مرت سارة منصور كعاصفة الصحراء وانكشفت معها سؤاتنا
مرت سارة منصور كعاصفة الصحراء وانكشفت معها سؤاتنا -1- خلافا لما يقوله المنطق السليم؛ فانني اكتب هذا النص. ليس رجوعا الي ما قد كان؛ ولا تغييرا لما سيكون؛ ولا نبشا في الرماد القديم بحثا فيه عن ومضة نار. ليس شيئا من هذا وذاك؛ لان ما قد تم قد تم؛ ولأننا لن نغير بكلمات عابرة؛ تمضي في سوق الكلام وتعبر علي مائدة البورد الجائع والمتلهف للمشهيات والمقبلات والتسالي والترمس والشيبس والشواء البشري؛ اكثر مما يبحث عن الثمين والمفيد؛ متراكمات قرون وعقود من الثقافة التقليدية الرجعية من جهة؛ وبديلها التسلطي القمعي من الجهة الاخري؛ فهذا جهد تاريخي لم نمتلك حتي الان ادواته؛ ولا نعرف الا بطريق التجربة والخطأ؛ الابواب التي يمكن ان تقود اليه. -2- والخلاف مع المنطق السليم؛ يأتي من واقع ان دخولي في قضايا سارة منصور وخلافاتها مع بعض اعضاء البورد؛ قد اوردني موردا ضيقا؛ وكما قالت احدي الصديقات انني حفرت قبري بيدي. واعلم انا؛ وانا كائن سياسي؛ حجم عدم الفهم والتحيز والاحكام الجاهزة التي تطايرت حولي وقيلت؛ واضعافها مما لم تقال وان اضمرت؛ فلم الرجوع للموضوع مرة اخري؛ والعقل والمنطق يقول بانتظار العاصفة حتي تهدأ؛ وترك الامور تغيب في غياهب النسيان؛ والعودة مرة اخري؛ بعد وقت يطول او يقصر؛ وكان شيئا لم يكن؛ وكأن كل الامر قد كان زوبعة في فنجان؟ -3- الرجوع ياتي من جملة اسباب؛ من بينها انني وان حفرت قبري عند البعض؛ الا انني لم امت. ومن بينها ايضا ان بعض المواقف تنبع من خبايا الروح الجامحة؛ والتي ترفض الانصياع والانقياد للجام العقل والمنطق؛ وان بدت اشاراته في كل السماوات ساطعة؛ واوتاده علي كل الاراضي راسخة. أرجع لانه هناك جملة او جملتان تستحقان القول؛ واذا ما قلنا الالف؛ فاننا ينبغي ان نختم بالياء؛ ولان طريق الشوك والالام لا يزال في بدايته؛ ولان من يريد العدل والحق؛ لا يمكن له ان يتقهقر في نصف الطريق؛ او يبحث عن تبريرات هشة او حسابات سياسية فجة تحله من مأزق المواقف الصعبة والاسئلة المحيرة والاجابات الاكثر صعوبة. -4- وسارة منصور خرجت من كونها شخصية محددة بدمها ولحمها ؛ وبيتها واسرتها؛ لتتحول الي ظاهرة؛ في منبر سودانيز اونلاين علي الاقل. لقد مرت هذه العضوة السابقة علي البورد كعاصفة الصحراء؛ واحدثت فيه زلزلة شديدة؛ وحصدت نتيجة الزلزلة؛ وخرجت من معركتها مهزومة تماما؛ وكشفت عن سؤتها؛ وانهت عاصفتها باسؤا ما يمكن من الاشكال؛ لكنها في مرورها هذا قد كشفت سؤاتنا جميعا؛ او قل كشفت سؤات الغالبية العظمي منا؛ الا من عصمه العقل والضمير؛ او التجأ الي ملاذ الصمت يختفي تحته من اثار عبور هذه الظاهرة الكونية المجلجلة. -5- لم اساهم بنقاش مواضيع سارة منصور كثيرا؛ وقد كتبت رايي وتحليلي لشخصية وافكار سارة منصور؛ في احد البوستات المخصصة للرد علي هشام أمين؛ مما يمكن الرجوع اليه هناك. لم اسهم بالنقاش في تلك البوستات المختلفة عن تعدد الزوجات والعنوسة وغيرها؛ لانني استهنت بها وبخطرها؛ وظننت انها من الفجاجة والتأخر؛ بحيث تسقط لوحدها؛ وقد كنت علي خطأ. اليوم اقول ان تجاهل الكثيرين والكثيرات من المناصرين والمناصرات –بحق ووعي- لقضية المراة السودانية لاراء سارة منصور الاجتماعية التقليدية والرجعية؛ باعتبارها اراء فطيرة لا ترقي لمستوي النقاش الجدي المثابر؛ قد فتح الباب لهزيمة التيار التقدمي الهادف لتمكين المراة السودانية؛ وذلك بما اتاح لبعض من المدعين والمدعات الحديث باسم هذا التيار؛ ان يقودوا المعركة ضد سارة منصور؛ بالشكل السلطوي القمعي؛ والذي عبر عن نفسه في حفلات الشواء التي