان لها أثر كبير فى إشعال الحماس للاكتتاب حتى اكتمل البناء. وهكذا أيضاً لم تحُل قبطيَّة بطرس دون أن يرى ، بعين بصيرته ، فى الانشاد لأجل إكمال بناء مسجد أم درمان الكبير عملاً (وطنيَّاً) يحبه الله. والنص الكامل للقصيدة منشور ضمن كتاب سعد ميخائيل ، القبطىِّ هو الآخر ، والذى أصدره عام 1925م ، للتعريف بالحركة الشعريَّة فى البلاد ، أوان ذاك ، تحت عنوان: (شعراء السودان) ، مسلمين ومسيحيين على السواء. (نواصل
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
Quote: وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ (2ـ2) http://www.alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147495722&bk=1
كمال الجزولي مساء الخميس 24/2/05 شهدنا القدَّاس على روح الفقيد سمير جرجس بكنيسة العذراء بالخرطوم ، حيث وصفه أبونا فيلوثاوس بأنه زعيم قبيلة الأقباط السودانيين. ومن هناك شيعناه إلى مثواه الأخير ، وكنا خلقاً كثيرين من شتى ملل ونحل البلاد ، فعلق محمد على المحسى بأن ذلك يشـبه سميراً تماماً. وكان هزنى ، قبل يومين من ذلك ، ما أورد تاج السر مكى (الأيام ، 19/2/04) عن إنشاء المهاجرين الأقباط السودانيين بسدنى الاستراليَّة منتدى مفتوحاً لكل الجالية السودانيَّة ، وإصدارهم صحيفة أسبوعيَّة تعنى بأخبار الوطن وثقافاته ، وتأسيسهم، إلى ذلك ، إذاعة تبث ساعة كل يوم ، فتذكرت ما كان قال لى لطيف جوزيف صبَّاغ ، حين عاد من هجرة قسريَّة طويلة: "أقسم يا أخى أن يوماً واحداً فى السودان يعدل كلَّ تلك السنوات الضائعة"! وفى الحلقة الماضية أشرنا إلى أن أخطر ما يفرِّق بيننا هو الاستعلاء المسكوت عنه فى حمولة الوعى الاجتماعى ، ومن تجلياته الفادحة لدى الذهنيَّة (السالبة) للمستعرب المسلم المتوسِّط مماهاته الفظة بين صورة (القبطى) وصورة (اللامنتمى)! ولهذا رجَّحنا أن يستغرب كلمة مكى وقول صبَّاغ معاً ، بل وألا يُصدِّقهما أصلاً! فما يزال يركن ، رغم مقت الاسلام للاستعلاء العِرقى ، إلى وهمه الفاره perception عن (ذاته) ، بأنه هو وحده (ود البلد) ، أما (الآخر) فإما (حلبى) وإما (عبد) ، وكلاهما مُساكن عرَضىٌّ لا يؤبَّه به ولا يُعوَّل عليه! وقلنا إنه ، وبقدر ما يتحمَّل التيار (السلطوى/التفكيكى) المسئوليَّة التاريخيَّة عن تغذية هذه النزعة المهمِّشة (للآخر) marginalizing ، يتوجَّب تحميل التيار (العقلانى/التوحيدى) ، بالمقابل ، مسئوليَّته عن عدم التصدِّى للظاهرة بما يكفى لنزع أقنعتها الأيديولوجيَّة الزائفة. بغير ذلك يضحى شأننا كمن يحشو الجراح بالتبغ ، ليتراجع حتى الأمل فى تغليب ثقافة التسامح كقاعدة احترام تلقائىٍّ للآخر tolerance ، لا كمِنة يتفضل بها الأسمى على الأدنى toleration. وشدَّدنا ، فى هذا السياق ، على أن ألزم ما يلزمنا الاقرار به ، ابتداءً ، هو افتقار مكوِّناتنا الاثنيَّة (للتعارف) الذى يشكل أهم الشروط الأوليَّة لجعل (اختلافنا) نعمة لا نقمة! مع ذلك ، ورغم ضجَّة الراهن المعلول بالسوالب ، فإن القدر من التراكم الايجابى الذى وقع لنا ، بشق الأنفس ، هو ما يستوجب التأكيد عليه ، وإجلاء حقائقه المطموسة