نقول هنا ان التركيز على تعليم الإناث له مِن الفوائد الإقتصادية والإجتماعية ما يتجاوز تماماً حد الحقوق الاساسية المكفولة لمواطني الدولة. إذ انه توجد الآن شواهِد عديدة تُأكِد ان التفريق الجندري في العملية التعليمية يُعتبر مِن الاسباب الاساسية المُعوِقة للتنمية "الشامِلة" في الكثير مِن دول العالم الجنوبي (الثالث سابِقاً).
واقول هنا مُستطرِداً ومُحاولاً بقدر الإمكان عدم إستِخدام مُصطلحات إقتصادية مُعقّدة، ان مفهوم التنمية ما عاد مُقتصِراً فقط على التركم الكمي للثروة في منحاها الإقتصادي المحدود، ولكنه اصبح يعني في المقام الاول كيفية التوظيف السليم لهذه الثروة المُتراكِمة للنهوض الصحي والتعليمي والثقافي والترفيهي بكل مواطني البلد المعني.
بمعنى آخر، اصبح الإرتِفاع في النِسبة المئوية للدخل القومي السنوي لأي دولة لا يعني شيئاً وِفق مُؤشِرات التنمية الدولية المُعتمدة عالمياً ما لم تتنزّل الفوائض القيمية المُكتسبة مِن هذا الإرتِفاع بالفائدة الى كامل قِطاعات المُجتمع.
وبالعودة الى موضوعنا نقول ان توسيع الفُرص التعليمية للإناث لا يعني فقط الإرتِفاع بمقدِرتهن الإنتاجية في النشاطات الإقتصادية المُختلِفة (حقل، مصنع، مكتب)، ولكنه ايضاً يعني مُستوى صِحي وتغذوي مُتطوِر للأطفال. وكما يعني ايضاً كسر الدائرة الشريرة التي يتم في داخلها إعادة إنتاج كُل اسباب الفقر والقعود على مُستوى الأسرة كخلية اولية في المُجتمع. وكُل هذا بالطبع له اثر إيجابي مُنداح ومُتضاعِف Multiplier effect يمتد الى اجيال عديدة لاحِقة.
بالإضافة لهذا، ولأن النِساء هن في الغالب من تقع على عاتقهن - دوناً عن الرِجال - تحمُّل غوائل الفقر والعوذ، وكما ايضاً لإنخفاض وربما إنعدام فُرص تملُكهن لوسائل الإنتاج كما الرجال (الأرض تحديداً)، سوف يكون لإتاحة الفرص التعليمية المُناسِبة لهن اثر إجابي مُتصاعِد عليهُن اولاً وكما ايضاً على المُجتمع ككُل، والذي ينتُج اساساً عن تفعيل الادوار الإقتصادية وتطوير القُدرات الإجتماعية لهن.
وقد اثبتت العديد مِن الدراسات التنموية ان التوسع في التعليم العام للإناث يعود بمُعدلات فائدة عالية جِداً دوناً عن العديد مِن المشاريع الإستثمارية العامة الأخرى - البِنى التحتية مثلاً. وقد أختتمت دراسةٍ ما للبنك الدولي بأن العائد الإجتماعي فقط للتوسع في تعليم الإناث هو مِن الفائدة بما يكفي ويفيض لتغطية التكاليف الإقتصادية لهذا التوسُع حتي بدون إعتبار لما يعود على المجال الإقصادي مِن فائدة نتاج القوة البشرية المُضافة اليه جراء هذا التوسع في تأهيل العُنصر النوعي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة