مواضيع توثقية متميزة

الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 07:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-15-2003, 04:03 AM

HOPELESS

تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 2465

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم (Re: HOPELESS)

    مرتكزات النظرية الاسلامية للسياسة الخارجية:

    قبل التعرض لتفاصيل هذه المرتكزات والمقومات التي نعتمدها في البناء الايديولوجي للسياسة الخارجية لابد من الاشارة إلى بعض الملاحظات التي تتعلق بهذا البناء:

    1 ـ تمثل هذه المرتكزات القواعد الاساسية (بنظرنا) للسياسة الخارجية المستنبطة من الاحكام الاسلامية والنصوص القرآنية، والتي تشكل بمجموعها معالم النظرية الاسلامية المقصودة.

    2 ـ ان هذه القواعد تمثل بناء واحداً متكاملاً لا يمكن الفصل بين اجزائه، فهي تدخل في الاطار العام لسياسة الدولة الاسلامية، ولا يجوز فصلها عن بقية النشاطات السياسية الداخلية وان كان الصعيد الخارجي هو الميدان الذي تتعامل به. فالسياسة الخارجية نشاط من الانشطة السياسية للدولة يتناغم مع مسيرتها وتوجهاتها ومبادئها.

    3 ـ تبقى القيادة الاسلامية الشرعية المسؤولة عن تحديد اولويات كل واحدة من هذه المرتكزات أو تقديمها أو تأخيرها، وخاصة عند الاضطرار لتجميد العمل ببعضها واستمراره بالبعض الآخر وفق التصورات التي ترتأيها القيادة ومؤسسات القرار السياسي التي تملك صنعه.

    4 ـ المصلحة العليا للاسلام والدولة الاسلامية عنصر ضابط لكل هذه القواعد، فيمكن تجاوز بعضها أو عدم الاعتناء بها طبقاً للظروف والمتطلبات التي يفرضها الواقع الميداني على الدولة. ولا يعني ذلك ضرب هذه المبادىء عرض الحائط باي شكل من الاشكال بل ان التعامل الواقعي مع الحالة الاستثنائية هو الذي يفرض ذلك. يبقى هذا الامر حالة مؤقتة تزول بزوال العارض أو العامل الذي استوجب التعامل معه على ذلك النحو.

    5 ـ لا يعني التطرق لهذه المرتكزات هو حصرها بل يبقى باب الاجتهاد والاستنباط والاخذ بالتجارب السياسية التي حازتها المجتمعات الانسانية والامم الاخرى، مفتوحاً. وتبقى هذه المعالم بحاجة إلى صياغات جديدة وطرح عصري ينجسم مع الموقع الذي تمثله الدولة في المنظومة الدولية، والتعامل الصحيح والمنطقي مع الشعوب والحكومات. فالانفتاح على التجارب الانسانية يحقق التطور والتقدم إذا احسن التعامل معها بروح منفتحة خلاقة، ويوفر الجهد والمال والوقت على تكرار بعض التجارب الفاشلة. وعلى اية حال تبقى الاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين جهداً جاهزاً وخزيناً حضارياًيمكن الانتهال منه واختيار ما يتوافق الاطروحة الاسلامية والمجتمع الاسلامي وبصورة لا يتناقض مع الاحكام الشرعية والمسائل الفقهية المستحدثة. أما اهم هذه المرتكزات فهي:

    المرتكزات الاساسية

    اولاً: سيادة الموازين الاسلامية:

    السياسة الخارجية للدولة الاسلامية جزء من السياسة العامة للدولة. وان كانت بعض المؤسسات تعتبر مسؤولة عن تنفيذ هذه السياسة، الا ان ذلك لا يعني حصرها في هذه المؤسسات والدوائر، وخاصة فيما يتعلق بالاتجاه العام أو القضايا والاهتمامات التي يمكن للمسلمين عموماً ابداء الرأي بشأنها باعتبار انها جزء من الاطروحة الاسلامية التي يؤمنون بها ويدافعون عنها. ولان السياسة الخارجية هي الوجه الخارجي الذي تظهر به الدولة الاسلامية امام الشعوب والامم، فعلى ذلك تبقى السياسة الخارجية كبقية نشاطات الدولة مؤطرة باطار الاحكام والموازين الاسلامية وعلى ادنى المستويات. فلا يمكن لهذه السياسة أو النشاط ان يناقض هذه الاحكام أو تسير باتجاه معاكس للمنحى العام للدولة، أو يتجاوز القائمون عليها المسائل الفقهية والاحكام الشرعية تحت حجج وذرائع لا ترتكز على رأي لمرجع أو فقيه.

    وهذه المقومات يجب ان تكون مستمدة من البناء الفقهي للاسلام بكل خصوصياته مثل:

    1 ـ ان تكون منصوص عليها وليس اجتهادية.

    2 ـ ان لا تكون منسوخة.

    3 ـ ان تعتبر من الاحكام التكليفية.

    4 ـ ان تتطابق مع السنة.

    5 ـ ان تكون عامة ودائمة وليست متجزءة ومؤقتة.(1)

    كما وان التعامل مع القواعد التي سيتم التطرق اليها سيكون وفق الاصول المعروفة في الفقه الاسلامي بكل ابعاده وتفاصيله. فلو حدث (تزاحم) بين قاعدتين تراعى الاصول في الاخذ بأخذها. وتبقى الضوابط الاسلامية سارية على السياسة الخارجية باعتبارها مفردة من مفردات السياسة العامة للدولة، فقواعد (لا ضرر ولا ضرار) و(مقدمة الواجب واجبة) و(الاستصحاب) وغيرها من القواعد الاصولية والفقهية. تراعى في كل خطوة من الخطوات أو في وضع منهج العمل أو خطوط السياسة الخارجية أو اتخاذ المواقف والتصريحات من قبل المسؤولين. ولا يعني ذلك تكبيل التحرك السياسي والدبلوماسي بمجموعة من القيود التي قد تحد من فاعلية التحرك الاسلامي، ففي الفقه الاسلامي لسعة ومرونة كافية وهناك صلاحيات لأولي الامر من تجميد بعض القواعد الفقهية أو الضوابط الاصولية إذا ما كانت المصلحة العليا للاسلام تستدعي ذلك.

