مواضيع توثقية متميزة

الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 01:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-15-2003, 03:59 AM

HOPELESS

تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 2465

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم (Re: HOPELESS)

    إثارات وتساؤلات

    هناك العديد من المصطلحات السياسية والدولية التي اعتدنا على التعامل بها نتيجة نفوذ الفكر السياسي الغربي الذي ساد العالم الاسلامي. واصبحت هذه المصطلحات جزء من مكونات البحث والتحليل السياسيين، بالرغم من انها تمثل الاتجاه السياسي والفلسفي المستقاة منه والذي صبغها بطابعه ومنحاه، الا اننا مع ذلك لا نجد مناص من استخدامها خاصة وان بعضها اصبح امراً واقعاً في اي حديث أو بحث سياسي أو دولي. والحاجة ماسة إلى توضيح مدلولات هذه المصطلحات نظرا لاختلافات المدارس السياسية باعتبار انها وضعت اصلاً لمواكبة احتياجات ومتطلبات تلك المناهج، ولا يمكن استخدامها على علاتها في النظرية الاسلامية ولكن ابتداء ستبقى التسميات والمسمّيات حتى نضع غيرها.

    هذه التساؤلات والمصطلحات تبرز كمعالم للمنهج المبتغى:

    هل ينسجم مفهوم (السيادة القومية أو الوطنية) مع الاسلام؟

    هل يعني (الاعتراف الرسمي) بدولة أو حكومة اعترافاً بشرعيتها واحقيتها؟

    ماذا تعني مصطلحات (الامة، الشعب، الدولة، الاستقلال) في المفهوم الاسلامي؟

    هل يعترف الاسلام بـ(الحدود الجغرافية وقيمة الارض والتراب)؟

    هل يؤمن الاسلام بـ(عدم التدخل بالشؤون الداخلية) للمسلمين المظلومين في بلاد اخرى؟ وما هو مفهوم (الرعايا) بنظر الاسلام؟

    هل يعطي الاسلام (الحصانة الدبلوماسية) للسفراء والدبلوماسيين الاجانب في دولة الاسلام؟

    هل تعتبر احكام (المحكمة الدولية) وقرارات (الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي) ملزمة شرعاً؟

    هل يمكن اعتبار (الوصول للسلطة) سبباً لاكتساب الشرعية في الحكم؟

    هل يعتبر (القانون الدولي) أو (العرف الدبلوماسي) امراً لا محالة منه؟

    ما هو رأي الاسلام بصدد: الارهاب، التجسس، نزع السلاح، الردع، القروض الدولية، الاستثمارات الاجنبية، الجمارك، التبادل الثقافي، حقوق الانسان، الحرية الديمقراطية، التمييز العنصري ـ اللغوى ـ الطائفي، مفهوم القوة، الامن القومي، المصالح القومية، الحكم الذاتي، الاتحاد الفيدرالي..

    ولا يخفى ان للاطروحة الاسلامية مصطلحات خاصة بها برزت بوضوح مع تصاعد الصحوة الاسلامية، وهي بحاجة إلى تفسير وتطوير وابتكار مصطلحات اخرى مستعدة من منهج الاسلام، اضافة إلى ايجاد بدائل لمصطلحات وضعتها الحكومات المعادية للاسلام مثل المتطرفين، الاصوليين، تصدير الثورة، المتزمتين. وتركيز التعامل بالتسميات الاسلامية وفق الدلالات الخاصة بها ليكون تداولها شائعاً ومفهوماً في الاوساط السياسية والصحافة والاعلام والجماهير.

    استقراء المنهج الاسلامي العام

    خلال قرون متطاولة، والبعد التاريخي عن التجربة الاسلامية الاصيلة، وبسبب عوامل الهزيمة التي لحقت بالمسلمين، وتشتت دولهم، وتقسمت بلادهم إلى ما يزيد على خمسين بلداً، وتأثير الغزو الاستعماري الذي لم يقتصر على الصعيد العسكري بل امتد واتسع وشمل كل الجوانب الحياتية، الاقتصادية والاقتصادية، ولعل اخطرها هو الهزيمة الثقافية والفكرية امام الحضارة الغربية، حتى عادت مبادئها ونظرياتها متغلغلة في التفكير العام للمسلمين. واصبحت الثوابت التي اوجدتها قوانين في نظر البعض. ولسنا بصدد مناقشة مدى التخريب الثقافي الذي حاق بالمسلمين سواء بالغزو الغربي أو بالابتعاد عن المنابع الاصيلة للفكر الاسلامي الصحيح، واقتصار الايمان بالدين والعقيدة على بعض الطقوس والممارسات العبادية الا ما ندر. هذه المناقشة احتلت مساحة جيدة بعد النهضة الاسلامية وشعور ابناء الاسلام بضرورة العودة إلى تراثهم الغني وتاريخهم المجيد، واستلهام عناصر القوة والمنعة منه، مستظلين بالفكر الاسلامي المتجدد.

