|
عثمان ميرغني يشيد بعدالة غير موجودة
|
العدد رقم: 654 2007-09-11 http://www.alsudani.info/index.php?type=6&issue_id=1358&col_id=132&bk=1\
حديث المدينة العدل أساس الحكم..!! عثمان ميرغني كُتب في: 2007-09-11 [email protected]
أمس الأول، أصدر مولانا القاضي عز الدين عبد الماجد قراره بشطب الاتهام في مواجهة المتهمين في أحداث المهندسين.. تلك الفاجعة المريرة التي حدثت يوم 23 مارس 2007.. حيث دارت معركة شرسة بالأسلحة الآلية بين مجموعة من أفراد حركة تحرير السودان (التابعة للسيد مني أركو مناوي) والشرطة، استشهد فيها المقدم عماد الدين سعد وجنديان وتسعة من أفراد الحركة. مولانا القاضي أخلى سبيل المتهمين.. رغم الدماء التي سالت.. ورغم أن المجني عليه هنا هو الحكومة نفسها ممثلة في رجال يرتدون الزي الرسمي للشرطة كانوا يؤدون واجبهم في حماية القانون والأمن.. ومن هنا تنبع الحكمة في هذه الواقعة. بكل مرارة القضية، وشحن الإعلام فيها لم يأخذ القاضي إلا بما هو أمامه في المنضدة وسمعه في القاعة من بينات.. وكان واضحاً لكل من تابع تفاصيل ما نُشر بالصحف من وقائع الجلسات أن أفراد الشرطة الذين خاضوا تلك المعركة وكانوا في الموقع لم يستطيعوا - داخل قاعة المحكمة - التعرف على المتهمين او من أطلق النار عليهم.. وهو وضع طبيعي فليس ممكناً في مثل هذه الظروف حين يحمي الوطيس التفرس في الوجوه او النظر في البطاقات.. فأصدر القاضي حكمه بشطب الاتهام.. هكذا يجب ان تكون العدالة، مهما كان قدر الشاكي.. ومهما كانت مرارته وأحزانه ودماؤه التي سالت.. فإن القضاء سلطة مستقلة ليس عليه النظر في أبعد من حيثيات القضية في وقائع المحاكمة.. فيرتفع إحساس الناس بالعدالة أكثر.. عندما تكون الحكومة هي الشاكي.. ومع ذلك يتخذ القاضي قراره بمنتهى المهنية والحيدة.. ضدها.. لن تخسر الشرطة بهذا القرار.. بل على النقيض، تقوى وترتفع مهنيتها أكثر عندما تدرك أن كونها جهة رسمية لا يعفيها من توخي الدقة وتوفير الأدلة قبل توجيه الاتهام.. صحيح أن هناك شهداء من الشرطة سقطوا مضرجين بدمائهم.. وأنه لا يمكن افتراض أن الذين قتلوهم مردة وأشباح لا تراهم العين المجردة.. لكن الأصح، أيضاً.. انه – أمام القضاء - لا يمكن النظر أبعد من الوقائع المعروضة على ألسن الشهود والأدلة المتوفرة امام منضدة القاضي.. العدالة لا تتحقق، حتى تُرى تتحقق.. وعندما يرى الناس بأعينهم مثل هذه المواقف يستقر في وجدانهم الإحساس بالمرجعية.. ويصبح التقاضي الى القاضي بديلاً لأخذ القانون بالقوة وحد السيف.. لكن حينما يختل ميزان العدالة.. وتصبح العدالة على قدر الشاكي أو ضعف المشكو ضده.. فإن سنة الله في خلقه أن يصبح العضل مرجعية القادر.. والحسرة مصير الضعيف الذي تجري عليه مقادير القادرين.. سيادة القانون، المستفيد الأول منها هو الدولة نفسها.. لأن نزوات الشرر تتقاعس كلما أحس الناس بأنهم قادرون على أخذ حقهم، أو الدفاع عن أنفسهم على قدر قامة الحق الذي معهم.. ليت وزارة العدل تستفيد من الدرس الذي قدمه مولانا عزالدين عبد الماجد.. هدية مجانية تثبت أن العدالة لا تتحقق، حتى تُرى تتحقق..!!
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|