|
صرخة في وادي ..عوانس الغربة
|
احاول ان انقل لكم كلام الكاتب الصحفى احمد علاء الدين , هذا الواقع الذى نفكر فية يوميا و كل صباح و كل مساء نسال الله الكريم ان يرد غربتنا و ان نرجع سالمين غانمين .
اخونا الفنان جلال الصحافة بعد الحادث قال انا لو رجعت بكون لا سالم و لا غانم
كما ارتبطت كلمة عانس بالمرآة التي فاتها قطار الزواج , فإن بعض المغتربين الذين تجاوزت غربتهم أكثر من عشرين عاما (من أمثالي)قد أصبحوا وبقدرة قادر من عوانس الغربة, وحقيقة فإن أكثر من عشرين عام في بلاد الغربة كافية جدا أن تؤدي بصاحبها إلي الترهل و الكبر, قبل أن تزف إلي مقبرة المنصورية أو إلي مقبرة أم الحمام.
عشرون قصرت الخطى وتركنني أمشي الهوينا ظالعا متعسرا من بعدما كنت الذي أطأ الثرى زهوا واستحيي الحسان تبخترا
معاناة, وويلات,وروتين, وضغوط نفسية(ما أنزل الله بها من سلطان), تسبب الضيق والملل, وتطرق بابك أحيانا هموم تحمل لك الهم والغم والسهر,وتشعر بالهوان والضيق والضجر والضياع وفقدان الهوية, وأمراض تسري في الأجسام السليمة و تبث سموم الآلام والأوجاع, والنتيجة الحتمية هي الإحباط و كآبة المنظر .. فكم بالله من مغترب غير طريقة مشيته واستعان بالعصا و العكاز بسبب أمراض الروماتيزم والرطوبة وهو في مقتبل العمر, وآخر أصبح يصلي علي الكرسي ولا يقوى على السجود وقد كان بالأمس يتهجد أناء الليل وأطراف النهار, وهذا مغترب فاته أجر أن يمارض أبويه في آخر أيا مهما ولم يرهما حتى فارقا الحياة فعاش في حسرة وندم, وذاك مغترب آخر في ريعان شبابه وهو يحمل في جيوبه ما لذ وطاب من حبوب الضغط والسكري, و بالأمس القريب ودعنا صديقنا, الذي صعد إلي باب الطائرة على مصعد خاص لذوي الحاجات الخاصة, و قد تجاوز اغترابه الثلاثين عاما وهو الفتى الذي أتى يافعا في ريعان شبابه وعاد الآن شيخا يحتاج إلي من يساعده بعد أن قضى أكثر من عامين بدون عمل وهو يبحث عن لقمة عيش كريم بين شقق الأصحاب والمعارف, وأهله يتضررون جوعا وتشتتا فأضاع وقته وفات عمره .. و هذا آخر اضطرته ظروفه المأساوية وحاجة نفسه الضعيفة إلي ارتكاب المخالفات المالية وأودع إلي سجن حائر .. صدقوني لقد ضاعت أسر بأكملها و ما خفي كان أعظم وأجل.
حقيقة .. لقد أصبحت الغربة في هذا الزمن قضاء وقت بلا طعم ,وسجن بلا حكم, وفوق هذا وذاك فقد ولى قطار العمر وفات إلي غير رجعة مع غربة لا تعرف للشط طريقا .. و لم يعد المردود المادي كما كان في السابق .. وإذا كان هذا حال الغربة بكل ما أفرزتها من سلبيات أضرت كثيرا بصحة المغترب و سمعته .. فلماذا لا نعيد النظر في كنز القناعة ونرفع هاجس الخوف من صعوبة العيش في الوطن ؟ و هل صحيح إن عدنا وعاد بنا الحال سنعاني أكثر مما نعانيه الآن ؟ حتما .. للإجابة على ذلك لا بد من زيارة خاطفه للسودان حتى يكون قرار العودة قرارا صائبا وطوعيا وارادة, فالقناعة كنز لا يفنى كما يقال, و ما يزال ( إنشاء الله ) متسع من الوقت لكي نلحق بقطار العمر .. و يكفي أن نقول إن كانت الغربة سجنا بلا سجان, فالعيش في الوطن نزهة و أمان :
النفس تجزع أن تكون فقيرة **والفقر خير من غنى يطغيها. وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت**فجميع ما في الأرض لا يكفيها.
والله المستعان.
___________ للكاتب الصحفي السوداني :أحمد علاء الدين
مودتى
صديق
|
|
|
|
|
|