    ثانياً: لا سبيل للكافرين:

    وهذا المرتكز مستوحى من الآية الكريمة (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) (النساء 141)

    ______________________________________

    1- مجلة السياسة الخارجية، العدد 2، ص 228.



    والسبيل يعني الطريق، ولكن يعني به ايضاً الشريعة والقانون، وهذا ما تعنيه الآية الكريمة. واما المقصود بـ(لن يجعل) اي النفي الابدي والاستحالة الدائمة التي يفرضها الله سبحانه وتعالى. ويفهم من الآية بان الله سبحانه لم يجعل هناك اي طريق مفتوح لتسلط وتغلغل الكفار على المسلمين. وان الشريعة الاسلامية اغلقت كل الطرق التي يمكن للكافرين ان ينفذوا منها الاستيلاء على المسلمين(1).

    ويمكن تطبيق هذه القاعدة على العلاقات الخارجية بان انشاء اية علاقة أو تعاون أو صداقة أو معاهدة أو حلف بحيث يؤدي في النهاية إلى تسلط الكافرين على المسلمين وبلادهم ومقدراتهم فانها حرام. فهذه القاعدة تقف بالمرصاد لكل اتفاق سياسي أو اقتصادي أو عسكري وحتى ثقافي يستشعر منه بانه سيكون ممهداً وارضية لهيمنة الكافر على المسلمين.

    وقد يعتقد البعض بان قصد الآية هو سد الطرق الفيزياوية أو التكوينية أو تسلط الكفار ولكن ذلك الامر لا يرتبط بالشريعة قدر ارتباطه بالمسلمين انفسهم، ويتبع لمدى وعيهم وادراكهم وفعاليتهم في الذود عن حمى الاسلام، والاستقلال بعيداً عن النفوذ الاجنبي، وسعيهم للاكتفاء الذاتي في احتياجاتهم كي لا يقعوا فريسة للهيمنة الاجنبية. ولكن يقصد أو يفهم منها ان الله سبحانه وتعالى اغلق جميع السبل التي يمكن للكفار ان يتسلطوا على المسلمين عبر الطرق التشريعية أو القانونية. أو بمعنى آخر انّه لا يوجد هناك مجال افسحته الشريعة الاسلامية يمكن للكفار ان ينفذوا خلاله، وإذا حصل ذلك فليس بسبب الشريعة بل لان المسلمين انفسهم لم يراعوا مقررات وضوابط الشريعة بصورة دقيقة فوقعوا تحت التسلط الاجنبي. ويمكن استشعار ذلك من استخدام لفظة (لن) ولم تستخدم (لم) اذ تفيد الاولى في النفي الابدي، سواء على الصعيد الزمني أو من اللحاظ التشريعية.

    وقد اجمع الفقهاء على هذه القاعدة بانه لا يوجد في الاسلام قانون يؤدي إلى تسلط الكفار على المسلمين(2). فالشريعة الاسلامية لن تسمح ابداً بتسلط الكافرين على المسلمين ومهما كانت الحجج والذرائع.

    ولا يعني الالتزام بهذه القاعدة هو الانعزال والانكفاء بل يعني الحذر والحيطة في التعامل مع الدول الاخرى. فأية دولة لا تستغني عن الحاجة إلى الخبرات الاجنبية والشركات والعلوم والتكنولوجيا في مختلف ميادين النشاط الانساني واستخدام المستشارين الاجانب وابرام العقود مع الشركات الاجنبية امر لابد منها في طور النمو والتطور الا ان كل ذلك يجب ان لا يؤدي إلى الهيمنة الاجنبية والنفوذ السياسي والاقتصادي وهناك تجارب معاصرة مثل فتوى السيد محمد حسن الشيرازي عام 1889 عندما اصدر فتواه الشهيرة بتحريم التدخين اثر الاتفاقية الجائرة التي عقدتها شركة بريطانية (ريجي) مع ناصر الدين شاه ايران. وافتتح الامام الخميني (قدس سره) بيانه الشهير عام 1964 بالآية المذكورة مندداً بلائحة (الحصانة القضائية) المعروفة باسم (الكابتولاسيون) التي وافق عليها نظام الشاه محمد رضا بهلوي والتي قضت بعدم وقوف أو استجواب الرعايا الاميركيين المتهمين بارتكاب جرائم في ايران امام المحاكم الايرانية.

    ان العلاقات بين الدول الكبرى والبلدان الاسلامية بقيت طوال القرنين الماضيين محكومة بمعادلة الطرف

    ______________________________________

    1- الفقه السياسي الاسلامي، ابو الفضل شكوري، ص 386.

    2- الفقه السياسي الاسلامي، ج2، ص 391.