    لقد افرزت حركة التفكير الاسلامي في ظل الاوضاع البائسة للبلاد الاسلامية، وفي ظل ظروف القهر والهزيمة النفسية والروحية والفكرية، عدة آراء واجتهادات حول المنهج الاسلامي للتعامل مع العالم الخارجي أو ما نسميه بالاتجاه الاستراتيجي للسياسة الخارجية للدولة الاسلامية. وتراوحت هذه الآراء من حالة الاستسلام إلى الدفاع، إلى الهجوم: وهي:

    الاتجاه الاول: «الاسلام العدواني»

    ويعتقد اصحاب هذا الراي بان طبيعة الاسلام عدوانية، وانّه استطاع ان يوسع رقعته ونفوذه بالعنف والسيف حيث اخضع الشعوب المجاروة له بالقوة. وان الجيوش الاسلامية خاضت حروباً طاحنة ومعارك ضارية من اجل التوسع والاستحواذ على ثروات الامم المجاورة والدول القائمة آنذاك. وان طبيعة تكوين الفرد المسلم ضمن الاطار الحاكم للدولة الاسلامية هي طبيعة ذات نزعات عدوانية تغذيها روح العداء والحقد لغير المسلمين وخاصة المناوئين لهم من اصحاب الافكار والمبادىء التي ترفض ما يحاول المسلمون فرضه بالقوة. وان النظام الحاكم للدولة الاسلامية ذو اتجاه عسكري، حيث كان كل مسلم يحتفظ بسلاحه ودرعه وفرسه في بيته استعداداً للمشاركة في اية عملية عسكرية أو غزو مسلح ضد شعب أو امة أو حدود دولة من اجل الفوز بالغنائم التي كانت تشكل دافعاً اساسياً للمشاركة. وان الاحكام الاسلامية وخاصة ما يتعلق بالمعتقدات الفكرية وقضايا التوحيد والمعاد تتضمن اجراءات قاسية وممارسات صارمة مستمدة من عناصر الاجبار والقهر والشدة والتطرف.

    واصحاب هذا الرأي يتمثل بصورة رئيسية بالمستشرقين والمفكرين المسيحيين ورهبان التبشير المسيحي، حيث انهم قد وجدوا العقيدة الاسلامية تقف سداً كبيراً امام التوسع الاستعماري عندما كانت حملات التبشير تمثل طلائع الغزو العسكري. ويراد بهذا الطرح سلب الاسلام من كل الجوانب الانسانية والاخلاقية، واسباغ صفة العدوان والقسوة والشدة عليه لتنفير المسلمين منه اولاً، وزيادة في سعة الفجوة بين المسلمين وعقيدتهم، ومن ناحية اخرى بذر الشكوك امام الذين يرغبون بدخول الاسلام.

    وهناك شواهد ومصاديق كثيرة تؤيد الهاجس الكبير والقلق العظيم الذي كان وما يزال يملأ نفوسهم ويسيطر على تفكيرهم من عودة الاسلام للحياة. وهذه الافكار المبثوثة في بطون الكتب والدراسات ومغلفة بعناوين جذابة كالدراسات الموضوعية والبحث العلمي، والبحوث الاكاديمية وباقلام كبار المؤرخين واساتذة التاريخ والسياسة والعلوم الاجتماعية والفلسفة وغيرهم. وقد تصدى للرد على تلك الشبهات العديد من الاسلاميين والمفكرين، وشغلت هذه القضية اهتماماً كبيراً لدى المتصدين للعمل الاسلامي والمؤمنين به، الذين آثروا الوقوف بصلابة امام السيل الجارف من التشكيك والمغالطات والاباطيل التي نسجت حول الاسلام(1).

