مواضيع توثقية متميزة

مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيوعى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-28-2024, 01:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-26-2003, 06:39 AM

WadalBalad
<aWadalBalad
تاريخ التسجيل: 12-20-2002
مجموع المشاركات: 737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو (Re: WadalBalad)

    سلام أيها الإخوة والأخوات

    هذا المقال أدناه للدكتور عبدالله على إبراهيم تم نشره بعدد الأمس من صحيفة الرأى العام وهو مقال مهم جداً وجدير بالقراءة ويفتح أبواباً كثيرة أغفلناها فى مداخلاتنا أعلاه وربما يدفع ببعض الأسباب لمواصلة النقاش فى هذا الموضوع الهام


    =============================================================

    اليسار والديقراطية الليبرالية: «وحتعمل بيها أيه يا جلق؟»


    بقلم/ د. عبد الله علي ابراهيم

    في صباح يوم من أوائل عام 1989 أخذت طريقى من مكتبي بجامعة الخرطوم إلى السفارة الالمانية الغربية القريبة من الجامعة وإن استغرقني الاهتداء اليها بعض الوقت. وطلبت عند البوابة مقابلة السفير الالماني الغربي. وحين سئلت ما خطبي قلت انني احمل اليه مذكرة كنت قد تـأبطتها من مكتبي وخرجت. وضمنت المذكرة احتجاجي على دعوة البرلمان الالماني للعقيد قرنق للحديث إلى اعضائه (انظر نص الرسالة في الصندوق). وكانت المذكرة أصلاً ضيقاً باليسار الجزافي منه وغير الجزافي اكثر منه بالألمان الغربيين وبرلمانهم. فقد كان هوانا المانياً شرقياً على كل حال.

    فمما ازهدني في اليسار أنه كان مستهلكاً رديئاً جحوداً للديمقراطية الليبرالية. فقد كان لايقبل أن تمس ايا من حقوقه في التعبير والتنظيم والسفر وما اليها في حين «يضطغن» عقيدة في الديمقراطية الجديدة التي تهزأ بتلك الحقوق بوجه الباب. وكان مثلهم في ذلك ما قيل عن رجل روسي يراقص زوجته ويغازل من فوق كتفها عشيقة له. وكنت من الذين تأخروا في قبول عقيدة الليبرالية حتى قيض الله لنا انقلاب مايو(الذي جاء كايسنا) ودعاواه في الديمقراطية الجديدة وتحالف الشعب العامل فأورانا نجوم القائلة. فقد أثقل علىنا حتى انكرنا بعض صبواتنا الفكرية في الديمقراطية الجديدة، التي أردنا أن نجرع الشعب بها غصص المن والسلوي ، حين رأيناها في المحك والتطبيق تهين الفكر والرجال والنساء في التنظيم الأوحد وقائده الفذ الملهم. وارتفعت في نظري بعد ذلك قيمة الحقوق الليبرالية مجردة حتى قبل ان نملأها عدلاً اجتماعياً في يوم قريب بالمرابطة والمصابرة والدعوة الحسنة.

    ومن أدل دلائل مراقصة الجزافيين لزوجتهم الليبرالية وغزلهم من فوق كتفها مع عشيقتهم الديمقراطية الجديدة هو ميثاق أمبو الذي وقعوه مع الحركة الشعبية بعد المؤتمر الذي انعقد بهذه المدينة الاثيوبية في فبراىر 1989، فقد جاء فيه ان نموذج وستمنستر، أي النظام الديمقراطي المطبق في بريطانيا (أي الليبرالي)، قد خدم («دائماً» وهي مما ورد في النص الانجليزي وليس العربي) صالح القوى الرجعية ومهد الطريق لعودة الديكتاتورية. وتعهدوا في الفقرة الثانية من هذا التبخيس الاجمالي المجاني لليبرالية بالبحث عن بنى جديدة مستخلصة من القيم النبيلة للديمقراطية الليبرالية التي من شأنها ان تعالج واقع الحال في السودان. ان القول بأن الديمقراطية قد خدمت دائماً مصالح الرجعية مجازفة فكرية عظمى. فحتى الشيوعيين، الذين ورث عنهم الجزافيون هذا الهزؤ بالديمقراطية الليبرالية، ميز عقلاؤهم هذه الديمقراطية وقالوا إنه ما كان لحركة المستضعفين بلوغ ما كانت علىه من النفوذ والقوة بغير الحقوق التي تكفلها مثل حق التعبير والتنظيم والسفر. وهي الحقوق التي اهتبلها الجزافيون انفسهم في الديمقراطية الثالثة للقاء الحركة الشعبية والغزل في ديمقرطيتها الجديدة المبهمة من فوق كتف زوجتهم الليبرالية. ولم يختلج لهم جفن وهم ينكرون الليبرالية قبل صياح الديك لقرنق الذي سفهها وأدار لها ظهره وأقام سجون السراديب لمعارضيه في بوما وغير بوما وحيث تمكن من بلد في السودان. ثم عاد الجزافيون وصاحوا «فاول» حين حققت الدولة معهم بعد عودتهم واستصرخوا الناس: «وا حقوقنا الديمقراطية». مالكم كيف تحكمون! وماسقط نظام وستمنستر السوداني في يونيو 1989 وجاء حكم (الرجعية الما خمج) حتى ضرب الجزافيون الارض طولا وعرضاً يتكففونها من مفوضي حقوق الانسان او يطلبونها بالانتفاضة المسلحة او المحمية او ما شئت. أبوها مزعوطة أكلوها بصوفها. عقرباً تطقكم.