    القوي والطرف الضعيف. وبقيت عمليات النهب الاستعماري والغزو والاستلاب الفكري والهيمنة الاقتصادية والسياسية ماضية وان اختلفت اشكاهلا وصيغها. وبعد بروز الاتحاد السوفياتي كقوة عظمى منافسة للقوى الرأسمالية الغربية واشتداد الصراع بين المعسكرين كانت الدول الصغيرة تجد فسحة من التحرك في فجوة التنافس وتصارع المصالح للمعسكرين. ولكن بعد سقوط الاتحاد السوفياتي واستفراد اميركا بالعالم كقوة عظمى مهيمنة على جميع الشؤون السياسية والدولية والاقتصادية، اصبح التعامل مع الغرب في غاية الصعوبة، فاما الانصياع والرضوخ للهيمنة الغربية واما المواجهة الفاشلة خاصة على الصعيدين العسكري والاقتصادي وتجربة العراق وآثارها دليل واضح على تلك المواجهة وفي نفس الوقت انذار لكل دولة أو حكومة تفكر في الخروج عن الخطوط الحمراء. وليس باستطاعة الدول الاسلامية تحقيق مصالحها كاملة في الاستقلال السياسي والاقتصادي نظراً لتشابك العلاقات والمصالح بين دول العالم وخاصة مع العالم الصناعي، ولم يبق هناك بد سوى الاعتراف بجزء من مصالح الغرب في بلداننا بهدف تحقيق مصالحنا، فمنطق النظام الدولي اليوم هو منطق المصالح والدول الكبرى تريد تحقيق مصالحها في بلادنا شئنا ام ابينا، تعاونا معها ام واجهناها ونعلم ان المواجهة خاسرة ولا سبيل للشعارات واللافتات السياسية. ان موازين القوى اليوم لا تسمح للدول الضعيفة بلعب دور قوي، اقليمي أو دولي، داخلي أو خارجي، فكيف يمكن اذن التوفيق بين مصلحة الدول الضعيفة ومنها بلداننا الاسلامية وبين مصالح القوى الكبرى؟ هناك تبرز الحاجة للوعي والادراك والتخطيط السليم ورسم الاهداف الممكن تحقيقها والمصالح اللازم تأمينها بشكل لا يتقاطع كلياً مع الموازين الدولية ولا يطمح إلى نفي مصالح الآخرين بصورة تامة. بل تهدف السياسة الخارجية إلى تحقيق اقصى مصلحة في ظل ظروف معينة والتكيف المستمر مع الظروف الطارئة والمتغيرة بهدف استمرار تحقيق المصالح الممكنة مع الاعتراف بمصالح الآخرين ومحاولة تخفيض مستواها ودرجتها قدر المستطاع بالاساليب السياسية والدبلوماسية بشكل يحفظ هيبة الدولة، واستمرار علاقاتها ومصالحها خدمة لشعبها ومستقبل اجيالها. فالدخول في اللعبة السياسية يستلزم الحفاظ على مصالح الدولة ومحاولة توسيعها واكتساب سبل وطرق اخرى باتخاذ وسائل سياسية ودبلوماسية متعارف عليها مع كسب الاصدقاء أو جعل مصالحهم من مصالح الدولة تفادياً للمواجهة مع القوى الكبرى. وهناك تجارب عديدة لدول استطاعت ان تسير اشواطاً نحو التقدم الاقتصادي والثبات السياسي بشكل مضطرد (كوريا الجنوبية، ماليزيا، سنغافورة، تايوان، هونغ كونغ).

    ثالثاً: التولّي والتبرّي

    التولي مشتق من الولاية اي النصرة. قال الراغب الاصفهاني في المفردات: الولاء والتوالي ان يحصل شيئان فصاعداً حصولاً ليس بينهما ما ليس منهما ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد.

    والموالاة تعني الارتباط والاتباع المعنوي والمادي للمتولى.. والولاء يكون على اربعة ابعاد:

    الاول: ولاء المحبة أو ولاء القرابة.

    الثاني: ولاء الامامة بمعناها الديني اي المرجعية.

    الثالث: ولاء الزعامة والقيادة الاجتماعية والسياسية.

    الرابعة: ولاء التصرف أو الولاية المعنوية والتكوينية والتي هي اسمى مراحل الولاية(1). ومنها اشتق الولي اي الحاكم والقائد الذي يتولى الامور. واما التولي فهو من باب «التفعل» اي قبول الولاية. وهناك ترتيب للولاية في العقيدة الاسلامية تبدأ بولاية الله سبحانه وتعالى ثم ولاية الانبياء ثم ولاية الائمة المعصومين، وفي الفقه الشيعي تأتي ولاية الفقهاء الجامعين للشرائط اي مراجع التقليد.

    اما مصطلح التبرّي فهو مشتق من البراءة، وكما يقول صاحب المفردات (اصل البرء والبراء والتبري التقصي مما يُكره مجاورته، ولذلك قيل برأت من المرض وبرأت من فلان). اي الابتعاد والنأي عن امر أو جانب.

    فاذا كان الولاء فعل ايجابي باتجاه الولي، فالتبري فعل سلبي، ولا يمكن ان يجتمعا في امر واحد بل المقصود هو تولي المؤمنين والتبري من الكافرين. وهذا الاصل يرتكز مبدئياً على النصوص القرآنية العديدة التي تؤكد بان مفهوم التولي والتبري هو ركن اساسي في انشاء العلاقات مع الآخرين.

    (لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين) (آل عمران، 2.

    (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين اولياء من دون المؤمنين) (النساء، 144).

    (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض) (التوبة، 71).

    (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء) (المائدة، 51).

    (لا تتخذوا آباءكم واخوانكم اولياء ان استحبوا الكفر على الايمان) (التوبة، 23).

    (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء) (الممتحنة، 1).

