الملكة سمية الحسن طلحة من مسقط الى ارض البطانة لقضاء اجازتها السنوية دعواتكم لها بالسلامة

Quote: بينما كان المسافرون السودانيون بدول الخليج يتظرون قدوم الطائرة الميمونة من الخرطوم على مدى شهر كامل وتتأجل الرحلة كل مرة وأصبح حالهم في المطارات كحال المعلقين في معبر رفح ، فجأة قطع التليفويون برامجه وأطل المذيع برأسه وعلى أنغام موسيقى حزينة وأعلن. "بسم الله الرحمن الرحيم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد جاءنا الآتي من إدارة سوانير الطيران: أيها المواطنون الثوار الأحرار ننعي لكم طائراً وطنياً من أقوى الطيور وأشجع الطيور ، أنعي لكم من المحيط إلى الخليج الخطوط الجوية السودانية والتي فاضت روحها إلى بارئها عصر اليوم الخميس أثر علة لم تمهلها طويلاً. هذا وسوف يقام العزاء بحي المطار والجزيرة اسلانج وسننقل لكم الآن مراسيم تشييع الجثمان على الهواء مباشرة من حي المطار ومقابر الجريف شرق. يدخل مذيع الربط. أيها المواطنون السلام عليكم ورحمة الله ، أرى أمامي جمهور غفير من المواطنين جاءوا من كل حدب وصوب للمشاركة في وداع ناقلنا الوطني إلى مثواه الأخير. هذا وقد اصطف أمام السرداق المقامة عدد كبير من النافذين والمسئولين في مجال الطيران لتقبل العزاء ، كما ألاحظ الآن قدوم الأخوة كتاب الأعمدة في الصحف اليومية وبعد تقديم واجب العزاء أخذهم أحد المسؤولين إلى حيث يسجى الجثمان لقراءة الفاتحة وإلقاء النظرة الأخيرة. كما ألاحظ أن المسؤول النافذ قد دخل في نقاش مع كتاب الأعمدة وأكد لهم أن التقرير عن أسباب الوفاة أشار إلى الوفاة طبيعية ونتيجة لسكتة دماغية ناتجة عن ضغط الركاب وزيادة العفش وأن أي إشاعة عن عدم وجود البنزين أو قطع الغيار بسبب المقاطعة أو الخوف من الحجز بسبب الديون أو وجود خلاف مع المستثمر الجديد لا أساس لها من الصحة. في هذا الإثناء لاحظ المسؤول امتعاضا خفيفاً على وجه أخونا عثمان ميرغني فتوجس خيفة وفي الحقيقة أن الأخ عثمان قبل المجئ إلى العزاء كان قد اتصل بالمهندس الذي أعد التقرير عن سبب الوفاة والذي يختلف تماماً عن الذي ذكره المسؤول النافذ بل ما اشيع هو الحقيقة وقد سلمه ذلك المهندس صورة من التقرير وترجاه ألا يقوم بنشره إلا بعد أن يسافر إلى إحدى دول الخليج بعد أن تسلم عقداً مجزياً خلصه من سيف الخصخصة المسلط على رقابهم. وبالفعل انتحى الأخ عثمان بزملائه جانباً وأخبرهم بموضوع التقرير وكده وطلب منهم عدم إثارة الموضوع في أعمدتهم تقديراً لظروف ذلك المهندس ومن ثم عاد الجميع وجلسوا في الصفوف الأمامية ، وقد تلاحظ أن هنالك اهتمام غير عادي من المسؤولين بكتاب الأعمدة. بعد قليل جاء ممثلوا الخطوط الجوية الأجنبية لأداء واجب العزاء ما عدا طيران الـ pan American لزوم المقاطعة وكده. كما تلاحظ غياب الشريك الأكبر تماماً وذلك من "باب شهر ما عندك فيه نفقه ما تعد أيامه" أيها المواطنون الآن أرى أمامي عربة تجرها الخيول وبعض منسوبي قوات المطار ويبدو أنه ستكون هناك مسيرة جنائزية تتقدمها الخيول الكويتية التي استجلبت لهذا الغرض مع الألحان الحزائنية ، وقد جاءني الآن على التو خبر مفاده أن التشييع قد تأخر إلى صباح الغد لتوقع وصول عدد كبير من المسئولين في قوات الهجين وأمين عام الأمم المتحدة والرئيس شافيز فإلى الغد. وفي صباح الغد صدرت جميع الصحف موشحة بالسواد وقد اكتفى كتاب الأعمدة بإشارات خفيفة إظهاراً للحزن. وخوفاًُ من المادة 130 إجراءات التي أطلت برأسها تحسباً لأي انفلات صحفي ففي عمود السوادني كتب عثمان ميرغني ((المرحومة انتحرت أم نحروها)) أما الأخ البوني في عموده خفيف الظل فاكتفى بالآتي: "مسكنية ماتت لا يدها لا كراعها ودفن الليل أب كراعاً بره والمادايرنا ما إركبنا". أما الأخ زهير السراج فبعنفوانه الصحفي ومقالاته النارية وكده صدر مقاله بعنوان: "ما دايرلك الميتة أم تراباً شح ودايرك يوم لقا السحاب إكتح " أما أستاذنا محجوب في عموده أصداء بالأيام فقد كتب " ليس دفاعا عن سودانير ولكن من كان منكم بلا خطئيئة فليرمها بحجر. أما عمنا التجاني في عموده بالميدان فكان العنوان : " مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها" . أما الكاتب الجميل حسين خوجلي فكان عنوان عموده في ألوان: " أذكروا محاسن موتاكم اللهم إن كانت مسيئة فتجاوز عن سيئاتها. وهذا وقد أجرى التليفويون مقابلات مع بعض الزعماء فكان رد فعلهم كألآتي:- القائد الأممي: ما قلنا الما بعرف ما تدوه يغرف بكسر الكاس ويعطش الناس. أما الزعيم التجمعي فأبرق الإدارة " لكم العزاء ولنا الأسهم الأخوة المواطنون نعود مرة أخرى لللنقل لكم مراسيم الدفن وفاصل ونواصل