فى الذاكرة الجمعيَّة بفعل خراقة السياسات المعتمدة منذ الاستقلال. وقد عرضنا ، فى هذا الاتجاه ، لمنظومتى القيم المتقاربة فى الاسلام والمسيحيَّة بشأن (السلام) خصوصاً. لكننا استدركنا على أن (السلام) ليس محض قيمة عقيديَّة ، بل وساحة علاقات اجتماعيَّة. فالنصوص لا تتمظهر ، عملياً ، إلا عبر (معاملة) المؤمنين (للذات) و(للآخر) تحت الظرف الاقتصادى السياسى والاجتماعى الثقافى المحدَّد. ولهذا رأينا ضرورة إبراز بعض النماذج التاريخيَّة المضيئة فى باب (التديُّن) السودانىِّ (بالمعاملة) ، نصفع بها وجه (الاستعلاء) ، ونهئ لها الذيوع فى مستوى الوعى الاجتماعى العام. من ذلك ، مثلاً ، تحريم الشيخ ود الأرباب مصادرة الملك بادى لأراضى المسيحيين النوبة بعد تدمير سوبا ، مِمَّا عدَّه ود ضيف الله دليلاً على ورعه ، ومأثرة (بولس) القبطىِّ الماجد الذى أنشأ بأم درمان (خلوة) تعلم المسيحيَّة لأبناء المسيحيين ، والاسلام لأبناء المسلمين ، وتقدِّم وجبة مجانيَّة للجميع. وذكرنا من سلالته وديع حبشى ونجيب يسا وغيرهما مِمَّن لعبوا أدواراً مرموقة فى تاريخنا الاجتماعى. كما نوَّهنا بفضل الشاعر القبطىِّ صالح بطرس فى الحث على الاكتتاب لإكمال مسجد أم درمان ، أيام الاستعمار ، بقصيدته الشهيرة (يا مسجداً مطلت بنوه بعهده) ، وبالقبطىِّ الآخر سعد ميخائيل الذى أصدر ، عام 1925م ، مختاراته الباكرة (شعراء السودان) ، مسلميهم ومسيحييهم على السواء. وفى ما يلى نواصل: والواقع أن للمسيحيَّة ، عموماً ، أثرها العميق الماثل فى الكثير من الثقافات السودانيَّة ، والذى ظلَّ يتحدِّر إليها من العصور القديمة ، حتى يوم الناس هذا ، مِمَّا تعهَّده الأب الدكتور جيوفانى فانتينى بالرصد والتقصِّى فى مؤلفه القيِّم (تاريخ المسيحية فى الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث). من ذلك ، على سبيل المثال ، حرص الأهالى من المستعربين المسلمين فى أغلب المناطق النيليَّة بين وادى حلفا والخرطوم على ممارسة طقس أربعين المولود الجديد ، حيث تحمله الأم إلى النهر ، ترافقها زفة من النساء يغنين ويزغردن ويلوِّحن بأغصان النخيل ، فتغسل وجهها ويديها ورجليها ثم تفعل الشئ نفسه للوليد. ولهذه الممارسة أصل فى ما يعرف عند المسيحيين بعماد الطفل بالغطاس ، وفى تقليد أربعين الولادة كما رسمه (سفر اللاويِّين) ، وما يزال متبعاً فى بعض الكنائس الشرقيَّة بمصر وأثيوبيا ، وربما أدمجت فيه طقوس مسيحيَّة أخرى كطقس (دخول الوالدة إلى الكنيسة). وشبيه بهذا طقس (ماريا) ، بعد الولادة بيومين أو ثلاثة ، حيث تحمل القابلة الوليد فى زفة مماثلة ، فى بعض قرى النوبيين (الحلفاويين والسكوت والمحس والدناقلة) ، وتحمل امرأة أخرى طبقاً مصنوعاً من الأعشاب توضع فيه أدوات التوليد ، ونفايات البيت ، وقرص من الخبز ، فيرمى هذا الطبق بمحتوياته فى النهر. ثم بعد الفراغ من عملية غسل وجه ويدى ورجلى الوليد ، أو تغطيسه فى الماء مع ترديد عبارة "أغطسك غطاس حنا" ، تبركاً بيوحنا المعمدان ، تعود الزفة بشئ من ماء النهر ليحفظ فى البيت بضعة أيام قبل دلقه. وأصل هذا التقليد موجود فى طقس رتبة