    فهذه المجموعة من الآيات الكريمة تؤكد على اتخاذ المؤمنين اولياء بعضهم البعض. وهي تشخص الاتجاه العام للمؤمنين في ارتباطهم السياسي والعاطفي بحيث تشكل منهم معسكراً موحداً أو جبهة واحدة. وليس العلاقات مع الكفار دون ضوابط أو قيود، صحيح انها تقام من اجل المصلحة الاسلامية فلا يعني ان الانفتاح على الكفار يكون مطلقاً ويصل إلى مستوى المحبة القلبية والصداقة الحقيقية. كما ان الشريعة الاسلامية لا تسمح حتى بحالة اللامبالاة تجاه القوى الاجنبية بل تضع حدوداً واهدافاً تخرج المؤمن من حالة اللابالاة إلى الالتزام واتخاذ المواقف الذي تطلبه منه الشريعة. ويصف القرآن من يتمادى في علاقاته مع الكفار إلى مستوى الارتباط والمحبة والولاء، بالمنافق حيث قال تعالى:

    (بشر المنافقين بان لهم عذاباً اليماً، الذين يتخذون الكافرين اولياء من دون المؤمنين، أيبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعاً) (النساء، 137 ـ 13.

    والسياسة الخارجية للدولة هي التي تحدد اولاً المعايير والموازين التي تصنف بها الدول والكيانات والحكومات كي يمكن تحديد السياسة الخاصة بكل منها حتى تبنى هذه السياسة على اسس واضحة الرؤية ومحددة المعالم. فيتم تصنيف الدول والانظمة إلى دوائر وكتل حسب انتمائها وتبعيتها السياسية ومتبنياتها العقائدية وارتباطاتها الدولية ومواقفها الخارجية وسياستها الداخلية تجاه الاسلام والاسلاميين. فميزان التقارب مع الدول يأخذ بعين الاعتبار مسائل عديدة. فلا يمكن توقع علاقات الدولة الاسلامية مع الدولة الكافرة اقوى من علاقاتها مع الدول المسلمة وان كانت الاخيرة منحرفة، فالمشتركات بين الدولتين

    ______________________________________

    1- الفقه السياسي الاسلامي، ص 519، نقلاً عن «الخلافة والولاية في نظر القرآن والسنّة» للشهيد مطهري، ص 337.



    المسلمتين اوسع من اية عناصر مشتركة مع دولة كافرة. بالطبع لا يكون ذلك على حساب مصلحة الدولة وعلاقاتها الاقتصادية وعلى حساب الانحياز (لنصرة المظلوم ومخاصمة الظالم). فهذا الاخير يفتح آفاق التعاون حتى مع غير المسلمين من اجل الحق ومواجهة القوى الظالمة اينما كانت وفق الموازين الدولية والاعراف السياسية بعيداً عن التطرف والمبالغة والعواطف.

    رابعاً: الجهاد

    اتسم التاريخ الاسلامي بسمة الجهاد باعتباره اهم ركائز الاستراتيجية الاسلامية في العلاقات الخارجية والصفة البارزة في التعامل مع الشعوب غير المسلمة. وساعد التراكم التاريخي لآثار الفتوحات الاسلامية، والتي اتسمت بعنصر الجهاد كمحرك اصلي ودافع رئيسي للجيوش الاسلامية على مستوى الافراد أو القيادة، في ان يصبح الجهاد أو الحرب المقدسة (Holy War) كما يسميه الغربيون هو محور الفكر الاسلامي في التعامل مع الآخرين. ولا يزال الجهاد يمثل المخزون الثوري القادر على تحريك الشعوب المسلمة في حالة الخطر باعتباره يرتكز على اسس عقائدية بحتة لان الجهاد يمثل مرتبة عالية في الحياة الآخرة اضافة إلى الاتصالات الدنيوية المتحققة بسببه.

    استراتيجية الردع

    يعتبر المفكرون السياسيون ان نظرية (الردع) الاستراتيجي قد انفرزت بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد دخول القوتين العظميين في الحرب الباردة في الخمسينيات. وتعتمد اسس هذه النظرية على التلويح بالقوة العسكرية والتطور التكنولوجي للاسلحة لاجبار دولة أو دول لاتخاذ سياسة معينة لا تناقض سياسة الدولة التي تلوح بالقوة. فالتأثير المعنوي على الطرف الآخر وجعله في حالة خوف من مغبة مواجهة الطرف القوي كفيل برضوخه على اتخاذ سياسة أو مواقف تنسجم أو لا تعادي الطرف القوي.

    والاسلام لم يكن ليجعل دولته في مهب العواصف الدلية تتقاذفها القوى الكافرة بل سعى لتحقيق القدرة الدفاعية والهجومية للمسلمين عبر تبنيه لمرتكزات هذه القوة في صياغات ايديولوجية غير قابلة للتأويل أو التفسير بعيداً عن الاغراض التي استهدفتها الشريعة. فالآية الكريمة:

    (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).

    واضحة الاهداف في الاعداد وقدر الاستطاعة، اي دون تحديد أو تقييد لهذه القوة ـ اي اقصى قوة ممكنة. كل ذلك يجعل آفاق التحرك والنشاط السياسي والعسكري مفتوحاً امام القيادة الاسلامية. وليست محصلة هذه القوة التي تشمل ايضاً الجوانب الاقتصادية والثقافية الا ان توجه في مسار استراتيجي يعتمد الواقعية في التعامل مع الانظمة والدول. فيكون الاتجاه نحو (الرهبة، الارهاب) اي التخويف أو الردع اي ردع عدو الله وعدو المسلمين.

    والجهاد يمثل مرحلة متقدمة اي انحياز ميداني للاقتدار العسكري الذي اعتمدته استراتيجية الردع. وهو الوجه الآخر اي (الفعل) لـ(القوة).

