|
الفلســطـينيون العـالقــون . .
|
كان في الأخبار أن رسولا من فلسطين قد التقى رئيس السودان وعرض عليه مشكلة الإخوة الفلسطينيين العالقين على حدود العراق ، ضاق بهم العراق أو ضاقوا به ، ولم تقبلهم الأردن أو سوريا يوم أرادوا النزوح عن العراق في طلب جديد للنجاة مما يجدون في عراق الإحتلال ولا ندري ما تكرم به رئيس السودان ، هل كان استقبالا أم استضافة . وأيهما كان فإن كثرة من أولئك النفر قد رغبت عن الكرم المبذول وفضلت البرازيل على السودان ، غير أن ذلك لا يمنعنا أن نبين أن الإستقبال لا يحتاج لأكثر من فيزا للدخول وهي شأن لوزير الداخلية حين تستقيم الأمور . أما الإستضافة فتعني الإقامة والقرا فهل للرئيس الإمكانات لأن يقابل تلك النفقات ! أم أنه وقد اكتشف النفط في السودان حسب رئيس البلاد أن له نصيبا من عائده وأنه من نصيبه من ذلك العائد قادر على توفير الإعتمادات المالية لمجابهة استضافته لهؤلاء الإخوة . وسواء أكانت الأولى أوالثانية فلا بد أن يكون السودان قد أصبح عزبة للرئيس يفيض منها كيفما شاء ، لا يخشى رقيبا أو لومة لائم .
السودان الذي عرفناه كان خرط القتاد فيه أسهل من الوصول إلى الصرف من المال العام . أدنى بنود الصرف من المال العام كانت تعيين موظف في أدنى درجات السلم الوظيفي أنت لا تستطيعه دون وجود الإعتماد المالي اللازم ، وحين يكون الإعتماد متوفرا ضمن أبواب الميزانية المصدق العمل بها ، كان عليك أولا اتباع أسلوب مقرر قبل أن تقدم على خطوة تستوجب صرفا ماليا . تلك كانت قواعد التصرف في المال العام . وحول التصرف في مال الحكم نشأت الديمقراطيات ، وبسبب لزوم المال للحكم إنتهت الملكيات .
إن علاقة أهل السودان بالإخوة الذين علقوا على حدود العراق مع الأردن وسوريا ليست بأقوى من علاقة أولئك الإخوة مع الأردن وسوريا ومن المقدر أن يكون لهم أقارب سبقوهم إلى الأردن وسوريا . فاللجوء إلى سوريا أو الأردن فضلا عن أنه يجمع شملهم بإخوانهم يوطئهم أرضا يعرفونها . والسودان جغرافيا ليس بأقرب مسافة إلى العراق من الأردن وسوريا ( وطبعا ليس أقرب مسافة من البرازيل ! ) ، وأهل تلك الأنحاء من الوطن العربي يجمعهم كثير غير العرق أو اللغة أو الدين . فلئن توفرت اللغة وتوفر الدين ليجمع بين أهل السودان وأولئك الإخوة فإن الكثير الآخر لايجمع بينهم . أخشى أن يكون رئيس السودان قد قصد إلى حل إشكال هو و بالدرجة الأولى من صنع آخرين ، أكثر مما قصد إلى حل إشكال الأخوة الفلسطينيين ، وأخشى أن يكون بهذه المجاملة كائنا من يكون من قصده بها قد خرج بهؤلاء الأخوة من مأزق ليدخلهم في آخر قد يكتشف أنه لا قبل له به .
" أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم " ، وأرجو ألا يفهم الإخوة الفلسطينيون أنه ضيق بهم ، فما أنا وذاك ، ولكنه طلب للحكم الصالح حتى لا نصبح جميعا عالقين في بلد ما بعد أن تضيق علينا أرضنا أو نضيق بها لسبب أو آخر .
صالح فرح ـ أبوظبي. 23 اكتوبر 2007 سودانايل 10/11/2007
|
|
|
|
|
|
|
|
|