|  | 
  |  ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير يدخلُ الجَــنّــة( ســعدي يوســف  ) |  | ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير يدخلُ الجَــنّــة
 
 ســعدي يوســف
 
 
 
 
 
 
 
 
 العالَـــمُ كما لا نعرفُــهُ
 
 سعدي يوسف
 
 
 لو كان لي مصباحُ سيِّــدِنا علاءِ الدينِ واستحضرتُ جِـنِّـيّـاً لقلتُ له : أريدُ ثلاثــةً .
 1- جوادَ الريحِ
 2- الكتابَ
 3- مدفعَ لَــيْــزَرٍ …
 ستقولُ لي ( حتماً ! ) : فهمتُ جوادَكَ الطـيّـارَ  ، والكتُبَ ؛ المصيبةُ في الـمَـدافعِ …
 مدفعُ الليزرْ !
 كأنك حضرةُ الجنرالِ ... تومي فرانكس !
 *
 أوشكتِ الطيورُ تنامُ . عند السورِ أنثى من حمــامِ الدّغْـلِ سوف تغيبُ أيضاً . صار لونُ العشبِ
 أزرقَ . في اشتباكِ الأفْقِ والأشجارِ تلتمعُ البحيرةُ ، ماؤها الغسقيُّ في لونِ الرصاصِ . حديقـــتي
 ستنامُ … تَـلْـتَـمُّ التوَيجاتُ الرهيفةُ . تَـنْـصُـلُ الألوانُ . آخِـرُ صيحةٍ للبطّ . مِـرآتي قتام .
 *
 أبداً !
 صديقي لم يَقُلْ لي عن جوادِ الريحِ شيئاً . هل تُراهُ ألْحَقَ الأشياءَ بالشعراء ؟ أي بالعنجهيّةِ والحماقةِ …
 ربما ؛ لكنني في منتهى العقلِ : الجوادُ الطائرُ = الحلُّ الوحيدُ . ألـمْ أُخبرْكَ ما فعلتْ مطاراتُ العواصمِ
 بي ؟ ألَــمْ أُخبرْكَ كيف حُجِـزتُ أياماً ؟ ألم أُخبرْكَ كيف خضعتُ للتحقيقِ في أحدِ المطارات  ؟
 *
 المساءُ أتى …
 ولكنّ المساءَ يجيئنا ، في لحظةٍ ، غسَــقاً . كأنّ جلموداً من البازلتِ أســودَ جاءَ مُنقَضّـاً ، ليكتمَنا
 ويكتمَ ، في غدٍ ، أنفاسَــنا . ستقودُنا الأحلامُ ، مثلَ الشاءِ ، عبرَ سهوبِها . سنكون موتى أو رُعاةً …
 في الـمفازاتِ : الذئابُ تحاولُ الأشجارَ . قد تتسلّقُ الأشجارَ . أينَ مَـفَـرُّنا ؟ في الليلِ ظِــلُّ الليل .
 *
 أبداً !
 صديقي لم يفكِّـرْ في احتمالاتِ الكتابِ ، كأنّــما ذِكْــرُ الكتابِ هو الكتابُ أو الكتابــةُ …
 نحن قومٌ لم نؤسِـسْ كي نقومَ .
 بلادُنا بُنِيَتْ على رملٍ .
 ومن أزهار هذا الرملِ جاءتنا روائحُ سوف تحملُنا بعيداً عن مَـنابتِـنا ، لتلقينا على أرضٍ بلا أرضٍ ، وتسلبَ
 آخرَ المخضَـرَّ من أوراقِـنا .
 فقــراءُ نحن ؛
 بلا كتاب .
 *
 في الفجرِ ، مُـخْــتَلاًّ ، مع الطيرِ المغامِــرِ بالصّــداحِ الأولِ … استيقظتُ هذا اليومَ ، شأني كلَّ يومٍ .
 كانت الغاباتُ نائمةً . وألـمحُ في غصون الكستناءِ أوائلَ الأزهارِ مقفلةً على أسـرارِها . يأتي حمامُ الدّغْـلِ .
 والسنجابُ يقفز من أعالي دوحةٍ للتوتِ . ثمّتَ في المطار العسكريّ تحِـطُّ طائرةٌ . أجاءتْ من نواحي البصرةِ ؟
 الزيتونةُ اخترقتْ تجاريبَ الشتاءِ ، وفضّـضَـتْ أوراقَـها . هيّـأتُ مائدةً لـمَـن لا يستحقّون المــديح .
 *
 ولَسوفَ تسألُــني ، أكيداً : والـمَـدافعُ ؟
 -	أنتَ تعني مدفعَ الليزرْ ؟
 *   نعم .
 -	 أتصدِّقُ الأخبارَ ؟
 أقصدُ هل تصدِّقُ أن شخصاً غافلاً مثلي ، ومرتعشاً ، سيحملُ مدفعاً ؟
 *  لكنّ نصّكَ قال لي هذا …
 ………………….
 ………………….
 ………………….
 نعم !
 ولأنني لا أعرفُ التصويبَ ، سوف أقيمُ منصّـةَ الإطلاقِ في نشَـزٍ بِوادي حضرمـوتَ ،
 ومن هناك سـآمرُ الجِـنَّ . الـمَـواقعُ  ( ألْفُ إحْـداثيّـةٍ  منها )ســيُطْـلِـعُـني
 عليها الهدهدُ .
 الـنيرانُ
 ( وهيَ أشـعّــةٌ زرقـاءُ )
 سوف تدور كالنحلِ…
 انتباهاً !
 كلُّ مَن طمَسَ الحقيقةَ صارَ في الـمَرمى …
 انتباهاً !
 |  |  
  |    |  |  |  |