    كانت الديمقراطية الليبرالية المستعادة بارادة الشعب في 1985 على شفا حفرة في مهب الريح. فلم تقاطعها الحركة الشعبية فحسب بل انتهزت سانحة بيئتها المفتوحة لفرض ما تريد بالقوة الجبرية. وكان هذا موضعاً يؤاخذ فيه اليسار، الذي كان قد شقي من ديمقراطية تحالف الشعب العامل النميرية البشعة، الحركة الشعبية على بؤس ولؤم خطتها إذا اراد لشعبه أن يحترمه. ولكن اليسار الجزافي تنصل عن هذه التبعة وظل يطمع بما يشبه الأماني في عودة الحركة إلى حظيرة الديمقراطية في صباح يوم بهيج. وكان أكبر ما يصدر من جماعة «اجاد أخوي قرنق» حيال استخفاف الحركة بالديمقراطية هو الجأر بالشكوى المتباعدة من «تصعيدها العسكري» الذي لا جدوى منه. ثم تعود حليمة إلى قديمها تسترضي الحركة وتطيب خاطرها. ولم يجعل حتى الحزب الشيوعي الديمقراطية، التي برته بدائرتين مباشرتين ولواحق أخرى، شرطاً في التفاوض مع الحركة يعبيء حوله الافئدة والعقول حتى توقر النظام الديمقراطي. والأصل هنا هو محاصرة الحركة بالشعب في الشمال والجنوب الذي سلخ عمراً وكدحاً طويلاً لأجل استرداد الديمقراطية حتى تعيد النظر في حربها المؤسفة للديمقراطية. فلقد قرأت كلمة راجعت فيها جريدة الميدان (26 مارس 198، الحركة في تصعيدها العسكري بغير ان تذكر مرة واحدة ان الحركة انما تصيب في المقتل النظام الديمقراطي الذي جاء بشق الأنفس ليأذن للمغلوبين بحضور وبصوت في السياسة كما ظل يفعل دائماً. لم تكن رعاية حرمة الديمقراطية شرطاً او مطلباً لليسار من الحركة الشعبية خلال مفاوضاتهم العديدة معها في حين وضع العقيد قرنق خمس شروط ليجنح للسلم والح علىها بلا هوادة وبعضها فقاعات سياسية تلفزيونية مثل الغاء الدفاع المشترك مع مصر وليبيا. وكان اكبر قصده منها ان يكسب اعلامياً لقضيته الافريقية المزعومة بابراز حكومة السودان عارية في ثيابها العربية غير القشيبة. ولما لم يبتدع اليساريون شبكة شعبية واقية للديمقراطية تولت عنهم ذلك القوى الموصوفة بالتقليدية او المهووسة التي كانت تدفع ببعض الاجراءات والاستثناءات في منعطفات الحرب الأهلية الحرجة مثل منع الاتصال بالحركة الشعبية أو التحفظ على نشاط بعض أعضاء وأنصار الحركة. وهي استثناءات يضطر اليها النظام الديمقراطي متي ما احدقت به قوة تستطيب حقوقه وتستنكف تبعاته. ولم تزد هذه الاستثناءات اليسار الا يأساً في الديمقراطية وتيئيساً للناس فيها لانها مما اثبت له ان الديمقراطية الليبرالية هي استبداد كبير .