المعموديَّة ، وفى نقل المسيحيين بعض الماء المبارك لحفظه فى البيوت. ويُضحَّى فى مثل هذه المناسبة بذبيح لا يكسر منه عظم. كما يُطبع على جدار البيت رسم كفٍّ مغموسة فى دم الضحية. ويرى الأب فانتينى فى ذلك أثراً من ذبح الحمل الفصحى عشيَّة الفصح المجيد كما ورد فى العهد القديم. ونرى فيه أثر الذبح عقب صلاة عيد الأضحى المبارك عند المسلمين ، مع بعض التحوير. ونضيف ، أياً كان الأمر ، أن (كفَّ الدَّم) هذه ما تزال تطبع طلباً للبركة ، وأكثر ذلك على أبواب العقارت والسيارات المشتراة حديثاً. وفى بعض قرى الشمال يستدعون طفلاً حسن الأخلاق ، ويجعلونه يمضغ بعض التمر قبل أن يطلبوا إليه مس شفتى الوليد بلسانه ، أملاً فى أن تنتقل إليه الأخلاق الحميدة مع حلاوة البلح. وفى هذا أيضاً أثر من التقليد الكنسى الذى يُطلب بموجبه عرَّاب (أشبين) لمعموديَّة الوليد يضمن له تربية مسيحيَّة حال وفاة والديه أو غيابهما. وفى حال تعسُّر الولادة فى بعض قرى النوبيين تستغيث النساء ابتهالاً ، باللغة النوبيَّة ، لماريا (السيدة العذراء) لتيسير الأمر على الأم. وقد لفت السيد ابراهيم احمد الانتباه ، ضمن إصدارة (السودان فى رسائل ومدونات Sudan Notes and Records) ، عام 1938م ، إلى أن الأطباق التى يزيِّن بها النوبيون واجهات منازلهم لإبعاد (العين الشريرة) تشكل ، فى حقيقتها ، إشارة الصليب. كذلك يرسم أهل المصاب بمرض خطير ، فى بعض مناطق جبال النوبا ودارفور ، إشارة الصليب بزبل البقر على صدره. وإذا ذهبت أم بطفلها إلى مكان لم يزره من قبل ، ترسم على جبينها وعلى جبين الطفل إشارة الصليب ، ويسمونه (برشام) فى بعض لغات الفور (السودان فى رسائل ومدونات ، 1928م). ويشمل احتفال الزفاف عند بعض الفور ذبح ضحية ، وقيام شيخ القرية برسم إشارة الصليب بدمها ، أو ببعض الدهن ، على جبينى العروسين ، فى طقس أشبه (بحفلة الاكليل) عند المسيحيين. ويعاد هذا الطقس على العروسين عندما يرزقان بطفل. وفى اليوم السابع للولادة ، عند بعض الفور أيضاً ، ترسم إشارة الصليب بالكحل على جبين الوليد. وتمارس بعض قبائل جنوب النيل الأزرق طقس رسم إشارة الصليب بفحم الحطب على جبين الوليد ، وبالتراب على صدور الفتيان المرضى أو المصابين بالاعياء. واستطراداً فإن مستعربين مسلمين كثر اعتادوا ، دون أن يستشعروا أدنى تعارض بين معتقداتهم الدينيَّة وبين هذه الترميزات الثقافيَّة ، أن يعلقوا تميمة (المشاهرة) على الحائط مباشرة فوق رأس الأم النفساء طوال مدة رقادها ، والصليب مكون أساسى فى هذه التميمة. أما فى العصر الحديث فإن للجماعة القبطيَّة الأرثوذكسيَّة ، تحديداً ، فى بلادنا ، مثلما للطائفتين المسيحيَّتين الأخريين: الكاثوليكية ، صاحبة الكنيسة الأقدم ، والبروتستانتيَّة (الانجيليكانيَّة) ، وجود لا تنكره العين إلا من رمد فى الشمال والوسط وبعض المناطق فى الغرب ، كجبال النوبة وغيرها. ويعود تاريخ بروز الأقباط الأرثوذكس ضمن التركيبة الاثنيَّة فى السودان إلى ما قبل الحقبة الاستعماريَّة بعقود طوال. غير أن الفترة الممتدَّة من بواكير القرن الماضى شهدت تزايداً ملحوظاً فى تعدادهم ، وكثافة