|
جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ...
|
الوقت منتصف ستينيات القرن الماضي . مضى نحو عقد من الزمان منذ نال السودان استقلاله . تقول بعض أمثال العامة " النعال الأكبر منك يعتر ليك " ، ويبدو أن الإستقلال كان نعالا أكبر من قدم السودان فتتابع عثاره حتى انتهى الأمر ببرلمانه إلى حل الحزب الشيوعي والأمر بمصادرة أمواله . القانون يشترط الأهلية للتملك وينيط الأهلية بالشخصية والشخصية عنده إما طبيعية كالإنسان أو إعتبارية من صنع الإنسان كالشركات . الحزب الشيوعي لم يكن شخصية طبيعية أو اعتبارية حتى يكون مؤهلا لأن يتملك . والمحصلة المنطقية لهذا الرأي هي أنه ليس للحزب الشيوعي ممتلكات فالكلام عن مصادرة ممتلكاته نفخ في قربة مقدودة . في هذا الأثناء وصلت ميناء بورتسودان مطبعة مرسلة باسم أحدهم ممن كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي . مخابرات وزارة الداخلية ربطت بين تلك الشخصية والمطبعة وكانت على يقين أن المطبعة هي في الواقع ملك للحزب الشيوعي . ولما كان الأمر كذلك كان لا بد من مصادرتها تنفيذا لما في القانون من نـص على المصادرة . ولكن وزارة الداخلية لا تريد الإقدام على خطوة ظاهرة الخطل ، وهي في نفس الوقت لا تريد أن تتراجع عن تسجيل إنجاز يضاف إلى إنجازاتها في مطاردة الشيوعية و الشيوعيين ، فدفعت بملف مخبريها إلى مستشـارها القانوني لعله يفتي بما تريد فتعلق على شماعته عواقب التصرف الخطأ . ولكن رأي المستشار كان على عكس هوى وزارة الداخلية فقد أبان أن الحزب الشيوعي لا يستطيع أن يتملك فلا يمكن أن تكون له ممتلكات ، وحتى لو استطاع أن يتملك فإن تقارير المخابرات لا تشكل بينة تربط بين الحزب الشيوعي وملكيته للمطبعة ، فهو إذن لا يستطيع عرض هذه التقارير على محكمة إن شكا صاحب المطبعة ضد إجراء الداخلية كيفما كانت قوة تلك التقارير في إقناع سلطات الداخلية ، وهو لذلك لا ينصح بالمصادرة . فما كان من سلطات الداخلية إلا أن جمعت بتخطيط ذكي بين المستشار ورئيسه ثم بخبث أثارت موضوع مصادرة المطبعة . الرئيس كان في سلطاته أن يتخطى رأي المستشار ، وبما أن رأي المستشار مكتوب فإن المنطق أن يكون تخطيه مكتوبا ، ولكن الرئـيس يخشى إن فعل ، أن يقدم البينة ضد نفسه على إجراء لا يمكن الدفاع عنه ، وفي قوانين حكومة السودان يومئذ ما يسمح بالرجوع على الموظف عن أي ضرر مالي يتسبب فيه للحكومة بسبب إهماله أو بسبب قصور قدراته القيادية ، وذلك احتمال يقتضي الحذر والتحوط ضده ولذلك اكتفى الرئيس بأن قال لمسؤول الداخلية: يا أخي صادروها وخلوهم يشتكو . ولم تتردد وزارة الداخلية فصادرت المطبعة بعد أن كانت قد احتجزتها زمنا . واشتكى صاحب المطبعة ، وبموجــب ما قضت به المحكمة دفعت الحكومة لصاحب المطبعة عما فاته من ربح حال دون تحقيقه حجز المطبعة ، وعن مطبعته يوم صودرت بغير حق ، ثم مـصاريف الدعوى المتمثلة في الرسوم وأجر المحامين المدافعين عن الشاكي . ولم ينج المدافعون عن الحكومة من انعكاس على قدراتهم المهنية . " جلدا ما جلدك جرو فوق الشوك " ( أو لعلها جر فوقو الشوك ) ، كانت واقعة يخاف الناس عواقبها فلا يودعوا مستــندا ما يجرمهم ، ولكنها اليوم ثقافة ربت ونمت ، وربت ونمت إلى جانبها ثقافة " دار أبوك كان خربت شيل ليك فيها شلية " . وفي غياب الرقيب ، المال الـسائب دعوة مفتوحة لعمل الثقافة الجديدة . . جلدا ما جلدك . . ودارأبوك . صالح فرح -أبوظبي السوداني 6/10/07
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | tariq | 10-07-07, 02:05 PM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | سلمى الشيخ سلامة | 10-07-07, 03:04 PM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | Nasr | 10-07-07, 04:59 PM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | tariq | 10-08-07, 09:23 AM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | tariq | 10-08-07, 01:41 PM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | tariq | 10-08-07, 11:28 PM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | tariq | 10-10-07, 10:59 PM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | tariq | 12-11-07, 09:48 PM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | tariq | 12-12-07, 05:43 AM |
Re: جلداً ما جلدك . . ومصادرة مطبعة احد اعضاء الحزب الشيوعي بالباطل ... | وليد شريف | 12-12-07, 06:21 AM |
|
|
|