    كان على اليسار كله ان يلح بغير كلل او ملل ، كمسئولية لامهرب منها امام الشعب، على الحركة الشعبية أن تتفاءل بالنظام الديمقراطي وان تلقي بثقلها المميز لتنميته بما يقوي ويمكن للمهمشين وغمار الناس. وهذا عندي منهج أجدى واوفق في المدي الطويل حتى لو لم تستجب له الحركة. فهذا من نوع التربية السياسية والاخلاقية التي تمكث في الارض وتنفع الخلق. أو هي على الاقل أصدق واذكي من اتكال اليساريين على استدامة الديمقراطية عبر ميثاقهم الممهور بالدم لصيانة الديمقراطية من المنقلبين العسكريين. فلا ضمان لعهد أو شروط في الديمقراطية بغير ما يتنزل عبر الممارسة للديمقراطية. وقد وجدت أن العقيد قرنق قد اقترب من هذا المعني في الندوة التي انعقدت بمدينة واشنطون المحروسة في نحو 1992 بعنوان «السودان: المأساة المنسية» التي جمعت بينه وخصومه من جماعة الدكتور مشار. فقد قال إن حركته إنما تسهم في نضال السودانيين العام ضد النظام الانقاذي بخيارات مفتوحة سواء في الوحدة أو الكونفدرالية او الانفصال. وهنا تصدت له بالسؤال إمرأة يقظة غاضبة:

    - ولكن ما الضمان؟ إن التجمع إذا استلم السلطة سيعود إلى قديم الشماليين من فرض العروبة والاسلام.

    ورد علىها قرنق بقوله:

    - لا اريد ضمانات منهم. انهم لن يضمنوا لي شيئاً. إن الضمان ضمان الشعب ونضال الشعب. هذا هو الضمان الأكيد للنصر. فالذي نحرزه من نصر يضمنه الشعب من خلال النضال. إذا سألت التجمع المعارض أن يضمن لي شيئاً أكون متناقضاً مع نفسي. انني لن اسأل الحركة الاسلامية ضماناً لأنني سأكون متناقضاً مع نفسي. إن الضمان هو قناعتنا بنضال شعب السودان اولاً وأخيراً.

    وضجت القاعة بالتصفيق. ولو كنت في الحضور لكلبت شعرة جلدي لهذا القول الذي أطربنا في الماضي ولا يزال ولهوت كفي على الأخرى لولا تذكري ان شعبنا كان بحاجة إلى هذا العبير القوى من الثقة فيه على تلك السنوات التي محض فيها قرنق ثقته مقاتليه في الحركة دون الشعب وأدمن طلب الضمانات او انه تذرع بها. ووقع المحظور واناخ نظام الفريق البشير العسكري بكلكله وأخرج الشعب من الديمقراطية السمحة إلى الصمت الطويل وألغى السياسة لتصبح ممارسة لا تقوى علىها الا الجندرمة والمليشيات من المراحيل والدبابين وفيالق تمساح وبيلام والفهود السود وما إلى ذلك. لقد أصمت قرنق المرأة ببلاغة تواتي من كان بمثل عمره في السياسة. و كانت المرأة قد تربت على خطاب الضمان وحنث العهودالذي تلقته من قرنق نفسه. واغرق قرنق علمها الذي اخذته عنه في التصفيق الداوي ممن عقولهم في أذنيهم كما قال شوقي امير الشعراء. وقد عزاها الدكتور مشار البارع في ملاطفة النساء وقال لها ما معناه أن الشقاء سيكون نصيبك ابداً إذا اتبعت خطة قرنق في الوحدة وما أشبه فتعالي الينا لأننا نريد الانفصال وكانت يا أفارقة.