    والجهاد على نوعين:

    الجهاد الابتدائي: اي الابتداء بالعمل العسكري من جانب المسلمين، والجهاد هنا يمثل المرحلة النهائية من سلسلة خطوات الدعوة للاسلام، تبدأ بالدعوة السلمية والنصح والارشاد والمجادلة والموعظة الحسنة والحوار الفكري الجاد لتنتهي بخيارات توضع امام الطرف الآخر هي:

    1 ـ الايمان بالله والعقيدة الاسلامية.

    2 ـ البقاء على دينه وكتابه السماوي ودفع الجزية ضمن التزامات اخرى.

    3 ـ الدخول في صراع عسكري.

    وهناك تفاصيل وافية حول هذا الامر في المصنفات الفقهية المختصة. والجهاد الابتدائي يستلزم اولاً الاطمئنان للقوة الاسلامية من مختلف الجوانب بحيث يحتمل النص والامل في دخول الآخرين في الاسلام. ولعل اهم الشروط الواجب احرازها قبل اعلان الجهاد الابتدائي هو وجود الامام المعصوم ويستلزم اذنه في ذلك. ويتفق فقهاء الشيعة في ذلك، فلا يعتبر الجهاد الابتدائي شرعياً ما لم يقترن بوجوده أو وجود نائبه الخاص دون النائب العام(1) ويحرم القيام به حال الغيبة اذ لا يجوز للفقيه العادل ان يدعو إليه ولا يحق له ان يعلن الحرب على الكفار ليدعوهم إلى الاسلام.

    ويذهب صاحب (اللمعة) إلى اكثر من ذلك فيقول «ما لم يهدد الكفار المسلمين بخطر ولم يحتلوا اراضيهم ومدنهم وليس في نيتهم احتلالها فلا يجب البدء بحرب معهم»(2).

    الجهاد الدفاعي: وهو اجراء احترازي أو مواجهة مباشرة مع عدو يهدد الدولة وسيادتها وامنها سواء كان داخل حدودها أو خارجها. يقول الشيخ محمد حسن النجفي صاحب كتاب «الجواهر»: «ان يدهم المسلمين عدو من الكفار، يخشى منه على بيضة الاسلام، أو يريد الاستيلاء على بلادهم واسرهم واخذ اموالهم»(3).

    ويقول الامام الخميني (قدس سره) في «تحرير الوسيلة»: «لو غشي بلاد المسلمين أو ثغورها عدو يخشى منه على بيضة الاسلام ومجتمعهم، يجب عليهم الدفاع باية وسيلة ممكنة من بذل الاموال والنفوس»(4).

    والدفاع عن الدولة وسيادتها وحدودها امر طبيعي وحق شرعي ليس للدولة فحسب بل لكل فرد أو جماعة انسانية، حيث تبقى مسؤولية المحافظة على كيانه ووجوده منوطة بتحركه ونشاطه واستعداده للدفاع عن ذلك الوجود. ولا يحتاج الدخول في تفصيلات هذا الامر باعتباره مفروغ منه سواء في القانون الدولي والنظم السياسية الحديثة والشرائع المساوية والوضعية كما ان العقل والفطرة يقرانّه بل يستوجبانه.

    ولا يشترط الفقهاء الشروط التي يفترض توفرها في الجهاد الابتدائي، فالجميع مكلفون بالدفاع عن الاسلام والدولة الاسلامية ولا فرق بين كبير، صغير، ذكر، انثى، سليم ومريض. ولا يتوقف على حضور الامام أو نائبه واذنه ولا اذن نائبه الخاص أو العام بل لا يحتاج إلى مراجعة المجتهد المقلد أو المرجع فتقدير الدفاع عن بيضة الاسلام يعود إلى المكلف نفسه. ولا يوجد تقييد في الوسيلة أو الاداة أو الطريقة

    ______________________________________

    1- من الفقه السياسي في الاسلام، محمد صالح جعفر الظالمي، ص 35، نقلاً عن كنز العرفان، ج2، ص 6 والرياض وباب الجهاد.

    2- شرح اللمعة، ج1، ص 225.

    3- من الفقه السياسي في الاسلام، ص 99.

    4- تحرير الوسيلة، الامام الخميني، ج1، ص 485.



    المستخدمة في الدفاع ولكن تبقى القيادة مسؤولة في تهيئة كل اسباب ووسائل الدفاع وبالاسلوب الذي يناسب الهجوم ليكون رادعاً له.

    والعالم الاسلامي والمسلمون اليوم يعيشون في حالة دفاع ضد الهيمنة الاستعمارية للمحافظة على عقيدتهم ودينهم وتراثهم وثرواتهم وسيادتهم ومستقبلهم. وإذا كان الغزو العسكري يستوجب النهوض واداء الواجب بالدفاع عن الدولة، افلا يتطلب الغزو الثقافي والاقتصادي والسياسي موقفاً ورد فعل مناسب؟

    ان عقيدة الجهاد الدفاعي لا تقتصر على الجانب العسكري والمعارك في ساحات القتال بل يتسع إلى اكثر من ذلك ليشمل الجوانب السياسية والاقتصادية. يقول الامام الخميني (قدس سره):

    * لو خيف على حوزة الاسلام من الاستيلاء السياسي والاقتصادي المنجر إلى اسرهم السياسي والاقتصادي ووهن الاسلام والمسلمين وضعفهم، يجب الدفاع بالوسائل المشابهة والمقاومات السلبية، كترك شراء امتعتهم، وترك استعمالها، وترك المراودة والمعاملة معهم مطلقاً.