غير مسبوقة فى وجودهم كجماعة متميِّزة. فعلى الرغم من أن الادارة الاستعماريَّة كانت قد حظرت تبشير الكنيسة الأرثوذكسيَّة فى الجنوب ، لأسباب سياسية متجذرة ، بالأساس ، فى عدم رغبتها فى تمدُّد النفوذ المصرى إلى تلك البقاع ، وقصرها السماح بالنشاط التبشيرى على الكنيستين الأخريين ، إلا أن احتياجها للكوادر المصريَّة المدرَّبة أجبرها على استقدام أعداد كبيرة منهم ، وجلهم من الأقباط الأرثوذكس ، من صعيد مصر بالذات ، للاستقرار والعمل فى سلك الادارة ، والحسابات ، والتجارة ، وورش ومحطات السكة حديد ، فى الخرطوم ، وعطبرة ، وبورتسودان ، والأبيض ، والنهود ، وشندى ، وغيرها من مناطق الانتاج الحديث. ما لبث هؤلاء أن جعلوا من نقل شتى المعارف إلى الأهالى ، فى مختلف ضروب الصنائع وسبل كسب العيش ، مدخلهم إلى المجتمعات المحليَّة ، حيثما استقرُّوا. فعكفوا على تعليم الناس فى قاع المجتمع شتى المهارات فى الميكانيكا ، والبناء ، والنجارة ، والحدادة ، والأعمال الكتابيَّة والمحاسبيَّة. وكان طبيعياً أن يشكلوا ، مع الزمن ، تياراً متميِّزاً فى نهر الثقافات السودانيَّة العريض. فتعاطوا ، بشكل إيجابىٍّ ، مع البيئات المختلفة ، يسترفدونها ثقافة الأزياء ، والزينة ، والأطعمة ، والجوار ، وتقاليد الأفراح والأتراح ، وطقوس رمضان ، والمولد النبوىِّ الشريف ، وعيدى الفطر والأضحى ، ويرفدونها ، بالمقابل ، بما فى أيديهم من ثقافة الأزياء ، والزينة ، والحلى ، والاحتفاليات العائليَّة ، والمعاملات التجاريَّة ، والمطبخ الشرقى ، وشمِّ النسيم ، وعيد الميلاد المجيد ، وما إلى ذلك. هكذا ظلت (القبيلة القبطيَّة) تواصل أداء دور مهمٍّ لا غنى عنه ، بل وريادىٍّ فى كثير من الأحيان ، منذ مطالع القرن الماضى ، على صعيد الترسيخ العملى لقيم (السلام) و(التسامح) و(الوحدة). كما ظلت لها مساهماتها الواضحة فى شتى حقول النشاط المدنى. فالمكتبة القبطيَّة التى تأسَّست عام 1908م تعتبر أقدم مؤسسات المجتمع المدنى فى البلاد ، وتحتوى على نحو من عشرة ألف كتاب فى مختلف حقول المعرفة ، علاوة على ثروة من الوثائق النادرة ، وعضويَّتها مفتوحة لكل السودانيين. ومِمَّا يجدر ذكره أن لائحتها قد عُدِّلت ، مرَّة ، لإهداء ستة مجلدات من مخزونها القيِّم لدار الوثائق القوميَّة. وقد عثر المؤرخ يونان لبيب رزق بين هذه المجموعة ، بمساعدة العالم الراحل أبو سليم ، على الوثيقة الأساسيَّة التى أمكن بموجبها حسم التحكيم الدولى حول (طابا) لصالح مصر ضد إسرائيل. كما وأن وزارة الثقافة المصريَّة تزوَّدت من أرفف هذه المكتبة ، بعد ثورة 23 يوليو 1952م ، بنسخ نادرة أعادت طبعها من (أصل الأنواع) لشبلى شميل ، و(حرب النهر) لونستون تشيرشل ، و(عشر سنوات فى أسر المهديَّة) للأب جوزيف أوهلدر ، بعد نفاد طبعاتها الأولى التى كانت قد صدرت من مطبعة بولاق بالقاهرة فى أوائل القرن الماضى. ومنذ فجر الحركة الوطنيَّة ظلت دوائر الأحزاب السياسيَّة ، كجزء من مؤسَّسات المجتمع المدنى ، تضمُّ ، عبر مختلف الفترات ، رموزاً قبطيَّة ناشطة بين قياداتها وقواعدها ، كتادرس عبد المسيح (عضو مجلس الشيوخ سابقاً) وجوزيف صبَّاغ وإبنه لطيف فى حزب الأمة ، ووديع جيِّد وعبد الله النجيب وحنا يسَّا البيباض فى الاتحادى الديموقراطى ، وموريس سدرة وسمير جرجس وميشيل اسطفانوس وجرجس نصيف فى الحزب الشيوعى ، على سبيل المثال لا الحصر. ضف إلى ذلك كله كيانات ومؤسسات النشاط الاجتماعى للأقباط الأرثوذكس ، كالنادى القبطى وجمعيات أصدقاء الكتاب المقدس وما إلى ذلك. فى خلفيَّة هذه الحقائق وغيرها تتجلى المفارقة المأساويَّة بوضوح حين ننظر اليوم فى ما انتهى إليه هذا الحضور الريادى ، فلا نجد ، إلا فى ما ندر ، غير ضعف مشاركة المجموعات المسيحيَّة فى الحياة العامة ، بل غيابها شبه التام عن أنشطة المجتمع المدنى ، وانزوائها الكامل كما الجاليات المعزولة! وقد لا يحتاج الباحث إلى كبير عناء ليعود بتاريخ هذه الظاهرة إلى أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضى. وهى الفترة التى شهدت بداية الارهاص الجدى بتدشين مشروع الدولة الدينيَّة الذى أنجز أولى حلقات تمظهره الكيفى بإصدار وتطبيق قوانين سبتمبر 1983م باسم الشريعة الاسلاميَّة ، ثم عاد لاحقاً إلى مراكمة عناصر حركته بذات الاتجاه فى ظل الظروف التى تمخضت عنها الانتفاضة الشعبيَّة بين أبريل 1985م ويونيو 1989م ، حيث استكمل خطوته التحويليَّة نحو حل قضيَّة السلطة عن طريق الانقضاض المسلح على الديموقراطيَّة الثالثة. صحيح أن الأقباط شهدوا ، خلال تلك الفترة ، من عنت المعاش والثقافة والاجتماع ، ما لم يشهدوا طوال قرن بأكمله ، بما فى ذلك التشريد الذى طال أندر كفاءاتهم فى سلك الادارة والمصارف وخلافه. ولكن الصحيح أيضاً أن المسلمين أنفسهم أضيروا ، ربما بأكثر من المسيحيين ، من مشروع التيار (السلطوى الاستعلائى). وليس سوى مكابر من ينكر أن هذا المشروع لم يعدم مساندة مسيحيين بين الجنوبيين الكاثوليك والأقباط الأرثوذكس. كما وليس سوى مكابر من لم يلمح ، فى ملابسات الحرب التى جرى تصويرها على أساس دينى ، كيف أن المسلم قد قتل بيد المسلم ، والمسيحى بيد المسيحى. لذلك ينبغى الكف عن الترويج للمشكلة كما لو كانت قائمة بين المسيحيين ، بمن فيهم الأقباط ، ككتلة متجانسة ، وبين المسلمين ككتلة متجانسة مضادة. إن فضل (اتفاق السلام) لا يعدو حتى الآن فضيلة إسكات البنادق ، أما كل ما عدا ذلك ، كتعميق الديموقراطية ، وعدالة التنمية ، ونبذ الاستعلاء بالدين أو الثقافة أو اللغة أو العرق أو خلافه ، فهو من مهام المجتمع المدنى ، بما فى ذلك الضغط على الدولة لتنفيذ ما يليها من واجبات. وغافل من يكِل عمل المجتمع المدنى إلى الدولة ، حتى بمشاركة الحركة الشعبيَّة! إن أهم مهام المجتمع المدنى ، فى هذا الاتجاه ، هو ترميم اطمئنان المجموعات المسيحيَّة بالوطن ، بمن فيهم الأقباط الأرثوذكس ، واستعادة دورهم فى ساحات النشاط العام. ولولا ميراث (الاستعلاء) البغيض ، لما أضحى فضل الثقافة العربيَّة الاسلاميَّة فى السودان مجحوداً إلى هذا الحدِّ من التعانف حولها ، وبنفس القدر ، لما احتاج الأثر المسيحى ، وتحديداً القبطى الأرثوذكسى ، فى الحياة السودانيَّة لمن يؤكده ، لا بكلمة تاج السر مكى ولا بمقالتى هذه.
