|
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن (Re: Abdel Aati)
|
الأحزاب العقائدية: في هذه النوع من الأحزاب نجد أنها تستند بالأساس على أيديولوجيات ذات طابع شمولي تفسر به العالم، وسميت عقائدية لطبيعة الأفكار التي تطرحها، والعقائدية ليست بالضرورة أن تنتمي إلى حقل الأديان فحسب، فالأيديولوجيا الشمولية ذات طابع عقائدي، لذلك ينطبق مصطلح الحزب العقائدي على الأحزاب المنتمية الى حقل الأديان، وتحديداً المنتمية إلى المدارس الأصولية من الإديان، إضافة إلى الأحزاب اليسارية بشقيها. ويبدوا أنه من الضروري شرح مصطلح أيديولوجيا بإعتباره العنصر المفتاحي لفهم هذه البنيات. مصطلح أيديولوجيا يدل على معنيين متمايزين على الأقل وإن كانا مترابطين حيث يستخدم هذا المفهوم من ناحية للتعبير عن الوعي الزائف، أو أشكال الفهم المغلوط للواقع ويمكن أن يستخدم من ناحية أخرى، وبشكل أكثر حيادية للإشارة الى نسق من الأفكار ودون أن يعني ذلك ضمناً أن هذه الأفكار زائفة، وتستخدم الأيديولوجيا بالمعنى الذي يعني مجموعة الأفكار الزائفة أو المغلوطة بهدف الحط من شأن وضع سياسي معين أو حزب سياسي معين أو لوصف مجموعة من الأفكار أو العقائد الخاصة بطبقة إجتماعية معينة، والتي تستخدمها الطبقة في تبرير مصالحها السياسية والإقتصادية . نمضي مع نفسير آخر، والذي يفصل بين (الخطاب) والأيديولوجيا، بإعتبار أن أي خطاب يحمل مضمون أيديولوجي والخطاب بالطبع يتضمن مبادئ معرفية وبالتالي فإن المضمون الأيديولوجي هو ما يحمله (الخطاب) أي الوظيفة الأيديولوجية (السياسية الإجتماعية) التي يعطيها صاحب أو أصحاب ذلك الفكر لتلك المادة المعرفية (..) وبالتالي تتحدد الروابط التي يجب إقامتها بين الفكر والواقع، لا بد من التأكيد هنا على أن الإشكالية النظرية التي تؤسس وحدة الفكر هي أساساً إشكالية معرفية؛ بمعنى أنها نتيجة تناقضات حقل معرفي معين، وبالتالي تظل قائمة مادامت الشروط المادية والأبستمولوجية التي تؤسس ذلك الحقل المعرفي قائمة. أما المضامين الأيديولوجية التي توظف فيها المادة المعرفية التي يقدمها نفس الحقل وداخل نفس الإشكالية فهي لا تخضع لهذه التناقضات بل لتناقضات وصراعات (أيديولوجية) تجد أصلها ومنبعها لا في درجة تطور المعرفة وجهازها، بل في المرحلة التي يجتازها المجتمع من التطور . من هنا يتضح لنا أن سلوك الأحزاب العقائدية تجاه دراسة الواقع ينطلق من أساس نظري سابق، قد يكون الواقع الذي تم إستنباط هذه المادة المعرفية منه مختلف تماماً عن الواقع الذي يتم فيه تطبيق هذه المادة المعرفية تطبيقاً حرفياً، من ناحية نجد أن هذه الأحزاب قياساً على التركيبة الطائفية التي أشرنا إليها في السابق، هي أكثر تطوراً، لكن يبقى السؤال الملح كيف توظف هذه الأحزاب العقائدية مادتها المعرفية في تفكيك الواقع المشخص أمامها؟ بمعني ما هو المضمون الأيديولوجي الذي تعطيه هذه الأحزاب لمادتها المعرفية؟ فالأحزاب العقائدية (الدينية) تعطي للأديان (كأساس) معرفي مضمون أيديولوجي يعبّر عن طموحاتها السياسية والإجتماعية، يتم فيه إستثمار للنص الديني عبر آليات مختلفة من التفسير، لتقديمه على أنه هو "الدين نفسه" أو "حقيقة المراد الإلهي"، وبالتالي يصطبغ التفسير بقداسة النص ويتم تسويق هذا الناتج المشتق وعناصر أخرى وكأنه النص ذاته لتحقيق سلطة خطاب على المتلقي (الجماهير)، والتي بها ومن خلالها يتم تحقيق الأهداف السياسية الدنيوية الخالصة الخاصة بهذه البنية أو تلك. ونجد أنه من الضروري أن نثبّت الحد الفاصل فلسفياً بين "النص" و "ما يفهم من النص" بإعتبارهما حدين مستقلين عن بعضهما البعض، فالأول ثابت من حيث هو مفارق للواقع التاريخي للبشر، بينما الثاني متحول، وخاضع للقوانين الكونية. وقد لاحظ محمد أركون تناقضاً هاماً في هذه الأحزاب العقائدية الدينية، والذي يتمثل في البعد الشاسع بين مضمون خطابها ومسارات حركتها السياسية اليومية، وأشار إلى أن المنظومات الأصولية (الأحزاب العقائدية الدينية) تقوم بأكبر عملية علمنة يشهدها التاريخ الإسلامي دون أن تعي ذلك أو حتى تريده، وهي في خضم هذه العملية، وصراعها مع الآخرين تكشف عن رهاناتها الزمنية.
أما الأحزاب العقائدية الأخرى (ذات الأيديولوجيات الشمولية) والتي تكسي على أفكارها طابع "العلمية" فإن العلم الصحيح يؤكد كل يوم على أنه لم يعد هنالك علم طبيعي واحد تنطبق مقولاته وقوانينه على مختلف العوالم، الأرضية والذرية والفضائية، فإنه ليس هنالك، ولا يمكن أن يكون علم إجتماعي واحد تنطبق مقولاته وقوانينه على جميع المجتمعات وعلى مر العصور [فلتتحرر] أذاً من سلطة مقولات الأيديولوجيات والعلوم الإجتماعية الخاصة بالمجتمعات الرأسمالية الغربية المتطورة ولتعتبرها مجرد مقولات نسبية تعبر عن حالة أو حالات ضمن أحوال أخرى موجودة، أو سبق أن وجدت. إن هذه الخطوة ضرورية وبدونها لن تتمكن من رؤية الواقع في الماضي ولا الحاضر .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:21 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:23 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:24 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:25 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:26 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:27 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:29 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:30 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:31 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:32 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:32 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-08-03, 01:33 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | WadalBalad | 07-08-03, 05:40 AM |
Re: مسارات السودان الجديد - كتاب للتجاني الحاج عبد الرحمن | Abdel Aati | 07-09-03, 11:05 PM |
|
|
|