    * لو كانت العلاقات السياسية بين الدولة الاسلامية والاجانب موجبة لاستيلائهم على بلادهم أو نفوسهم أو اموالهم أو موجبة لاسرهم السياسي يحرم على رؤساء تلك الدول الروابط والمناسبات، وبطلت عقودها، ويجب على المسلمين ارشادهم والزاممهم بتركها ولو بالمقاومة المنفية (السلبية)..(1)

    ان الجهاد الدفاعي يبقى واجباً وتكليفاً يقتضي اداؤه في الوقت الحاضر وكل وقت، فالبلادالاسلامية اليوم مستباحة بفعل الهيمنة الغربية. ولا يمكن للدولة الاسلامية ان تقف موقف اللامبالاة والمتفرج امام عناصر التكبيل السياسي والاسر الاقتصادي للوطن الاسلامي. والسياسة الخارجية هي القادرة على استيعاب كل متطلبات الجهاد واداءه من جانب، وما يواجهه المسلمون في ظل حكومات منحرفة وانظمة ظالمة من جانب آخر. فالالتزامات المترتبة على الدولة الاسلامية تستدعي ان تتحرك في ذلك الاتجاه لمساعدة المسلمين لمقارعة تلك الانظمة الجائرة. والالتزام يعني الدعم والرعاية والمساعدة المالية والمعنوية. وهنا يأتي اهمية الحكمة في العمل والموازنة بين الواجبات الشرعية التي تتطلب الوقوف إلى جانب ذلك الشعب المسلم أو تلك الجماعة المسلمة وبين العلاقات والتعامل السياسي المعمول به على الصعيد الدولي وعدم الاصطدام واثارة السلطات الحاكمة. ويبقى التحرك الفاعل المتحفظ هو الاسلوب الامثل لدعم الجهاد الدفاعي. ويبرز هنا دور الدبلوماسية الاسلامية التي تستخدم اساليباً وطرقاً مناسبة للايفاء بمتطلبات التحرك دون التورط في نشاطات ساذجة مكشوفة تصبح دليل ادانة مما يحرج الدولة الاسلامية والطرف الآخر معاً.

    قد يعتقد البعض بأن طرح موضوع الجهاد الابتدائي يبدو مبكراً نظراً لصعوبة المرحلة التي تمر بها البلدان الاسلامية أو المجازفة في الدخول في حروب ضارية مع الدول الكافرة من اجل اقناع ابناءها بالاسلام والافضل حصر التفكير بانقاذ المسلمين اولاً قبل هداية الكفار الذين يملكون جميع وسائل القوة والاقتدار، بل يبدو ان الدخول في صراع معهم يعني الهزيمة والفشل للمسلمين. وكل ذلك يبدو صحيحاً ولكن الخطر يكمن في حصر الفكر السياسي الاسلامي في أطر ضيقة يعني الانكفاء داخلها في احسن

    ______________________________________

    1- تحرير الوسيلة، ج1، ص 486.



    الاحوال. فآفاق التفكير السياسي والنظرة العامة للانسان والكون، والعناصر المتحكمة في نظرية العلاقات الخارجية في الاسلام يجب ان تبقى مفتوحة وواسعة ليتم التفاعل بين الاسس التي وضعها الاسلام والآفاق البعيدة في الستراتيجية العامة للاسلام. فاذا كانت الظروف الحالية التي يمر بها المسلمون عموماً تعرقل ترجمة هذه الاسس والمرتكزات على الواقع فلا يعني ذلك غلق الابواب امام التفكير بها وصياغة مقومات فكرية رصينة تستطيع استيعاب العالم وتثير الحماس في النفوس، وتشعر المسلمين بالدور العظيم الذي عليهم تأديته، وان لا يقنعوا برقعة جغرافية محددة عرفت تاريخياً بأنها وطن اسلامي، بل ان الارض كلها يجب ان تكون وطناً اسلامياً في يوم من الايام. والاسلام لا يفترض القيام بهذه المهمة المقدسة دفعة واحدة، والنهوض لمواجهة العالم في آن واحد، بل تبقى مسؤولية القيادة التي تمتلك كل مرتكزات الشرعية ومقومات الطاعة ان توفق بين الامكانيات المتاحة وبين تحقق هذا الهدف العظمى الذي نزلت الرسالة الاسلامية تبشر به ووصفت الرسول (ص) بانه مبشر ونذير للعالمين وان الدين كله لله. يقول السيد الحائري (ولا يمكن افتراض ان ديناً ما هو دين عالمي مع افتراض انّه يمتنع عن نشر سلطته على وجه الارض بالقوة الا بقدر ما يتطلبه الدفاع فهما افتراضان غير منسجمين، ذلك اننا نعلم ان سلامة الحجة وقوة المنطق لا تكفيان ابداً بالنسبة لكثير من الناس للانضواء تحت سلطة الحق ورايته، كما نعلم ان سيطرة الحق ولو بالقوة على كثير من الناس يؤهلم أو يدفعهم للتفكير فى الامر وتشخيص الحق)..(1)

    خامساً: الاستجارة أو اللجوء السياسي

    اشتقت لفظة (الاستجارة) من (الجوار) و(الجار) و(المجاورة) اي القرب. ولفظة الاستفعال (استجارة) تفيد الطلب اي تعني طلب المجارو أو اللجوء إلى الجوار. واما (الامان) فهو مصدر للأمن اي طمأنينة النفس وزوال الخوف..(2)

    فالمعنى العام اذن يقصد به طلب اللجوء ومنحه، و(الآمن) يعطي للذي لا يملكه اي العدو أو المتهدد في خطر ويسمى عندئذ (المستأمن).