    ولم يقتصر اصحاب هذا الرأي على المستشرقين والمفكرين الغربيين بل انهم نقلوه إلى تلامذتهم وطلابهم الذين تربوا على نهجم، ونهلوا من علومهم وآرائهم وتشبعوا بافكارهم ونظرياتهم ومنها نظرتهم نحو الاسلام. فكتب بعضهم صراحة، وآخرون لمحوا تلميحاً، والكل ينطلق من الارضية التي يقف عليها. ولم يقتصر الامر على فئة معينة بل اشترك في ذلك كل اعداء الاسلام ومن مختلف التيارات السياسية والفلسفية، اضافة إلى جمهرة من العلماء المفكرين الذين انبروا لكتابة التاريخ أو التعليق عليه، محاولين بذلك اسقاط قدسية الاسلام وماضيه المجيد من اذهان الطبقات المثقفة التي اعتقدت بان البحث الموضوعي ومباني العلم الحديث تستدعي اعادة النظر بالتاريخ السياسي للمسلمين وكأن اعادة النظر يعني الايمان بما كتبه المستشرقون واعداء الاسلام دون رؤية وتمحيص والكشف عن تزوير الحقائق وتزييف الاحداث واختلاق دوافع ومبررات لم تخطر على بال احد آنذاك.

    الاتجاه الثاني: «الاسلام المسالم»

    وقد برز هذا الرأي كأفراز عرضي للمنحى الدفاعي الذي اتخذه الاسلاميون الذين انبروا للدفاع عن العقيدة الاسلامية، وتحليل وتفسير التاريخ الاسلامي بنظرة موضوعية عادلة. فكانوا يأتون بالادلة والبراهين لنفي التهم والشبهات التي اثيرت حول الفتوحات الاسلامية في القرن الهجري الاول، وان العمليات العسكرية لم تكن غاية لذاتها بقدر ما كانت وسيلة لازالة العوائق السياسية والسدود السلطوية والقيود الاجتماعية والقانونية التي تكبل العقل البشري وتكبت الفطرة الانسانية نحو التكامل والسمو من خلال التعرف على مبادىء العقيدة الاسلامية واسس التوحيد والمعاد والنبوة، والسجايا الانسانية والقيم الاخلاقية التي يبشر بها الاسلام.

    وضمن السياق العام للحالة الدفاعية التي اتخذها المدافعون عن الاسلام، اتجه بعضهم أو تمادى في هذا الطرح، وحاول ان يعطي لرأيه وموقفه مرتكزات شرعية مستنبطة من الاسلام والقرآن الكريم، فأخذ يعرض الاسلام بانه دين سلمي فقط، لا يحبذ على القتال والثورة، وان السلم والسلام منهج اصيل في

    ______________________________________

    1- تراجع مثلاً كتابات السيد محمد حسين فضل الله، «اسلوب الدعوة في القرآن» و«الاسلام ومنطق القوة».



    استراتيجيه، وانّه غير مهتم بما يجري في العالم ما لم يمس حدود الدولة الاسلامية، وانّه لايقاتل الا الذين يقاتلون اهل دار الاسلام داخل حدود هذه الدار أو الذين يهددونها من الخارج! فاصبحت العهود والمواثيق غاية مطلوبة لتأمين عدم الاعتداء وليست حالة مؤقتة تقتضيها الظروف. واخذ بعضهم يفسر النصوص القرآنية المتعلقة بالجهاد والقتال بصورة مشوهة عقيمة بعيدة عن جو الاسلام والقرآن. واخذوا يحملونها الواقع المهزوم الذي يعيشونه، أو يتمسكون باحداث وقضايا وقتية مارسها الرسول الكريم (ص) واعتبروها حالة عامة ودائمة في الاسلام. وصارت مقولات هذا الدين دين المسلم والسلام سيفاً بوجه كل من ينفض الغبار عن الفرائض المنسية كالجهاد والدعوة إلى الاسلام. فاصبحوا لا ينظرون ابعد من انوفهم، وتلك حالة المهزومين (فالمهزومون الذين يحاولون ان يلووا اعناق النصوص لياً ليخرجوا من الحرج الذي يتوهمونه في انطلاق الاسلام ليحرر البشر في الارض كلها من العبودية لغير الله. ينسون هذه الحقيقة الكبرى... وهي ان هناك منهجاً ربانياً، العبودية فيه لله وحده يواجه مناهج بشرية العبودية فيها للعبيد. ان للجهاد المطلق في هذا الدين مبرراته النابعة من ذات المنهج الالهي، فيراجعها المهزومون الذين يحملون هزيمتهم وضعفهم على هذا الدين) كما رأى سيد قطب(1).