|
هل ترى يعود ذلك الزمن الجميل! جنى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: jini)
|
شكرا لكم جميعا وشكرا لهشام المجمر الذي بدأ التوثيق لمحبتهم وسلوكهم الراقي.
المشكلة الآن ليس في الحكومات التي ضايقتهم ,ولا في المعارضة التي وصلت حد القتل لبعضهم عندما وصل الالتحام بقضايا الشعب اوجه وتوجه بعضهم مثل (سليمان ميلاد) للانضام للمعارضه لكن للاسف وتم قتله!! واعتقد صفعة اغتيال سليمان ميلاد اقسى على الاقباط من اغتيال جرجس فعلى الاقل اغتيال جرجس تم معه اغتيال مجدي. اما اغتيال سليمان ميلاد ورغم اغتيالات كثيرة تمت للمعارضة الا ان اغتياله كان الاشهر وكان الاوجع.
الامر الآخر المحزن لم تهتم الجاليات بالمهاجر باحتضانهم و الحرص على ممارسة الوحدة الوطنيه رغم انهم في كل مهاجرهم على فكرة انجح من بقية السودانين,ويعني امثاله بيقونا ما بيضعفونا.
كيف غابت هذه النظرة التضامنيه عن سياسي المهاجر وهم من يمارس العمل السياسي من خلال الجاليات؟؟ وللاسف نجد الجميع يتحدثون عن الديمقراطيه وعن حقوق الانسان و عن عدم اقصاء الآخر...ولا يعرف كيف يجعل لهذا الكلام معنى حقيقي تطبيقي.
تخريمه: اخي هشام ارك سهوت عن ذكر الرائع نور الدين منان وهو صاحب المداخله الثالثه هنا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
أخي أنور هل تذكر أقباط بورتسودان الذين هاجروا بعد الانقاذ بعد أن خافوا من توجهاتها في بداية الثورة؟ أولهم جورج مجلع مدير بيطار وزوجته سميرة التي كانت تزورنا في شركة البحر الأحمر بجوار منزلها،كانت بالتحديد تأتي لزيارة زميلتها في المرحلة الدراسية مدرسة الكمبوني الراحلة رجاء أيوب (المشهورة أيضا باسم نادية) وهي بنت وديع كيرلس صاحب المتجر في السوق جوار باتا، وهم بالمناسبة هاجروا لأمريكا، ولم يستطيعوا التأقلم هناك، ورجعوا مصر، وبعد ذلك اشتاقوا لبورتسودان وفضلوا البقاء به، أبلغتني بذلك رجاء أيوب قبل رحيلها بسبب الفشل الكلوي، أيضا زميلتنا الأخرى في قسم حسابات البواخر ماجدة بشرى وزوجها هاجروا إلى أيطاليا، ولا أنسى زميلتنا الرائعة والمجتهدة "ماجدولين" رئيسة الحسابات بشركة البحر الأحمر حتى الآن، وكذلك الزميل صبحي مسؤول البريد، ذكريات جميلة طافت بخيالي وأنا أقرأ عن الأقباط، شاركوناأفراحنا وأتراحنا وشاركناهم في احتفالاتهم وأحزانهم.. وكانوا جزء لا يتجزأ ومهما من النسيج الاجتماعي في المدينة الجميلة، لم نسمع عنهم أي شيء يسيء للوطن أو العقيدة وخلافه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
Quote: وصديق المرحوم اخي ياسين
|
الأخت العزيزة تراجي، المثخنة بالجراح، يس أخوك بعرفه كويس عليه رحمة الله، فهو كان في شلة عبد ربه علي عبد ربه ، شقيق دفعتي وصديقي ضياء الدين، وأيضاً شلة فيصل عصمت وأيمن بيومي وهانئ وايهاب وبقية شباب لم اعد أذكر اسمائهم...
