|
... تعــلق الشيــخ بإبــن صديــقى وبــكى ...!!!!!
|
... لم تكن واقعة خيالية ، ولكنها عاطفة الأبوة الحقة وطبيعة قلوبنا كبشر .. إصطحبت أحد أصدقائى ذات مرة فى زيارة لمدينة عربية عريقة بتراثها وماضيها ، كان معنا أبناؤنا ، ولصديقى إبن واحد كان برفقتنا فى تلك الإجازة القصيرة التى تصادف أن تكون عطلة نصف العام الدراسى للطلاب ...، .. فى حانة أثرية يكثر فيها السواح والأجانب ، وتتنوع بها المقاهى والمطاعم لكل صاحب ذوق ومزاج بتنوع فولكلورها وموسيقاها ، كان موعدنا بإحداها ، فاجتمع إلينا شيخ طاعن فى السن يلاطف حفيدا له أو ربما كان إبنا له ، فقد إشتهر أهل تلك المناطق بفحولة شيوخها وكهولها ... ، .. كان الشيخ غاية فى المودة وطيب الحديث معنا، ولكننا كنا نلحظ كثرة إهتمامه بإبن صديقى الذى لم يتجاوز العاشرة من عمره ، فيربت على ظهره ويقبل رأسه ويحتضنه كثيرا ، وقد أكثر له من الهدايا واللعب التى إشتراها له ، ولطبيعة غيرة الأطفال المعتادة ، كان إبنه أو حفيده منشغلا ومحاولا أن يلاصقه ويمسك بيده لكى يبعده عن طفل إبن صديقى ولم يهتم بلعبه ، وهكذا عراك لطيف بين الطفلين أمتعنا كثيرا .. .. ولكن كانت للشيخ أبعاد حميمية وجدانية أخرى ، كان يكثر النظر الى عينى طفلنا ، ويريد ترديد سماع إسمه منه وهو يقلب كفتى الطفل الصغيرتين بإعجاب جلى ... ، .. حان وقت مغادرتنا ، ويمسك الشيخ بطفل صديقى ويلح علينا بالبقاء قليلا ، وتكرر هذا فى كل مرة نهم فيها بالوقوف والمغادرة ، ولكننا أنزعجنا بعض الشيء عندما لاحظنا أنه يريد بقاء إبن صديقى عنده مدة أطول ، لذلك كنا أكثر حزما هذه المرة ورجونا منه المغادرة ووداعه ، فنهض معنا بخطوات متثاقلة وأطرق فى حزن عميق ، وما هى إلا لحظات والدمع يبلل لحيته ، حتى أشفقنا عليه وعلى طفلنا النحيل من شدة ضم الشيخ له ، وهو يقول لنا فى صوت خافت متحشرج وداعا فإنه إبنى ولا أشك فى ذلك ، غير أنه كان من نصيب الأسفلت يوما ..! لازلت أذكره ، ثم قال إنها السياقة المجنونه فى بلدى ...!! ترى هل تعودا به إلينا مرة أخرى ..؟؟ كان رجاء لم نجد له ردا أو جوابا .... وهكذا هو ألم الفراق لمن تحب وترتجى عودته ، أو عندما تجد روحا إفتقدتها متمثلة فى شخص آخر ... ، وما أكثرها ... إعتصرنى ألم كثير وقتها ، وبكيت كما بكى ، لأن بكاءه لامس شغاف روحى فى عزيز إفتقدته ... وتحيتى ...
محمـد مختـار جعفـر
|
|
|
|
|
|