|
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن (Re: Abdel Aati)
|
الأحزاب ذات التموضع الإقليمي: هذا النوع من الأحزاب أو البنيات السياسية يختلف عن النوعين السابقين (العقائدية والطائفية)، والإختلاف ليس حول مسألة متعلقة بنسق الأفكار أو المجموع القيمي المرتبط بهما، وقد يكون هنالك حزب ذو تموضع إقليمي، ولكنه على مستوى الأفكار والمواقف السياسية ينتمي الى أحدي هذه البنيات السابق ذكرها أيضاً التموضع الإقليمي ليس بالضرورة أن يقف عقبة في طريق هذه البنية أو تلك من الإندفاع نحو الأفق القومي بأي حال من الأحوال. وقد قصدنا بالتموضع الإقليمي الإشارة إلى شروط النشأة التاريخية وإرتباطها بالواقع الذي إنطلقت منه هذه البنيات، وما ينعكس من ذلك على خطابها السياسي، والأمثلة على ذلك كثيرة.
إن ما يهمنا في دراسة ظاهرة هذه البنيات هو "شروط تطورها" ولا نعتقد أن تعبير هذه البنيات عن الطموحات السياسية للجماهير التي تنتمي إليها هو نوع من النقص في تركيبتها. وكما ذكرنا سابقاً أن السودان بلد متعدد في كل المناحي، عليه فإن من أهم شروط التعدد وإستمراريته كعامل أساسي في تحقيق الأنتقال الى مرحلة أعلى في عملية الإندماج القومي، هو بقاء مثل هذه الكيانات المختلفة قادرة على العطاء وتبادل منتوجاتها الثقافية والقيمية مع بعضها البعض. أيضاً فكل كيان بمحتوياته هذه يتضمن في نسيجه الداخلي نسقاً من الأفكار (الثقافة بمعناها الموسوعي) والآليات التي يستطيع بها ممارسة السلطة السياسية (العشيرة، القبيلة ..إلخ) والأحزاب الإقليمية هي مرحلة متقدمة في ممارسة السلطة السياسية قياساً على هذه المستويات، والإرادة السياسية في هذا المستوى من الممارسة مسنودة بوعي جمعي أرفع من وعي القبيلة والعشيرة وقابل للتطور أكثر منها، وهو يرتبط في الأغلب الأعم بقضايا أكبر نسبياً من التجمعات القبلية والعشائرية. من العوامل المهمة في نشوء هذه الأنماط الدولة المركزية في جانب من جوانب ممارساتها والتي تلعب سياسية التهميش الواقعة على الكيانات القبلية والعشائرية دوراً مهماً في تحولها نحو بنيات سياسية ذات تموضع إقليمي في مسيرة سعيها للدفاع عن هوياتها ومصالحها. والتنظيم السياسي عبارة عن مظهر من مظاهر هذه العملية.
تختلف الأيديولوجيا المسيطرة في هذه البنيات عن نظيراتها من البنيات الأخري، وذلك بالضرورة لإختلاف ظروف النشوء والإرتباط العضوي لها مع المجموعات التي تنتمي إليها، وما يتولد من أفكار وسياسات تبعاً لذلك. وطالما أن العلاقات القبلية مازالت تحتل موقعاً متقدماً في الحياة الإجتماعية والسياسية لهذه الكيانات، بالتالي فإنها تؤثر بشكل مباشر على وعيها السياسي/ الأيديولوجي، وبما أن هذه العلاقات تحتوي على قدر معتبر من المحتوى القيمي والثقافي في شكل تراث يشكل الوعي الجمعي لهذه المجموعات أو لاشعورها السياسي، فإن أيديولوجيا هذه الأحزاب هي أقرب إلي المحركات النفسية الإجتماعية من أنها نسق أفكار أو إعادة تشكيل لعقائد أو أديان. وعليه فإن التطور الطبيعي لها هو الإتجاه نحو الإنقتاح وإستيعاب تشكيلات إجتماعية جديدة قد تكون مختلفة عنها تماماً في جذور النشأة أو الثقافة السائدة فيها، هذا التحول يدفع بهذه البنيات الى إحداث تغييرات جذرية على أفكارها أو أجندتها السياسية، ومهم جداً هنا أن نشير الى أنه طالما ظلت حالة اللاتوازن قائمة على صعيد معادلة المركز والهامش والذي غالباً ما يحتوي هذه البنيات بمختلف أفكارها، فإن التموضع الإقليمي سوف يستمر حتى لحظة إنفلاته من التهميش، والخطورة في الموضوع أن الناتج قد يقلب مسار التهميش ويصبح المركز هامشاً والهامش مركزاً جديداً، وهو قلب لموازين الصراع وتغيير لعناصره أكثر من أنه إقرار لمعادلة متوازنة للتطور الإجتماعي.
نختتم مسحنا للبنيات السياسية في السودان بتلخيص النتائج التي توصلنا إليها، إن ذلك ضروري من حيث أنه يفيدنا في التعرف على المفاهيم الأساسية الواجب علينا إتباعها. أ. البنيات الطائفية السائدة في السودان، على مستوى الأفكار تنتمي إلى الحقل العرفاني، وعلى مستوى التنظيم فالإرتباط يقوم على آلية الإتباعية والنتيجة النهائية هي إنغلاق الطائفة على شرائح إجتماعية بعينها تخدم مصالحها إستناداً على قاعدة الولاء الطائفي.
ب. البنيات العقائدية متقدمة نسبياً بحكم تقدمها الفكري ولكن ما يحد من تقدمها هو الطبيعة الشمولية لأيديولوجيتها، فالعقائدية الدينية في السودان (الأصولية الإسلامية) تعبر عن طموحات المنتمين الى حقل الثقافة العربية الإسلامية فقط، والعقائدية اليسارية إما أنها غارقة في أثبات صحة مقولات الصراع الطبقي في السودان وأهمية قيام تحالف العمال والمزارعين لإنجاز مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وغيرها من الشعارات التي تجعلها غير قادرة فهم جوهر الصراع في السودان، أو عقائدية يسارية منتمية إلى أيديولوجيا العروبة، وفي كلتا الحالتين فلكل بنية عقائدية إشكالياتها ، وسنرى ذلك بمزيد من التفصيل لاحقاً. وعليه؛ فإن فكرة السودان الجديد وبناؤها السياسي لايمكن أن تنتج حزباً طبقياً بالمعني الماركسي لكلمة طبقة Class. ولا طائفياً، ولكي نتفهم ذلك فلنمضي قدماً في التعرض لبعض الرؤي الفلسفية.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:21 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:23 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:24 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:25 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:26 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:27 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:29 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:30 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:31 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:32 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:32 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:33 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | WadalBalad | 07-08-03, 05:40 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-09-03, 11:05 PM |
|
|
|