أذكر ان في شلتهم أيضاًَ القبطي إسامة شاكر، الذي رحل الى مصر منذ زمن طويل...
من اساتذتي في كمبوني الابتدائية أستاذ غنامي، استاذ الرياضيات، رحل من دنيانا الفانية وترك وراءه كمية كبيرة من محبيه الطلبة وانا منهم.
من دفعتي في الابتدائي برضو، الأخ رامز إيميل نقولا، والده صاحب البقالة المشهورة قرب مدرسة كمبوني ، في فندق رانيا.
وأيضاً ناجي بولس قسطنطينس، والده من أحد أعمدة تجارة القماش في بورسودان...
وأيضاً مجدي منير فهيم قليني ، ووالده منير كان من أميز موظفي سودان لاين.
و و و و...
لا اذكر لاحد منهم مشكلة أو سمعة سيئة لأي أحد منّا أو لبورسودان التي احبوها اكثر منّا وبإخلاص لا يمكن وصفه.
الطبيب شوقي فهيم قليني من أشهر اطباء بورسودان، وهو حالياً طبيب لفندق هيلتون وشخص يستحق الإحترام على مختلف العصور.
وسيرة أهلنا الأقباط في السودان تثير في النفس حنيناً ، أتمنى عودتهم وإن كان الحال غير الحال!
شكراً لك ولكل حضور البوست...
أنور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
أخي هشام.. أولا روجيه هل هو روجيه عبدالسيد.. الذي درسني ودرس أخويك عصام وأسامة من قبلي في بحري الثانوية؟؟ أظن ذلك وإن كان اسم المذكور في القصة شاروبيم...وروجيه هذا على الرغم في صرامته في تدريس مادة الكيمياء إلا أنه كان لا يخلو من دعابة.. أذكر أن تحضير حامض الكبريتيك في المعمل ينتج عنه تصاعد غازات نتنة الرائحة ..تضايق منها الطلاب.. فما كان من الأستاذ/ روجيه إلا أن خاطب الطلاب المتضايقين ممازحا قائلا أهي : "فرصة تتطلعوا الفي بطونكم!!!"
أننتهز هذه السانحة لأحيي زميلي وصديق الصبا الباكر..مجدي الفونس وأخاه مراد الفونس.. ولا أنسى زميلنا في بحري الثانوية "رمزي ونجت برسوم"..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أبكتني هذه الحكاية يا هشام المجمر، التحية لكل أسر الأقباط السودانيين (Re: AnwarKing)
|
عودة مرة اخرى يا انور
لك السلام
تذكرت فجأة زميلى و دفعتى فى الهندسة مجدى اسحق زول شندى
ربما سبب نسيانى له انه لم يكن ظاهرا للعيان كما كان اقباط الخرطوم
بل كان مثله مثل أخوته من ابناء شندى من الجعليين خجولا هادئا
سكن معى فى غرفة واحدة بداخلية النشر فى السنة الاعدادية( البريلم)
كان غاية فى التهذيب
كنت اقول له انت قبطى جعلى فيضحك
ظل مصاحبا لمجموعته الشنداوية فهو بالفعل احدهم
ولم ينضم لشلة اقباط الخرطوم فهو غيرهم
التحية لمجدى اينما وجد
| |
|
|
|
|
|
|
|