|
حكاية راجل التومة تكشيرة
|
أشرقت الشمس ذلك الصباح ... لون أشعتها لم يكن عادي ... كان لونها شاحب و ضوءها خافت ... شيء آخر لم يكن عادي ... الحزن الذي صبغ أيام المدينة لم يكن حاضراً ... لم يكن أحد يفهم ما يحدث ... رغم ذلك كانت تلك المدينة التي تعودت على الأشياء الغريبة بمختلف صورها ... كانت المدينة مستعدة أيضاً لتقبل لون الشمس الجديد لولا شيء واحد لم يكن ليمر دون وقفة ... ما هو ذلك الشيء ؟؟؟ الإجابة عرفها كل من سكن تلك المدينة : ضحكة عباس ... ماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ضحكة عباس... لا تستغرب ... عباس عاش في المدينة خمسين عاماً و سبعة أشهر و ثلاثة و عشرين يوماً و ثلاث عشرة ساعة و خمس دقائق لم يبتسم فيها أو يضحك و لا مرة واحدة ... في الساعة السادسة أذاع راديو المدينة الخبر و الذي تناقلته الألسن قبل ذلك ببرهة ... في السادسة و خمس دقائق تعالت الأصوات من ميكروفونات المساجد تحذر الناس من الإفتتان بضحكة عباس ... في السادسة و النصف بث الراديو لأول مرة تسجيلاً لضحكة عباس ... أمونة بايركس التي تعودت أن تمارس طقوسها الصباحية اليومية لمدة نصف ساعة في تلطيخ وجهها "بالفير أند لوفلي" تتبعه بكمية وافرة من البودرة و الألوان قبل الخروج إلى العمل ذهلت عن ذلك و خرجت للشارع بسبب ضحكة عباس متسابقة مع بقية سكان المدينة المسرعين ركوباً على شتى صنوف المركبات من رقشات و أمجاد و حافلات ... حتى التاكسي وجد في ذلك اليوم من يتزاحمون عليه ... الجميع يسعى إلى حيث يسكن عباس بديم الصرارين ( إشتهر ساكنوه بصرِّ وجههم بسبب أو بدونه ) ... دقت الساعة الثامنة ... ضحكة عباس مستمرة ... زوجة عباس "التومة تكشيرة" و أبنائها الخمسة و بناتها الثلاث سدوا جميع منافذ البيت حتى لا يتسلل أحد من الجموع المحيطة بالمنزل فيقطع ضحكة عباس التي طال إنتظارهم لها ... "الجاك كاش" صاحب الدكان الناصية جوار بيت عباس أشهد الواقفين على أنه أسقط ديونه المستحقة على عباس بعد أن إقتنع بعظمة هذا الرجل و هو يبيع آخر زجاجات المياه المعدنية و قد نفد قبلها البسكويت و جميع أصناف المأكولات الخفيفة بعد أن تهافتت على شرائها حشود من أتوا لسماع ضحكة عباس ... "نهلة حنكشة" أقسمت و هي تخاطب صديقاتها وسط الجموع بأن الفنانة "عوضية مجروس" لم تكن تقصد رجلاً سوى عباس حينما غنت "راجل المرا" لأول مرة قبل حظرها . السلطات الصحية سارعت على غير عادتها في تحذير جموع المحتشدين من "أنفلونزا ضحكة عباس" ... بعثة الفضائية أفلحت بعد مفاوضات مضنية في الحصول على موافقة "التومة تكشيرة" لبث ضحكة عباس على الهواء ... ما أن بدأ البث التلفزيوني حتى إكتشفت الجماهير أن الضحكة لم تكن تصدر عن عباس بل هي نغمة موبايل جديدة دستها جهة ما داخل موبايل عباس لتصرف أنظارالناس عن سرقة ضوء الشمس...[Blue}
|
|
|
|
|
|