    وإذا كان هذا الاتجاه قد تغلغل في بعض الاوساط من اهل السنة وخاصة اصحاب الاتجاه السلفي أو الاصلاحي، كصاحب المنار الشيخ رشيد رضا واستاذه محمد عبده، كما ذكر سيد قطب، فان هناك اتجاه مشابه لدى بعض الاسلاميين من الشيعة ولكن يتخذ مبررات وذرائع اخرى. فالقسم الاخير يعتقد باستحالة أو عقم المحاولات الرامية لنشر الاسلام لان القوى المتعاظمة للاستكبار العالمي وقدراته العسكرية والسياسية والاقتصادية لا يمكن مواجهتها دون اللجوء للقوة الاعجازية، ولا يوجد من يستطيع ذلك اليوم خاصة على الوضع المتخلف للمسلمين، فلا يبقى سوى امل انتظار ظهور المهدي (عج) والذي بشر به الرسول (ص) وائمة اهل البيت (ع) فهو الذي سيتولى هذه المهمة الشاقة بامكاناته وقدراته الفائقة لقدرات البشر. واصبحت العقيدة المهدوية بذلك الطرح منهجاً سائداً لدى بعض الاوساط الدينية والحوزوية وهو منهج يصب في النهاية امام اي منهج يعتبر الاطروحة الاسلامية قابلة للتحقيق وادارة البلاد وكقوة معترف بها على الصعيد الدولي والحضاري.

    الاتجاه الثالث: «الاسلام الواقعي»

    وقد تبلور هذا الرأي في العقود الاخيرة من القرن العشرين، في المرحلة التي وثبت فيها النهضة الاسلامية الحديثة بكل عمقها واتساعها، وعلى كافة اصعدة الفكر والفلسفة والتاريخ والثقافة. ويتلخص هذا الاتجاه بالنظرة الواقعية للاسلام بكل شموله دون تبعيض أو تجزأة للاحكام أو التصورات المستقاة منها. وباعتماد الاتجاه الموضوعي لتفسير الاحداث والقضايا التاريخية وتطابقها مع الشريعة الاسلامية، واستنباط المنهج العام لتعامل الاسلام مع الشعوب والامم، بشكل يحفظ للتاريخ مجده ورونقه، ويبعث الحافز للتفاعل مع المفردات الحضارية للعصر الحديث، فلا تفريط بالتراث الاسلامي أو النظر إليه بروح العداء أو تحميله فوق ما يستطيع، ولا بالاعتزال السياسي عن المجتمع الانساني والساحة الدولية.

    ______________________________________

    1- في ظلال القرآن، سيد قطب ج10، ص 108، وما بعدها.



    فعناصر القوة في الاسلام وخاصة منها ما يتعلق بعلاقات الدولة الاسلامية مع الخارج يجب ان يتعامل معها وفق ما اراد الاسلام وما فرضته الشريعة، وتبقى الاهداف العامة اسساً لأي منهج يصاغ لوضع استراتيجية للتحرك خارج الحدود مع النظر لمتطلبات الوقت واولويات كل مرحلة، ودفع العناصر المتحركة فيها نحو الابداع والانطلاق دون تقيدها بالاوهام والمخاوف والهواجس الا مع ما حدده الاسلام ورسمته الشريعة.

    ولعل اهم نقاط التقاطع في الاتجاهات الثلاثة هي قضايا الدعوة للاسلام والجهاد في سبيل الله، وهي جزء من مرتكزات السياسة الخارجية التي يتبناها الاسلام في الدولة الاسلامية كاهداف استراتيجية عامة، ولا يعني ذلك عدم الالتفات للاهداف الاخرى التي تفرضها متطلبات الدولة واقتصادها وامنها ووضعها السياسي واعداد البنى التحتية لمسلتزمات الاهداف الاستراتيجية البعيدة المدى.

    ويعتمد اصحاب هذا الاتجاه المنطق القوي في الاستدلالات على صحة هذا المنهج سواء في تحليل وتفسير الاحداث التاريخية أو في استنباط الموقف اللازم لمواجهة قوة أو حدث ما أو في التدليل على الغاية النهائية لنزول الرسالة السماوية الاخيرة وهي الاسلام، في سبيل نشر دين الله بين (الانسانية) وعلى كل (الارض).