    والاستجارة والامان هو احد مرتكزات السياسة الخارجية في الاطروحة الاسلامية. وقد اخذ اهتماما جيدا في المصنفعات والكتب الفقهية، وتناوله العلماء والفقهاء بالبحث والتمحيص، ومع انهم لم يفردوا له باباً خاصاً حيث جاء ضمن (كتاب الجهاد) في الرسائل العملية لعلاقاته بقضايا الجهاد والقتال والحرب، حيث تبرز اهمية اعطاء الامان وطلبه في تلك الظروف الاستثنائية.

    والطرف المعني بالاستجارة هو العدو أو المشرك انطلاقاً من الآية الكريمة:

    (وان استجارك احد من المشركين فأجره حتى يسمع كلام الله * ثم ابلغه مأمنه * ذلك بانهم قوم لا يعلمون) (سورة التوبة 5).

    فلو رغب احد الكفار أو المشركين وطلب الاستجارة أو اللجوء إلى دار الاسلام ليسمع كلام الله ويتعرف على الاسلام وتعاليمه وشرائعه، فيجب ان يعطي الامان ليتمكن من الوصول إلى الحقيقة التي ينشدها وتتبدد تساؤلاته وشبهاته ويعود إلى بلاده بسلام وطمأنينة. واذ رغب بالاسلام وآمن به وآثر

    ______________________________________

    1- الكفاح المسلح في الاسلام، ص 11.

    2- معجم مفردات الفاظ القرآن، الراغب الاصفهاني، مادة أمن.



    البقاء في حمى الدولة الاسلامية فذلك من حقه. والمتمعن فى هذه الحالة الاستثنائية والشروط التي ليس لها نظير في سائر العقائد يتيقن بعظمة الاسلام، ويستشعر الجانب الانساني في هذه الرسالة الخالدة. فاعطاء الامان يتم للعدو وتوفر له كل الاسباب والامكانيات الفكرية والامنية والمعاشية ليسلك طريق التكامل نحو الحقيقة، والتعرف إلى الاسلام من كثب وقناعة دون ضغط أو تهديد أو خوف، وهو مخير بعد ذلك بين الايمان والبقاء أو العودة أو بقاءه على شركه وهذه الحالة المثالية التي يهيأ الاسلام شرائطها تأتي في اوج الانفعالات النفسية وتصاعد العداء تجاه العدو، الا ان الاسلام يزيح كل هذه العوائق ويتعامل مع الناس عبر المفاهيم الانسانية المشتركة فيتيح الفرصة للعودة لله ونداء الفطرة السليمة حتى في احلك لحظات العداوة والبغضاء، وهو رد لكل الاتهامات التي تتهم الاسلام باكراه الآخرين على الايمان به.

    عقد الاستجارة: يعرف العلامة الحلي «عقد الاستجارة» بانه (عقد الامان ترك القتال اجابة لسؤال الكفار بالامهال)..(1)

    ويذكر العلامة الطباطبائي صاحب «الميزان» ان الغرض من الاستجارة هو «لسماع كلام الله» فيقول «فيتقدر الايمان الذي يعطاه المستجير المستأمن بقدره فاذا سمع من كلام الله ما يتبين به الرشد من الغي ويتميز به الهدى من الضلال انتهت مدة الاستجارة، وحان ان يرد المستجير إلى مأمنه والمكان الخاص به الذي هو في أمن فيه، لا يهدده فيه سيوف المسلمين ليرجع إلى حاله الذي فارقه، ويختار لنفسه ما يشاء على حرية من المشيئة والارادة». ويضيف «انما توجب اجارة المستجير إذا استجار لامر ديني يرجى فيه خير الدين، واما مطلق الاستجارة لا لغرض ديني ولا نفع عائد إليه فلا دلالة عليه اصلاً»(2)، فلا استجارة لاغراض التجارة والسياحة وغيرها بل هناك الامان وعقد الذمة للبقاء بتلك الاغراض المذكورة، وهناك قيود وضوابط منها:

    1ـ لا يجوز الغدر بطالب الاستجارة أو اللاجىء أو تسليمه إلى العدو تحت اي عذر.

    2ـ لا يعطى الامان أو اللجوء للقتلة والمجرمين.

    3ـ لا يشترط في مانح اللجوء ان يكون مسؤولاً أو صاحب منصب بل يستطيع اي مسلم ان يمارس هذا الحق وعلى الدولة احترام عهده. فقد وافق الامام «ع» في احدى حروبه على امان منحه عبد مسلم لسكان قلعة كانت محاصرة فصادق عليه..(3)

    اللجوء السياسي

    اصبح اللجوء السياسي واحداً من المفاهيم الانسانية والسياسية التي تتعامل بها الدول وان اختلفت الاسباب والدوافع. فوضعت المعاهدات والبروتوكولات التي تنظم عمليات طلب اللجوء وقبوله وخاضعة للمفاهيم والاعراف الدولية. والدول التي توقع على تلك المعاهدات تصبح ملزمة باحترام تعهداتها وقبول اللاجئين اليها. واصبح من حق اي فرد يتعرض إلى اضطهاد وتمييز في العنصر، اللون، الدين، المذهب،

    ______________________________________

    1- تذكرة الفقهاء، العلاّمة الحلي، ج1، ص 414.

    2- الميزان في تفسير القرآن، العلاّمة الطباطبائي ج10، ص 158 - 159.

    3- الفقه السياسي الاسلامي، نقلاً عن تذكرة الفقهاء، ج1، ص 414.



