|
عادل عبد العاطي في صحيفة الصحافة
|
حبل المهلة
بقلم قرشي عوض
عادل عبد العاطي.. التكفيري الديمقراطي
الأخ عادل عبد العاطي القيادي البارز في الحزب الليبرالي الذي عمل على تأسيسه مع آخرين، والناشط ايضا في الصحافة الالكترونية في انتقاد المعارضة لا في انتقاد الانقاذ كما تفعل جل الاقلام بما في ذلك اقلام بعض الاسلاميين، مثل التيجاني عبد القادر وعبد الوهاب الافندي، ومع ذلك يصنف نفسه في خانة الديمقراطيين، وينظر الى نفسه باعتبار انه الديمقراطي الوحيد وغيره شموليون وطائفيون وانتهازيون وخونة، واتهامات عادل الجزافية التي يوزعها على المجال السياسي لا تستثني أحدا، ففي ذهنية عادل الاحادية تتوحد جهات بينها خلافات جذرية، مثل حزب الامة والحركة الشعبية، رغم مواقفهما المتعارضة من اتفاقية نيفاشا على سبيل المثال، لكن تفكير عادل يجري على نسق ان امره ان اراد شيئا يقول له كن فيكون، ولان عادل كذلك فإنه رأى في فهمنا للديمقراطية ورؤيتنا لقضايا نسبية واحتمالية تقبل الاختلاف، مثل قضية اقامة التحالفات وتمويل الاحزاب وغيرها من التفاصيل التي يمكن أن يذهب فيها مذاهب شتى بلا تخوين او تجريح، رأى فيها عادل محاولة لذبح المشروع الديمقراطي في السودان، حيث كتب مقالا بهذا العنوان في موقع سودانيز اون لاين علي شبكة الانترنت ، وصفنا فيه بأوصاف المعاناة من الشيزوفرينا السياسية، وان في داخلنا يسكن دكتور جيكل ومستر هايل، أو اننا كما قال المرحوم محمد عبد الحي نصلي بلسان ونغني بلسان، وغيرها من قبيح القول في حقي. والذي يتناسب تماماً مع طريقة عادل في الاقصاء والنيل من مكانة كلِّ من يختلف معه، ثم اورد قصصاً عن سير العلاقة بين حق الحديثة وحزبهم الليبرالي، حشدها بالانشاء حتى تضيع الحقائق التي دار حولها الخلاف.. ومن ثم يضعنا في موضع من لا يلتزم بتعهداته حتى تتسنى له ممارسة خطابياته المغلقة، وعلى مثال واحد هو عادل نفسه، إذن محاولة طرح رأي مختلف لترتيبات القوى السياسية وإعادة اصطفافها بما يخدم قضايا التحول الديمقراطي وطرح رأي مخالف في ما يتعلق بقضية تمويل الأحزاب، يعتبر في نظره محاولة لذبح المشروع الديمقراطي في السودان الذي يتقلص بدوره لينحصر في رؤية عادل عبد العاطي، ومن يخالف ذلك مارق على الملة الديمقراطية، ويسعي لذبحها.. فبالله عليكم كيف يكون التفكير الوثوقي والسلفي إن لم يكن هكذا؟! وعادل عبد العاطي يضع نفسه بذلك في وضع متأخر عن وضع أنصار السنة الذين قادتهم تقلبات الزمان إلى الاختلاف فيما بينهم. وليسمح لي القارئ الكريم أن أسميه بالتكفيري الديمقراطي. وهو وضع يعكس حالة الشيزوفرينا السياسية التي وصفنا بها عادل وبامتياز. ومشكلة جماعة التكفير والهجرة التي تمثل قمة التطرف السلفي، لا تكمن في أنها تحمل رأياً يخالف الآخرين في قضايا يجوز فيها الخلاف، ولكنها تنكر على الآخرين حق هذا الاختلاف، وتتعامل مع تصورها هي ليس كاجتهاد ديني يتميز بأفضلية ما على اجتهادات الآخرين، وانما باعتباره هو الدين وغيره الكفر الذي يجب اقامة الحد على من يحمله، لأنه خارج على الملة التي هي الجماعة، ويسعى لذبح الإسلام الذي هو تصورها. ولهذا السبب هي ارهابية لأنها تحمل الآخرين على النظر بطريقتها هي، بغض النظر عن رؤيتهم، وإذا قلبنا الصورة ووضعنا مكان الإسلام المشروع الديمقراطي، فإن عادل عبد العاطي يتعامل بذات الكيفية، وإن كان يستخدم بدل الأسلحة النارية العبارات النارية، فالعنف هو العنف ان كان لفظيا او بدنيا، ودوافعه هي المواقف العدمية من الآخر، ومحاولة سحقه وتحقيره وتصغير شأنه، عبر الثيرمومتر الفكري للأستاذ عادل الذي يقيس به ارتفاعات السقوف الفكرية للآخرين، كما وصفنا في مقاله، ولم ينتبه في انتفاخته تلك الى أن انخفاض السقف الفكري هو اصلا رديف الادعاء، فالعلماء دائما على قدر من التواضع، لأنهم ينظرون للأمور في تعقيداتها وتشابكاتها المختلفة، أما الجهلاء فإنهم يبسطون الأشياء مما يقودهم لارتكاب الجرائم. وأهمية مناقشة أفكار عادل، تأتي من كونها تعكس تمايزات حقيقية وسط القوى الديمقراطية والجديدة، التي برز وسطها تيار دفعه العجز عن مقارعة الانقاذ، الى توجيه سهامه الى قوى المعارضة. وإذا كانت هنالك ضرورة لأن تنفرز قوى جديدة في السودان تسعى لتوطين الديمقراطية في طرائق تفكيرها وبنيتها التنظيمية، وتختلف مع القوى الأخرى لعدم كفاية ذلك داخلها او غيرها من الأسباب.. لكن ذات مطلوبات الديمقراطية توجب عليها مراعاة الآخر المختلف عنها، وتوطين النفس على العيش معه عبر البحث عن ايجاد المشترك الذي يمكن العمل عليه، أما أن تتخذ منه موقفاً عدمياً، فهذا ليس موقفاً ديمقراطياً وينطوي على رغبة دفينة سوف تعرب عن نفسها مع مرور الزمن في عدم منافسته على كسب الرأى العام، وإنما تخطيه عبر آلية حرق المراحل واختصار الطريق. وهذه هي الشمولية ومتعلقات التفكير القديم الذي قادنا للكارثة. ونواصل بإذن الله . الصحافة الخميس 16 أغسطس 2007م، 3 شعبان 1428هـ العدد 5091
|
|
|
|
|
|