|
Re: 26يـوليـو: الذكري السـادسـة والثلاثين علي استشهاد الشفيع احمد الشيخ. (Re: بكري الصايغ)
|
الشفيع أحمد الشيخ شفيع الطبقة العاملة وشهيدها. --------------------------------- شؤون عربية ودولية/ حسين العودات
قبل سنة ونيف سمحت السلطات البريطانية بنشر بعض وثائقها السرية حول السودان الذي كانت تستعمره والتي أعدت عام 1952، وقد وصفت هذه الوثائق الشفيع أحمد الشيخ في ذلك الحين، وكان عمره 28 عاماً، بأنه (شيوعي نشط، وعضو في الحركة السودانية للتحرر الوطني، ونظم توزيع مطبوعات ومنشورات هذه المنظمة، وهو من المتطرفين الخطرين سواء اشترك في الشؤون العمالية أم السياسية، حوكم في حزيران 1951 لتحريضه البوليس على الاستمرار في الإضراب وحكم عليه بالسجن مرتين) ولم تقل الوثائق إن القاضي الذي حاكمه وحكمه كان قاضياً بريطانياً.
ربما ستقول الوثائق البريطانية التي سيسمح بنشرها مستقبلاً بأن الشفيع أحمد الشيخ حكم عليه أيضاً بالسجن خمس سنوات عام 1959 لمعارضته نظام الفريق إبراهيم عبود العسكري، كما حكم عليه بالإعدام عام 1971 لمعارضته نظام جعفر النميري ونفذ فيه الحكم فوراً.
ولد الشفيع أحمد الشيخ عام 1924 في سندي شمال الخرطوم، وهو ابن قبيلة الجعليين وهي (من أشهر القبائل العربية في السودان). ثم تخرج من مدرسة الصناعات في مدينة عطبرة، وكان عمره حين تخرجه ثمانية عشر عاماً، والتحق من فوره بالعمل في السكك الحديدية في السودان، وبدأت حياته النضالية منذ اليوم الأول لالتحاقه بالعمل.
شارك الشفيع في تأسيس هيئة شؤون عمال السكة الحديد التي تحولت عام 1948 إلى نقابة عمال السكك الحديدية، واختير في العام نفسه سكرتيراً عاماً مساعداً لنقابات العمال في السودان، ولم يكن عمره يتجاوز الرابعة والعشرين عاماً.
ما إن أصبح قائداً عمالياً حتى بدأت مشاركته الفعالة في الحركة الوطنية السودانية التي استمرت حتى نهاية حياته. وقد حوكم من قبل قاض بريطاني عام 1948 بتهمة إصدار منشور باسم نقابته (يحرّض على كره الحكومة البريطانية) حسبما نص الحكم، وتعرض لمحاكمة أخرى في العام التالي بالتهمة نفسها وحكم عليه بالسجن سنتين.
انتخب الشفيع أحمد الشيخ سكرتيراً عاماً لاتحاد نقابات العمال في السودان في أول مؤتمر عقده هذا الاتحاد عام 1951، وكان عمره 27 عاماً، فرفع شعارات تطالب بحق تقرير المصير للسودان الذي يحتله البريطانيون، وبالكفاح المشترك مع الشعب المصري، والنضال ضد مواقف الأحزاب الطائفية في السودان (الأنصار والختمية) التي كانت تهيمن على الحياة السياسية والاجتماعية. وعمل على عقد صلات بين الحركة العمالية السودانية والحركتين العماليتين العربية والعالمية. وما لبث أن انتخب نائباً لرئيس الاتحاد العالمي لنقابات العمال (عام 1957)، وربما كان حينئذ أصغر قائد نقابي يتولى هذه المسؤولية العالمية.
شارك الشفيع في مقاومة نظام إبراهيم عبود العسكري، وحكم عام 1959 بالسجن خمس سنوات، ومنح وهو في السجن وسام السلام العالمي الذي تسلمه فيما بعد عام 1964. وفي هذا العام انتخب مجدداً سكرتيراً عاماً مساعداً لرئيس اتحاد عمال السودان من قبل 55 نقابة عقدت مؤتمرها متجاهلة معارضة حكومة عبود، التي حاولت أن تحول دون انعقاد المؤتمر. وتصاعد نضال الحركة الوطنية بعدها وشارك فيه معظم فئات المجتمع ليتحول إلى انتفاضة أسقطت النظام العسكري في نهاية المطاف. ثم شكل سر الختم خليفة وزارة ائتلافية سمي الشفيع فيها وزيراً ممثلاً اتحاد العمال، وسميت السيدة فاطمة إبراهيم (زوجته لاحقاً) وزيرة ممثلة لاتحاد المرأة.
كان الشفيع أحمد الشيخ إذن رئيساً لاتحاد عمال السودان ونائباً لرئيس الاتحاد العالمي لنقابات العمال وعضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني، ووصف في هذه المنظمات جميعها بالحكيم. ولكن لم يشفع له هذا كله لدى النميري الذي استغل فشل حركة هاشم العطا العسكرية عام (1971) فأمر باعتقال الشفيع وحكم عليه بالإعدام ونفذ الحكم فوراً، وذلك كله خلال ستين ساعة.
وصف الشاعر السوداني الدكتور جيلي عبد الرحمن موقف الشفيع أثناء المحاكمة (أواه ما ركعت - ما انحنيت - وحينما اعتدى المرتزقة عليك قبل الموت فافتديت مرتين .. ياشفيع الطبقة) كما وصف عملية إعدامه (في ساحة الإعدام - كان الردى ينام - توسدت عظامه عبير هذي الزنبقة - وأنت عبر كل هامة - متوج الجبين بالعمامة - حمامة من فوقها حمامة - وتزدهي على جبين مطرقة).
سلاماً لروح الشفيع صاحب العمامة، وتحية لفاطمة إبراهيم (أم أحمد) التي عادت أخيراً إلى بلادها قبل بضعة أشهر، وبعد عقود أمضتها في المنفى.
|
|
|
|
|
|
|
|
|