    العرق أو تتهدد حياته بالخطر جراء انتمائه إلى جماعة أو اقلية معينة ان يطلب اللجوء السياسي في الدول الموقعة على تلك المعاهدة وهي اغلبها من الدول الاوروبية والصناعية. اما في بلداننا الاسلامية فما زال اللجوء السياسي يقتصر على الجماعات المؤيدة لنظام الدولة المستضيفة سواء في العقيدة أو الفكر السياسي اما اللاجئون الذين قد يعارضون أو لا تنسجم توجهاتهم مع نظام الدول المستضيفة لا مكان لهم فيها أو يقبلون دون كفالة معيشية أو أمنية أو سكنية أو غيرها.

    واللجوء السياسي سمة حضارية تمارسها الدول حيث تمنح الامن والاستقرار للاجئين من مختلف بقاع العالم دون النظر لالوانهم وعقائدهم وانتماءاتهم. والاحرى ان يتم تشريع هذا القانون في بلداننا ورعايته استجابة لمآثر الاسلام والدين والانسانية.

    لمن يمنح اللجوء السياسي؟

    هناك عدة شرائح اجتماعية ودوافع عقائدية تجعل بالامكان منح اللجوء السياسي بعد توفر شروطها، وهم:

    1ـ المهاجرون المسلمون: إذا اسلم الكفار وهو في بلادهم ثم تركوها ولجئوا إلى دار السالام وحمى الدولة الاسلامية، يستطيعون التمتع باللجوء السياسي والعيش بأمان وسلام على ارض الاسلام. ولا تستطيع الحكومة الاسلامية ان تجبرهم على العودة إلى بلادهم أو بلاد الكفر وفي جميع الاحوال والظروف ولا تستطيع كذلك مبادلتهم بالاسرى المسلمين عند العدو.(1)

    والزوجات اللائي يسلمن ثم يهاجرن إلى دار الاسلام يصبحن مطلقات من ازواجهن الكفار بمجرد اسلامهن، وعلى الحكومة الاسلامية دفع مهورهن لازواجهن. ولو ارتدن وعدن إلى بلادهن فمن حق الدولة الاسلامية ان تطالب بما دفعته لهن.(2)

    2ـ الكفار الشاكون الطالبون الحقيقة: وهم الذين يجلهون الحقائق والمعارف الاسلامية وهم في طريقهم للتوصل إلى التوحيد والايمان. فاذا رغبوا في دخول بلاد الاسلام للبحث والتحقيق فيستطيعون التمتع بالامان والحماية من اجل توفير الفرصة لهم لبلوغ ذلك الهدف السامي. فيمنحون اللجوء السياسي المؤقت والذي لا يستمر اكثر من عام واحد(3) كما يرى اغلب فقهاء الشيعة والسنة عدا الشافعي الذي يرى انها لا تزيد على اربعة اشهر(4) أو كما يرى آية الله اسماعيل الصدر بأن مدة الاقامة منوطة برأي الامام فهو يعينها تبعاً لما يراه من المصلحة. وبعد انتهاء الاجل يستطيع اولئك الكفار البقاء في دار الاسلام فيما إذا اسلموا أو رضوا بشروط عقد الذمة، عندها يمكنهم البقاء والعيش بصورة دائمة. وإذا لم يقبلوا بكليهما «اي الاسلام وشرائط الذمة» يمكنهم عندئذ العودة إلى بلادهم وحتى لو انفق من بيت مال المسلمين على تكاليف عودتهم.

    3ـ المسلمون المضطهدون: الذين تتهدد حياتهم الخطر بسبب التزامهم بالاسلام وملاحقتهم من قبل
    ____________________________________
    1- الفقه السياسي الاسلامي، ص 588.
    2- الفقه السياسي الاسلامي، ص 589.
    3- الفقه السياسي الاسلامي، ص 590.
    4- التشريع الجنائي الاسلامي، عبدالقادر عودة، ص 482.

    الحكومات المنحرفة. فالاولى ان يجدوا الاطمئنان والامن في حمى الدولة الاسلامية لانها مسؤولة امام جميع المسلمين ولا يمكن التخلي عن نصرتهم أو مساعدتهم أو تعريض حياتهم للخطر. فان آثروا البقاء بقوا وان صلحت الامور في بلدانهم امكنهم العودة اليها.

    هذا ويمنح الامان للسفراء والمبعوثين من الدول الكافرة والقادمين إلى الدولة الاسلامية لاغراض سياسية ودبلوماسية، طوال فترة تواجدهم، فأرواحهم واعراضهم واموالهم مصونة. والرسول «ص» يقول: «لا يقتل الرسل ولا الرهن» اي حملة الرسائل والامانات.

    والقوانين الدولية والمواثيق تنظم العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات والقنصليات وسلوك وصلاحيات ممثلي البعثات الرسمية والدبلوماسية. وإذا ما ارتضتها الدولة الاسلامية فاللازم ان تحترمها وترعاها.

    كما يمنح الامان للتجار الزوار والسواح الكفار وفق المفردات التي تضعها الدولة بل وباستطاعة حتى اتباع الدولة أو النظام الذي هو في حالة حرب مع الدولة الاسلامية ان يدخلوها ويمارسوا نشاطاتهم التجارية والاقتصادية وغيرها.(1)
    ====
    يتبع
                  

العنوان الكاتب Date
الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم الليندي07-15-03, 00:32 AM
  Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم حسن الجزولي07-15-03, 03:01 AM
    Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:46 AM
      Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:51 AM
        Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:55 AM
          Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:56 AM
            Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:59 AM
              Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:03 AM
                Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:10 AM
                  Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:12 AM
                    Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:27 AM
                      Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:33 AM
                        Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:34 AM
                          Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:37 AM
                            Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:41 AM
                              Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:42 AM
                                Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:43 AM
                                  Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:44 AM
                                    Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:46 AM
  Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم obay_uk07-15-03, 05:54 AM
    Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم الليندي07-15-03, 08:57 AM
      Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم رقم صفر07-15-03, 03:03 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de