    فالواقعية التي يعتمدها اصحاب هذا المنهج مستمدة من واقعية الاسلام وملائمته للفطرة البشرية وحاجات المجتمعات الانسانية في مواجهة الحالات العامة والخاصة، الثابتة والمتغيرة، واعتماداً على قدرة الاحكام والفقه الاسلامي على التكيف مع متطلبات المرحلة الراهنة، والتعامل مع المفردات الحديثة بثقة وحزم. فاذا كان الرسول (ص) قد بعث لانقاذ البشرية من الشرك والكفر والظلم فهل يتم ذلك بالانكفاء والعزلة ام بالانطلاق والتحرك؟

    يقول سيد قطب «ان البعض لا يلتفت إلى طبعية المنهج الحركي في الاسلام ومواجهته للواقع بوسائل متكافئة. فهو يحيل الاحكام النهائية الاخيرة على النصوص المرحلية قبلها، دون التفات إلى ان النصوص السابقة كانت تواجه حالات واقعة غير الحالة التي جاءت النصوص الاخيرة تواجهها. وحقيقة ان هذه الاحكام ليست (منسوخة) بمعنى انّه لا يجوز الاخذ بها مهما تكن الاحوال ـ بعد نزول الاحكام الاخيرة ـ فهي باقية لمواجهة الحالات التي تكون من نوع الحالات التي واجهتها. ولكنها لا تقيد المسلمين إذا واجهتم حالة كالتي واجهتها النصوص الاخيرة وكانوا قادرين على تنفيذها. ان الامر في حاجة إلى سعة ومرونة وادراك لطبيعة هذا الدين وطبيعة منهجه الحركي»(1) ويقصد بذلك اولئك الذين يتمسكون بالاحكام ذات الاتجاه السلمي دون الالتفات للنصوص الاخيرة التي تحمل نفس الطابع لكن ذا اتجاه هجومي ويقصد بها الاحكام التي نزلت في سورة براءة وهي من اواخر السور التي نزلت وتتضمن احكاماً نهائية حسب رأيه.

    ويضيف قائلاً «كانت التجربة تلو التجربة قد كشفت عن القانون الحتمي الذي يحكم العلاقات بين المجتمع المسلم الذي يفرد الله سبحانه بالألوهية والربوبية والقوامة والحاكمية والتشريع، والمجتمعات الجاهلية التي تجعل هذا كله لغير الله، أو تجعل فيه شركاء لله.. هذا القانون الحتمي هو قانون الصراع الذي يعبر عنه قول الله سبحانه

    ______________________________________

    1- في ظلال القرآن، ج10، ص 125.



    (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً)(1).

    وللعلامة السيد محمد حسين فضل الله آراء متقدمة واجتهادت عصرية واقعية، فقد الف كتاباً حول «الاسلام ومنطق القوة»، تناول فيه مفهوم القوة في الاسلام وعناصر القوة وجوانبها. ويقول في جانب من تلك الدراسة القيمة في معرض رده على بعض الآراء.. «كما نريد ان نرد على الفكرة المعادية للاسلام التي تحاول ان تصور الاسلام في صورة الدين المحلي الذي انبثق من تفكير بشري محدود بحدود البيئة الخاصة، لان التشريعات الحربية والسلمية تعيش في اطار الاشكال التاريخية التي رافقت عصر الدعوة، ولا تخرج عن هذا الاطار، فلا يمكن ـ والحال هذه ـ ان تمتد إلى عصور تاريخية اخرى، تختلف اوضاعها واشكالها في شؤون الحرب والسلم.. اننا نريد ان نفهم خطأ هذه الفكرة وضلالها من خلال الحديث الذي اثرناه، لنخرج بالنتيجة المشرقة التي تقدر شمول القواعد الاسلامية العامة للتشريع لكل حالات التطور المعقولة في الحياة»(2).