    لم اكف عن القول ان أكثر ما افسد على قرنق قوامه القيادي في الوطن في عقد الثمانين هو طلبه لضمانات للجنوبيين عسيرة التحقق من خارج النظام الديمقراطي نفسه. وقرنق معذور لاشتهار الساسة الشماليين بنقض العهود. ولكن أكبر هذه العهود المنتقضة هي ما أمضاه الجنوبيون مع نظم غير ديمقراطية. لقد لقي قرنق قبولاً في الشمال لخطابه الوحدوي وعزيمته في حرب نميري. وكان اقرب من وصل من الجنوبيين الي الزعامة القومية. غير أنه بالحاحه على صكوك الضمان جفل عن هذه الزعامة واختار ان يكون زعيماً مضموناً للجنوب. وهو ليس شاذاً في هذا عن سنة القيادة في بلدنا. فاذا واتت القائد فينا سانحة للزعامة القومية، التي تستوجب نظراً اشمل يتجاوز القواعد المحدودة التي جاءت به الي ساحة السياسة بما يتضمنه هذا من تضحية ومغامرة، تجده تنصل وعاد إلى حجمه الذي يطمئن له كقائد لجماعته الاقليمية أو الطائفية. وهذا مما سميته في موضع آخر ب «زعامة ناس كشكي». ولم يلبث طويلا حتى اصبح قرنق زعيما للدينكا دون الجنوبيين الآخرين ولم يلبث أن أصبح زعيماً لدينكا بور دون دينكا بحر الغزال. والشواهد تتوارد. فقد جاء في مقالة للانثربولوجي السوداني جاك مادوت جوك وباحثة أخري (مجلة الدراسات الأفريقية المجلد (43)، العدد الثاني لعام 1999) أن ضباط قرنق من دينكا بحر الغزال ناقمون علىه لأنه تراخى في توقيع عهد للسلام بين دينكا بحرالغزال والنوير في حين اسرع بعهد آخر بين دينكا بور والنوير في غرب اعالي النيل. وفسر دينكا بحر الغزال هذه التفرقة بان قرنق انما يريد ان يشغل دينكا بحر الغزال، وهم أكثف جنده، بالحرب في بحر الغزال والاستوائية وضد البقارة حتى لا يغريهم السلم بالانفضاض عنه. وفي هذه السيرة تطبيق حرفي لقانون الغلة المتناقصة (او المتباقصة) في القيادة في السودان.

    لليساريين موهبة مشهورة في البحث عن العيب في كل شيء الا لهم. ولهذا أحدقت بهم الاخطاء «وكدبت» حتى كادت ريحهم تذهب. فلو وقاهم الله شح النفس لعلموا علم اليقين أنه لم يؤذ الليبرالية شيء أكثر من عقيدة اليساريين أنه لا سبيل للتقدم والتغيير الاجتماعي عن طريق الديمقراطية الليبرالية في السودان. ولهم في هذا اليأس الجليل تحليلات وتخيلات. فقد ادت هذه العقيدة إلى اعتزال اليساريين وجمهورهم الحضري المؤثر المؤسسة الليبرالية البرلمانية، التي يقول عنها حتى اهلها انها أحسن أسوأ نظم الحكم، متي ظهرت الانتخابات وانكشف المستور من ضعف قواعد اليسار في الدوائر الجغرافية. وقد اعتزلوها أيضاً متى لحق بهم من سدنتها اذى او نقص مما لابد يقع لمن يريد تغيير ما وجد الناس علىه آباءهم. وما اعتزل اليسار الليبرالية حتى اطلق لسانه فيها ييئس منها الناس وينتظر موتها العاجل مذعناً لقضاء القدر السياسي.

