|
نيالا الجميلة... خواطر و ذكريات
|
فى العام 1986م كنت ضمن فريق من الهيئة القومية الكهرباء وصل لمدينة نيالا فى غرب السودان لاستلام محطة نيالا الجديدة للكهرباء. اذكر جيدا تلك الايام الجميلة فقد فاجأتنى نيالا بجمالها الاخاذ و خضرتها الزاهية كما فاجانى انسان نيالا بطيبته الواضحة و حسن استقباله للغريب وكرمه الفياض تجاه الضيوف.
وادى نيالا سحرنى برماله البيضاء وكنت اراقب منظر الناس وهم يحفرون لعمق اقل من متر فى تلك الرمال البلورية ليحصلون على ماء نظيفا و مفلترة طبيعيا.
نيالا التى اطعمنا فيها بالعصيدة الجيرية و التهمنا بشهية خرافها المشوية بحرارة افران تحت ارضية اشهد لنسائها بأنهم معلمات فى فن الطبخ كما هن معلمات و اسطوات فى خارج المنزل يرصصن الطوب ببراعة فى البنيان ويحملن المونة على السقالات و يفلحن الارض و يفترشن الارض لبيع كافة انواع السلع فى سوق ام دفسو وغيره من الاسواق.
اسعدتنى الايام بزيارة جبل مرة و قد ادركتنا صحوة الطبيعة وجمالها الباذخ منذ بداية طريق نيالا – كاس – زالنجى و لابد لراكب هذا الطريق من امثالنا من شمال السودان ان تصيبه الدهشة الممزوجة بالفرح و الحيوية الطاغية حينما ينظر للخضرة الممتدة على طول الطريق بالوانها المتدرجة مختلطة بإتلاف غريب بالوان الانعام التى تمارس رعيها بسعادة ونشاط باديين.
وصلنا وجهتنا منطقة قلول وشلالها سليل الفراديس و اشجار الصنوبر العالية تحتشد فى خيلاء وكأنها تستعرض طولها الفاره و تتباهى به بين اقرانها من الاشجار و الطيور مختلفة اصنافها تطير بخفة ورشاقة من فرع الى فرع مزغزة باحلى الانغام انها اعجوبة من اعاجيب العالم هذه المنطقة قطعة من الجنان.
كانت تلك الرحلة التى استغرقت يوما واحدا من اجمل ما حدث لى فى حياتى. زملائى من مهندسى الهيئة بنيالا قالوا لى عندما اكثرت من كلمة " مبالغة" : امال لو شفت سولى اونيرتتى تقول شنو؟ تمنيت ان نستمر فى رحلتنا بالجبل ولن ظروف العمل كانت لا تسمح.
بعدها وفى فى احد ليالى نيالا الجميلة التقينا بمجموعة من اهلها الطيبين ودار الحديث عن دارفور وطبيعتها الجميلة و انسانها المعذب يوميا فى رحلة البحث عن المأكل و المشرب.
تحدثنا كثيرا حول محنة الانسان بسبب ضياع اغلب يومه فى البحث عن المياه و جلبها و لحسن الحظ كان بيننا جيولجيا قديما تحدث حديث العارف بل حديث العالم بجيولجيا دارفور و ثرواتها اماكنها وطرق استغلالها وو جوب انعكاس ذلك على رفاهية انسان دارفور. الجزء الاكبر من حديثه كان حول حوض دارفور الجوفى او بحيرة دارفور الجوفية واذكر انه قال ان اكبر ثروة فى دارفور هى احتياطيها من المياه العذبة وقال ان دارفور يرقد تحتها اكبر خزانات المياه الجوفية فى العالم وقال ان استغلال هذه المياه الجوفية وحده يمكن ان يجول دارفور لجنة. تذكرت هذا الحديث وانا اقرأ حديث الدكتور اسامة الباز عن اكتشاف هذه البحيرة بالاقمار الصناعية. هذه البحيرة التى كان يعلم بوجودها الجيلوجيون السودانيون منذ اكثر من اربعة قرون وتعلم بوجودها الحكومات السودانية منذ ذلك الوقت. على الاقل كان يجب على هذه الحكومات بدا الاستطلاعات الاستكشافية و الجيولجية للتثبت من حقيقة هذه البحيرة و المخزون المائى الموجود بها.
اورد هذا الحديث لتاكيد ما تعرض له انسان دارفور من ظلم من الحكومات التى تعاقبت على حكم السودان و توجتها حكومة الانقاذ بحربها غير المقدسة ضد انسان الاقليم عندما حمل السلاح ليطالب بحقه ان يحيا بكرامة على ارضه.
بدلا ان تستغل هذه الحكومة اموال النفط فى المناورة و المداورة وشراء الذمم لو استعملتها فى خدمة انسان السودان ورفاهيته لضمنت لنفسها البقاء ولكنه التفكير القصير النظر احادى الجانب.
|
|
|
|
|
|