|
FFAI التحرر العالمى من امريكا..
|
يستعرض الباحث البريطاني المعروف روبرت كورف في كتابه «التحرر من أميركا»، الجدل الدائر حول وجود تيار عالمي منظم لمواجهة الهيمنة، التي تحاول أن تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على أساس أن هذا هو السبيل الوحيد لإعادة إحياء الديمقراطية الفعالة. ويقدم المؤلف أساسا منطقيا لتبرير مواجهة الهيمنة الأميركية على أسس أخلاقية وسياسية، من خلال عرض عدة قضايا خاصة بالنظام الأميركي القائم نفسه. مشيرا إلى أن هذا لا يعني تقديم نقد لجوهر انسانية الأميركيين كأفراد، ولكنه نقد لثقافتهم الأساسية. في مفتتح كتابه «التحرر من اميركا» يورد المؤلف روبرت كورف العديد من المبررات لمواجهة الهيمنة الأميركية، مركزا على مبرر واحد يعلو، كما يقول، فوق باقي المبررات، وهو النظام الصناعي المالي، أي صيغة بعينها من الرأسمالية تصطدم مع التقاليد الاجتماعية القديمة للديمقراطيات الاجتماعية في أوروبا والشرق الأقصى، مشيرا إلى أن شرور القوة التجارية الأميركية أفرزت العديد من الآفات التي تتلخص في مسعى تقويض الوحدة الثقافية للدول. وينصب تركيز كورف على القوة الجبارة المنفردة التي «تكن قليلا من الاحترام والكثير من الاحتقار للثقافات الأخرى، والتي تغرق العالم بمنتجاتها اليدوية ومنظورها الخاص للحياة والمجتمع. وهو يرى أن القيم الاميركية خاطئة وغير ديمقراطية وتقف ضد احتياجات البشرية بكافة المعايير النفسية والأخلاقية الموضوعية، بل إن الهيمنة الثقافية الاميركية نوع من الغزو لا مبرر له، ولا بد من الوقوف ضده، لإن المشكلات السياسية الرئيسية التي نواجهها اليوم ترجع مباشرة إلى القوة الشريرة التي تتميز بها الولايات المتحدة الأميركية، وهي القوة التي فرضت نظاما رأسماليا غير مرغوب فيه على العالم، كما إنها القوة الوحيدة التي تقف ضد اتخاذ رد فعل مناسب في مسألة زيادة درجة حرارة الارض والحد من استهلاك الوقود. لذلك فان مواجهة الهيمنة الاميركية، التي نشرها كآيديولوجية سياسية سوف تنجح في التركيز على المشكلات الرئيسية التي تواجهنا اليوم، بطريقة قد لا ينجح فيها أي اسلوب آخر. ويشير المؤلف الى أن الصراع الديمقراطي الحالي انما يزيد من تعقيد أكثر المشكلات صعوبة في وقتنا الحالي، بدلا من حلها، وهذا هو سبب اللامبالاة وخيبة الأمل تجاه السياسات الحزبية في سائر دول العالم الاقتصادية المتقدمة. وهو يرى أن مواجهة الهيمنة الاميركية تساعد على احياء الديمقراطية الايجابية في شتى انحاء العالم. في الفصل الأول «اميركا في مواجهة العالم»، يؤكد كورف أن سياسات المستقبل التي تخدم العدالة والمساواة تشير بأصابع الاتهام الى أميركا كمصدر للقوة السياسية والبلبلة والظلم في عالمنا اليوم فهي ـ في رأيه ـ عدوة العدالة العالمية. إن غض البصر عن هذه الحقيقة سوف يتسبب في القضاء على كافة الحقوق الديمقراطية والمحاولات الفعالة الراقية لاحداث تغيير سياسي حول العالم. ويستعرض في هذا الإطار النظم الاقتصادية الحميدة والخبيثة، ثم ينتقد بشدة نظام الخصخصة ويكشف مفاسده على العالم، ويعقد مقارنة بين سياسات الشخصنة في العالم النامي والمتقدم، بدلا من ذلك، يضع كورف استراتيجية مستقبلية قوامها زيادة الوعي بالمشكلات التي تبدو بلا حل، وإحياء تقاليد الكيان السياسي، واستعادة التقليد المفقود للتقدم الاجتماعي، مشيرا إلى أن ذلك لن يتم إلا بالبقاء على صلة مع كافة الجماعات السياسية والشعوب الصديقة في شتى أنحاء العالم، في اطار هذا الصراع الموحد لتحقيق العدالة والمساواة واستعادة الوحدة الاقتصادية والثقافية لكل من يهمه الأمر. إن المؤسسة الأميركية، كما يقول، ترفض مساواتها في الحقوق مع دول