ما يختص ب(الدرويشة بت ضياء) .. وعشان الحاجات تبقي كويسه!

Quote: قاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته والتطور التاريخي إعداد المحامي: أحمد سعيد بارودي مجتمع الأحد: 8-7-2012 كانت العقوبة في المجتمعات البدائية وسيلة للانتقام, وكان الفرد هو الخصم والحكم في آن واحد يأخذ حقه أو مايعتقد أنه حقه بيديه, بل إن فكرة الانتقام كانت تمتد لتغطي الإنسان والحيوان والأشياء، ولم يكن في ظل هذه الأجواء مجال للجدل حول افتراض براءة المتهم من عدمها، فقد كان المتهم يؤخذ بالشبهة والظن, وتفرض بحقه العقوبات القاسية والتي لم تكن قائمة على أسبابها أو متناسبة مع مقدماتها, ومع تطور الفكر الإنساني تدريجياً أصبحت هناك فرصة للمتهم للدفاع عن نفسه, ولكنها كانت فرصة مبنية على افتراض الإدانة مقدماً , حيث يقع على عاتق المتهم عبء إثبات العكس بأن يقدم الدليل على أنه بريء, فعليه يقع عبء الإثبات وغالباً مايرتبط ذلك بطقوس دينية ومنها اليمين والتعذيب والقتال بين الخصمين.‏ أما في القانون الروماني, فقد افترضت براءة المتهم في ظل إجراءات المرافعة الشفوية وكان على الخصم أن يقدم الدليل على مايخالف هذا الافتراض, وقد أمر الإمبراطور انطونيوس, بأن يفسر الشك لمصلحة المتهم وأن يكون الإنسان بريئاً حتى تثبت إدانته.‏ إلا أن هذا المبدأ واجه ردة بعد اتباع قضاة روما نظام المرافعات المكتوبة, حيث كان القاضي يفترض في المتهم الجرم ابتداء ويطلب منه تقديم إيضاحات عن الجرم المنسوب إليه، فأضحى عبء إثبات براءته يقع على عاتقه.‏ وفي أوروبا القرن الثالث عشر والرابع عشر ظهر مايعرف بمحاكم التفتيش البابوية لمحاكمة من اتهموا بممارسة السحر والهرطقة واعتمدت هذه المحاكم الدينية قواعد إجرائية مجافية لأبسط قواعد العدالة، فالأصل فيها أن المتهم مذنب حتى تثبت براءته، ومورس التعذيب بأبشع صوره لانتزاع الاعتراف, وتكتفي المحكمة لتكوين قناعتها بالاستماع إلى شاهد أو شاهدين, وأسوأ مافي الأمر أنه لم يكن بالإمكان مناقشة الشاهد أو مشاهدته لأنهم في الغالب من المخبرين السريين مما لايتيح للمتهم إبداء دفعه ببيان أن هناك سبباً كيدياً أو انتقامياً للشهادة، وكانت تبعات الحكم تمتد إلى أبناء المحكوم عليه حيث تصادر أملاكهم ويحرموا من تولي بعض الوظائف المهمة.‏ وأما في ظل التشريع الإسلامي فقد تشددت التشريعات الإسلامية تجاه موضوع إثبات الجرم تجاه المتهم, فأكدت التشريعات على أهمية الشهود والكتابات الرسمية في إثبات أي جرم، فقد أكدت على توافر شهود أربعة في جريمة الزنا يرون الجريمة بشكل أكيد وذلك لعظم مايترتب على مرتكبها من العقوبة المغلظة, وبالمقابل أكدت على إيقاع العقوبة على الشهود مالو اتهموا بروايات غير مؤكدة تنقصها البينات, وما ذلك إلا مثال واضح على التشدد تجاه إثبات الجرم وتوقيع العقوبة وهذا ماينعكس على بقاء المتهم في دائرة البراءة حتى تمام الإثبات وذلك للتثبيت في نسبة الجريمة لصاحبها الحقيقي وإيقاع العقاب المناسب عليه.‏ ونتيجة للتطور التاريخي وتغير النظرة التشريعية تجاه إرساء قواعد العدالة بمفاهيمها الحديثة عادت النظرة الواقعية تجاه هذه القاعدة الشهيرة لتتمكن من تلك القواعد ومثيلاتها والتي تبنتها القوانين الوضعية والتشريعات الدولية ضماناً لإمكان إثبات البراءة للمتهم وبقائه في دائرة البراءة حتى إثبات إدانته بالأدلة والبينات الواضحة والصريحة وضمن الضوابط القانونية المنصوص عليها في التشريعات والقوانين الضابطة لأصول التحقيق والمحاكمات المرعية والمعمول بها.‏ ولأن يفلت مائة مجرم من العقوبة خير للعدالة من إدانة بريء واحد.‏