    ومع ان السيد فضل الله يبقى متحفظاً على حدود الجهاد واتساعه وخاصة الجهاد الابتدائي الا انّه يرسم الخط الصحيح للمنهج العام للنظرية الاسلامية حول الاتجاهين الاولين اللذين ذكرناهما آنفاً فيقول «ان كل ما نريده من هذا الحديث، هو ابداء التحفظات حول الفكرة التي يدعو اليها جمهور فقهاء المسلمين، من اعتبار الحرب اصلاً في الشريعة الاسلامية بحيث يحتاج السلم إلى مبرر. فربما كانت الفكرة الاكثر قرباً للاسلام، هي اعتبار السلم اصلاً لتكون الحرب قضية طارئة تخضع لمبرراتها، ولهذا ترجع إليه كلما زالت المبررات، أو ربما كانت قضية السلم والحرب خاضعة لمصلحة الاسلام والمسلمين، فليس احدهما اصلاً، ليكون الآخر امراً طارئاً، بل كل منهما اصل في اطاره وضرورة في موقعه.. اننا لا نستطيع ان نقرر من خلال حديثنا هذا، ان الاسلام لا يختلف عن اية عقيدة اخرى لا تخضع للمقومات الاقليمية والقومية، بل تمتد في مجرى الحياة الانسانية لتشمل العالم كله، من موقع المسؤولية الشاملة التي ترتبط بحياة الانسان بعيداً عن روح الغلبة والسيطرة والقهر والاستعلاء.. فهي تخضع في حربها وسلمها للخطة العامة الشاملة التي تتحرك في مصلحة الانسان..»(3).

    ويذهب السيد كاظم الحائري وهو من الفقهاء المجددين ابعد من ذلك عندما يرفع القيد عن الجهاد الابتدائي والذي يتمثل في وجوب موافقة الامام المعصوم أو نائبه الخاص عليه، وخلافاً لما يعتقده فقهاء الشيعة من ان جهاد الفتح هو من شؤون وصلاحية الامام المعصوم، الا ان السيد الحائري يؤمن بان الجهاد الابتدائي في عصرنا الحالي كالجهاد الدفاعي بالنسبة لوجود المعصوم أو عدمه، ويستدل على مشروعية الجهاد الابتدائي انصباباً مطلقاً دون تقييد لا من حيث الزمان ولا من حيث قيد عصمة القيادة ولا من حيث القوى والكيانات التي نقاتلها ـ سوى قيد الشرك والكفر فيها ـ وسوى وجود امة تحمل راية التوحيد وتدعو لهداية الانسان ونشر الاسلام..(4).

    ______________________________________

    1- في ظلال القرآن، ج10، ص 125.

    2- الاسلام ومنطق القوة، السيد محمد حسين فضل الله، ص 226.

    3- الاسلام ومنطق القوة، 223.

    4- الكفاح المسلح في الاسلام، السيد كاظم الحائري، ص 10.



    ان هذ القفزة العظيمة في الفقه الاسلامي تفتح الآفاق امام المسلمين للانطلاق نحو اداء الرسالة العالمية بكل اطمئنان وثقة وعزم وتمنح الامة والدولة الاسلامية مشروعية استخدام كل وسيلة شريفة ضرورية لنشر الاسلام وحمله للعالم وتحقيق الوعد الآلهي وايصال الهداية لكل انسان على هذه الارض.

    ان اصحاب هذا الاتجاه الواقعي يمتازون بخصائص مشتركة تشمل السعة الثقافية والعمق الفكري والطرح الموضوعي، كما انهم اصحاب تجارب حركية وتنظيمية رائدة، ساهموا في التنظير للحركة الاسلامية الواعية وخدموا الاسلام والنهضة الاسلامية بكل اخلاص. وهناك سمة مميزة هي الانفتاح على العالم وعلى افكاره وتياراته واستيعاب الواقع ومفردات العصر والحضارة والتفاعل والتأثير في هذا الواقع بصورة لا تمسخ الفكر الاسلامي الاصيل ولا تطغى على الاسلوب الموضوعي المتين والنظرة الشاملة للمنهج الاسلامي والعلاقات الدقيقة بين عناصره ومكوناته
    ====
    يتبع
                  

العنوان الكاتب Date
الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم الليندي07-15-03, 00:32 AM
  Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم حسن الجزولي07-15-03, 03:01 AM
    Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:46 AM
      Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:51 AM
        Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:55 AM
          Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:56 AM
            Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 03:59 AM
              Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:03 AM
                Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:10 AM
                  Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:12 AM
                    Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:27 AM
                      Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:33 AM
                        Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:34 AM
                          Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:37 AM
                            Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:41 AM
                              Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:42 AM
                                Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:43 AM
                                  Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:44 AM
                                    Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم HOPELESS07-15-03, 04:46 AM
  Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم obay_uk07-15-03, 05:54 AM
    Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم الليندي07-15-03, 08:57 AM
      Re: الدولة الدينية أنتهت بوفاة الرسول ولا يوجد نص قرآني يحدد نظام الحكم رقم صفر07-15-03, 03:03 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de