العالم الثالث، وتحول دون تمتع البلدان الفقيرة بالقوة الاقتصادية، خشية من تعرض سياستها الاستثمارية للخطر بسبب المنافسة بشكل خاص، فالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ليست مؤسسات خيرية، وانما هي أدوات للاستغلال وزيادة ثراء أشخاص هم أثرياء في الاصل؛ واميركا لا تستعبد الشعوب والدول الفقيرة فقط، بل حتى أقرب حلفائها، بريطانيا، مثلا التي ضحت بشبابها في مغامرات اجنبية لا جدوى منها، لصالح أميركا. إن القضاء على الهيمنة الثقافية الأميركية سوف يعمم، كما يقول، التكامل والوحدة الوطنية ويفسح المجال لاكتشاف ثقافات الدول الأصغر حجما، مما سيؤدي الى نهضة في الفنون وزيادة التبادل الثقافي بين دول العالم. ويخلص كورف الى أن مواجهة الهيمنة الاميريية هي «السياسة الابداعية الثورية للمستقبل»، وهي ضرورية من أجل بقاء العالم. ويرى كورف أن الدعوة لسياسات جديدة تتمركز حول الرأسمالية الاجتماعية في مواجهة جبروت الرأسمالية الأميركية، تستدعي تنفيذ 10 مشروعات كبرى: أولها قبول تحدي «طاغية العالم». ثانيا: تأسيس منظمات عمل تطوعي داخل الدول تحت مظلة كيان دولي. ثالثا: الحصول على مشاركة الهيئات البرلمانية. رابعا: التعاون الدولي في مواجهة هجوم الرأسمالية الأميركية وتفكيك الشركات والمؤسسات الاميركية. خامسا: قيام دول العالم الأخرى المتقدمة بتخفيف معاناة دول العالم الثالث. سادسا: مواجهة التغير المناخي واتخاذ إجراءات عالمية من أجل نظام بيئي متوازن وآمن. وينتقد كروف بشدة مفهوم أميركا للإرهاب، ويصفه بإنه غير مسبوق في تاريخ الحروب، بقوله: «لقد كانت حرب بوش ضد العراق، محاولة يائسة للبحث عن ضحية الانتقام بأي وسيلة، ولكن ذلك أسفر عن هجوم على هدف خاطئ. فعلى الرغم من استبداد ووحشية صدام حسين (وهي أمور يجب عدم التقليل من شأنها) الا أنه لم يكن أبدا يمثل تهديداً عسكريا لأميركا أو العالم العربي، بل إنه كان حليفا سابقا لاميركا التي أمدته ذات مرة بأسلحة الدمار الشامل لإبادة السكان المدنيين». وعلى ضوء ذلك يؤكد كروف أن كل ما فعلته الحرب الأميركية غير المبررة على العراق هو أنها أضافت مزيدا من الوقود للهيب الأصولي المضطرم، ليس فقط علي مستوى الدول العربية وانما على مستوى العالم الاسلامي بأكمله، ومن ذلك أن الاقاليم التي كانت حتى الان لا تعرف غير السلام بين المسلمين وجيرانهم، تعرضت فجأة للقلاقل والعنف والاعتداءات الموجهة ضد الأبرياء. ويستهجن كروف موقف أميركا الموالي لاسرائيل، ويطرح خيارين لحل الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، وهما: التعويضات الخاصة بالأرض، الثاني يتعلق باعادة تشكيل دولة اسرائيل وتوسيع اراضيها، ولكن مع إيجاد آلية تمكن اليهود والعرب من العيش شريكين متعادلين. وبموجب ذلك يتم اقرار لغتين رسميتين، والتأكيد التشريعي على المساواة، وأن تكون الدولة علمانية في كل اداراتها، والديانتان الرسميتان للدولة هما الاسلام واليهودية، مع حرية ممارسة شعائر كل منهما، وكذلك اقامة المدارس المختلطة وتشجيع الزواج بين العنصريين الساميين. ويقترح روبرت كورف عقد مؤتمر اسلامي في الرياض للترويج للتفاهم العالمي، وتخليص شعوب الكرة الارضية من خطر الإرهاب. ويختتم كورف كتابه بمسودة مقترحات لإنشاء منظمة تحمل اسم «التحرر العالمي من اميركاFFAI »، تتجاوز حدود مصالح القوميات والأجناس والطبقات والديانات، مع ضمان حقوق الشعوب في التكامل السياسي والاقتصادي والثقافي. موضحا الغرض الاستراتيجي لها، ثم يلحق المسودة بأخرى، وهي «مقترحات لبيان المنظمة» وهي تضم 65 طرحا ضد الاستبداد العالمي، يقدم من خلالها رؤية مستقبلية لما بعد أميركا. منقول........ـ
|
|

|
|
|
|