|
Re: المجنون والسلطة او بين حرية "المغزلن" وقيد "النصيح" (Re: Abdel Aati)
|
رسول الإسلام والوصف بالجنون: كانت أولى محاولات العرب" الجاهليين" ؛ أو قل سلطاتهم؛ في استخدام "الجنون" كأداة للإقصاء والعزل؛ هو استخدامها ضد الدعوة الجديدة؛ الإسلام؛ والتي هددت كيان عقائدهم؛ ثم هددت البنيان الاجتماعي القائم؛ فكان أن اتهم القائم بها؛ أي الرسول الكريم؛ ضمن اتهامات كثيرة؛ بأنه مجنون؛ الأمر الذي استوجب نفيه من القران؛ حيث جاء" وما هو بمجنون" ؛ كما كذبته الوقائع الاجتماعية نفسها؛ وكما كذبته شهادات "العاقلين" منهم. جاء في الأثر؛ إن "الوليد بن المغيرة اجتمع مع نفر من قريش، وقد حضر موسم الحج، فقال لهم:يا معشر قريش إنه قد حضر الموسم، و إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، و قد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فاجمعوا فيه رأيا واحدا و لا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا، و يرد قولكم بعضه بعضا0 قالوا:نقول كاهن. قال:لا و الله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان، فما هو بزمزمة الكاهن و لا سجعه. قالوا:فنقول مجنون. قال:ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون و عرفناه، فما هو بخنقه و لا تخالجه .. الخ الخ حتى نهاية الرواية." النص السابق؛ يوضح استخدام اتهام الجنون؛ كأحد آليات الإقصاء؛ وإذا كان الوليد بن المغيرة قد نصحهم في النهاية بان يقولوا انه ساحر؛ فهو لم يذهب بعيدا في دعواه؛ حيث السحر هو أحد الأدوات الأخرى للإقصاء؛ وهذه ثيمة أخرى؛ مما يمكن أن نتوفر لها ذات يوم؛وليس هنا مقامها. المهم انه ليس غريبا والحالة كهذه؛ أن ينفر الرسول الكريم؛ من كلمة المجنون؛ بما تحمله من معان تحط بقدر الموصوف به؛ حيث جاء في الحديث عن انس بن مالك انه قال: [مرّ رجل فقالوا: هذا مجنون، فقال رسول الله: المجنون المقيم على معصية الله، ولكن قولوا: مصاب].
"الجنون" في التراث السوداني: لا يكاد التراث السوداني؛ في وسط وشمال السودان؛ يختلف كثيرا؛ عن النظرة العربية –الجاهلية-؛ للمجنون" و"الجنون" ؛ من حيث انه مس من الجن؛ أو الشيطان؛ ومن حيث النظرة الدونية للمصاب؛ ويبدو هذا في ابتداع مؤسسة القيد؛ وهي مؤسسة أصيلة؛ في التعامل مع ظاهرة الجنون؛ كما سيظهر ذلك فيما بعد. الأوصاف التي طلق علي "المجنون" هنا؛ تختلف حسب اختلاف درجة الجنون؛ ومصدره. فهو إن كان في التراث العربي ذو اللوثة؛ والمهووس؛ والمجنون ؛ فانه في التراث السوداني؛ يظهر باسم المغزلن؛ والمدروش؛ أو الدرويش؛ ومرات أخرى تحت اسم الحالج؛ أو الفاكة منو صامولة.
نواصل
|
|
|
|
|
|