نتذكرها؛ ويحاول البعض هنا ان ينساها؛ وبقرارات فصلها المتعددة؛ والتي يبدو انها وصلت الي حدها النهائي في القرار الاخير. -6- ليست سارة منصور كوزة؛ وليست معارضة ؛ وليست هي شخصية سياسية او فكرية. سارة منصور انسانة صحفية تحب الاثارة وتتحكم فيها افكار تقليدية عن دور المراة والرجل والاسرة والعالم. انها الخلاصة الاكثر تركيزا؛ لسطوة العقلية الذكورية في السودان؛ والدليل الاكثر سطوعا؛ حول كيف ان هذه الثقافة تهيمن حتي علي النساء؛ بل تستخدمهن كادوات ضاربة؛ في ثورتها المضادة للحداثة والتقدم والعلمنة وتمكين المراة. ورغم ان دوافع سارة للنشاط ليست سياسية؛ الا ان بها خصائص واضحة لنموذج الناشطات الاجتماعيات؛ من نوع فاطمة احمد ابراهيم او سعاد الفاتح او لبابة الفضل او زهرة الباهي؛ واللاتي رغم اختلاف توجهاتهن؛ الا انهن يمثلن رأس الرمح في هجمة الثورة المضادة للمراة والنساء في السودان؛ والتي تحاول ان توقف اختمار وانفجار الثورة النسوية العفوية معدومة القيادة ومقطوعة الرأس. -7- انعدام القيادة وانقطاع الرأس؛ او قل انعدام المنهج وضعف الاساليب وغربة الخطاب؛ كانت هي الثغرات الواسعة؛ لهزيمة التيار الواسع من النساء والرجال؛ والذي كان يتلوي غيظا مما تكتب سارة منصور؛ ولكنه كان يبدو عاجزا عن الرد عليها؛ او مجابهة اسلوبها وحزمة افكارها. هذا العجز وهذه الغبينة؛ هي سبب الكراهية الفائقة التي اولاها هؤلاء لسارة منصور. الكراهية هنا هي تعبير عن العجز؛ رغم العدد الوافر ورغم التأهيل الجندري ورغم قوي الاسناد الواسعة ممن اختلفوا مع سارة منصور من قبل او من بعد لاسباب محض ذاتية. ماذا كان المنهج البديل اذن: كان هو منهج الاقصاء واغتيال الشخصية والتشنيع والتعريض والأحقاد الشخصية؛ فأثبت هذا التيار انه لم يتعلم شيئا؛ ولم ينس شيئا؛ وان اختلافه عن الكيزان هو اختلاف مقدار؛ لا اختلاف معيار. -8- واذا كنت قد قصرت في حملة التصدي لحزمة افكار واطروحات سارة منصور الاجتماعية؛ فانني لم اقصر في حملة التصدي لمنهج اغتيال الشخصية الفظ والخارق لكل الحدود؛ كما عبر عنه هشام أمين. لقد فسر الغالبية من الناس؛ هذا الموقف كانه دفاع عن سارة منصور؛ بينما كان هو في الحقيقة دفاع عن الا يؤكل لحم الناس احياء؛ وان لا نؤكل نحن غدا؛ بسكوتنا علي اكل النور الابيض او الاسود اليوم؛ وقد كان. وربما حساسيتي تجاه اغتيال الشخصية؛ هي اعلي من حساسيتي تجاه النقاشات حول القضايا النسوية؛ وقد قد ادخلتني هذه الحساسية من هذه الممارسة؛ في اكثر من معركة من قبل؛ وقد تدخلني في المستقبل. ولان الحملة في صيغة هشام امين قد كانت عنيفة وفالتة؛ فقد كان الرد عليها مساو لها؛ وانا علي قناعة ان ذلك الرد كان التصرف الصحيح؛ حين سقطت كل الاساليب الاخري؛ والتي بسقوطها اثبتت مرة اخري؛ هشاشة الخيارات الديمقراطية والمؤسسية وضعف مؤسسة الراي العام؛ وذلك حين يضطر الناس الي اسكات المعتدي بمثل اسلوبه هو. -9- لقد تخاذلت الغالبية العظمي من اعضاء البورد؛ عن قول كلمة الحق؛ وفضل البعض الشريف؛ ان يدخل بدعوات الوفاق وتلطيف الاجواء؛ بينما انكسر التيار التقدمي؛ او المحسوبين علي التيار التقدمي؛ انكسارا عظيما. تبدي هذا الانكسار في مواقف خالد الحاج التي ليس لها من تبرير ولا يجب ان تجد غير الادانة؛ بينما حاول ادعياء التقدم اظهارها وكانها الحق بعينه. تبدي الانكسار في موقف الاستاذة دومة؛ والتي يصرون علينا انها قد مثلت الحق المطلق في تلك الاحداث؛ بينما قد لعبت دورا ردئيا. تبدي الانكسار في الصمت علي وتشجيع بربرية هشام امين؛ وفي العديد من السلوكيات والكتابات الاخري؛ والتي اوضحت ان التيار التقدمي مفلس تماما؛ وانه في تلك المعركة؛ قد لجأ الي احط الوسائل والاساليب؛ ولم يجد في جعبته اي حصيلة من الفكر والمنطق؛ مما يمكن ان يواجه بها عاصفة سارة منصور الكاسحة. -10- في كل هذا؛ يحتل موقف امين الموقع مكانا مركزيا. لقد لعب امين الموقع دورا سلبيا للغاية؛ تميز بالتخبط في القرارات؛ وذلك بايقاف سارة وزوجها وارجاعهم دون ابداء الاسباب؛ وفي نفس الوقت العجز عن التصدي لما كتبه هشام امين مثلا؛ والذي ينبغي ان يفصل بسببه من المنبر عشرة مرات علي الاقل. ان موقف امين الموقع قد نقصت فيه المثابرة؛ ويبدو فيه التحيز وتغليب الشخصي علي العام واضحا ؛ وليس ادل من ذلك الفصل الاخير لسارة منصور وزوجها؛ دون ابداء اسباب مقنعة عن حيثيات فصل الزوج؛ مما ذكرني بابعاد خالدة زاهر من الحزب الشيوعي في اول الخمسينات؛ وذلك لان زوجها قد انقسم عنه. يتم كل هذا في الوقت الذي يستخدم فيه ابراهيم علي وهوبفل واساسي خطابا قريبا ان لم يكن متطابقا مع خطاب سارة منصور العنصري الاخير؛ ولا يفصلوا؛ مما يوضح ان القرارات تخضع للمزاج الشخصي اكثر منها للقانون؛ وانها نتيجة لحسابات شخصية او شللية او حزبية؛ اكثر من كونها نتيجة لمعايير ثابتة تسري علي الجميع. -11- لقد انهزمت سارة منصور في المعركة؛ وما كانت مساهماتها الاخيرة الا اعلانا واضحا بالانهزام. لقد انهزمت سارة منصور بسبب من اسلوبها هي؛ وبسبب من خطابها هي؛ ولكن ايضا بسبب من اساليب العنف الللفظي؛ والكثرة الغالبة؛ واساليب العزل الاجتماعي؛ التي استخدمت ضدها. وانهزمت سارة منصور ايضا لانها لم تقرأ خريطة البورد بالطريقة السليمة؛ ولو كانت في بورد آخر؛ فربما لم تكن الهزيمة لها حتمية. انني ادين هنا كل الالفاظ العنصرية التي كتبتها سارة منصور في بوستاتها الاخيرة؛ ورغم اني اعلم انها كانت صرخات مهزوم ومغبون وحديث يأس؛ الا ان هذا لا يعفيها عن مسؤليتها عنها؛ فنحن لا نكتب ما لا نؤمن به؛ وما لا يتفق مع سلم قيمنا؛ ولو قطعنا اربا اربا؛ وليس هناك ما يبرر لسارة منصور ما كتبت من اقوال عنصرية بائسة؛ تظل محسوبة عليها وتظل العلامة الفارقة علي هزيمتها وتأخرها؛ وكانت لها في البورد سؤء الختام . -12- بالمقابل فان خصوم سارة منصور من مدعي المعارضة والديمقراطية والتقدم؛ قد انهزموا هزيمة ماحقة؛ وليس ادل علي هزيمتهم من فرحهم العارم في بوست امين الموقع؛ والذي يعلن فيه فصل سارة منصور وزوجها للمرة الاخيرة والنهائية. لم يرتفع صوت واحد من كل هذه القبائل الديمقراطية والتقدمية؛ للاحتجاح علي الفصل غير المبرر وغير الشرعي والعشوائي؛ لزوج سارة منصور؛ بل وجدنا من يبرر له باعتبار ما سيكون. بذلك فقد علمنا التقدميين المزعومين ان القانون ليس يمكن ان يطبق باثر رجعي فحسب؛ بل يمكن تطبيقه بأثر مستقبلي؛ حيث ان زوج سارة بالتاكيد حسب زعمهم سيسمح لها بالكتابة من حسابه؛ لذلك وجب طرده معها؛ وسط صمت وتؤاطؤ وتشجيع من يتحدث عن الحريات والمسؤليات الفردية وحقوق الانسان والمؤسسية الخ الخ الخ؛ من كاذب القول في افواههم. -13- ما هي الحكمة الكامنة اذن؛ في كل هذه العاصفة وذيولها واثارها؟ الحكمة تقول اننا بعيدين جدا عما نزعم؛ وان كل منا؛ بلا استثناء؛ مطالب بمراجعة مواقفه؛ وبالضرب علي صدره؛ والبحث عن موضع السؤء فيه؛ الذي كشفته عاصفة الصحراء؛ المسماة بسارة منصور منصور؛ والتي مرت علي البورد فزلزلته؛ واثبتت كم هو بنيانه هش؛ وكم ان بنياننا هش؛ وكيف ان سؤاتنا تري بالعين المجردة؛ من علي بعد مئات الاميال. -14- واعود للتوقف. عادل عبدالعاطي 13 يونيو 2004 (عدل بواسطة Abdel Aati on 06-12-2004, 03:45 AM)

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]