    ولم ارهم يسفرون الا نادرأ عن خيال او ممارسة لتنمية ما اسموه بالتقاليد الليبرالية السمحاء عبر عمل تشريعي مستعان علىه بارادة شعبية. فلم يزيدوا منذ حين عن القول ان الديمقراطية الليبرالية لن تستقيم عندنا الا بتمثيل القوى الحديثة في المدن تمثيلا أوسع. ولم يتجاوز هذا القول سقف الشعارالجازم بينما نهضت الأدلة على فساده. فقد صوت الخريجون ، وهم من الحداثة بمنزلة، ومدن العاصمة في 1986 للحركة الاسلامية التي لم تكن فينا في عداد القوى الحديثة. لقد جرد البرم بالديمقراطية الليبرالية اليساريين من كفاءة العيش في ظلها أو الموهبة في اصلاحها من الباطن. فما جاءت الديمقراطية حتى ركبهم الياس منها وتخلصوا منها بانقلاب من صنعهم أو من صنع من شيئت. فلم اقرأ لاحدهم تنويراًُ ملهماً بنقص الليبرالية موجهاً للشعب لاستصحابه إلى غاية الاصلاح. فقد خطرت لي خلال الديمقراطية الثالثة أفكار لمعالجة غياب النواب مثلاً. فقد التمست توفير مكاتب بطاقم اداري وسياسي لادارة شوؤن دوائرهم على غرار الكونغرس. والمعروف أن مثل هذه المكاتب تنوب عن النواب في قضاء مصالح اهل دوائرهم من رخص سلاح واذون بالحج وتصاديق السكر التي تستغرق كل وقت النواب. وكنت ارد بذلك على إفتتاحية بجريدة (الميدان)، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي، ازعجها غياب النواب المتكرر فأقترحت حل البرلمان واجراء انتخابات جديدة. وفي هذا المنهج شبه بالبصيرة ام حمد. واقترحت أيضاً ان تقوم هذه المكاتب بتزويد النائب بما يلزم من معلومات عن مشروع القرارات المعروضة على البرلمان حتى يستنير ويسهم برشد. وقلت في اقتراحي (وكان نائب عطبرة العامل بالسكة الحديد قد أضرب عن الكلام في البرلمان في تلك الايام وقد كان يظن به ناخبوه العجز عن الابانة) ان الميزة التي يراها الناس في السيد محمد ابراهيم نقد كبرلماني ذي خطب فاهمة إنما يرجع أكثر فضله للجان حزبه الاقتصادية وغيرها التي تعينه بالمادة والتحليل. وكان اليسار في شغل عن كل ذلك ينتظر نفاذ كلمة القدر في الليبرالية التي جسدوها في خيبتهم في السيد الصادق وتناقضاته و«اب كلام ازاد» وقد ظلموا انفسهم بمثل هذا القول . فقد صبر الرجل على الليبرالية صبراً جميلاً وقدم نموذجاً للسياسي الواسع الصدر في زمن غير عادي للهرج العام.

    ومن المؤسف لليسار أن ينتهي إلى هذه الخصومة للديمقراطية الليبرالية وهو الذي بدأ بثقة غراء فيها برغم انف عقائده في ديكتاتورية الطبقة العاملة. فقد تفاءل المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي في 1956 بهذه الديمقراطية وقال ان الجماهير بتجاربها الذاتية ونضالها ونضال الحزب ستقتنع بالدولة الديمقراطية الشعبية التي تقود بلادنا إلى الاشتراكية. واضاف: «وعندما تنحاز الاغلبية الشعبية باختيارها واقتناعها بالطرق الديمقراطية نحو هذا الطريق وتنتخب اغلبية برلمانية من الاشتراكيين وذوي الميول الاشتراكية يصبح امر تحقيق الاشتراكية في متناول اليد»" غير ان الحزب لج عن هذه العقيدة الوضحاء بعد ان اثخن له الجراح برلمان 1965 السفاح فحرمه من عائده من الديمقراطية البرلمانية التي فداها بالتضحيات الغالية على طول ديكتاتورية عصابة 17 نوفمبر. فقد حل ذلك البرلمان الحزب الشيوعي وطرد النواب الشيوعيين وطمع ان يقنن محاربة الشيوعية في مشروع دستور 1968، وحمل الحزب مراراته هذه إلى برنامجه الصادر عن مؤتمره الرابع في 1967 الذي استهجن الديمقراطية الليبرالية في وثيقته المعروفة. غير ان الحزب سرعان ما عاد للتفاؤل بالديمقراطية الليبرالية في دورة اللجنة المركزية في 1968 التي صدرت عنها الوثيقة المسماة «قضايا ما بعد المؤتمر الرابع»" وحمل فيها استاذنا عبدالخالق حملة شعواء على عقيدة الديمقراطية الجديدة لما رأى انها بدأت تفرخ الميول الانقلابية داخل الحزب تبرماً بالديمقراطية الليبرالية وسأماً من الصبر على الأذى ونقص الثمرات الذي تجرعوه منها. ومن أراد ان يقف على النظرية الكاملة لهذا القطاع من الشيوعيين فدونه كتاب جيد للمرحوم عمر مصطفي المكي عن الاتجاهات الانتهازية في قيادة الحزب الشيوعي. رحم الله أخانا عمر. وقد فصلت هذا الأمر كله في مقال لي عن العنف السياسي في كتابي الثقافة والديمقراطية في السودان. ومع ذلك ظل اليأس من الديمقراطية الليبرالية فاشياً في الحزب وبين انصاره حتى تدلت منه الثمار المرة في 25 مايو 1969 و19 يوليو 1971، رحم الله الجميع وجعل الجنة مثواهم. وربما نرد فشو عقيدة الديمقراطية الجديدة بين اليساريين لأن وثيقة المؤتمر الرابع، وهي نص منسوخ في ما تعلق بالديمقراطية الليبرالية، أوفر في أيدي الناس من وثيقة 1968 التي راجع فيها الحزب بصورة جذرية ما اتفق له منذ عام او نحوه. وقد علمت ان وثيقة دورة اللجنة المركزية لعام 1968، التي اسستبشرت بالليبرالية، قد طبعت الآن وتوفرت. فليتأملها القاريء.

