|
فَوْضَــى دَجَــاجِ القَـرْنِ العشرينْ ... !!! ؟؟؟
|
سيِّداتي ، آنساتي سادتي
أنا هُنا أتحدَّثُ عن بعضِ النَّكرات في ذاتي .. أُحاولُ يائساً أنْ أتسلَّقَ إليْكم عبرَ آذانِكم .. فاسمحوا لي بأنْ أُطِلَّ عليْكم لابساً بنطاليَ الأزرق الجديدْ وقميصيَ عديمِ الألوانِ وربطةِ عُنُقيَ الحمراءِ ذاتِ الاصفرارِ الدَّاكنْ .. كما لا يفوتُني أنْ أُحيطُكم عِلْماً بأنَّ هذا المَلْبَسَ قد كلَّفني كثيراً من المالِ وأرهقَ جيْبِيَ جدَّاً وجعلني أبدوَ أمامَكمْ ونَفْسِيَ بصوْتٍ مبْحُوحٍ مُتَحَشْرِجْ .. لأُناقشَ معكم بعضاً من القضايا الدَّجاجيَّةِ المَظْهَرْ .. آمِلاً ألا يصابَ أحدُكم بالتقيؤ الفكري أو الدَّوران العصبي أو الإنفعال اللاشعوري .. أو .. " اللازوردي " .. جميلةٌ هذه الكلمةُ ( اللازوردي) لقد سمعتُها كثيراً من بعضِ المثقفين وكنتُ أندَهشُ لها قليلاً ثمَّ أصحوَ بعدَ أنْ يذْهبَ رحيقُها عن حلقيَ الصَّغيرْ ... المُهِمُّ أن يكونَ ذلك التقيؤُ بعيداً عن شللِ الأطفال والدِّفتريا والبكتريا ؛ وأمراضِ القولون الصاعد والهابطِ قليلاً ... كانَ رفيقيَ أحدَ الطَّحالبِ الخضراءِ كما صنَّفهُ عندنا القِرْدُ الأعْمَشُ وقتها ؛ ينمو بكلِّ فخرٍ وإعزازٍ على الفَخَّارِ الباردِ والمُمْتلئِ ماءً .. إذ ليسَ لهُ سِجَالٌ في الحياةِ سِوَى مُعتَركِ المعيشة . لكنَّها ضريبةُ الزَّمنِ قد صادرتْ منه المكانَ الذي يَقْبَعُ فيه ، فانفجرَ اخضرارُ صُوَيْحِبي باكياً وحينها فقط غادرَ المَدارَ والفخارَ دونَ رجعةٍ ؛ ومُذَّاكَ لم تُصافِحْ وَجْهَهُ عينايْ . عزيزي القارئ والمستمع .. حاوِلْ أنْ تضع إصبعَكَ الإبهامَ بين نواجذيْك أو بينَ فكَّيْكَ الأعْلَى والأسفلِ ثمَّ اشْخَصْ ببصرِك إليَّ . فدجاجةُ قريتِنا ذاتُ اللسانِ الطويل هي وصويحباتها قد اتَّفقْنَ مع بعضِهِنَّ للقيامِ برحلةٍ صغيرةٍ خارجَ مناخِ بيئتهنَّ التقليدي ، وكانت دجاجةُ جيرانِنا لئيمةً وذاتَ كَرْشٍ كبيرٍ وممتدٍ جداً يجعلُك تراه حتى وإنْ لمْ تتجْه صوبَهُ مباشرةً ، وكانَ كثيراً ما يُؤْلِمُها ذلك الكرش ؛ وقد نصحَها أخصائيُّ التغذيةِ مِراراً بمُمَارَسةِ التمارين الرياضية وقلةِ الطعام ؛ ولكنَّها عبثاً لا تفعل ، فببابُ الشهيَّةِ عندها قد صَدِأَ مِفْتَاحُه. بيْدَ أنَّكَ تجِدُها داهيةً تجيبُ سؤالَك بطريقةٍ تجعلُك تُنْسِيكَ سؤالَك الأساسيَّ تحْتَ غِطاءِ ما يُسَمَّونَهُ بديبلوماسيةِ الرَّدْ. خرجْنَ لرحلتهنَّ العجيبة ومعهنَّ ديكٌ واحدٌ ، قيلَ إنَّهُ للحراسةِ الليلية دائماً تجدُه عاصباً رأسَه بعِمامةٍ بيضاءَ ، ساذجُ الفكرِ ، بليدُ المنطِقْ. وهُنَّ يتنقـَّـلْنَ من حَيٍّ إلى آخَرٍ ومن قريةٍ إلى أُخْرى يَعْقِدْنَ الاجتماعاتِ ويتبعهنَّ ذاكَ الديكُ الأبيضُ المهذَّبُ كما كانَ بَدْءُ الظَّنِّ عندي .. يُتَمْتِمُ بأشياءَ لمْ أفهمْها جيِّداً لكنَّني أظُنُّها كانتْ تنمُّ عن عدمِ الرِّضاءِ من شئٍ ما ؛ قد يكونُ مَرَدُّه للبيئةِ من حوْلِهِ ، ولكن يُخالجُني إحساسٌ بأنَّه ناتجٌ من السلوكِ الدجاجيّ غيرِ الحميدْ ؛ لذلك كنتُ دائماً أراهُ يتمَشَّى على الشَّارعِ المُعَبَّد وترتسمُ على وجههِ هالةٌ من الغضبِ المُصْفَرِّ . طلبتُ مقابلتُه رسميَّاً .. لكنَّه رفضَ مُحتجَّاً بعدمِ إرتدائيَ لبذلةٍ بيضاءَ ، حينَها كنتُ صغيراً ووَادِعاً ، وكنتُ أختلفُ عنهم، فَطِرَازيَ نادرٌ ونوْعِيَ فريدٌ ومِنْقارِيَ كانَ طويلاً جدَّاً ورأسيَ صغيراً إذْ لا أُفارقُ القفصَ إلا نادِراً وأختلفُ تماماً عن بقيَّة سِرْبِ الطُيُورِ التي في حاشيَتِهْ .. سُمِحَ لي أخيراً بالدُّخولِ عليهِ وجسميَ النَّحيلَ يَجُوبُ داخلَ بذلَةٍ بيضاءَ مُستعارة وقد أتيتُ لأميطَ لِثَامَ التساؤلِ عنِ الانقطاعِ المقصودِ لكهرباءِ قفصيَ الصغير ، ولكم كانتْ حسرتي حينَ وجدتُ سرباً آخراً على شاكلتي ، كُلُّهمْ زَجُوا بِهِمْ في أقفاصِهِمْ ، وزادَ اندهاشي وتَوَجُّسِي أنَّ مَنْ أتيتُهُ أنكرَ هَمِّي ومَعْرِفَتي ، وأوْكلَ غيرَهُ ليسألَني ، حينَها فقط أدْرَكتُ بأنِّيَ لستُ مِنْهُمْ ، بعدَها آويْتُ إلى جبلِ الغُرْبةِ عَلَّهُ يَعْصِمُني من طوفانِ الدِّجاجِ ووقَفْتُ زمَنَاً حِدَادَاً على ذاتِي ..
محمَّدزين الشَّفيع أحمدْ ... مساءَ 27/06/2007م .
|
|
|
|
|
|
|
|
|