|
الهامش و"الزمبارة "
|
الاسبوع الماضي فاز فيلم تسجيلي سوداني بجائزة السيناريوالذهبية في مهرجان عربي في القاهرة.. القيلم اسمه "الزمبارة" (الصفارة ) ..الفيلم يحكي عن قصة صبي من قرية تبعد خمسين ميلا من ام درمان. ملخص الفيلم كما تراي لي عن الصبي واحلامه الصغيرة متمثلة في الزمبارة التي جاهد في صنعها من القصب .. الفيلم يصور اقران الصبي وتبدو عليهم بساطة الحال وهم يقرؤون القران من الواح تحت شجرة في صحراء بها كثبان واشجار سنط متناثرة .. البيت راكوبة .. والفيلم لا يصور بقية الحلة او القرية ..الماء يؤتي به من بئرفي زمن المياه المعباة وهنالك حمار هو وسيلة التنقل في زمن الطائرات الخاصةوبصات المتعافي وبعض الاغنام والدجاج ولاشئ...الصبي يصور وهو في محل في العاصمة او المدينة به العاب كثيرة وهو مبهور محتار يتقلبها... هذا الصبي واقرانه وحلتهم صورة نمطية حاضرة لاطفال السودان البعيدين عن المدن منذ عقود طويلة.. لكن خمسين ميلا عن امدرمان ليست هي المسافة البعيدة في القرن الواحد وعشريين وفي بلاد التوجه الحضاري والبترول و بلاد يركب صبية اثرياؤها الهمر والاندكروزر والمرسيدس ويركب غيرهم كذلك سيارات تقطع مسافة الخمسين ميلا في دقائق ...الصبية الذي رايتهم وهو متربون وملابسهم متربة والذباب حولهم لا يختلفون في ذلك عن اطفال السودان في مناطق داخل مدن السودان واطرافها ومناطق تبعد مئات والاف الاميال عن امدرمان والعاصمة... لا اعرف كيف راي محكمو الجائزة هذا العمل هل من منظور انه يعطي صورة حقيقية مؤلمة لبلد يتشدق حكامه بالتطور والحضارة وانهم احسن خلق الله ام لحالة ذلك الصبي الذي لم يسمع بعد عن البلاي ستيشن والاورغ ووووو..وحلمه في ان يصنع زمبارة من القصب كما كنا نفعل قبل خمس عقود مضت ... هذا الصبي واقرانه يعيشون علي بعد خمسين ميلا من ولاية المتعافي صاحب الجسور والطرق والبصات الهولندية والاعمال الخاصة والذي ياكل الدجاج من مزارع خاصة جدا رغم انف انفلونزا الطيور ويوعز للبعض بان يدعو الصحفيين لياكلو لحما للضان والماعز والبقر وكذلك من مزارع خاصة جدا رغم انف حمي الوادي المتصدع ....ماذا عن اغنام ودجاج هذا الصبي المسكين ؟؟؟..."الزمبارة’ تستحق جائزة خاصة بالفشل الانساني في السودان وجائزة التناقض التوجهي الحضاري في السودان .. وهل كان العالم العربي يحتاج لان يري الزمبارة ليعطي مؤلف السيناريو جائزة ماذا عن مئات الالاف من صانعي الزمبارة في دارفور والشرق والشمال والجنوب ؟؟؟ كثير يمكن ان يقال في هذا الصدد ولكن اهم ما يمكن ان نخرج به هو ان "الهامش" في السودان ليس جغرافي الطبع والمنشا..الهامش في السودان جزء من النسيج الاجتماعي السوداني المهترئ ... الهامش في داحل المدن والعواصم كما هو في خارجها..خمسون ميلا لا تجعل قرية هذا الصبي خارج العاصمة جغرافيا و ولكن تشيير الي ان الهامش سرطان منتشر في جسد السودان... ولذا امل من ان نعييد النظر في تعريفنا لمفردات كثيرة نطلقها عشوائيا نعني بها حالات واوصاف لحالات في مجتمع ومكان محدد وهي في اصلها حالات عامة ....
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|