    ما جاءتنا الديمقراطية في 1985 حتى اتضح انها ضيف ثقيل لا احد يرغب فيه. وحين أقرأ لليساريين غناءهم العذب في الليبرالية (وأصدح الاصوات في الكورس يصدر عن اولئك الذين استضافتهم ملاذات الهجرة واللجوء) اتعجب أن كانوا استعدوا لها روحاً ووجداناً وميثاقاً مع الشعب أم انها من حيل المعارضة يكيدون بها لنظام الجبهة "الظلامي." واستعيد في خاطري كلمة كتبتها في صحيفة (الخرطوم) في نحو 1988 حين رأيت انفضاض اليساريين الجزافيين الكبير عن الليبرالية. وهو انفضاض دفعني لأحمل مذكرتي ضد دعوة البرلمان الالماني لقرنق وحدي في وحشة كدت اسمع بها حفيف حذائي على الأرض. فقد شبهت كساد اليساريين في النظام الديمقراطي الذي فدوه بالمهج بموقف مشهور للاعب الهلال الفذ السد العالي. فقد قيل انه استخلص الكرة من خصومه بجهد بارع وما كاد يتجه نحو المرمي حتى صاح فيه زميله جلق يطلب منه ان «يباصي» له الكرة. وكان السد العالي سيء الظن فيما يبدو بقدرة جلق فقال له بمصريته الرشيقة: «وحتعمل بيها أيه يا جلق؟».


                  

العنوان الكاتب Date
مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيوعى WadalBalad02-08-03, 05:02 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-08-03, 05:05 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-12-03, 02:26 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-09-03, 09:54 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو elnadeif02-09-03, 11:42 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو adil amin02-10-03, 06:44 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-10-03, 05:04 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-10-03, 10:33 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو elnadeif02-11-03, 00:13 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-11-03, 08:22 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو adil amin02-11-03, 05:18 PM
      Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-12-03, 00:42 AM
        Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-12-03, 00:57 AM
          Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو adil amin02-12-03, 02:25 PM
            Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو 7abib_alkul02-12-03, 02:43 PM
        Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-23-03, 08:53 AM
        Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-23-03, 09:03 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-13-03, 02:21 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-13-03, 05:29 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-14-03, 06:13 PM
      Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-14-03, 06:20 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Alsawi02-14-03, 10:06 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو adil amin02-15-03, 08:39 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-15-03, 09:01 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Alsawi02-15-03, 11:10 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-15-03, 01:00 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-17-03, 01:01 PM
      Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-17-03, 07:58 PM
        Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-17-03, 08:00 PM
          Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Arbab02-18-03, 00:03 AM
            Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-18-03, 00:28 AM
              Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Arbab02-18-03, 02:40 AM
                Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-18-03, 05:53 AM
            Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Arbab02-18-03, 01:16 AM
              Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو adil amin02-18-03, 10:27 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو adil amin02-18-03, 10:55 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو adil amin02-18-03, 10:57 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-18-03, 04:12 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Arbab02-18-03, 05:06 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Alsawi02-18-03, 09:22 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو abdel abayazid02-18-03, 12:26 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-18-03, 07:01 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-18-03, 08:21 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-18-03, 09:09 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو abuelsora02-18-03, 11:24 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-19-03, 05:50 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Arbab02-20-03, 01:52 AM
      Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Abdel Aati02-20-03, 02:13 AM
        Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-20-03, 09:23 AM
      Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو adil amin02-20-03, 10:01 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-20-03, 03:46 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-21-03, 05:38 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-21-03, 11:11 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-22-03, 01:54 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو abuelsora02-22-03, 10:10 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-22-03, 10:44 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Alsawi02-22-03, 10:58 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-22-03, 06:54 PM
      Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-22-03, 07:13 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-22-03, 10:57 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو sultan02-23-03, 09:13 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو elsharief02-23-03, 03:36 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-26-03, 06:39 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Omar02-27-03, 09:02 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو Omar02-27-03, 09:03 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (5) الأحزاب السودانية فى الميزان – الحزب الشيو WadalBalad02-28-03, 08:34 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de